المحتوى الرئيسى

رضوان السيد يكتب : معنى التطرف في الدين والاعتدال!

12/26 14:54

جاء رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني الي دمشق، حيث اعلن عن دعم الجمهوريه الاسلاميه للرئيس السوري والخيارات الديمقراطيه للشعب السوري! اما في لبنان فقد اعلن لاريجاني - قبل اجتماعه برئيس وزراء لبنان تمام سلام، ان بعض التنظيمات مثل حماس و«حزب الله» هي اكثر فاعليه من الدول بمؤسساتها. وهو ذاهب الي العراق، حيث سيعلن من بغداد - فيما اري - ان معركه العراق هي ضد الارهاب، وان «الحشد الشعبي» الشيعي هو الافعل ولا شك في المعركه الدائره! وكان احد نواب المجلس الذي يتراسه لاريجاني قد قال قبل عده اشهر، وعلي اثر دخول الحوثيين الي صنعاء ومدن اخري باليمن، ان «الثوره» (الايرانيه) انتصرت في اربع عواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء!

في ضوء تصريحات لاريجاني ونوابه فان «الثوره» المنتصره علي اربع عواصم عربيه تعني التنظيمات الشيعيه المسلحه التي تدعمها الدوله الايرانيه، ويقودها الجنرال سليماني. اما الحديث في هذا السياق عن الرئيس الاسد وخيارات الشعب السوري (الديمقراطيه)؛ فانها تعني ان السوريين المساكين الذين قتل منهم ربع المليون، واصيب مليون، وتهجر بالداخل السوري والخارج زهاء العشره ملايين، هؤلاء جميعا هم الذين اختاروا النظام القاتل ديمقراطيا لكي يفعل بهم وببلادهم ذلك!

ان هذا كله يجري وسط حديث متصاعد من جانب دي ميستورا والاسد وبوغدانوف وايران عن حل «سياسي» بسوريا يقتضي التوحد في وجه التطرف والارهاب والتكفير. وبالطبع، وفي هذا السياق ايضا فان المتطرفين والارهابيين هم اعداء الاسد واعداء ايران وروسيا بالتحديد! وهذا يعني ايضا ان «ثوره» الجمهوريه الاسلاميه هي عدوه فكره الدوله بالعالم العربي، ما دام نموذجها حماس و«حزب الله» والحوثيين!

لكن ما معني التطرف والارهاب في ضوء هذه الرؤيه الايرانيه؟ الايرانيون (وفي مقدمتهم نصيرهم السيد حسن نصر الله) كانوا منذ قرابه العامين قد حددوا للتطرف معني واحدا هو التكفير. وقد عنوا بالتكفير اولئك الذين كانوا ولا يزالون يقاتلون الاسد في سوريا قبل ظهور «داعش» وبعد ظهوره. وقد اعتبر السيد حسن نصر الله وقتها انه ذاهب للقصير والقلمون لمقاتله اولئك التكفيريين الذين يكفرون الشيعه، ويدمرون مزارات ومراقد ال البيت! وبالمناسبه ليس في القصير والقلمون اي من المراقد والمزارات لال البيت. انما ما معني هذا؟ معناه انهم كانوا ولا يزالون يتحشدون - تبعا لامر المرشد الاعلي - لهدم الدول وشرذمه المجتمعات العربيه، وانهم من اجل التمكن من انفاذ امر المرشد (زعيمهم الديني المعصوم او وكيل الامام المعصوم!) فانهم يحرضون الشيعه العرب بهذه الحجه لهدم بلدانهم وعمرانهم باسم ال البيت الذين يحترمهم المسلمون جميعا ويقدرونهم باعتبارهم ذريه النبي واله!

واذا كان الدين والمذهب يستخدمان بهذه الطريقه، فاي معني يبقي للاعتدال، وماذا صار التطرف يعني؟ التطرف من معانيه رفض الاخر واحلال دمه من طريق تكفيره، اي الزعم بارتداده عن الاسلام. و«داعش» والمتطرفون الاخرون يفعلون ذلك باسم السنه. والسنه يقاتلونهم (دون ان يكفروهم) ليس منذ ظهور «داعش»، بل منذ ظهور «القاعده» وهجماتها علي العرب والمسلمين والعالم. لكنّ المرشد الايراني والسيد نصر الله وكثيرين غيرهما يقومون بنفس افعال «داعش» قولا وعملا. وهذا ليس في سوريا والعراق فقط؛ بل وفي لبنان والبحرين واليمن؛ وفي غير البلدان الخمسه! ماذا نسمي افعال الميليشيات الايرانيه في سائر البلدان التي توجد فيها؟ انها لا تكتفي بالقتل من اجل الاخضاع. بل تضيف لذلك، او تؤسسه علي احلال الدم بالتكفير. ولا يزال هذا الامر يجري كل يوم منذ عقد ونصف العقد. وكلما قال سياسي عربي او دولي، ان الايرانيين سيصغون اخيرا لنداء المصالح والعلاقات الجواريه والتاريخيه والدينيه، اجابوا علي ذلك بانهم لا يريدون علاقه بغير الولايات المتحده، اما الاخرون من العرب والمسلمين فليس لهم الا الخضوع او القتل باسم التطرف والتكفير او التامر مع اسرائيل او الارهاب، او الامور الاربعه معا! وها هو عبد الملك الحوثي يعرض علي اميركا التحالف ضد «القاعده» او القتال معها ضدها، لكنه في الوقت نفسه لا يزال يرفع شعار: الموت لاميركا، والموت لاسرائيل!

المفهوم والواضح ان الايرانيين يريدون تحويل العالم العربي الي مناطق نفوذ يسيطرون عليها باسم الدين والمذهب: فما علاقه ذلك بالاعتدال، او لماذا ينبز المتطرفون السنه بالارهاب، ولا يوصف المتطرفون الشيعه بذلك؟ لذلك قصه تستحق ان تروي. فقد ظهر الثوران الاصولي العنيف لدي السنه والشيعه في سبعينات القرن الماضي. اما الثوران الشيعي فقد استطاع عام 1979 الاستيلاء علي الدوله الايرانيه، وتحويلها من خلال ولايه الفقيه الي دولة دينية، يسود فيها وكيل الامام المعصوم، الذي يضاهيه في العصمه او علي الاقل في اعتقاد وجوب الطاعه. وقد عارضت مرجعيات شيعيه هذا التسييس للمذهب واعتبرته خطرا عليه. لكن الدوله الايرانيه بقدراتها الماليه والامنيه اسكتت معظم الاصوات، ان لم يكن جميعها. وحتي السيستاني الذي يعارض امتداد ولايه الفقيه الي خارج ايران، تظل امكانياته محدوده وان لم تكن منعدمه. بدليل انه استطاع تنحيه المالكي المتايرن، لكنه لم يستطع ان يقول شيئا ضد الميليشيات الشيعيه المقوده من ايران، والتي كان هو اول الداعين اليها بعد هجمه «داعش»!

يعني الاعتدال الديني الاتجاه الرئيسي او الـ«Main Stream» في كل دين، او في كل مذهب. لكن ماذا اذا استطاع التطرف الاستيلاء علي راس المذهب ومعظم الجمهور؟! ولايه الفقيه الان هي الاتجاه الرئيسي في المذهب الشيعي، ولها معارضون، لكنها هي السائده، انما اين هو الاعتدال الشيعي؟ المنطق يقول ان الاعتدال في هذا السياق يعني عدم القتل وعدم التكفير والقول بالفقه التاريخي المستقر للعيش داخل المسلمين، وبين المسلمين وغيرهم. وكل ذلك يقول به الولي الفقيه ظاهرا، لكنه يخالفه علي طول الخط سرا وعلنا، وفي الدين، كما في السياسه. والا فما معني التكفير والقتل باسم الكفر او الخيانه في كل مكان، وتسليط الناس بعضهم علي بعض باسم نصره مذهب ال البيت؟!

المتطرفون السنه ما استطاعوا الاستيلاء علي السلطه في اي دولة عربية او اسلاميه كبري او رئيسيه، ولذلك انصرفوا للعنف والفتك باسم الدين، والحرب علي المسلمين الاخرين وعلي العالم. وهكذا بقي الاسلام السني في تياره الرئيسي معتدلا، وانصرف صونا لدينه ودوله لمصارعه الاصوليات السنيه الثائره! ان هذه الاصوليات السنيه العنفيه الشيعيه والسنيه متطرفه وارهابيه، لانها تهدد الدول والمجتمعات والاديان، وترتكب المذابح باسم الدين وباسم المذهب.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل