المحتوى الرئيسى

الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلى: ليس لدينا بحث علمى.. والتعليم الجامعى «ردىء» (حوار) | المصري اليوم

12/31 21:35

قال العالم الدكتور محمد غنيم، رائد زراعه الكلي بالشرق الاوسط، عضو المجلس الاستشاري العلمي للرئيس السيسي، ان مصر شهدت علي مدار اكثر من 50 عاماً انهيارا كاملا في التعليم والبحث العلمي، حتي اصبحنا نعاني من فقر شديد فيهما.

واضاف«غنيم»، في حواره لـ«المصري اليوم»، ان هناك ارتباطا وثيقا بين التعليم والبحث العلمي ولا يمكن الفصل بينهما، مطالباً بترشيد المجانيه واعاده التعليم الفني وتخفيض البعثات وزياده مخصصات البحث العلمي وتركيز الانفاق علي مجالات محدده تضيف للناتج القومي. والي نص الحوار:

■ ما مشاكل البحث العلمي في مصر؟

- لا يمكن الفصل بين التعليم الاساسي والجامعي والبحث العلمي فهي حلقات متصله، وشيء واحد، ولا يخفي علي احد انه ولفتره كبيره جدا تجاوزت 50 سنه شهدت مصر تراجعا كبيرا في التعليم سواء العام او الجامعي، وبالتالي اصبح لدينا فقر وضعف في البحث العلمي.

■ ما دلائلك علي ذلك؟

- هناك دلائل علي تقدم او تاخر البحث العلمي في اي دوله، اولها ما الموازنات المخصصه من تلك الدول للبحث العلمي، والنشر في مجلات علميه مفهرسه، وللاسف في مصر ولوقت قريب كانت موازنه البحث العلمي بها 0.01% (واحد من مائه في المائه) من اجمالي الناتج القومي، اي ما يعادل 2 مليار جنيه او اقل، وللاسف معظمها يستهلك في رواتب الموظفين، في حين ان دوله مثل اسرائيل تخصص 4.5% من الناتج القومي لها للبحث العلمي، ولو قارنا تلك النسبه بعدد السكان بها فان مخصصاتها للبحث العلمي تكون اعلي من الولايات المتحده، ونتيجه لذلك هناك 7 مؤسسات علميه في اسرائيل من احسن 500 مؤسسه في العالم، واحنا في مصر ليس لدينا مؤسسه واحده مصنفه، وعندما تم تصنيف جامعه القاهره في وقت ما لمده سنتين لم يكن لفضل لها ولكن لحصول مصريين علي جائزه نوبل في غير المجالات العلميه، مثل نجيب محفوظ والدكتور البرادعي والرئيس السادات وانتهي ذلك.

■ الدستور الجديد نص علي زياده نسبه مخصصات البحث العلمي.. فهل هذا كاف؟

- المامول ان 2016 و2017، وفق الدستور، ان تصل فيهما مخصصات البحث العلمي لـ1% من الناتج القومي (واحد في المائه) وتزداد تدريجيا وفق تطور الناتج القومي، يعني هنتنقل من 2 مليار الي 20 مليارا وهذا الرقم ليس كبيراً بالمقارنه باحتياجات البحث العلمي في مصر، لكن هو قفزه ممتازه، والقضيه الملحه جدا كيف نستخدم تلك الزيادات فعلينا ان نستخدمها بحكمه والا هتضيع في الفاضي.

■ كيف يمكن الاستفاده من تلك الزياده وفق رؤيتكم؟

- التركيز علي نقط معينه وعلي بعض المحاور الاساسيه في البحث العلمي، يعني نتخصص في مجالات محدده، فمصر ليست بلدا ثرياً هيشتغل في كل حاجه.

■ مثل ماذا من المجالات او المحاور؟

- علوم ومعارف القرن الواحد والعشرين التي اذا لم نقتحمها سنتاخر اكثر ما نحن فيه، بالاضافه الي علوم النانو تكنولوجي والعلوم المتصله بها، علوم الطاقه وعلوم المياه وعلوم البايو تكنولوجي، وكل واحده ممكن ان تزيد اجمالي الناتج القومي بشكل غير طبيعي.

- هناك مثلاً في مجال النانو، احد المجالات المقترحه، في دوله اليابان تمكن علماؤها من صناعه الياف الكربون من مخلفات البترول باستخدام النانو تكنولوجي، وهذه الالياف اقوي من الحديد 4 مرات، واخف من الحديد 8 مرات، وهذه اضافه عاليه جداً وهي نتيجه للبحث العلمي، وكذلك لو اخذنا مجال البايو تكنولوجي دواء واحد يؤتي ناتجا كبيرا ربما اكبر من الناتج القومي المصري كله مثل دواء السوفالدي او حتي الفياجرا، هذه اختراعات تسببت في ارباح طائله للشركات وللدول المنتجه والمصدره، فعلينا ان ننتهج ذلك المنهج بحيث نتخصص في اجزاء معينه ونركز عليها من خلال مراكز متخصصه، يكون لها نشاط ملحوظ او مجهود مميز في هذا المجال ونركز عليه، مش هنوزع كده المخصصات بشكل عشوائي كما يحدث حالياً.

■ كيف يتم توزيع تلك المخصصات حتي نحقق الاستفاده القصوي؟

- نحن نحتاج مواضيع وابحاث مناسبه ومميزه واماكن متخصصه، وشيء مهم اخر هو ان يتم توزيع تلك المخصصات بواسطه لجان علميه محايده للغايه تبغي فعلا توزيع هذه الاموال علي الاشخاص المناسبين في الاماكن المناسبه في الابحاث المناسبه، وفيما يختص بالانفاق يجب ان نبتعد عن البيروقراطيه والتعقيد، وتكون هناك مرونه، يعني مش لازم مناقصات في مجال البحث العلمي، لان هناك اجهزه محدده يحتاجها الباحث من اماكن متخصصه، فنترك الحريه للباحث انه يجيب معداته وادواته علشان يبدا يشتغل مش يقعد يستني الروتين والتعقيد، وكمان لما يرجع الباحثون لازم اعطيهم راتب كويس يساعده علي المعيشه وتربيه اولاده، ويعلمهم بشكل جيد حتي يركز في مجال البحث العلمي ولا يضيع مني في الاحتياجات اليوميه.

■ ترسل مصر العديد من البعثات الخارجيه لاثراء العلم والبحث العلمي، لكننا لا نسمع عن اي فائده تذكر من هذا المجال لماذا؟

- لانه يتم بشكل عشوائي وغير مدروس، فموضوع البعثات العلميه يجب ان يرتبط بتلك المحاور التي تحدثنا عنها فمصر بتطلع 800 بعثه كل عام، والحصول علي الدكتوراه في الخارج بيكلف الدوله ودافع الضرائب المصري مليون ونصف المليون جنيه، ويعود المبعوث ولا نستفيد منه، وانا اقترح ان نخفض عدد البعثات الي 400 فقط، ولما يرجع الباحث اعطيه المليون ونصف المتوفره واقوله اعمل معملك واشتغل في ابحاثك علشان اقدر استفيد منه، ثانياً يجب ان يتم اختيار المبعوثين وفق معايير علميه دقيقه وحياديه بعيداً عن الواسطه والكوسه والدور.

■ هناك علماء كثيرون ومبعوثون مصريون نبغوا في الخارج ولم تستفد منهم مصر.. كيف نستفيد من هؤلاء؟

- ضروره استحضار اساتذه زائرين في التخصصات التي ذكرناها ونحتاجها ولتكون البدايه بالعلماء المصريين الموجودين بالخارج، وهناك كثيرون منهم وهؤلاء نختارهم اساتذه زائرين، ونبعث لهم المبعوثين بتوعنا بحيث يكون هناك نوع من التواصل، وهناك علاقه علميه مع الاساتذه المصريين والباحثين في تلك العلوم.

- الدكتور نبيل جريس، الذي يعمل في اطار الياف الكربون في الولايات المتحده وفي مجال الطاقه الشمسيه، نبعت للدكتور النقراشي ومجال المياه هناك الدكتور هاني الكاتب ونعمل جدول نشوف فيه من العلماء المصريين في المجالات التي نحتاجها، وهم كثيرون، ونستفيد من العلاقه العلميه معهم.

■ لماذا نجد ان العالم المصري عندما يخرج خارج مصر يبرز نجمه وعلمه بينما في مصر لا نشعر بذلك الا قليلا؟

- الفكره كلها في حاجتين اولاً توافر الانفاق علي الاجهزه والابحاث والمواد المستخدمه، وثانياً توافر القاعده العلميه فالان العلوم ليس اختراعات فرديه، فهناك قواعد علميه تضم تخصصات مختلفه ومتواصله مع بعضها للعمل علي اختراع واحد وتخصصات مختلفه وكلهم يعملون بشكل متكامل ومتجانس.

■ ماذا عن البحث العلمي في الجامعات كيف تقيمه؟

- في الجامعات هناك مشاكل كبيره في تجهيز المعامل، فلا توجد معامل مناسبه ولا ادوات بحثيه ولا توجد قاعده علميه نعتمد عليها، فهناك فرديه في البحث، وميزانيه البحث العلمي بالاقسام العلميه بالجامعات لا تذكر، فميزانيه البحث العلمي مثلا لقسم الكيمياء كليه العلوم حوالي 30 الف جنيه والقسم به 100 استاذ فكيف ينتجون وللاسف يتجهون لحاجه تبع اكاديميه البحث العلمي بتعطي منحا ولكنها بلا معايير واضحه، ولابد ان نؤكد حتي المنح يجب ان تنفق وتعطي وفق الاطر التي ذكرناها، ويجب ان يغدقوا في البحث العلمي، يعني ماينفعش اعطي لبحث مهم مليون جنيه وانا فاكر اني عملت معجزه لان مليون جنيه يعني اقل من 150 الف دولار وجميع الاجهزه والمستلزمات وحتي حيوانات التجارب يتم استيرادها من الخارج.

■ هل تستطيع الدوله ان تتحمل هذا العبء بمفردها؟

- في الخارج الدول لوحدها لا تتحمل تكاليف البحث العلمي، هناك شركات مؤسسات تساهم في البحث العلمي، ففي بعض البلدان مثل الولايات المتحده لا يقتصر البحث العلمي علي الجامعات، فهناك مراكز بحوث مهمه داخل الشركات وتبرعات الافراد والهبات وخلافه، وكله يصب لصالح البحث العلمي، لكن في مصر الثقافه بتاعتنا محتاجه تغيير فليس لدينا ثقافه التبرع للبحث العلمي لان عندنا ثقافه التبرع لبناء مسجد او مستشفي او مساعده مريض، وان كان في بادره ممتازه في مؤسسه مصر الخير بسبب رئيسها الدكتور علي جمعه والذي افتي بجواز التبرع للبحث العلمي لانه سيعود بفائده علي البشر، وهذه المؤسسه تساهم في بعض الابحاث عندنا شويه وعند الدكتور مجدي يعقوب ولكن مشاركات الافراد مازالت لا تذكر.

■ ماذا عن دور رجال الاعمال في دعم مجالات البحث العلمي؟

- علينا اولا ان نعرف من هم رجال الاعمال، فليس رجال الاعمال هم بتوع الاستيراد والتصدير وتسقيع الاراضي وبناء العقارات لكن المفهوم الصحيح لرجل الاعمال هو من يضيف علي ارض الوطن مؤسسه او مؤسسات لها قيمه مضافه في الاقتصاد وليس اضافات استهلاكيه، ولكن بعمليه انتاجيه حقيقيه ولها قيمه مضافه علي ارض الوطن، ومن صحيفه «المصري اليوم» ندعوا رجال الاعمال الحقيقيين باقتحام ودعم مجال البحث العلمي.

■ بصفتك عضوا باللجنه العلميه الاستشاريه للرئيس هل عرضتم اي افكار او خطوات علي الرئيس في مجال البحث العلمي؟

- اولا احنا مهمتنا ان نقدم اوراق عمل وافكار لمؤسسه الرئاسه، واذا اقتنعت مؤسسه الرئاسه بهذه الافكار كلفت الجهاز التنفيذي بالعمل عليها، فنحن لسنا جهه تنفيذيه وليس لنا شان بالجهات التنفيذيه.

■ هل قدمت اي افكار جديده للرئيس؟

- جار تقديم افكار في مجال التعليم العام والجامعي وتطوير المناهج وكذلك في مجالات البحث العلمي.

■ ذكرت في بدايه الحديث انه لا يمكن الفصل بين التعليم والبحث العلمي فما رايك في مستوي التعليم العام؟

- القاعده الاساسيه هي يجب ان تكتسب المعارف الاساسيه بمنطق القرن الواحد والعشرين، وهو ما يستلزم تعليما اساسيا 12 سنه والفصل لا يزيد علي 30 طالبا ومدرسا مؤهلا تاهيلا ممتازا، وان تقوم كليات التربيه بتغيير المفهوم الاساسي لتخريج المدرس وفق معايير تربويه وعلميه، فطلاب الاداب والعلوم وغيرهم يتوجهون لكليات التربيه للحصول علي مؤهل ليقوموا بالتعليم لعام دراسي لا يقل عن 42 اسبوعا، وكتب ومناهج توائم العصر من خلال المناهج واسلوب كتابتها، بحيث تكون محببه للطالب، كيف افسر ان هناك كتابا مدرسيا والطالب يشتري كتابا خارجيا يدرس فيه، هناك علم لكيفيه عمل كتاب مدرسي مناسب، والطالب يخوض فيه بمفرده والمدرس يسهل له بس.

■ ما الحل من وجهه نظرك للنهوض بالتعليم؟

- انشاء مفوضيه عليا للتعليم تضع الخطط الاستراتيجيه التي لا يجب ان يخرج عنها اي وزير تعليم، فقد عانينا كثيرا ان كل وزير ييجي يعمل فلسفه ومنهج واستراتيجيه حسب اهوائه الشخصيه، فوزير يقول الابتدائي خمس سنين واخر يقول سته وثالث الثانويه عامين ورابع سنه واحده، هناك تخبط لذلك يجب ان تكون مهمه المفوضيه العليا للتعليم وضع استراتيجيات ثابته وملزمه لاي وزير، وعليها ان تجدد فيها وتغيرها وفق المعطيات والاحتياجات والتطور، وعليها ان تشرف ايضاً علي وضع المناهج.

■ ما تقييمك لمناهج التعليم فى مصر؟

- انا واولادي تعلمنا في مدارس حكوميه واعلم ما حدث من انحدار وتدهور في التعليم، والمناهج التي لا تناسب العصر ولا العالم المفتوح حولنا، كما انها مناهج عقيمه وجامده لا تلبي احتياجات السوق ولا تشبع رغبات الطالب في المعرفه وتعتمد علي الحفظ، والمناهج فيها مجاملات.

■ ماذا عن التعليم الجامعي؟

- اسوا من التعليم العام، اذ يتم قبول اعداد كبيره من الطلبه بدون فائده تذكر، وكتب جامعيه وضيعه ومذكرات تعبانه وعدم تفرغ اعضاء هيئه التدريس، والدروس الخصوصيه التي غزت الجامعه، فجميع الكليات، باستثناء كلية الزراعة، جميع الطلاب القادرين يحصلون علي دروس في كل المواد، وهذا انهيار كبير في العلم، وبالتالي في البحث العلمي، فهناك علاقه وثيقه بين التعليم والبحث العلمي، يضاف الي ذلك استغلال النفوذ داخل الكليات في النتائج النهائيه للطلاب خاصه ما يعرف باولاد اعضاء هيئه التدريس، مثل كليات الطب ومثيلاتها، وكلها افرازات تؤدي لمزيد من انهيار التعليم الجامعي، والخلاصه هو الان تعليم رديء.

■ كيف ننقذ التعليم الجامعي وننهض به؟

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل