المحتوى الرئيسى

العودة إلى «طريق الحرير» | المصري اليوم

12/25 21:56

كتبت مقالاً منذ عده اسابيع في هذا المكان بعنوان (طريق الحرير وقطار الشرق السريع)، وها انا اعود الي ذلك الموضوع مره اخري بمناسبه زياره الرئيس «السيسي» لجمهوريه «الصين» ذات المليار ونصف المليار نسمه، وصاحبه اكبر كم من الإنتاج الصناعي في العالم المعاصر، والتي تغزو المراكز الاقتصاديه الدوليه والاسواق العالميه بل مراكز صنع القرار الوطنيه، انها «الصين» ذات النفوذ الكبير في القارة الأفريقية فضلاً عن قارتها الاسيويه، ويكفي ان نتذكر ان «مليون شاب اوروبي» يدرسون اللغة الصينية حاليًا حتي ان بعض رجال الأعمال الكبار قد اشترطوا علي ابنائهم اذا ارادوا ان يرثوا ثرواتهم ان يتعلموا «اللغه الصينيه»، الي هذا الحد بات تاثير الصين كبيرًا في عالم اليوم، وها انا الفت النظر الي كيفيه تحويل الكم السكاني الي كيفٍ مؤثر بالتركيز علي التصنيع الثقيل والخفيف والزراعه الكثيفه والعلاقه الوثيقه بالارض مع الالتزام بنماذج محدده في الانتاج بكل مصادره، ومن المعروف ان منطقه «الهند الصينية» تمثل تنافسًا تاريخيًا بين الثقافتين «الهنديه» و«الصينيه»، وكلما اتجهنا شرقًا من الهند تزايد التاثير الصيني وتراجع الوجود الهندي والعكس بالعكس، انني اقول ذلك حتي ندرك ان نظريه المجال الحيوي تعتمد علي العامل الثقافي قبل غيره، وما اكثر المسميات لادوات الحياه وعناصر الانتاج التي تحمل اسماء تنتسب لدوله «التنين الاصفر»، وهنا اسوق الملاحظات الاتيه:

اولاً: ان التحديث ليس دائمًا هو «التغريب» modernization is not always westernization فهناك تجارب كبري في الشرق، ولعل المثلث الاسيوي الكبير الذي تتكون اضلاعه من «انتاج الصين» و«تكنولوجيا اليابان» و«غزو العماله والثقافه الهنديه» تمثل جميعها بؤره التقدم ومركز الانطلاقه الكبري خارج الغرب، واولي بنا في هذه المنطقه من العالم ان ننظر شرقًا الي هذه التجارب الانسانيه الكبري والواعده في ذات الوقت، خصوصًا ان ترحيبهم بنا اكبر من غيرهم فنحن جميعًا امم «شرقيه»، فضلاً عن غياب الضغوط السياسيه المصاحبه للسياسات الغربيه خصوصًا الامريكيه تجاه دول الجنوب ونحن في مقدمتها.

ثانيًا: ان هناك تشابهًا تاريخيًا بيننا وبين التجارب الاسيويه الكبري علي نحوٍ يدفعنا اليهم ويدعو الي ترحيبهم بنا، فضلاً عن رغبتهم في تقديم المعونه الفنيه لنا خصوصًا في مجال التصنيع بغير قيدٍ او شرط، ولقد رايت مؤسسات مصريه في القطاع الخاص نجحت في استقدام خبراء من الهنود والصينيين في مجالات مختلفه حتي قفزوا بتلك المؤسسات خطواتٍ واسعه الي الامام في فتره قصيره،

فضلاً عن ان تكاليف استخدامهم اقل من الغربيين بكثير، اننا امام عالم مختلف وشعوبٍ صديقه طالما ارتبطنا بها وتعاونّا معها ولعلنا نذكر القول الماثور (اطلبوا العلم ولو في الصين)، ونتذكر ايضًا سنوات العلاقه الوثيقه بين «مصر» و«الهند» خصوصًا في عصر «نهرو»ـ «عبدالناصر» عندما كان التعاون التكنولوجي هو امتدادا طبيعيا للتقارب السياسي تحت مظله حركه «عدم الانحياز» في يومٍ كنَّا نشترك فيه مع «الهنود» في تصنيع طائره! فاين هم الان واين نحن؟!

لقد اصبحت الهند اليوم دوله نوويه ودوله فضاء ودوله اكتفاء ذاتي من الحبوب الغذائيه، فضلاً عن انها اكبر ديمقراطيات العالم المعاصر، وقديمًا كان يتندر اجدادنا (انا هندي!) وها هم الاحفاد يقولون ليتنا نكون مثل الهنود في الجديه والمثابره والاستمرار، لقد قضيت بينهم سنوات اربعا منذ عده عقود وعرفت معهم معني احترام الهويه والتركيز علي الخصوصيه التي تتميز بها الامه الهنديه رغم اختلاف اللغات والديانات والطبقات.

ثالثًا: ان «مصر» بالنسبه للقاره الاسيويه هي بوابه «افريقيا» ومفتاح العالم العربى والنافذه التي يطلون منها علي «البحر المتوسط» وجنوب «اوروبا» وهو ما يعني جاذبيه «مصر» للاستثمارات الاسيويه، خصوصًا من دوله «الصين» الكبري، وقد ادركنا هذه الحقيقه حتي اننا قررنا تاجيل «المؤتمر الاقتصادي المصري» حتي لا يتواكب انعقاده مع بدايه السنه الجديده في التقويم الصيني ويحول دون وصول وفود ذلك البلد من الدوله وشركات القطاع الخاص ايضًا، ولا شك ان ذلك الاهتمام من جانبنا يقابله تقديرٌ من جانبهم، خصوصًا بعد الاحداث التي جرت في «مصر» في العامين الاخيرين، واحساسهم بان صفحه جديده تبدا في العلاقات مع «القاهره»، وجديرٌ بالذكر ان دوله «اسرائيل» قد اقامت في العقود الاخيره جسور علاقاتٍ متناميه مع تلك الدول، وهو ما يدعونا الي المضي بخطوات ثابته وسريعه نحو توثيق صلاتنا بدول اسيا الكبري علي جميع الاصعده.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل