المحتوى الرئيسى

لماذا تتراجع أعداد الكتب المترجمة إلى الإنجليزية؟ :: بوابة الشروق :: نسخة الموبايل

12/25 05:00

تُشكّل الاعمال الادبيه المترجمه من اللغات الاخري الي الانجليزيه نسبه محدوده تبلغ اثنين الي ثلاثه في المئه فقط مما تصدره دور النشر الانجليزيه.فما سبب هذه النسبه القليله جدا؟ الصحفيه هيفزيباه اندرسن في ذلك الامر.

هذا ما يسمّيه البعض مشكله الاثنان في المئه، واخرون يسمّونها مشكله الثلاثه في المائه. وتعتمد المساله علي الاحصاءات المستخدمه، حيث يوجد مجال واسع للجدال بشانها. غير ان جميع هذه الاحصاءات هنا تشير الي انه لدور النشر باللغة الانجليزية سجل يرثي له فيما يتعلق بترجمه روايات عظيمه كتبت بلغات مختلفه من بقاع اخري من العالم.

هناك ما يكفي ليؤكد من خلال قوائم النشر الحديثه لهذا الخريف التي صدرت علي جانبي المحيط الاطلسي، ان اثنين او ثلاثه عناوين مترجمه تكاد تكون قد نجحت وسط العناوين التي تتضمنها هذه القوائم.

قصه الكاتب الياباني الشهير، هاروكي موراكامي، بعنوان "تسوكورو تازاكي الشاحب وسنين رحلته" والتي اوشكت علي الصدور حازت اهتمام العديدين. وهي تحكي عن شخص رفضه اصدقاؤه فيعيش وحيداً. اما "ببلشرز ويكلي" فقد اصدرت روايه "مشكله ثلاثي-الجسم"، التي تحكي مغامره مستقبليه لكبير كتاب الخيال العلمي الصيني سكسين ليو.

الا ان ما يوحد تقريباً باقي الكتب الجديده التي تتزاحم علي جذب الاهتمام في هذه الفتره شديده المنافسه من تاريخ الطباعه والنشر هو انها لمؤلفين باللغه الانجليزيه. ومنهم علي سبيل المثال: هيلري مانتل، ايان ماك ايوان، بيتر كيري، كولم تويبين، مارتن امس، مارغريت اتوود، سارا واترز، ريتشارد فورد.

ان الاعمال الادبيه – وخاصه الروايات- تفتح لنا نوافذ مهمه عن حياه الآخرين. انها تعضد من تعاطفنا وتفهمنا للاخرين بطريقه يندر ان يستطيع السفر الي مكان ما توفيرها لنا. وعدم قيام الناشرين بترجمه واسعه للاعمال الادبيه يمنعنا من الاطلاع علي احدي اهم الروافد الحيويه للقراءه.

قارن نسبه 2-3 في المئه من الناطقين باللغه الانجليزيه بالنسب الموجوده في فرنسا، حيث ان 27 في المئه من الكتب المنشوره هي كتب مترجمه. واذا ما رايت ان النسبه مرتفعه، فسوف يهمك ان تعرف ان النسبه في اسبانيا هي 28 في المئه، وفي تركيا 40 في المئه، وفي سلوفينيا هناك نسبه ضخمه تصل الي 70 في المئه.

من الطبيعي ان يشترك الكُتّاب الذين تصدروا قوائم كتب فصل الخريف في امر اخر، اضافه الي اللغه: وهو التفوق. فمع انهم يكتبون باللغه الانجليزيه، دعونا لا ننسي انهم ينحدرون من الولايات المتحده الامريكيه، وكندا، وايرلندا، اضافه الي انجلترا.

وعلاوه علي ذلك، ربما يسهل تضخيم مكانتهم مثل اقرانهم في الهند (سلمان رشدي)، وفي جمهوريه جنوب افريقيا (ج.م. كوتزي)، وفي نيجيريا (تشيماماندي نغوزي اديتشي). اللغه الانجليزيه هي اللغه الاولي في اقطار عديده، او قد تمثل اللغه الثانيه القويه فيها. وجميع هذه الدول تضم مستويات ثقافيه ادبيه عاليه المستوي، حتي ان الناشرين في لندن ونيويورك يختارون من يريدون علي هواهم بالفعل. فلِمَ يبحثون في بقاع اخري عن اعمال ادبيه يُضاف اليها عبء الترجمه؟

يتفق ادم فرويدنهايم، الناشر في دار نشر بوشكين، علي ان هناك اسباباً تجعل ناشري الكتب باللغه الانجليزيه يطبعون كتباً مترجمه اقل من اقرانهم عبر المحيطات. الا انه يُصرّ علي عدم تعادل كفتي الميزان. منذ توليه دار نشر بوشكين في عام 2012، حاول تغيير ذلك.

فبينما يختار ناشرون اخرون مؤلفاً ما لترجمته، املين في ضربه حظ قد يحققونها، كما في ثلاثيه ستيغ لارسن او روايه "رجل المئه عام الذي هرب من النافذه" لمؤلفه يوناس يوناسن، حيث نجد ان 90 في المئه من عناوين بوشكين قد كُتبت في الاصل بلغات تمتد من العربيه الي الايسلنديه والعبريه واليونانيه.

ويعد مكتبهم في لندن عباره عن برج بابل مصغّر، حيث يتكلمون فيه بطلاقه باللغات الالمانيه والفرنسيه والايطاليه والروسيه. هذا يعني ان العاملين لدي فرويدنهايم لا يقراون فقط الكتب التي تصدر اصلاً بهذه اللغات، ولكنهم يقراون اعمالاً ادبيه مترجمه الي الفرنسيه من اليابانيه او يقراون الروايات الهنغاريه باللغة الالمانية. انها نعمه عظيمه تفيد نشاطاتهم الاستطلاعيه وهو يقرّ بانه ليس لدي اغلب الناشرين متخصصين من امثال هؤلاء ليستزيدوا منهم.

ما يثير الاعجاب ايضا هو تنوع العناوين التي تنشرها دار بوشكين للنشر، والتي تشمل كتباً لقرّاء صغار ما بين عمر 8 الي 12 عاماً، اضافه الي كتب وروايات كلاسيكيه ومعاصره. من بين محرري الاعمال الادبيه وحتي الناشرين، يعتقد فرويدنهايم ان الادب المترجم اصبح مرتبطاً نوعاً ما بالاعمال الجديه.

يسهل معرفه السبب – يكفي ان تلقي نظره علي العمل الملحمي لكارل اوفِ كناوسغارد، وهي سلسله روايات من سته مجلدات عن سيرته الذاتيه، "كفاحي".. او بعض اعمال من حازوا مؤخراً علي جوائز نوبل. اذا كان المؤلف اجنبياً، يزداد الميل لافتراض ان عمله اما ان يكون عملا ادبيا مهما، او انه يدور حول قضيه قتل في مضايق بحريه.

فقط المطابع المستقله الجريئه هي التي تبحث مجدداً عن اعمال ادبيه بلغات اجنبيه. وتعرضت شركه "امازون" لحرج في الاوساط الادبيه في الاونه الاخيره، مما دفعها الي اصدار لائحه بنشاطاتها المترجمه لعام 2010.

ومنذ ذلك الوقت، نشرت شركه "امازون-كروسينغ" 129 عنواناً كاملاً مترجماً الي الانجليزيه من 14 لغه بما فيها اللغه البرتغاليه للبرازيل، والصينيه. وفي اوائل هذا الصيف، وجدت النمساويه غابي كرالنر، مؤلفه روايه الجريمه "فتاه المطر" انه تم تصنيفها ضمن قائمه اكثر عشره كتب مبيعاً علي موقع "كيندل".

ومثلما يلاحظ فرويدنهايم، فان القُرّاء لا ينظرون الي الكتب المترجمه بشكل مختلف عن ايه عناوين باللغه الانجليزيه. وتتفق مع هذا القول سارا جين غونتر، الناشره في امازون-كروسينغ، وتقول: "يحب الزبائن الروايات الجيده".

في المملكه المتحده، ظلت جائزه "الاندبندنت" للاعمال الادبيه الاجنبيه تدعم الاعمال المترجمه اكثر من 20 سنه مضت، (وافشي سرا هنا: كنت احد المحكمين فيها قبل بضع سنوات). ومع وجود معارضه دائمه لها، فان افلاماً سينمائيه مثل "الفتاه ذات وشم التنين" الي جانب افلام تلفزيونيه ناجحه مثل فيلم "عمليه قتل" قد ساعدت في مواجهه مثل هذه المعارضه.

يري البروفيسور ادوين جينتزلر، مدير مركز الترجمه في جامعه ماساتشوستس في امهيرست، انه يري اسباباً كافيه للتفاؤل بخصوص ازدهار الترجمه في البلدان الناطقه بالانجليزيه، بالرغم من احصائيات الادانه تلك.

يطبع الناشرون باللغه الانجليزيه بمجموعهم الكثير من الكتب، لذا فان نسبه الثلاثه في المئه تساوي رقماً ضخماً – اكبر بكثير من نسبه 70 في المئه في سلوفينيا، حسب قوله. اضف الي ذلك ان الاحصاءات غالباً ما تغفل مطابع مستقله صغيره مثل "دالكي اركايف" و "اوبن لتر"، هذا بخلاف مطابع متخصصه مثل مطبعه 'ميج' الامريكيه التي تنشر حصرياً اعمالاً مترجمه من اللغة الفارسية.

ثم هناك وفره من المجلات الصغيره – ادبيه ومحليه واخري غير رسميه- التي تنشر الشعر والقصص القصيره ومقتطفات مترجمه. ومن اسباب التفاؤل الاخري، يضيف جينتزلر، ما يصدر عن دار نشر الجامعه (ضمن قائمه "نشره ماساشوستس"، حيث تصل اعمال الترجمه الي 30 في المئه.) وما تنشره مواقع الانترنت. اعطيكم مثالاً واحداً، فقد قامت مجله "كلمات بلا حدود" العالميه بترجمه اكثر من الف عيّنه الي اللغه الانجليزيه من اكثر من 80 لغه.

في هذه الاثناء، بدا بعض المؤلفين الاجانب بالفعل الكتابه باللغه الانجليزيه. احد الامثله علي ذلك هو الكاتب الصيني ها جن، وروايته القادمه "خارطه الخيانه" قد ظهرت فعلاً علي موقع "هفنغتون بوست" من بين مجموعه "افضل الاعمال في" لاعمال الاشهر القادمه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل