المحتوى الرئيسى

محامي المتطرفين اليهودي: على الأرجح كنت سأدافع عن بن لادن لو جرى اعتقاله

12/28 02:16

المحاميه اليهوديه الشهيره غاريث بيرس الموجوده في بريطانيا ناشطه حقوقيه دافعت عن المظلومين وغيرت وجه العدالة في اكثر من قضيه شهيره في تاريخ القضاء البريطاني، ومن زبائنها في الذاكره القريبه جوليان أسانج مؤسس «ويكيليكس» الذي منعت بريطانيا ترحيله الي الولايات المتحدة، وعميل المخابرات البريطانية السابق ديفيد شايلر، وابو قتاده الاسلامي الاردني الذي تتهمه المخابرات الغربيه بانه السفير الروحي لاسامه بن لادن في اوروبا، والمصري عادل عبد المجيد عبد الباري المتهم في تفجير السفارتين الاميركيتين في دار السلام ونيروبي الذي رحل الي الولايات المتحده، وابراهيم عيدروس زعيم خليه «الجهاد» بلندن، الذي اتهم في تفجير سفارتي اميركا في شرق افريقيا، وتوفي بعد اطلاق سراحه عام 2008، ودافعت غاريث ايضا عن محمود ابو ريده، المكني «ابو رسمي الفلسطيني»، الذي قتل في غاره اميركيه في افغانستان عام 2010. وبات مكتبها في حي كامدن بوسط لندن اليوم قبله للمتطرفين الاسلاميين. وجاء الحوار علي النحو التالي:

تالق في اميركا المحامي اليهودي ستانلي كوهين الذي اشتهر بدفاعه عن الاقليات المسلمه والجماعات المتطرفه، ودفاعه عن الاقليات العرقيه، وقد ترافع من قبل عن القيادي في حركه حماس موسي ابو مرزوق، عندما اوقفته السلطات الاميركيه، كما ترافع عن امام مسجد الصبر في مدينه بورتلاند الداعيه محمد عبد الرحمن الكربي، وسبق ان اعلن غداه هجمات الـ11 من سبتمبر انه علي استعداد للدفاع عن زعيم «القاعده» الراحل بن لادن

وبرز اسم ستانلي كوهين (63 عاما)، كمدافع عن القضيه الفلسطينيه، في اواسط التسعينات حين تولي الدفاع عن القيادي في حركه «حماس» موسي ابو مرزوق، لكن المحامي الذي يوصف بـ«الراديكالي» سبق ان برز في محطات كثيره، بعدما اتخذ خط المواجهه مع الاداره الاميركيه كناشط في الدفاع عن جماعات الهنود الحمر والجيش الجمهوري الايرلندي ومنظمه «الدرب المضيء» اليساريه، والاقليات العرقيه في بلاد العم سام. واعتُقل عده مرات بسبب ارائه ومواقفه السياسيه التي تحرج الوسط اليميني - الصهيوني في الولايات المتحده.

ومواقف كوهين وجراته سببت له متاعب امنيه، حيث يقول انه تلقي مئات التهديدات بالموت بعد احداث سبتمبر، واضطر لتاجير حرس خاص، كونه يقيم في نيويورك، حيث تعده اوساط يهوديه «خائنا»، والارجح ان «خيانته» في نظرهم لمصالح اسرائيل وليس لاميركا. وعلي موقعه الالكتروني وضع نسخا من رسائل التهديد التي وصلت اليه.

«الشرق الاوسط» اجرت مع المحامي ستانلي كوهين محامي سليمان ابو غيث صهر بن لادن حوارا عبر البريد الالكتروني قبل دخوله السجن بايام، ليقضي مده العقوبه، لعدم اخطاره هيئه ايرادات الدخل بمكاسب زادت علي 3 ملايين دولار، بعد ان وجه له مكتب المدعي في ولايه مانهاتن 6 تهم، وقال ان سجلات دخله لم تتضمن مبالغ حصل عليها المحامي بين عامي 2005 و2010 مقابل خدمات قانونيه، في حين قال المدعون في بيان ان كوهين اتُّهم ايضا بالشروع في التحايل علي هيئه ضرائب نيويورك فيما يتعلق باموال مستحقه علي دخله، من خلال اخفاء دخله الحقيقي وعدم الاخطار بمبالغ تلقاها..

* في تقديرك، كم عدد الذين دافعت عنهم اجمالا؟

- لقد دافعتُ عن عدد من المشاهير في ساحات المحاكم، وكان من بينهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركه حماس موسي ابو مرزوق، الذي كان فال خير علي, وزوج بنت اسامه بن لادن سليمان ابو غيث، وعدد اخر من المتطرفين.

ورغم انني مثلت الدفاع في قضايا افراد في الولايات المتحده، وربما عدد اكبر من الاسلاميين في الخارج، كان عملي في القضايا الجماعيه وحقوق الانسان والحقوق المدنيه يمثل الملايين من المسلمين في مختلف انحاء العالم. ويشمل هذا قضايا ضد اسرائيل والولايات المتحده ودول اخري وشركات وكيانات تجاريه في كثير من المحاكم الدوليه، بما فيها محكمه لاهاي ومحكمه العدل الدوليه. كذلك علي مدي الـ20 عاما الماضيه، بدات حركات اسلاميه وقاده اسلاميون يطلبون مني استشارات قانونيه وسياسيه حول عدد من القضايا والاستراتيجيات التي لا صله لها باي من القضايا التي كانت عالقه وقتها.

* ما الشيء الاهم الذي يبرز امامك حين تتعامل مع مثل تلك القضايا؟

- اذا كان هناك قاسم مشترك بين هؤلاء العملاء والحركات والقاده، فهو علاقتها المباشره بقضايا حقوق الانسان، سواء كانت حريه قوميه او حق تقرير مصير او بحثا عن العداله. فضلا عن ذلك لقد كنت اكنّ لكثير من قاده واعضاء الحركات ممن عملت معهم عاطفه انسانيه حقيقيه، بوصفهم اشخاصا ملتزمين بالعمل لا من اجل مصلحتهم الشخصيه بل من اجل اليائسين او المنبوذين او المهمشين او المحتلين. في كل القضايا السياسيه التي توليتها كنت اما ادعم الاهداف السياسيه للعميل او الحركه بوجه عام، او اتعاطف مع المتهم او المتهمين علي المستوي الشخصي. وكان السببان متوفرين في كثير من تلك القضايا، خاصه في تلك التي تتعلق بحقوق الفلسطينيين وتحقيق العداله لهم.

* لقد قلتَ انك احببت ابو غيث شخصيا، في حين انك قابلت ودافعت عن شخصيات بارزه اخري في حجم عمر عبد الرحمن (زعيم الجماعه الاسلاميه المصريه) وابو محمد المقدسي ابرز منظري التيار السلفي، ما الذي يمكنك ان تخبرنا به عن اولئك الاشخاص؟

- لم ادافع حتي هذه اللحظه سوي عن متطرفين في قضايا جنائيه استُهدفوا بسبب توجهاتهم السياسيه او خطابهم او انتماءاتهم. لقد وجد كل واحد منهم نفسه في محكمه بسبب قرارات سياسيه اتخذها خصوم سياسيون في الولايات المتحده او غيرها، او بسبب الاجنده السياسيه للولايات المتحدة او لاسرائيل او الدول التابعه لهما في الشرق الاوسط او الخليج او شمال افريقيا. وكان كل هؤلاء العملاء مفعمين بالحركه، ويتسمون بالايثار والالتزام بتحقيق العداله لاهلهم او لمنطقتهم. وينبغي ايضا ان اوضح ان الكثير من هؤلاء العملاء وعائلاتهم اصبحوا اصدقائي، اقضي معهم لحظات شخصيه وعائليه، ولا يزالون كذلك خاصه ابو مرزوق.

* كيف سمعت للمره الاولي عن متهمين مثل قاده حماس و«حزب الله»؟ كيف بدات تولي الدفاع في تلك القضايا؟

- لانني دافعت لسنوات طويله عن مسلمين البان ومن البوسنه في قضايا عاديه، طلبت مني منظمات الحقوق المدنيه الاسلاميه في الولايات المتحده المساعده وتقديم النصيحه حول عدد من الامور. وعندما تم القبض علي ابو مرزوق عند عودته الي الولايات المتحده عام 1995، طلبت مني تلك المنظمات تولي الدفاع عنه، وقد فعلتُ. وبعد نجاحي في قضيه ابو مرزوق كثرت الحركات والجماعات التي تطلب مني المساعده، سواء في الولايات المتحده او خارجها. بايجاز، فتح نجاحي في قضيه ابو مرزوق الباب امامي كمحامي دفاع في قضايا سياسيه في الشرق الاوسط بشكل لم يُتَح سوي لقليلين.

* لماذا يثق المتطرفون الاسلاميون في محامٍ يهودي مؤمن بالمذهب الفوضوي، ويضعون حياتهم بين يديه؟

- لقد عملت بجد لما يزيد علي 20 عاما في الدفاع عن قاده مسلمين وجماعات اسلاميه في الشرق الاوسط وغيره من البلدان. ومن اجل هذا زرت المنطقه لـ50 او 60 مره علي الارجح وقابلت وصادقت العديد من الاشخاص الذين باتوا يثقون في رايي وعلمي والتزامي بتحقيق العداله، خاصه في الشرق الاوسط، وقد تم التنكيل والتشهير بهم فقط لدينهم وسعيهم لتحقيق المصير. اضافه الي ذلك، لقد عرفت الكثير عن تقاليد وثقافه اهل المنطقه ومعتقداتهم الدينيه.

وقد القيت عده محاضرات، وشاركت في مناقشات، وقضيت وقتا طويلا في حضور الفعاليات العامه. اعتقد ان كل هذا التاريخ الشخصي والمهني، والعمل من اجل حقوق واستقلال وعداله اهل المنطقه ودعمها، كان السبب في بناء جسر من الثقه بيني وبين الحركات المسماه بـ«الجهاديه» وقادتها، بغض النظر عن الدين.

* لقد قدمت استئنافا في قضايا تتعلق بالتهرب الضريبي وعرقله عمل هيئه العائدات الداخليه بعد معركه طويله في المحاكم الاميركيه. وقلت انك تعتقد ان السلطات الاميركيه تستهدفك بدافع الانتقام؛ هل تعتقد ان هذا الاستهداف سينتهي بعد زجك في السجن؟

- قبل فتره طويله من بدايه الملاحقه التي قامت بها هيئه العائدات الداخليه، استهدفتني الحكومه الاميركيه بسبب من امثِّلهم، وارائي عن القياده الاميركيه والمسؤولين الاميركيين، ورغبتي في تحدي وكشف السياسيات الاميركيه في الداخل والخارج. وسوف يستمر هذا حتي مماتي، لان سجني او اضطهاد الحكومه الاميركيه لي لن يخرسني، او يرهبني، او يجعلني اغير التزامي بالعمل من اجل حقوق الانسان والعداله طوال حياتي.

* بالنظر الي كل ذلك؛ هل كنت ستفعل كل ما فعلته، ام كنت ستغير موقفك حيال بعض القضايا التي توليتها علي مدار سنوات علي سبيل المثال؟

- رغم ان الثمن الذي ادفعه مقابل عملي وارائي باهظ، فلن يكون بقدر الثمن الذي يدفعه اصدقائي وزملائي ممن تم اغتيالهم او تعذيبهم او تهجيرهم او سجنهم لسنوات بلا جريره، بل بسبب معتقداتهم او انتمائهم العرقي او دينهم. مقارنه بملايين ممن فقدوا حياتهم واصدقاءهم واسرهم ومنازلهم وحريتهم، واغلبهم من المدنيين، الثمن الذي ادفعه بسبب مجهوداتي لا يُذكر. اذا عاد الزمن الي الوراء، فسافعل ذلك ثانيه دون ندم او تردد او مساومات. وكما قلت لسنوات: «نحن نعيش، ونقاتل، ونموت، واذا اعطينا طوال الطريق اكثر مما اخذنا، فستكون الرحله جيده وجديره بان تُعاش.

* ما اصعب قضيه واجهتك طوال مسيرتك المهنيه؟

- لا توجد قضيه بعينها ذات طبيعه سياسيه تتعلق بعملي في العالم الاسلامي يمكن اعتبارها صعبه علي نحو استثنائي، فقد كانوا جميعهم كذلك للسبب نفسه. لقد تعاملت مع قضايا «ارهاب»، سواء حقيقيه او ملفَّقه اكثر من اي محامٍ اخر في الولايات المتحده. وكان وراء جميع تلك القضايا افتراض بان المتهم ارتكب الجريمه بناء علي جهل وكراهيه وخوف مرضي من الاسلام وتعطش للانتقام. كذلك كان وراءها اجنده سياسيه سواء علي المستوي المحلي او الدولي، اكثر مما تتضمن امورا تتعلق بارتكاب المتهم للجريمه او براءته. بسبب هذه العوامل كانت تلك القضايا صعبه، حيث جعل احتمال النجاح في تحقيق العداله بها ضعيفا، ايا كان مقدار الجهد المبذول او الالتزام او الخبره. مع ذلك كانت قضيه ابو غيث السياسيه اخيرا اصعب قضيه تولَّيتُ الدفاع فيها لاسباب كثيره، حيث تم توجيه الاتهام اليه كبديل مناسب لاسامه بن لادن، وتمت محاكمته في اجواء تفجير مركز التجاره العالمي.

* هل هناك من ترفض الدفاع عنه؟ ولو اتيحت لك فرصه الدفاع عن اسامه بن لادن، هل كنت ستفعل ذلك؟

- لقد سالوني في 9 ديسمبر (كانون الاول) 2001، عما اذا كنت سوف اقبل الدفاع عن اسامه بن لادن، واجابتي اليوم لم تتغير عنها منذ 13 عاما، وهي انني لا اعرف. اذا تم القبض عليه، كنت سانظر في قضيته ودفاعه، مثلما افعل مع القضايا السياسيه واري ما اذا كان هناك رابط سياسي او شخصي معه، او اذا ما كان هناك رابط ما يجمعنا. واذا كان الامر كذلك وطُلب مني القيام بذلك، فعلي الارجح كنت سافعل.

* هل تلقيتَ اي تهديد او ترهيب من اميركيين عاديين، خاصه من اليهود، نظرا لدفاعك عن متطرفين بارزين؟

- كانت هناك تهديدات مستمره صبيانيه ومحاولات لارهابي او معاقبتي من قبل عده مجموعات واشخاص، بسبب عملي علي مدي الـ20 عاما الماضيه تقريبا. وكان الصهاينه هم مصدر العديد من تلك التهديدات هنا وفي الخارج، فضلا عن تهديدات من يسمون انفسهم بـالـ«الابطال القوميين» من مختلف الاعراق والاديان. هذا الامر مرتبط بعملي وقد اعتدت تجاهله انا واسرتي.

* لقد لعبت دور محوريا في مساعٍ سريه لاطلاق سراح عبد الرحمن كاسيغ من قبضه «داعش». الي اي مدي كنت متفائلا بتحقيق ذلك؟

- لقد كنتُ وما زلت مقتنعا باننا لو تركنا لانفسنا تقديم قدر ضئيل من المساعده دون تدخل مسؤولين حكوميين، خاصه من الولايات المتحده والاردن، كان سيتم انقاذ حياه عبد الرحمن كاسيغ، وكان سيتم عمل بعض التغييرات الكبيره بشان الطريقه والوسائل التي سيتم التعامل بها مع المدنيين، خاصه الصحافيين وعاملي الاغاثه، في المستقبل.

* وماذا كان شعورك عندما سمعت ان «داعش» قد اعدمه؟

- للاسف، الموت والدمار اصبحا رفيقيّ الدائمين علي مدي العشرين عاما الماضيه، بسبب طبيعه عملي وموقعه. وكما قلت: لقد خسرت ما هو اكثر من بضعه اصدقاء مقربين (بل ومن افراد العائله) برصاصات اغتيال او قذائف عاده تكون من اسرائيل او الولايات المتحده. في ضوء هذا، كان موت عبد الرحمن كاسيغ مؤلما بشكل خاص، ليس لانه كان اميركيا، بل لانه، علي خلاف الاخرين، كان من الاشخاص الذين عملنا بجهد من اجل انقاذهم، مع العلم بان احتمالات الفشل كانت كبيره. وكذلك لم يكن مجرد انسان عملنا من اجل انقاذه، بل لبناء جسر من التغيير. لقد فقدنا بغدرنا اكثر من مجرد حياه واحده، فضلا عن مصداقيتنا. لقد كنا نحاول تغيير مسار هروب محفوف بالمخاطر حتي ولو قليلا، لكنه انهار بموته.

* اختلفت الروايات حول سبب فشل تلك المساعي، لكن يبدو واضحا ان هذا قد حدث بعد قبض السلطات الاردنيه علي ابو محمد المقدسي. هل تلقيت اي توضيح بشان كيفيه تمكن الاردنيين من خرق الاتفاق الذي توصلت اليه مع مكتب التحقيقات الفيدرالي؟

- حتي هذه اللحظه حقيقه الخيانه غير معروفه ولن تُعرف قبل مرور سنوات. وبغض النظر عما حاول مكتب التحقيقات الفيدرالي الترويج له، كان هناك اتفاق من 5 او 6 نقاط بيننا وبين الولايات المتحده والاردن يسمح لابي ابو محمد المقدسي بالحديث مع قاده «داعش» في اطار محاوله الافراج عن عبد الرحمن كاسيغ من دون خوف من القبض عليه او الانتقام منه باي صوره، وقد تم التفاوض علي ذلك وتدوينه قبل الموافقه عليه. وسواء كان الاردن هو الذي اختار خرق الاتفاق او الولايات المتحده، او كلاهما، فالنتيجه واحده.

Comments

عاجل