المحتوى الرئيسى

محمد رسول الله.. القائد والقدوة

12/26 13:47

بقلم لواء دكتور - محسن الفحام:

كنت ضيفاً في احد اللقاءات الاذاعيه حيث تلقيت مداخله من احد المستمعين يتحدث فيها عن القياده ومفهومها وعن القيادات ذات الايدي المرتعشه التي تصدر القرارات ثم تتراجع عنها، بل واحياناً تنفي انها اصدرتها اصلاً ..ويطالب بضروره ايجاد صيغه لتقييم تلك القيادات في كافه المواقع التي تعمل بها واستبعاد هؤلاء المرتعشين ..فالمرحله لا تحتمل انصاف القيادات ممن يمسكون العصا من منتصفها بل تحتاج الي قرارات حاسمه وحازمه تساعد القياده السياسيه علي العبور من تلك المرحله الصعبه الي مرحله اخري اكثر اماناً و سلاماً و استقراراً امنياً و سياسياً و اقتصادياً.

ولا ادري ما الذي جعلني وانا استمع لتلك المداخله ان اعود بالذاكره الي كتاب كنت قد قراته منذ فتره طويله بعنوان ''الخالدون مائه اعظمهم محمد'' وضعه كاتب يهودي الديانه امريكي الجنسيه يدعي مايكل هارت عام 1978 جاء فيه ''ان اختياري محمداً ليكون اهم واعظم رجإل ألتاريخ لانه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي حقق اعلي النجاحات و النتائج علي المستويين الديني والدنيوي، فهناك رسل وانبياء وقيادات بداوا رسالات عظيمه و لكنهم لم يكملوها .. اما لوفاتهم كالمسيح في المسيحيه او ان البعض سبقهم في الدعوه كموسي في اليهوديه و لكن محمداً هو الوحيد الذي اتم رسالته الدينيه و تحددت احكامها، وامنت به شعوباً باسرها في حياته، ولانه اقام الي جانب الدين دوله جديده حيث وحد القبائل المتناثره الي شعب واحد، والشعوب المتباعده الي امه واحده، ووضع لها كل اسس نجاحها، ورسم امور ديناها ووضعها موضع الانطلاق الي العالم باسره في حياته وقبل وفاته..لقد كان محمداً قائداً سياسياً و عسكرياً و دينياً ...اتخذ قرارات مصيريه، خاض من اجل رسالته الحروب حيث انتصر و انكسر و لكنه لم يتراجع و لم يرتعش و كان صاحب قرار و صاحب موقف الي ان عم الدين الاسلامي ربوع الدنيا باسرها).

استرجعت تلك المواقف و القرارات التي اتخذها محمد رسول الله ''صلي الله عليه وسلم'' و التي غيرت مجري التاريخ في الدين والدنيا ،فها هو يجاهر بالدعوه و يتحمل في سبيل ذلك ما تعرض له من مصاعب واهوال ، وها هو ياخذ قراره بالهجره الي المدينه ثم بقتال الكفار والمشركين و اليهود ثم بارسال البعثات الي خارج المدينه لنشر الاسلام في ربوع الارض ، ويبدا في اعقاب ذلك بوضع الاسس السياسيه لقياده الامه الاسلاميه فياخذ بمبدا الشوري و يؤسس لمبادئ العداله الاجتماعيه و المساواه و حقوق الانسان و احترام عقائد الاخرين..كان احلم الناس و اشجعهم و ابعدهم غضباً و اسرعهم رضاً..لم يكن ياخذ قراراً و هو غاضب او متسرع حتي لا يتراجع فيه و تكون سنه لمن ياتي بعده في قياده الامه الاسلاميه.

هكذا تكون القياده...وهكذا تكون القدوه ...و لنا في رسول الله اسوه حسنه.

الان فلننظر الي بعض القيادات التي تتولي العديد من المواقع الهامه في الدوله، يديرون العمل باداء روتيني متمسكين باهداب تلك المواقع حتي بلوغهم سن التقاعد ... دون اي ابتكار او مبادره او تطوير فهو موظف بدرجه مدير و ليس قائد ... نحن نحتاج لقيادات قويه واعيه جريئه تواكب التحولات السياسيه و الاقتصاديه و الامنيه التي تشهدها البلاد...قيادات تعرف كيف و متي تتخذ القرار و لا تتراجع عنه..فالقائد هو القدوه فلابد ان تتوافر فيه الثقافه و العلم و الثقه و الطموح و الخبره و القدره علي حسم الامور والاقناع و الابداع و الذكاء والمهاره ، لان ذلك كله سوف يسهم بدرجه كبيره في تشجيع مرؤوسيه علي العمل و الاخلاص فيه و مواجهه اي ظروف صعبه طالما كان هناك اقناع واقتناع بقادتهم.

ولعله من الانصاف ان نذكر بعض القاده الذين كان لهم دوراً حيوياً ومؤثراً في تاريخ هذا الوطن؛ فها هو الرئيس جمال عبد الناصر ياخذ قرار القيام بثوره 23 يوليو و ما تبعها من قرارات كان بعضها له اثر ايجابي و الاخر سلبي ولكنها قرارات صدرت من قائد تحمل مسئوليه تلك الايجابيات وهذه السلبيات...ثم جاء الرئيس السادات واتخذ قرار الحرب عام 1973 و تحمل مسئوليه قراره و تبعات الخساره اذا وقعت و نجح في معركه العبور وانتقل بالدوله الي مرحله جديده من مراحلها ايضاً بايجابيتها وسلبياتها..واخيراً جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي لياخذ قرار الانحياز للشعب في ثوره 30 يونيو، وتحمل مخاطر فشل تلك الثوره و ما كان سوف يحدث له شخصياً حال فشلها.. هذه النماذج من القاده هي فيض من غيض لهم ما لهم و عليهم ما عليهم .. المهم انهم اخذوا القرار وحاربوا من اجله ولم يتراجعوا عنه و تحملوا نتائجه الايجابيه والسلبيه.

القياده يا ساده موهبه وعلم ودراسه وطموح و قدره ...نريد قيادات جريئه ..تعمل لهذا الوطن .. تسعي لرفعه شانه وعلو مكانته بين الامم.

المهم انني ما ان اجبت علي تلك المداخله بما رايته من وجهه نظري و بعدما استرجعت مواقف رسولنا الكريم في قيادته للامه الاسلاميه حتي اكتشفت دون ان ادري او اقصد اننا سوف نحتفل بعد ايام قليله بذكري مولد الحبيب المصطفي صلي الله عليه و سلم.. ولا اخفي عليكم انني تفاءلت كثيراً بما ذكرته خلال هذا اللقاء عنه و عن انتصاراته و فتوحاته و العبور بالامه من غيابات الجهل الي نور الايمان والاسلام و تولد لدي شعور قوي اننا باذن الله سوف نعبر بوطننا الي بر الامان و سوف يعود الامن و الاستقرار و الرخاء الي ربوع هذا الوطن.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل