كيف تكونت الحدود بين الدول العربية منذ ظهور الإسلام وحتى يومنا هذا؟

ملحوظه: جميع الخرائط هنا نقلاً عن موقع ويكيبيديا.

الشكل الحالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الناطق باللغة العربية شهد عددًا كبيرًا من التطورات والتغييرات عبر الزمن حتي وصلنا لما نحن عليه حالياً.

نقدم هنا تسلسلًا زمنيًا لتطور الحدود بين الدول العربية منذ الدولتين الفارسيه والبيزنطيه وحتي يومنا هذا لنعرف ما استجد علي منطقتنا العربيه وتاثير الاحتلال والغزو الاوروبي علينا.

مع بدايه ظهور الاسلام كان الوطن العربي مقسماً لثلاث مناطق، الاولي كانت تخضع للدوله البيزنطيه وتضم الشام ومصر وشمال افريقيا. الجزء الثاني كان تابعاً للدوله الفارسيه ويضم العراق. الجزء الاخير كان شبه الجزيرة العربية والذي كان عباره عن قبائل متناثره تدور بينها الحروب وتتواصل من خلال التجاره حيث بدا الاسلام يظهر في منطقه الحجاز ويتوسع تدريجيًا منذ عام ٦٣٣م.

الدول العربيه عام 633م نقلاً عن ويكيبيديا

في عهد الخلفاء الراشدين، اي حوالي عام ٦٥٥م، انصهرت كل من الجزيره العربيه والعراق والشام ومصر وليبيا في كيان واحد ودوله واحده دون قيود.

الدول العربيه تحت حكم الخلفاء الراشدين عام 655م

عام ٧٥٠م، وصلت الدولة الأموية لاقصي اتساع لها. هنا اصبحت كافه الدوله العربيه تقريبًا جزءاً واحدًا دون اي حدود. اصبحت الدول العربيه مجرد ولايات (او محافظات بمفهوم عصرنا الحديث) وبالتالي يستطيع كل شخص التنقل لاي ولايه بحريه مطلقه.

الدول العربيه تحت الحكم الاموي عام 750م

عام ٨٥٠م، وفي ظل الخلافه العباسيه ظلت الدول العربيه كما هي دون حدود، ورغم بقاء منطقه شمال افريقيا (المغرب والجزائر حالياً) في ايدي الامويين، لم تكن هناك قيود في التنقل او حدود فاصله.

الدول العربيه تحت الحكم العباسي عام 850م

في حدود عام ١٠٠٠م، سيطرت الدوله الفاطميه علي جميع الاجزاء الافريقيه من الدول العربيه بالاضافه الي الشام والحجاز، فيما بقي الجانب الشرقي من الدولة الإسلامية في ايدي العباسيين، لكن بقيت حريه التنقل والحركه للمواطنين محفوظه كما هي دون قيود فعليه ودون وجود حدود واضحه بمفهومنا الحديث.

بعد ذلك الوقت وحتي نهايه الخلافه العباسيه علي ايدي التتار عام ١٢٥٨م، ظهر عدد من الاقاليم ذات السياده المستقله بشكل واضح. تتابع الطولونيون ثم الاخشيديون ثم المماليك علي مصر. وتتابع الاغالبه والعبيديون علي تونس. وتتابع الادارسه ثم المرابطون ثم الموحدون علي منطقه المغرب العربي. وتواجد البويهيون في العراق. والحمدانيون في الشام. والقرامطه في اقصي شرق الجزيره العربيه. وتتابعت الدولة الصليحية ثم الطاهريه ثم الايوبيه والرسوليه علي اليمن.

بدا تمايز نسبي في الاقاليم العربيه، ويرجع ذلك للطبيعه الجغرافيه التي تسمح بوجود فواصل نسبيه بين هذه الاقاليم وبعضها البعض. لكن مع ذلك ظلت هناك حريه حركه لعامه الشعب بين هذه الاقاليم وبعضها البعض.

الدول المتعاقبه علي الاقاليم العربيه في فتره ضعف الحكم العباسي من القرن العاشر حتي القرن الثالث عشر

بدات الدوله العثمانيه تمد سيطرتها علي الاقاليم العربيه وتعيد دمجها منذ عام ١٢٩٩م، حتي وصلت لاقصي اتساعها حوالي عام ١٦٨٠م.

ويعود احد الاسباب الرئيسيه لبدء تفكك المنطقة العربية لدويلات صغيره هو عدم هيمنه الدول العثمانيه وفرض سيطرتها علي كافه المناطق العربيه مما اتاح الفرص للتدخلات الاجنبيه.

فيُلاحظ هنا ان الدوله العثمانيه لم تفرض سيطرتها علي كامل انحاء اليمن وبقيت محصوره في مناطق زبيد والمخا وعدن طيله فتره وجودها، اما المرتفعات الشماليه فلم تكن مستقره.

لم تكن المغرب تحت حكم العثمانيين وظلت تحت حكم عدد من السلالات المغربيه مثل السعديين ثم العلويين الذين تمكنوا من استرداد طنجه من الاحتلال الانكليزي الذي تبع الاحتلال الاسباني لها.

ايضاً لم تتمكن الدوله العثمانيه  من فرض هيمنتها علي جنوب شرق الجزيره العربيه (الامارات العربيه وعمان وقطر).

ولم تُثِرْ اغلب المناطق التي كونت المملكة العربية السعودية فيما بعد اهتمام العثمانيين – ولا الدول الاستعماريه لاحقاً – بسبب وجود قبائل بدويه غير ذات ثقل.

الدوله العثمانيه عام 1680م في اقصي اتساع لها

8- التقسيم الاداري للدوله العثمانيه

تقسيم الدولة العثمانية للمناطق العربيه الخاضعه لها الي ولايات، ساعد علي تكوين شخصيات مستقله للدول العربيه في فترات ضعف الحكم العثماني، خصوصاً مع تركيز الدوله العثمانيه علي صراعاتها مع الدول الأوروبية. ففي الجزء الافريقي، كانت هناك ولايه مصر وولايه طرابلس (والتي اصبحت ليبيا فيما بعد) وولايه تونس وولايه الجزائر وولايه النوبه (والتي اصبحت السودان فيما بعد).

كيف قسمت الدوله العثمانيه الوطن العربي الي ولايات او ايالات

في القرن الخامس عشر بدات الرحلات البرتغاليه الاستكشافيه حول العالم، واستطاع البرتغاليون الوصول لمنطقه الخليج العربي، لتبدا المراحل الاستعماريه للدول العربيه، حيث سيطرت البرتغال علي سواحل الخليج العربي وجنوب شبه الجزيره العربي، وتقارب البرتغاليون مع الدولة الصفوية – التي كانت تسيطر علي اجزاء من العراق وشرق الجزيره العربيه – بعد هزيمتها من قبل الدوله العثمانيه لاعاده السيطره علي العديد من القواعد في الخليج العربي من بينها البحرين ومسقط والامارات والبحرين.

كما نشا في القرن السادس عشر، صراع بحري بين الدول الاوروبيه والدوله العثمانيه في حوض البحر المتوسط، حيث تمكنت اسبانيا من السيطره علي مناطق في شمال افريقيا مثل مدن الجزائر وسبته وطنجه وتلمسان والمرسي الكبير ووهران وبجايه وطرابلس.

الوطن العربيفي بدايه القرن السادس عشر، حيث توضح النقط الحمراء مناطق سيطر عليها البرتغاليون، والنقاط السوداء للاسبان

تميز القرنان السادس عشر والسابع عشر بحالات متبادله من الضعف والقوه للدوله العثمانيه مما جعل عددًا من المناطق تثور ضد العثمانيين مثل اليمن ومصر ومراكش بسبب سياسات العثمانيين. كذلك فان عددًا من المناطق وقعت تحت الاحتلال الاسباني والبرتغالي والانكليزي وتمكن العثمانيون من استعادتها لتقع مره اخري في يد الاستعمار وهكذا.

الوطن العربي تحت الحكم العثماني عام 1683م

في اواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، بدا الضعف يدب تدريجياً في كيان الدوله العثمانيه. ادي ذلك الي ظهور حركات انفصاليه، كما ادت الي بدايه حقبه استعماريه للدول العربيه.

تكونت دوله ال الصباح في الكويت، وقامت دولة البوسعيد في سلطنه عمان (هي الحاكمه حتي يومنا هذا)، وظهرت دوله الائمه الزيديه في مناطق من اليمن، وبدات تتكون دوله ال سعود في منتصف الجزيره العربيه مع ظهور محمد بن عبد الوهاب، وكانت ليبيا تحت حكم الدوله القرمانليه، وكانت كل من تونس والجزائر تحت حكم الدايات، وحكم المغرب سلاله العلويين الفيلاليين الذين بقوا يحكمون المغرب حتي الان.

خريطه الوطن العربي عام 1789م

مع بدايات القرن التاسع عشر بدات المرحله الاستعماريه للدول الاوروبيه في المناطق العربيه وسط تراجع واضح لسيطره الدوله العثمانيه، لتبدا الحدود الافتراضيه تظهر بين اقاليم الوطن العربي المختلفه.

في عام 1871م، ظلت العراق والشام وبلاد الحجاز تحت الحكم العثماني، وسقطت ليبيا وتونس من جديد تحت الهيمنه العثمانيه، ووقعت الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي، وتكونت امبراطوريه مصر والسودان، تحت قياده محمد علي باشا والتي كانت تابعه للدوله العثمانيه ظاهرياً لكنها فعلياً اصبحت تملك استقلالًا نسبيًا.

خريطه الوطن العربي عام 1871م

مع بدايات القرن العشرين سقطت اغلب المناطق العربيه تحت الاستعمار الاجنبي، وتسبب هذا الاستعمار وتنوعه بين الانجليز والفرنسيين والايطاليين في نشاه الدول العربيه بشكلها الحديث طبقاً لكل منطقه سقطت تحت الاستعمار.

وقعت مصر والسودان وشمال الصومال وجنوب اليمن وسلطنه عمان والامارات العربية المتحدة والكويت تحت الاحتلال البريطاني. كما كانت جنوب الصومال وليبيا تحت الحكم الايطالي، ووقعت تونس والمغرب والجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، ووقعت بعض الاجزاء الشماليه من المغرب تحت الحكم الاسباني.

فيما ظلت بلاد الشام وبلاد الحجاز والعراق تحت سيطره الدوله العثمانيه.

خريطه الوطن العربي عام 1914م

عام 1916م وبعد انتهاء الحرب العالميه الاولي بهزيمه الدوله العثمانيه، وقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقاً سرياً تحت مسمي اتفاقيه سايكس بيكو يحدد مناطق سيطره ونفوذ كلا الطرفين علي منطقه الهلال الخصيب التي كانت تحت الحكم العثماني انذاك.

اصبحت لبنان تحت الاداره المباشره لفرنسا فيما اصبحت سوريا منطقه نفوذ فرنسي. وعلي الجانب الاخر اصبحت العراق والكويت تحت الاداره البريطانيه المباشره فيما اصبحت الاردن وشمال السعوديه تحت النفوذ البريطاني. وبقيت فلسطين منطقه محايده.