المحتوى الرئيسى

مصر تشعل شرارة الثورة وستنقلها للعالم

12/24 09:29

شهد العالم العربي يوم امس الاثنين حدثين هامين، شكلا نقطه فارقه في مسار حراك الربيع العربي، ومثلا صدمه للكثيرين ممن راهنوا علي ان معركه الشعوب ضد الاستبداد ستنتصر رغم كل العثرات.

نتحدث هنا عن فوز الباجي قايد السبسي بانتخابات الرئاسه التونسيه، وعن اغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، في خطوه راها الكثيرون بدايه جديده لتغييب الاعلام المعارض للانقلاب العسكري في مصر.

وعلي اهميه الحدثين وتداعياتهما الكبيره، الا انهما يجب الا يشغلا المناضلين العرب بكافه توجهاتهم عن المعركه الحقيقيه التي يخوضونها الان، اذ ان فهم شكل المعركة سيساعدنا علي الاستمرار فيها رغم الاحداث والعثرات والملمات التي قد تعصف بالمسيره هنا وهناك.

ان المعركه التي نخوضها الان هي معركه التحرر في كل بلاد العرب، وهي معركه واحده وليست منفصله في اي بلد عن البلاد الاخري. وحتي ندرك معني ان المعركه واحده علينا ان نتخيل ماذا سيكون شكل العالم العربي لو نجحت الثورات الشعبيه في القضاء علي الاستبداد والفساد، وعلينا ان نتخيل كيف ستصبح الاحوال في الدول العربية التي قاومت الثورات، وهنا هو بيت القصيد: ان نجاح معركه التغيير يعني ان كل الدول القائمه علي الفساد ستخسر مكتسباتها، وسيصبح للشعوب اليد الطولي في التحكم بمقدرات وقرارات اوطانها، وهذا ما يخشاه المستبدون في كل عصر وفي كل دوله.

واذا فهمنا معني وشكل المعركه، عندها فقط سنصبح قادرين علي استيعاب المعادله بمعناها الجذري، وهو ان الانظمه لن تتسامح ولن تقبل بمن سيحاول خوض هذه المعركه بغض النظر عن اسلوبه وايدلوجيته ومقاربته للصراع، ولهذا فقد قلنا بعد الانقلاب للاخوان المسلمين في كل من ليبيا وتونس واليمن ان الدوله العميقه في بلدانهم، والدول الاقليميه والعالميه، لن تسمح لهم بالنجاح، سواء كان اسلوبهم الاصلاح عبر المؤسسات كما حاول اخوان مصر، او الجمع بين السلاح والسياسيه كما حدث في ليبيا، او المواءمات والتنازلات السياسيه كما حصل في تونس، او الدخول في مؤسسات الدوله ومعادله القبائل كما حدث في اليمن.

وحينما قلنا ذلك انطلقنا من خبرتنا التي تعمقت بعد تجربه الانقلاب، حيث ادركنا انذاك بان رعاه الفساد في الداخل والخارج لن يسمحوا لاي طرف بان يواجه فسادهم، مهما كانت مقاربته واسلوبه في المواجهه، وخصوصا الاخوان الذين يقفون في الصف الاول في هذه المعركه المصيريه.

لقد عانت مصر ولا تزال تعاني من الحكم العسكري المستمر منذ 200 سنه، وهو الحكم الذي اقام الدوله علي بنيه من طبقات المفسدين، بغض النظر عن اسماء واشكال هؤلاء المفسدين. ولنا ان نقدر حجم الفساد اذا علمنا مثلا ان 80% من القروض البنكيه في مصر موجهه الي عشرات رجال الاعمال النافذين فقط، وان الحكم العسكري بقياده السسيسي يمتلك اصول الدوله من اراض وشركات عموميه، ويتحكم بها، وان رئيس الوزراء يمتلك، بقرار تشريعي من السيسي، بيع اراضي الدوله والتصرف بها دون قرار قضائي ودون ان يحق لاي طرف التظلم ضد قرارات البيع.

وفي ظل هذا الاستلاب الكامل للدوله من قبل المؤسسه العسكريه، وفي ظل هذا الفساد الممنهج المؤسسي، فان الاخوان وغيرهم يخوضون الان ثوره تحرريه وتقدميه؛ ثوره تحرريه لانها تريد ازاله القيود المفروضه علي الشعوب من المحتل الداخلي والخارجي، وتقدميه لانها تريد ان تصنع تقدما في كافه المجالات، بما يتيح للانسان المصري والعربي ان يعيش بكرامه.

وباختصار، نحن نخوض ثوره عظيمه وصفها الرئيس محمد مرسي بجمله واحده مكثفه: "نريد ان نصنع غذاءنا ودواءنا وسلاحنا.. ونريد ان نمتلك ارادتنا"، وهذا ما يجعل المعركه صعبه. ولان معظم الدول العربيه تعاني من نفس منظومه الفساد والاستعمار الداخلي، فقد واجهت هذه الدول ثوره الشعوب بكافه الطرق، فانقلبت عسكريا في مصر، واعادت النظام القديم بانقلاب ابيض في تونس، وعبر الميليشيات في اليمن، وهي تحاول ان تعود ايضا الي ليبيا عبر السلاح والدعم الخارجي.

وعلي الرغم من شموليه المعركه في الدول العربيه جميعها، الا ان مصر كانت الاهم والاكثر تاثيرا، وذلك بفضل اصرار الرئيس مرسي علي الثبات دفاعا عن الشرعيه، وهو ما دفع الدوله العميقه والعسكر للانقلاب عليه، لتصبح المعركه واضحه، والانقلاب واضح، وليس كما حدث في تونس التي عادت الدوله العميقه فيها للحكم عبر انقلاب ناعم لا غبار ولا دماء عليه.

واضافه لوضوح المعركه في مصر، فانها تكتسب اهميه اضافيه، نظرا لان الجسم الاساسي- وليس الوحيد- في الثوره، ممثلا بجماعه الاخوان المسلمين جمع قواه في كافه انحاء العالم لتعريه الانقلاب، ولتوضيح جرائم السلطه الحاكمه وفسادها،لادراك الاخوان ان مصر هي البدايه وهي المركز وهي المنطلق للثوره الي كل البلاد العربية.

لقد استطاعت الثوره الشعبيه التي يخوضها المصريون في الشارع ان تفضح الانقلاب، وان تكشف سوء سلطته وحكمه، ولولا هذه الثوره لما علم الشعب ان الحكم العسكري ينقل الدوله من بؤس الي بؤس، علي الرغم من حصوله علي اكثر من 33 مليار دولار من المساعدات منذ الانقلاب الي اليوم، ولولا الثوره لما كانت الصوره الحقيقيه قد وصلت للشعب اليوم، هذه الصوره التي تقول ان مصر تخسر يوميا في قطاعات السياحه والصناعه والتجاره، وفي نفس الوقت تعيش في اسوا حالاتها من ناحيه مستوي الحريات، اضافه للمهانه التي يعيشها المصريون في الخارج، وتراجع صوره مصر في المجالين الاقليمي والدولي، بسبب ادراك العالم ان هذا السيسي لا يمثل شعبه، وانه حاكم بقوه الانقلاب والسلاح.

ومع كل البؤس الذي تعيشه الدوله المصري تحت حكم العسكر، الا ان المعركه لا تزال في بدايتها، ولهذا فان سلطات الانقلاب تعتقل حتي اليوم اكثر من 51 الفا من قيادات الصف الاول والثاني والثالث والشباب في الاخوان، ومن معارضي الانقلاب من كافه التوجهات، ومع ذلك فقد حولت جماعه الاخوان هذه المحنه الي منحه، اذ ادت التغييرات الجديده في قياده الاخوان الي تولي الشباب دون سن الثلاثين زمام القياده في الداخل، كما ان قياده الخارج ستشهد تغييرات جذريه غير مسبوقه ولا يتخيلها احد، لتثبت للقريب والعدو ان هذه الجماعه حيه ومتجذره ومتجدده.

وبرغم كل التحديات، الا ان المعركه في الشارع لا تزال مستمره، ولا يزال الشباب والشيوخ والنساء، اسلاميين وغير اسلاميين، يقفون صفا واحدا في وجه الاستبداد.

ولذلك، فان اغلاق قناه الجزيره مباشر مصر لن يغير من طبيعه المعركه كثيرا، ونحن هنا نشكر قطر علي دعمها للشعب المصري، ونقول في نفس الوقت بان قراراها باغلاق القناه هو شان داخلي لا نتدخل به، وما يعنينا الان هو ان المقاومه ثابته ومستمره في ثورتها، حتي اخر واحد من الاخوان المسلمين.

نحن ندرك ان النظام سيزول وسيفشل، ولذلك فنحن مستمرون في تعريته امام الشعب المصري والعالم، ونحن نؤمن ان الدوله لا يمكن ان تستمر تحت حكم السيسي، ولهذا فان علي المؤسسه العسكريه ان تدرك خطاها بالوقوف خلف هذا الجنرال الانقلابي، وان تنحاز للشعب والشرعيه.

ومع ايماننا الراسخ بزوال هذا النظام، فاننا ندرك ايضا ان المعركه طويله، وان التضحيات كبيره، فجماعه الاخوان تمتلك تقدير موقف شامل لطبيعه المعركه، وتمتلك بناء علي هذا التقدير ادوات متعدده للنضال، والجماعه علي الرغم من اخطائها التي تعترف واعترفت بها سابقا، هي التي تحملت العبء والتضحيات الاكبر بعد الانقلاب، وهي التي تصدرت المعركه من باب التضحيات وليس من باب المكتسبات، وهي لا تزال تمد يديها للجميع، ولكن وفق مطالب الشعب، ووفق الشرعيه، لاننا نؤمن ان من ينادي بالتوافق دون مطلب عوده الرئيس مرسي لا يدرك معني واصل الصراع في المنطقه، بين من يريدون ترسيخ الديمقراطيه والشرعيات الانتخابيه، وبين من يريدون التاصيل لسياسه الانقلابات، وهذا ما نرفضه تماما.

ان معني المعركه الحقيقي لن يظهر للكثيرين الا عند سقوط الانقلاب، وهو معني، للمفارقه، تدركه الدول التي تحارب الثوره مثل السعوديه والامارات، ولذلك فهي تسعي لافشال الثوره بكل قوه، لانها تعلم ان الشعب المصري وشعوب المنطقه لن تنسي جرائمهما وحربهما علي اراده الشعوب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل