المحتوى الرئيسى

أطلس : عام 2014 - أمن إسرائيل المتردي

01/01 12:32

المشهد الاسرائيلي خلال سنه 2014 كان متفجراً وعنيفاً وزاخراً بالاحداث والتحولات الكبري والمتسارعه علي المستوي السياسي والامني والحزبي الداخلي والاجتماعي، وعلي مستوي العلاقات الدولية والتهديدات الخارجيه، رغم وجود وتبلور الكثير من اتجاهات الفرص المواتيه اسرائيلياً، لا سيما علي المستوي الاقليمي، وعلي مستوي التقدم التكنولوجي، وتحولها الي دوله مصدره للغاز، وزياده حضورها في القارة الإفريقية، وتعميق علاقات التعاون بينها وبين دولتي الصين والهند.

لكن الصوره الاجماليه لاسرائيل في نهايه العام تبدو وكانها تسير بوتائر متسارعه علي منزلق نحو الاسفل؛ فهي بلا زعامه حقيقيه تستطيع الامساك بزمام المبادره وقيادتها نحو استراتيجيه انقاذ، في ظل غياب الزعيم الحقيقي وغياب الحزب القائد وغياب النموذج القيادي، وغياب الشعور بالامن الشخصي وتاكل الردع كاحد اهم مكونات مفهوم الامن القومي الذي ارسي دعائمه بن غوريون، وتعالي صيحات الهجره المعاكسه، وانكشافها كدفيئه تطرف وفساد النخبه الحاكمه، تطرف يمنعها من رؤيه الطريق الذهبيه لتامين امنها وحدودها وتامين بقائها، واستشراء الفساد في القمه يهدد حصانتها الداخليه علي نحو خطير ويقوض هيبه القيادات السياسيه والحزبيه وينزع الثقه عنهم.وفق مركز اطلس للدراسات الاستراتيجيه

ربما كان رحيل المجرم شارون في بدايه العام وتفكك حزبه "كاديما" في نهايته يمثل الي حد كبير فاصل نوعي كبير بين اسرائيل حتي شارون واسرائيل ما بعده؛ مرحله جديده من التدهور النوعي والقيمي والسياسي دخلتها اسرائيل منذ زعامه اولمرت الذي ادين بالفساد والرشوه وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات، عمقتها زعامه نتنياهو علي مدار اربع سنوات، تعززت خلالها مسيره التطرف والتغول وجرائم الاستيطان والكراهيه والعنصريه وانسداد اي افق للتسويه، وظهور ما نسميه بحاله السيوله الحزبيه مما يعمق ازمه الحكم؛ هذه الازمه التي كان احد اعراضها اضطرار نتنياهو لتقديم موعد انتخابات الكنيست بعد مضي اقل من سنتين علي اجرائها.

فشل المفاوضات السياسيه بين الفلسطينيين والاسرائيليين، والحرب علي غزه، وانتفاضه القدس تقدمت اهم الاحداث السياسيه في اسرائيل لعام 2014.

اعلان فشل المفاوضات بين الجانب الاسرائيلي والفلسطينيين التي رعاها في حينه وزير الخارجيه الامريكي جون كيري، والتي استمرت لتسعه اشهر حذر فيها كيري – بعد اعلانه عن الاحباط الذي اصابه جراء التعنت الاسرائيلي – من العزله الدوليه، وفق ما اكده في حينه الصحفي الامريكي الشهير جفري غولدبرغ استناداً الي التحذير الصريح الذي وجهه وزير الخارجيه كيري لنتنياهو حال فشل المفاوضات، هذا وقد ردت اسرائيل علي تحذير كيري هذا بانه مثل من يوجه بندقيه الي راس اسرائيل.

وكان كيري قد اطلق تحذيره في مؤتمر امني في ميونخ عندما لمح الي وجود ما اسماه حمله متصاعده لنزع الشرعيه عن اسرائيل علي المستوي الدولي، واشار الي امكانيه مقاطعتها في حال استمرار الصراع مع الفلسطينيين، واعتبر الوزير الاسرائيلي يوفال شتاينتس تصريحات كيري تهديداً لاسرائيل "يشجع الفلسطينيين علي تصليب مواقفهم في المفاوضات التي لم تظهر اي دلائل علي تقدمها"، واضاف شتاينتس "الامور التي قالها كيري مؤلمه وجائره ولا يمكن السكوت عليها"، وهكذا استغرق الرد الاسرائيلي يليه الرد الامريكي المبرر لموقف كيري، وبين الموقفين تمسك الفلسطينيون بمطالبهم بتنفيذ ما اتفق عليه فيما عرف حينها بـ "اتفاق الاطار"، والذي رفضت اسرائيل تنفيذ الشق المتعلق منه بالافراج عن بقيه ما تبقي من الاسري الفلسطينيين المتفق علي اطلاق سراحهم، مما حذي بالسلطه الفلسطينيه بالتوجه الي مؤسسات الامم المتحده بالمطالبه بالاعتراف بالدوله الفلسطينيه والعمل علي انهاء الاحتلال، والتي اخرها مقترح مشروع قرار لمجلس الامن يضع جدولاً زمنياً لانهاء الاحتلال.

اثر الاعلان عن فشل المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وفي اعقاب الاحباط الذي تسلل الي الشارع الفلسطيني علي خلفيه التهديد الاسرائيلي للسلطه لتوجهها الي الامم المتحده بخمسه عشر طلباً للانضمام الي مؤسسات وهيئات دوليه؛ اندلعت مواجهات مع جنود قوات الاحتلال في الضفه الغربيه، ادت الي استشهاد الفتيان الفلسطينيان في قريه بيتونيا قضاء رام الله يوم 15/5/2014، وقد سجلت كاميرات المراقبه القريبه انهما كانا يقفان جانباً ولم يكونا مشاركيْن في المواجهات، وعند التحقيق تبين ان جندياً اسرائيلياً قتلهما بدم بارد لمجرد شعوره بالملل؛ كما جاء في الـ BBC وبعض الصحف العبريه.

خطف وقتل المستوطنين الاسرائيليين الثلاثه

في الثاني عشر من يونيو تم اسر ثلاثه مستوطنين من قبل المقاومه الفلسطينيه كما اتضح فيما بعد، ولم يعلن اي فصيل فلسطيني عن تبنيه العمليه، ولكن نتنياهو سارع في حينه الي اتهام حماس، وشرعت اسرائيل في حمله عسكريه موسعه طالت كل بيت في الخليل وما حولها من المدن والقري الفلسطينيه، وتعرض الشعب الفلسطيني في الضفه الي افظع حملات الاهانه والاذلال بحجه البحث عن الفاعلين، وقد اتضح فيما بعد علم الحكومة الإسرائيلية بمقتل المستوطنين الثلاثه منذ الدقائق الاولي لاختطافهم وفق تسجيل صوتي لدي الشرطه الاسرائيليه يحكي مكالمه بين احد المخطوفين وشرطه الطوارئ، وقد سمع حوار بين الخاطفين والمستوطن المختطف الذي حاول الاتصال بالشرطه، فاكتشف الخاطفون امره واطلقوا النار علي ما يبدو واردوهم قتلي، ولم تكتفِ اسرائيل بالحمله العسكريه التي اضعفت حماس عسكرياً واجتماعياً واعلامياً ومالياً؛ بل واعتقلت عدداً كبيراً من صفوف قيادييها واعضاء المجلس التشريعي التابعين لها ومحرري ما يعرف بـ "صفقه شاليط " والذين لا يزالون في السجون الي يومنا هذا.

اختطاف الفتي المقدسي محمد ابو خضير وحرقه حياً

بعد حادثه اختطاف المستوطنين الثلاثه وقتلهم من قبل حماس، كما عُرف لاحقاً، بحوالي اسبوعين او يزيد، وفي الثاني من يوليو 2014 اختطف فتي فلسطيني علي ايدي مجموعه من المستوطنين الذين خطفوه بالقرب من منزله في قريه شعفاط قضاء القدس، واعتدوا عليه بالضرب والتنكيل حتي الموت، وقد اثبتت التحقيقات الجنائيه فيما بعد ان الفتي محمد ابو خضير كان لا يزال حياً عندما سكب المستوطنون عليه البنزين واشعلوه بالنار.

وفي هذه الفتره اطلق عدد من الصواريخ من قطاع غزه تجاه البلدات والمستوطنات المحيطه بالقطاع بشكل تقطيري، وقامت اسرائيل باستهداف عده مواقع ومقاومين، وانتهت هذه الجوله من التصعيد بشن الحرب علي غزه خلال اقل من اسبوع، الحرب علي غزه او ما تسميه اسرائيل "الجرف الصامد".

بعد المناوشات التي اعقبت كل ما سبق من الاحداث في الضفه الغربيه، علي الحدود مع قطاع غزه، وفي الثامن من يوليو 2014 علي ارجح التقديرات؛ شنت اسرائيل حرباً ضروساً استمرت اكثر من 50 يوماً، واسفرت في الجانب الفلسطيني عن استشهاد حوالي 2147 فلسطيني ما بين رجل وامراه وشيخ وطفل، حوالي 81% منهم من المدنيين، وعلي الجانب الاسرائيلي 72 قتيلاً بينهم مدنيان فقط وفق تقرير المرصد الاورومتوسطي؛ انتهت بتوقيع تفاهمات لوقف اطلاق النار بين الطرفين برعايه مصريه فرضتها اسرائيل، ووافقت عليها الفصائل، وخصوصاً حماس بعد فشلها في تقديم الرعايه التركيه القطريه لمفاوضات وقف اطلاق النار الذي افضت نهايه الامر الي اتفاق يقضي بوقف فوري ومتبادل للاعمال التي وصفها الاتفاق بانها "اعمال عدائيه متبادله" والرفع التدريجي للحصار عن قطاع غزه المتمثل بفتح المعابر وزياده مسافه الصيد البحري لتصل بالتدريج الي 12 ميل.

وعقد مؤتمر ينتج عنه اتفاقيه بين الدول المانحه ومصر واسرائيل والسلطه لاعاده اعمار غزه وفق خطه ممنهجه تراقب الاعمار، وتضمن عدم ذهاب المواد الخام لايدي حماس واشراف السلطه الفلسطينيه علي العمليه برمتها واستبعاد حماس من لعب اي دور في هذا الموضوع (لم ينفذ الي الان من ذلك كله شيء).

المستوطنون المتطرفون يقتحمون المسجد الاقصي المبارك

لم يكتف الاحتلال الاسرائيلي بهذا الحد من المجازر التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني في الضفه الغربيه وقطاع غزه؛ بل اطلق العنان للمتطرفين الصهاينه من المستوطنين ليقتحموا المسجد الاقصي في حملات محمومه لتهويد المدينه المقدسه والقيام بالتطهير العرقي بحق الفلسطينيين هناك، استكمالاً لمشروعهم التوراتي باقامه الهيكل المزعوم محل الاقصي المبارك.

وكان ذلك ابتداءً هذه المره باقتحام نائب رئيس الكنيست اليميني المتطرف موشيه فيجلين للمسجد الاقصي، وقيامه بجوله استفزازيه داخل باحاته تحت حمايه الشرطه، هذه الزياره كانت بمثابه الشراره التي اوقدت نار ما عرفه المصطلح الاعلامي الاسرائيلي بالانتفاضه الهادئه او "الحضاريه"، والتي تخللها عدد من العمليات الفرديه قام بها غاضبون فلسطينيون طعنوا ودهسوا وقتلوا عدداً من المستوطنين المتطرفين في القدس، وما زالت المواجهات شبه اليوميه تقع في القدس والضفه الغربيه المحتلتين الي يومنا هذا.

راقبت اسرائيل عن كثب ما يدور في اروقه المفاوضات التي تجريها الولايات المتحده والدول الغربية الكبري مع ايران في فينا؛ بل انها تعتبر نفسها من خلال هؤلاء ممثله في المفاوضات، وقد خرج رئيس الحكومه نتنياهو ووزير الجيش يعلون اكثر من مره بتصريحات ساخنه تهدد بالتوجه الي الحرب ضد ايران في حال فشلت الجهود التي تبذلها تلك الدول في التوصل الي ما اسمته اسرائيل بـ "الاتفاق الجيد" الذي يضمن باختصار عدم امتلاك او اقتراب ايران من امتلاك القنبله النوويه، وبالمقابل فقد اكثر الاعلام الاسرائيلي من الكتابه والتحليل في هذه القضيه حد الاشباع، ويلاحظ في الفتره الاخيره توجه جديد بهذا الشان علي المستوي الاعلامي علي الاقل مفاده ان هذا الملف يوشك علي الافول دون الحديث عن الاتفاق الجيد او السيء .

الملف الساخن الاخر الذي شغل اسرائيل هذا العام هو ملف صعود نجم المجموعات الاسلاميه المتطرفه، ولا سيما "داعش" الذي استخدمته اسرائيل كورقه ضاغطه في ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، وكذريعه لعدم الانسحاب من منطقه الاغوار الفلسطينيه علي الحدود مع الاردن، بحجه ان السلطه الفلسطينيه والاردن غير قادرتين علي صد هجوم "داعش" ان حدث.

حتي ان بعض المحللين قرروا ان ليس هذا زمن الحديث عن قيام الدوله الفلسطينيه للحجه نفسها، وبالطبع فان اسرائيل تبارك التحالف الامريكي ضد "داعش" ولكنها تعتبره منقوصاً وغير كاف، وتطالب بالمزيد من السيناريوهات العسكريه التي تحرف بوصله الدولة الاسلامية "داعش" عن التوجه الي حدود الاردن عبر العراق او سوريا.

المواجهات المتقطعه علي الحدود الشماليه

قام حزب الله ببعض العمليات العسكريه الصغري التي اوقعت خسائر طفيفه في صفوف قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي، وفي الغالب كرد علي استهداف اسرائيل لقوافل كانت تحمل اسلحه من سوريا الي حزب الله او قصف اسرائيل لما يعتقد انه مخازن للعتاد العسكري التابع لحزب الله.

وقد عمدت اسرائيل – رغم حرص الجانبين علي عدم التصعيد وانفلات زمام الامور – الي الاكثار من الحديث عن الحرب محتمله الوقوع مع حزب الله، وعن وصفها بانها ستكون مدمره، حد ذهاب يعلون بانه سيعيد لبنان الي العصور الوسطي في حال نشبت هذه الحرب، وتخلص الكثير من الدراسات والتحاليل بهذا الشان الي ان الطرفين نهايه الامر لا يرغبان في التصعيد لعلم كل منهما بالنتائج الوخيمه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل