المحتوى الرئيسى

محاكمة المعذبين الأمريكيين

12/21 00:28

شاركنا كثيراً في مؤتمرات دوليه تتحدث عن تعذيب الناس في السجون والمعتقلات، واستمعنا الي بيانات ومحاضرات المدافعين عن حقوق الإنسان من كل الجنسيات ومختلف البلاد، وكتبنا عن كل صور التعذيب التي سمعناها وقرانا عنها ظناً منا اننا احطنا بها علماً.. ولكننا كنا مخطئين اذ نبهتنا اداره الاستخبارات الامريكيه CIA عن ممارسات للتعذيب لم نتخيلها.

ففي الاسبوعين الماضيين انشغلت صحف العالم بتقرير لجنه الشيوخ الامريكيه عن عمليات التعذيب التي مارستها المخابرات الأمريكية ضد المعتقلين من افغانستان وباكستان ودول عربية بعد حادثه تفجير برجي التجاره الامريكيه في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001 وكان المتهم فيها حركة طالبان الارهابيه ما اثار جنون الامريكيين ورغبتهم في الانتقام الكاسح السريع، فاعتقلت الاجهزه الامريكيه العديد من المشتبه فيهم وعرضتهم للتعذيب الوحشي لاجبارهم علي الاعترافات المطلوبه، خاصه مكان اختباء «بن لادن».

وتنوعت ممارسات التعذيب والاهانه والتحقير كتعليق المعتقل عارياً وتركه حتي يتبرز علي نفسه، او وعده بتقديم الغذاء اليه ان كان صائماً او مضرباً عن الطعام ويحضرون الطعام له بالفعل.. وما ان تمتد يده اليه حتي يسحبوه من امامه بسرعه.. ويطحنوه ويهرسوه حتي يصبح سائلاً ويقلبون المعتقل من اسفل الي اعلي ليكون راسه تحت وقاعدته فوق ويحقنون الطعام من شرجه - والعياذ بالله - وهو ما لم يرد علي ذهن بشر الا الشيطان الذي كفر بالله وكتبه ورسله، وقال له في سوره النساء «الايه 119» انه سيجند من البشر شياطين مثله يغيرون في خلق الله كما فعل شياطين المخابرات الامريكيه.. فقد خلق الله الانسان وكرمه عن سائر مخلوقاته من الحيوانات التي تاكل من الفم ولا تطعم من الشرج كما فعل مجرمو المخابرات الامريكيه بالانسان في معتقل جوانتنامو وغيره.

هؤلاء المجرمون الامريكيون تصدق عليهم مقوله محكمه الاستئناف الفيدراليه الامريكيه في نيويورك في قضيه نيلارنيجا التي ذكرناها في مقالنا الاسبوع الماضي وقالت عن المعذبين المتوحشين انهم اعداء للانسانيه والبشريه عموماً وانهم مثل القراصنه او تجار الرقيق الذين يحاكمون في اي دوله تحكم بمعايير الانسانيه، وهذا ما اعلنه ايضاً المقرر الخاص لحقوق الانسان ومكافحه الارهاب بالامم المتحده، حيث قال كما ورد بجريده «المصري اليوم» في 14 ديسمبر «ان عملاء وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA ممن شاركوا بعمليات التعذيب التي كشف عنها تقرير مجلس النواب الأمريكي يمكن محاكمتهم باي دوله في العالم وان المتهمين بالتعذيب من المخابرات الامريكيه يمكن القبض عليهم في اي دوله يقصدونها فور خروجهم من الولايات المتحدة الامريكية».

وذلك تحليل صحيح قانونياً وسياسياً اذ اعتبرت الاتفاقيه الدوليه لمنع التعذيب التي اعتمدتها الجمعيه العامه للامم المتحده عام 1984 ان التعذيب يعتبر جريمه نظام حكم وليس جريمه القائم بالتعذيب فقط بمعني ان يحاكم جنائياً كل من قام به او حرض عليه او وافق عليه او علم به وسكت عنه وكان من سلطته ايقافه.. وينطبق ذلك علي الرئيس جورج دبليو بوش الذي علم به علماً يقينياً ووافق عليه اذ كان في اعلي حالات الغضب من تفجير برجي التجاره في نيويورك في 11 سبتمبر 2001 ووجه ضرباته في كل اتجاه سواء في افغانستان وباكستان او العراق الذي دمره تماماً وهانت عليه ادميه المعتقلين في جوانتنامو وغيرها ولم يتخذ اجراء لايقاف التعذيب او حتي يستنكر صوره الوحشيه اللاانسانيه التي ذكرنا بعضها.

وقد كانت امريكا في حاله حرب فعليه ضد الفصائل الارهابيه في افغانستان وباكستان ثم العراق.. اي انها كانت تخضع لاتفاقيات جنيف عام 1949 وتعديلاتها فيما يسمي بالقانون الانساني الدولي الذي يعتبر ممارسات اجهزه المخابرات الامريكيه بالتعذيب البشع جرائم ضد الارهاب كما وردت في النظام الاساسي للمحكمه الجنائيه الدوليه المعتمد في روما في 17 يوليو 1998.

والمعروف ان الولايات المتحده الامريكيه ليست عضواً في المحكمه الجنائيه الدوليه في لاهاي المختصه بمحاكمه مجرمي الحرب والمجرمين ضد الانسانيه، ومع ذلك فان دستورها وقانونها ومحاكمها تبيح محاكمه مجرمي التعذيب في وكاله الاستخبارات الامريكيه الذين يعتبرون في نظر المحاكم الفيدراليه مجرمين ضد البشريه كلها وضد كل مواثيق الاديان السماويه التوراه والانجيل والقران، ومعني ذلك ان ضحايا عمليات التعذيب الامريكيه يمكنهم رفع الدعاوي امام المحاكم الفيدراليه ذاتها، ويمكن الاستعانه بلجنه المحامين لحقوق الانسان ومقرها نيويورك كما يمكن لاي دوله تعرض احد مواطنيها لممارسات التعذيب الامريكيه ان ترفع الامر لمجلس الامم المتحده لحقوق الانسان في جنيف.. وبالطبع لن يذهب بنا الخيال بعيداً فنقترح عرض الامر علي الجمعيه العامه للامم المتحده او مجلس الامن الذي يحيل الجرائم ضد الانسانيه الي المحكمه الجنائيه الدوليه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل