المحتوى الرئيسى

تعرف على تاريخ «الأُبلة» وأسباب الفتح الإسلامي لها

12/29 21:37

لعبت مدينه الابله دورًا مهمًا في تاريخها منذ الفتح الإسلامي، وتمتعت الابله بدور الوسيط في التجاره البحريه مع الشرق، ويعد ميناؤها من اهم مراكز البحريه الاسلاميه والملاحه البحريه العربيه.

قال ياقوت الحموي: "الاُبُلَّه بضم اوله وثانيه وتشديد اللام وفتحها"، وحكي عن الاصمعي في قولهم الاُبُلَّه: "كانت به امراه خمَّاره تعرف بهوب في زمن النبط، فطلبها قوم من النبط، فقيل لهم: هوب لاكا، بتشديد اللام، اي ليست هوب ههنا، فجاءت الفرس فغلَّظت، فقالت: هو بلَّت، فعرَّبتها العرب فقالت: الاُبُلَّه".

ومدينه الابله كانت تعرف قبل الاسلام باسم مدينه "ابولوكس" "Apologus"، و"Uubulum" في الكتابات الاكاديه.

تتمتع الابله بموقع جغرافي مهم، فهي تقع علي شاطئ دجله البصره العظمي في زاويه الخليج الذي يدخل الي مدينة البصرة، وهي اقدم من البصره، لان البصره مصِّرت في ايام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت الابله حينئذ مدينه فيها مسالح من قبل كسري".

فهي تقع في نهايه الراس الجنوبي لنهري دجله والفرات، الصالحين للملاحه وعلي زاويه الخليج الذي يدخل بقناه اصطناعيه الي مدينه البصره.

ويرجع تاريخ الابله الملاحي الي عهد الاسكندر الاكبر، ووصفها البحار تيارجس في المائه الرابعه قبل الميلاد بانها مستودع تجارات الخليج.

كانت الابله من اهم المواضع المهمه في نظر الساسانيين من الوجهه الحربيه، وكانت تعد عندهم "فرج اهل السند والهند"، وكان فرج الهند اعظم فروج فارس شانًا، وصاحبه يحارب العرب في البر، والهند في البحر، وقد وضعوا هذا الفرج تحت امره قواد عسكريين.

ونظراً لاهميه الابله توجهت اليها انظار العرب المسلمين منذ عهد مبكر، فالخليفه ابو بكر الصديق رضي الله عنه كتب الي خالد بن الوليد رضي الله عنه بعد ان فرغ من حرب اليمامه سنه 12هـ/ 633م: "ان سِر الي العراق حتي تدخلها، وابدا بفرج الهند، وهي الابله".

الاَّ ان الابله لم تفتح بصوره كامله الا في عهد الخليفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنه 14هـ/ 635م، وعلي يد عتبه بن غزوان رضي الله عنه، وذلك بعد ان مصَّر البصره، فاقام عتبه بالبصره شهرا، ثم خرج اليه اهل الابله، فقاتلهم عتبه بن غزوان وفتح الابله عنوه، قال الطبري: "وَجَعَلَ قُطْبَهُ بْنُ قَتَادَهَ السَّدُوسِيُّ وَقَسَامَهُ بْنُ زُهَيْرٍ الْمَازِنِيُّ فِي عَشَرَهِ فَوَارِسَ، وَقَالَ لَهُمَا: كُونَا فِي ظَهْرِنَا، فَتَرُدَّا الْمُنْهَزِمَ، وَتَمْنَعَا مَنْ اَرَادَنَا مِنْ وَرَائِنَا ثُمَّ الْتَقَوْا فَمَا اقْتَتَلُوا مِقْدَارَ جَزْرِ جَزُورٍ وَقَسْمِهَا، حَتَّي مَنَحَهُمُ اللَّهُ اَكْتَافَهُمْ، وَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ، حَتَّي دَخَلُوا الْمَدِينَهَ، وَرَجَعَ عُتْبَهُ اِلَي عَسْكَرِهِ، فَاَقَامُوا اَيَّامًا، وَاَلْقَي اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَخَرَجُوا عَنِ الْمَدِينَهِ، وَحَمَلُوا مَا خَفَّ لَهُمْ، وَعَبَرُوا اِلَي الْفُرَاتِ، وَخَلُّوا الْمَدِينَهِ، فَدَخَلَهَا الْمُسْلِمُونَ فَاَصَابُوا مَتَاعًا وَسِلاحًا وَسَبْيًا وَعينًا، فَاقْتَسَمُوا العين، فاصاب كل رجل منهم درهمان، وَوَلَّي عُتْبَهُ نَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ اَقْبَاضَ الاُبُلَّهِ، فَاَخْرَجَ خُمُسَهُ، ثُمَّ قَسَّمَ الْبَاقِي بَيْنَ مَنْ اَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ".

واصاب المسلمون بالابله من الدراهم ستمائه دِرْهَمٍ، فَاَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ، فَفَرَضَ عُمَرُ لاَصْحَابِ الدِّرْهَمَيْنِ مِمَّنْ اَخَذَهُمَا مِنْ فَتْحِ الاُبُلَّهِ في الفين من العطاء، وكانوا ثلاثمائه رَجُلٍ، وَكَانَ فَتْحُ الاُبُلَّهِ فِي رَجَبٍ، اَوْ فِي شَعْبَانَ مِنْ سنه 14هـ.

وكتب عتبه الي عمر يعلمه ذلك، يقول: "اما بعد، فان الله، وله الحمد، فتح علينا الابله، وهي مرقي سفن البحر من عمان، والبحرين، وفارس، والهند، والصين، واغنمنا ذهبهم وفضتهم وذراريهم، وانا كاتب اليك ببيان ذلك ان شاء الله"، وانفذ الكتاب مع نافع بن الحارث الثقفي.

وكان من ضرورات فتح الابله هو احكام الطوق الاقتصادي علي الفرس والسيطره علي طريق الملاحه التجاريه مع الهند والصين والعالم، وكانت الابله ميناء صالح لرسو السفن البحريه، فكانت السفن المتوسطه تستطيع الوصول الي الابله.

وكان لانتقال الخلافه العباسيه الي بغداد دور في زياده الاهتمام بالابله، وبالتالي اثر في ازدهارها، فكان تجارها يربحون ربحًا عظيمًا، قال خالد بن صفوان: "ما راينا ارضًا مثل الابله، اقرب مسافه، ولا اطيب نطفه، ولا اوطا مطيه، ولا اربح لتاجر، ولا اخفي لعابد".

وزادت ملاحه الابله حتي وصفت بانها "مرفا سفن البحر من عمان والبحرين وفارس والهند والصين". وكان الاتصال المائي وقرب المسافه بين بغداد العاصمه وميناء الابله، فضلاً عن قابليه الميناء لاستيعاب السفن البحريه، ممَّا ساعد علي وجود حلقات اتصال بحريّ بين الابله ومختلف المناطق. فكانت تسمي ارض الهند او فرج الهند والسند.

وكانت الابله تؤمن حاجات الدوله العربيه الاسلاميه المطلوبه من الهند مثل السيوف والساج والعطور وغيرها من الكماليات التي تطلبها الدوله، خاصه بغداد، وكانت تستورد من الهند مختلف المواد، خاصه الكماليه منها. اما عن اتجار الابله مع الصين، فكانت هي ايضاً مزدهره ومتنوعه؛ "كانت مرفا السفن من الصين".

وتوجد تجاره منتظمه بين الصين والعراق ترد الي ميناء الابله مباشره، حيث كانت تستورد مختلف السلع التي تحتاجها الدوله وتصدر السلع الفائضه الي الصين. وكان للعراق نشاطٌ ملحوظٌ مع سواحل شرق افريقيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل