المحتوى الرئيسى

فيلم "المهاجران" لـ محمد عبد العزيز... يعيد طرح أسئلة البدايات في دمشق

12/21 13:49

دمشق، سوريا  (CNN) --  في بارٍ بدمشق، عُرِضَ مؤخراً فيلم "المهاجران" بنسخته الاوليّه، للمخرج السوري محمد عبد العزيز،  من بطوله الممثلين محمد ال رشي، وسامر عمران، عن عرضٍ مسرحي يحمل الاسم ذاته قدمّه البطلان، مئه مرّه، باحد ملاجئ العاصمه بين عامي (2008 و2011).

 ومع اندلاع "الازمه السوريّه"؛ قرر صنّاع العرض تحويله لفيلمٍ سينمائي، وتم اعداد النص، بما يناسبُ الظروف السائده خلال بدايات "الحراك الشعبي"، الذي كان المخرج ميالاً له ومشاركاً فيه، لكنّه تنحي جانباً، بعد تحوّله "للبعد الديني، وتبني السلاح"، بحسب ما يوضح عبد العزيز لـ CNN بالعربية، في لقاءٍ حول طبيعه هذه التجربه السينمائيه، وخصوصيه العرض بـ "بار مود": "ففي احد البارات (يعتبر معقلا للموالاه)؛ عُرضَ واحدٌ من اكثر الافلام ذات الصبغه السياسيه الحاده."

لماذا اخترت عرض النسخه الاوليه من فيلمك خلال هذه الفتره، رغم مضي حوالي اربع سنوات علي انتاجه؟

حدث الامر كله بلا ترتيب، كذلك لم اختر التوقيت، او المكان، اتصل، بي القائمون علي المشروع ووافقت.

كيف وجدت تجربه عرض فيلمك في "بار"؟

اعجبت بفكره عروض السينما بالبارات، فمن الملفت ان يكون المكان ليلاً (ملهي)، ليتحول اخر النهار  الي صاله عرض، في زمن قطع الرؤوس، وملفتٌ ايضاً احتساء احدهم (الجعه)، بينما ينفث دخانه، ويشاهدُ فيلماً يثير مسائل حول طبيعه النظام السياسي، وينتقد بعمق مجتمعات الانظمه الشموليه، والاغراق بالصراع حتي تدمير الذات، كان هذا العرض واحداً من افضل عروض افلامي، اما الابطال فكانوا الحضور، وذاك (البارمان الموالي) الذي علق علي كلام المثقف بالمشهد الاخير من الفيلم  (رح نرجع رح نكون احرار) قائلاً؛ (الان بعرض هذا الفيلم انتهت الازمه) ..انها سوريه الجديده، ففي احد البارات الذي يعتبر معقلا (للموالاه)، عُرضَ واحدٌ من اكثر الافلام ذات الصبغه السياسيه الحاده.

اينَ تكمن خصوصيه هذا النوع من العروض؟

ربما هذا الامر لا يعني احداً خارج سوريه، وربما يجدُ فيه امراً ساذجا، او عادياً ولكن بالنسبه لنا، وللافراد الذين يحاولون ان يتكيفوا بظل حرب اهليه طاحنه، وجماعات ارهابيه تكتسح البلاد من مشارقها الي مغاربها، نجد في هذا الفعل امراً يمكن التوقف عنده، وكسينمائي معني بهذا الشان، ودعماً لفكره سينما البارات في وسط دمشق، وافقت علي عرض الفيلم في "بار مود"، او اي حمام عام، او باص نقل داخلي، او مسلخ شعبي، يعتزم القيام بمثل هكذا فعاليّه، وساكون في طليعه داعمي ومؤيدي، مثل هذه المشاريع، التي تبث قليلا من الحياه في الجسد النازف .

هل كانت لديك ايّه مخاوف من كيفيه تلقي الحضور للفيلم، علي خلفيه الاستقطاب الحاد، والذي لازال قائماً بين السوريين اليوم، بسبب ما يجري في بلادهم؟

فترهٍ زمنيهً طويله تفصل بين انتاج الفيلم، وعرضه؛ الي اي مدي يبدو "المهاجران" قادراً علي مخاطبه السوريين اليوم، وسط التطورات اليوميه المتسارعه في الاحداث علي الارض؟

صورنّا الفيلم تزامناً مع الحراك الشعبي (2011) الذي كنا بالبدايه ميالين اليه لهذا تلون بصبغه، ما كان دائراً انذاك، لكنّ العمل ككل من اجل الحريات العامه، والمجتمع الديمقراطي، وقيم العداله والمساواه والحريه ثابت، ولا اعتقد ان اي سينمائي (نصف انسان)، الا ويعمل من اجل تحقيق مثل هذه المبادئ، ويتوق لها، اليوم لا اجد، ولا اميل، ولا يتملكني هاجس ما اريد قوله للسوريين ..الخلاص فردي في المجتمعات البربريه، والظلاميه، كمجتمعاتنا المشرقيه ذات الصبغه الاسلاميه، اجد الخلاص بالفرد ..بالذاتيه ..الخلاص الفردي ببعده الوجودي، والمعرفي؛ هو المحك.

اهديت عرض الفيلم لروح الممثل الراحل ياسين بقوش، ماذا قصدت بذلك؟

لانه يستحق هذا الاهداء، عمل، وعاش، ومات وحيداً، ومحباً للسينما، ولان الجميع تاجروا بموته، ورحيله المجحف، ولانه جزء من ذاكرتنا، ولانني في الثمانينات كنت اشتري “علكه” كانت تحمل صور (غوار)، و(ابو عنتر) و(حسني البورظان)،  و(ابو صياح) و(فطوم)،  وكان (ياسينو) اكثرهم ظهوراً، لي في قطع الحلوي تلك، وعندما صور معي بفيلميَ السابقين، اخبرته عن ذلك فضحك، وقال كلاماً ودوداً.

(ياسين)، وجميع شخصيات الحقبه الذهبيه؛ يستحقون بلا شك انحناءاً طويلاً، امام كل الفرح والمشاعر الطيبه، التي منحونا، ايّاها، في ذاك العمر، الذي لم نتلوث فيه برياح الربيع العبوس.

اعلنت  عن عزمك عرض الفيلم رسمياً، خلال "الربيع المقبل"، الا يبدو ذلك صعباً دون ان يتعرض لاقتطاعات من جانب الرقابه؟

لا اعرف ..لكن بكل الوسائل المتاحه، لن نضع الفيلم تحت سكين الرقيب، ليتصرف به بما يشاء، وما يتناسب مع سياسات الجهات القائمه علي هكذا امر.

مع طول عمر الحرب تغيرت وجهات نظر العديد من السوريين حول ما يجري في بلادهم، وانت منهم، هلّا اوضحت لنا سبب هذا التغيير بالنسبه لك؟

مع تحول الحراك للبعد الديني، وتبني السلاح، تنحيّت جانباً، وتلقيت الكثير من الاتهامات اقلها بانني خنت (الثوره)، وكما في الفيلم، ومنذ ذاك الوقت المبكر، ونتيجه عملي علي الارض، كان لدي انطباع يتعمق يوماً، بعد يوم، بان المشهد سيصبح دموياً، وسيستصدره الاسلاميون بلا منازع، وعندها سيحل الظلام، وهذا ما حدث، ويبدو لافتاً ان ذلك الانطباع يظهر واضحاً للعيان، في بعض مشاهد الفيلم.

 انجزت فيلمين اخرين بعد فيلم "المهاجران"، هما "الرابعه بتوقيت الفردوس" و"حرائق البنفسج" (لم يعرضا بعد)، وكلاهما من انتاج المؤسسه العامه للسينما، هل ينعكس في هذين الفيلمين تطوّر موقفك، ازاء ما يحدث في سوريا؟

لا اتبني فيلماً حتي اتملكه، واحشوه بمواقف سياسيه، هذا الامر يعاكس تصوري عن السينما، كفعل وجودي سرمدي ومستمر وبالتالي، لا اسمح لنفسي، او لفيلمي ان يحمل اسفاراً، لا طائل منها ولا نفع.

تجدر الاشاره الي انّ عرض "المهاجران" المسرحي، والذي تم تحويله لفيلمٍ يحمل الاسم ذاته، ماخوذ عن نص للكاتب البولوني: سوافومير مروجيك (1974)، ترجمه، واخرجه، واعد له السينوغرافيا في حينها: د. سامر عمران، ولعب فيه دور البطوله الي جانب محمد ال رشي، وتم تقديمه بملجا تحت الارض بجوار  احدي مقابر دمشق،  لا يتسع لاكثر من اربعين متفرجاً، وهو ذات المكان الذي تم فيه تصوير النسخه السينمائيه منه لاحقاً.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل