المحتوى الرئيسى

الجان الطيب يداعبنا | المصري اليوم

12/30 22:16

واحده من اشهر حيل الاختصار والاختزال عند الحدوته الشعبيه القديمه، هي حكايه الاخين المتناقضين، الطيب والشرير. هي تحكي هذه المره عن الاخ الطيب وقد استولت عليه نوبه اكتئاب دعته للسير هائماً علي وجهه حتي وجد نفسه خارج المدينه بين التلال وقد هبط عليه الظلام. شعر بالخوف، لكنه وجد نفسه فجاه امام سرادق يشع بالضياء، ومقرئ صاحب صوت قوي جميل، وبشر يقابلونه بابتسامه ترحيب كبيره. فدخل وجلس علي مقعد وثير. وفي لحظات شعر باكتئابه ينسحب من خلايا عقله، وان احساساً غامراً بالراحه بدا في الاستيلاء عليه. شعر بالرغبه في الانصراف، فنهض من مكانه، فخفَّ احد منظمي السرادق اليه وقال له بود كبير: نرجو ان تكون قد شعرت بقدر من راحه القلب وراحه العقل عندنا.. هل اعجبك السرادق؟ رد بصدق: اعجبني؟ كل ما فيه مريح يشع جمالاً وبهجه.. اشكركم واحمد الله علي هذه اللحظات الهانئه التي قضيتها معكم.

فقال له الرجل: حسناً.. نرجو ان تتفضل وتقبل منا هذه الهديه البسيطه.. نرجو ان تفتحها في البيت.

هذه هي طريقه الحواديت القديمه في اثراء ابطالها الموعودين، لفه يفتحها البطل في البيت فيجد كميه كبيره من الماس والجواهر واللالئ، فيتحول في لحظات الي شخص شديد الثراء في عصور الحواديت الجميله التي لم تكن تعرف قانوناً اسمه: من اين لك هذا؟ كان الناس جميعاً في ذلك الوقت يعتنقون نظريه «ملك الملوك اذا وهب لا تسالن عن السبب».

ينتهي هنا دور الاخ الطيب ليبدا دور الاخ الشرير، كان من الطبيعي ان يسال اخاه عما حدث له ونقل احواله من النقيض الي النقيض، فحكي ما حدث له بامانه. انتظر هبوط الليل بفارغ الصبر وخرج الي التلال التي وصفها له اخوه. جلس في قلق في انتظار اللقطه الاخيره التي يحصل فيها علي العطيه. وصل توتره الي قمته فنهض من مكانه في طريقه للخارج، خفَّ اليه احد اصحاب السرادق وساله: نرجو ان تكون قد شعرت معنا ببعض الراحه.

فاجاب بتافف: يعني.. ساترك لكم عنواني، انا استطيع ان ادلكم علي سرادقات افضل من هذه.. ثم من الذي نصحكم بهذا المقرئ؟

في تلك اللحظه اختفي كل شيء، وسادت الظلمه، وصفّرت الريح بين التلال الموحشه، اصحاب السرادق لم يكونوا بشراً، كانوا من الجان الطيب الذي يسلي نفسه بمداعبه البشر. لا توجد ثروه حقيقيه في غياب احساس خاص بالجمال، قد تكون دارساً للقانون في ارقي جامعات العالم، غير ان ذلك لا اهميه له عندما تكون نفسك غير تواقه للعدل. في غياب الاحساس بالجمال يستولي عليك الاحساس بالفقر الي الابد مهما كانت ارصدتك في بنوك العالم. في غياب الاحساس بالجمال تغيب الحضاره ويغيب العدل وكل قيم الحياه النبيله وتسود الداعشيه.

ربما تكون صاحب عقل قوي جبار، عندها اشعر باحترام كبير لك. غير اني عندما اكتشف انك صاحب نفس جميله، فانا احبك.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل