المحتوى الرئيسى

المكس.. حي بالإسكندرية يقطنه «الغلابة» ويتنزه فيه الأثرياء

12/25 01:28

رائحه يود منعشه ورذاذ بحر يملا الحي بشذاه، وامواج تتلاشي علي تكتلات صخريه مكسوه بلون اخضر، وبيوت خشبيه اشبه بالاكواخ تزينها رسومات رمزيه رائعه بالوان دافئه تتناغم مع صخب امواج البحر المتوسط غرب الاسكندريه.. تلك الموجات الاكثر رعونه من موجاته التي تضرب شرقها. هذه هي معالم حي المكس، الذي سمي بذلك الاسم اشتقاقا من «المكوس» التي تعني في اللغة العربية «الضرائب» او «الجمارك» علي البضائع، حيث يقع الحي بالقرب من الميناء الغربي للاسكندريه.

اطلقت عليه «الشرق الأوسط» في موضوع نشر عام 2007 «فينسيا الاسكندريه»، وهو اللقب الذي لا تزال الصحف والمواقع الاخباريه المصريه تتداوله. تلك المنطقه في طبيعتها اشبه بعالم مواز لفينيسيا الايطاليه، حيث الفارق في المعمار والطبقات الاجتماعيه التي تقطنها واختلاف مفردات الحياه فيها.

هنا تتراص البيوت البسيطه بلا شكل معماري محدد علي جندول سميت المنطقه المحيطه به بـ«قريه الصيادين»، تمر بينها ترعه مياه عذبه تمخر مياهها قوارب الصيادين الخشبيه المزركشه بالرموز الفلكوريه المصريه، لكنها ليست للسياحه، وانما هي مصدر رزق لعده اسر، كتبت عليها عبارات تجلب الرزق، واسم صاحبها، او الاسم الذي اطلقه علي مصدر رزقه مثل: «المحروسه»، و«البطل»، و«الملكه»، و«المعلمه»، و«وش السعد».. وغيرها من الاسماء.. فهو يتعامل معها بكل احترام كاحد افراد اسرته.

يقول محمد المراكبي، وهو اسم شهرته، لـ«الشرق الاوسط»: «المركب هي اول ما اراه في الصباح، واخر ما اغمض عليه عيني. الصياد يجب عليه ان يهتم بمركبه (اكتر من عيلته لانها هي اللي بتاكّله عيش وبتصرف عليهم) كل يوم الفجريه اصلي.. اصعد اليها لارتبها وابدا يومي معها».

ورغم بساطه المنطقه وتفاصيل الحياه بها، فان لها سحرا خاصا، فهي تجمع بين الجمال والقبح.. بين الاغنياء والفقراء، في مشاهد تجمع متناقضات الحياه. علي شاطئ المكس ستجد عشرات البسطاء يتهافتون علي شراء الاسماك بارخص الاسعار فور وصول الصيادين، وتسمع اصوات السيدات وهن يحاولن الحصول علي «شروه» اسماك زهيده السعر: البيساريا والبلطي والثعابين (القراميط)، ومشهد اخر لمجموعات من الصيادين يتناولون غذاءهم معا علي ظهور قواربهم قبل الانطلاق في جوله «صيد العصاري». وعلي بعد خطوات من هذا المشهد، ستجد مطاعم الاسماك الفخمه الشهيره: «سي جل» و«زفير».. وغيرهما، بروادها الارستقراطيين الذين ياتون من كل انحاء الاسكندريه والمدن المصريه بسيارات فارهه في مشهد مناقض تماما لمشاهد حياه الصيادين.

وتكمل تناقض المشهد «شاليهات المكس»، وهي التي تظهر في كثير من الافلام والمسلسلات المصريه ومنها: «عرفة البحر» لنور الشريف، و«الشبح» لاحمد عز، و«حماده يلعب» لاحمد رزق، و«بلطيه العايمه» لعبله كامل.. تلك الشاليهات التي هي عباره عن كبائن خشبيه من طابقين، وكان اغلب سكانها من اليونانيين والايطاليين والمالطيين من الصيادين، بعضها تبدلت معالمه واصبحت مباني من الطوب مع الاحتفاظ بالشرفات الخشبيه المميزه، ويقطنها حاليا عدد من العاملين بمهنه الصيد، علي شاطئ البحر مباشره وفي مواجهه فنار المكس العتيق الذي كان بدوره بطلا لكثير من اغاني التسعينات المصوره. هذا الفنار المهجور الذي لا تومض اضواؤه منذ عشرات السنين، المشهور بالجسر الخشبي الممدود الي الشاطئ الصخري، يعود تاريخه الي نهايات القرن التاسع عشر، بحسب ما يظهر في «كروت البوستال» التذكاريه التي ظهرت في بدايات القرن العشرين، والتي تعكس روعه وجمال حي المكس، حيث كانت المنطقه المحيطه بالفنار في بدايات القرن العشرين بها مبني خشبي (كازينو المكس) كان يقف علي اعمده داخل مياه البحر وكان رواده من رجال الاعمال الاجانب والطبقه الارستقراطيه المقربه من العائله المالكه.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل