المحتوى الرئيسى

هل تفتح انتخابات إخوان سوريا الباب أمام تغيير حقيقي؟

12/18 12:52

نشر مركز ابحاث كارنيجي مقالا تحليليا للباحث رافاييل لوفيفر يناقش فيه التغيرات الاخيره لدي الاخوان المسلمين في سوريا، ومستقبل الجماعه في ضوء هذه التغيرات.

مع ان جماعه الاخوان غالبًا ما توصف بانها احدي القوي الاكثر فعاليه ضمن المعارضة السورية في المنفي، الا انها شهدت انقسامات في صفوفها، فقد اتمّ زعيم الجماعه السابق "محمد رياض الشقفة"، ولايته البالغه اربع سنوات في صيف العام 2014، حاصدًا مستويات متدنّيه من الشعبيه في صفوف قاعده الاخوان، التي القت اللوم عليه بسبب فشله في تحويل الجماعه الي لاعب سياسي وعسكري متّسق، من بين امور اخري.

في الفقره السابقه اجاد رافاييل حين استخدم لفظ "توصف"، حيث ان الجماعه ومنذ انتقال صفوف المعارضه الي ملعب "الائتلاف الوطني لقوي المعارضه السوريه” بدلاً من "المجلس الوطني السوري" بدات في اتخاذ موقف المؤيد للراي الحاصل علي اكثريه بالفعل، حيث كانت تظن - او تقول - بانها تساهم في ان تكون لاعب توافق لا معارضه، لذلك دائمًا ما توصف بذلك دون اي تاثير حقيقي.

وفي ظل تصاعد المطالب الداخليه بالتغيير، دعا قاده الاخوان في خريف العام 2014 الي اجراء انتخابات مجلس الشوري، وهو الهيئه العليا لصنع القرار في الجماعه، ثم انتَخب الاعضاء الجدد لهذا المجلس قاده المنظمه كلها، ومع القرار الذي صدر في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، اطلق مجلس الشوري رساله واضحه مفادها ان جماعه الاخوان بدات اخيرًا بكتابه فصل جديد في تاريخها.

تم اختيار "محمد حكمت وليد"، وهو شاعر وجرّاح عيون من اللاذقيه يبلغ السبعين من العمر، تلقّي تعليمه في المملكه المتحده، ليكون المراقب العام الجديد لجماعه الاخوان السوريه، كما عُيّن منافسه الرئيس لهذا المنصب، "حسام الغضبان"، وهو مهندس كومبيوتر في الاربعينيات من ضواحي دمشق، نائبًا له.

علي خلاف زعماء الجماعه السابقين، ليس لدي وليد تاريخ من العنف في ثمانينيات القرن المنصرم، كما انه يتقن اللغه الانجليزيه، اما غضبان، فسيكون احد اصغر الاشخاص الذين تولّوا منصب نائب المراقب العام في تاريخ الجماعه، ولايتحدّر اي منهما من حلب او حماه، مركزَي القوه التقليديين في جماعه الاخوان السوريه.

مع ذلك، يري بعض اعضاء الجماعه ان هذين الخيارين لايُعتبران مؤشّرًا قويًّا علي التغيير، فقد توقّع كثيرون تعيين مُصلِح اصغر سنًّا يتحلّي بالكاريزما ويكون ملتزمًا بتغيير جماعه الاخوان من الداخل، من خلال توفير مزيدٍ من الشفافيه في عمليه صنع القرار، وتعزيز دور الشباب في جميع مستويات المنظمه، لكن، وعلي الرغم من ان الانتخابات لم تشكّل ربما الثوره التي كان هؤلاء الاعضاء ياملون بها، الّا انها تشي بعددٍ من التحولات المهمه داخل الجماعه.

وان كانت الجماعه قد نجحت في ان تلعب دورًا اغاثيًا وانسانيًا جيدًا في الثوره السوريه، الا انها فشلت في اداره الملف السياسي في الوقت الذي كانت تفقد فيه الملف الدعوي الذي يعد احد اهم ركائز الجماعه؛ الامر الذي دعا الجماعه وبتدخل مباشر من نائب المراقب الجديد الشاب الي تجنيد الشباب واعاده روح الدعوه الي صفوفها.

لكن علي الصعيد الايديولوجي، من المستبعد ان يؤدّي انتخاب وليد الي تغييرات مهمه في موقف جماعة الاخوان المسلمين السوريه، فبعد عقود امضاها قاده الجماعه في مقاتله نظام الاسد، تخلّوا عن العنف في العام 2004، كما تعهّدوا بنبذ الطائفيه، واحترام حقوق الاقليات، والعمل مع القطاعات الاخري في المجتمع السوري من اجل الحثّ علي تغيير النظام بطريقه تشمل كل هذه القطاعات، ويُذكَر ان وليد كان داعمًا لاعتدال الجماعه منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، وقد كوفئ علي التزامه الراسخ بهذه الاجنده في وقت سابق من العام 2014 عندما انتُخِب رئيسًا لحزب وعد، وهو حزب سياسي معتدل ومستقل مبدئيًا يضمّ اخوانًا مسلمين واسلاميين مستقلين وبعض السنّه العلمانيين، وحتي بعض المسيحيين والعلويين.

علي الصعيد الاقليمي، يُرجَّح ان يعزّز انتخاب وليد نفوذ تركيا علي معارضهٍ سوريهٍ منقسمهٍ بين مناصرين لقطر والسعوديه. فالمراقب العام الجديد شكَرَ في ملاحظاته الاولي "الشعب التركي الشقيق والصديق"، واشاد بـ "القياده الحكيمه" للبلاد ودعم تركيا للثوره السوريه، وقد ارتبط وليد، بصفته رئيسًا لحزب الوعد الذي يقترب برنامجه السياسي من الناحيه الايديولوجيه من برنامج حزب العداله والتنميه الذي ينتمي اليه الرئيس التركي "رجب الطيب اردوغان"، بعلاقات وثيقه مع السلطات التركيه التي قدّمت دعماً كبيراً للمعارضه السوريه. ويُتوقَّع ان تتوطّد هذه العلاقه اكثر الان وقد اصبح وليد القائد الجديد لجماعه الاخوان.

لكن في الوقت نفسه، يقوم القائدان الجديدان للجماعه بكل ما في وسعهما للحفاظ علي الهدنه مع السعوديه، وهي هدنه اعفت الجماعه من المعامله القاسيه التي تلقّتها جماعات اسلاميه اخري في المنطقه من المملكه، وفي اذار/ مارس 2013، حين صنّفت المملكه جماعه الاخوان المسلمين علي انها منظمه ارهابيه، ابلغ صانعو السياسات السعوديون قاده فرع الجماعه السوري بان هذه الخطوه لن تؤثّر عليهم تاثيرًا مباشرًا، ويُذكَر ان وليد اقام في السعوديه لمده طويله ومارس الطب في عياده في جده قبل ان ينتقل مؤخّرًا الي اسطنبول التي قصدها ليكون قادرًا علي الانخراط في الانشطه السياسيه بشكل افضل، وهو بالتالي يفهم عقليه المملكه بشكل جيد، ويعرف ما الخطوط الحمراء التي لا يجوز ان تتخطاها جماعه الاخوان.

من الناحيه السياسيه التي تم انتقاد اداء الاخوان فيها مرارا، فان ”فاروق طيفور" نائب المراقب العام السابق، ونائب رئيس الائتلاف السابق كان مهندس معظم النظريات لاداء الجماعه السياسي في المجلس الوطني ومن بعده في الائتلاف، وان كان رئيس المكتب السياسي "حسان الهاشمي" اكثر انفتاحًا واوسع رؤيه، الا انه لم يستطع الوقوف في وجه قرارات طيفور الفرديه، والتي باءت معظمها بالفشل واوقعت الجماعه في العديد من المطبات، بعض منها تمثل في ان تتوزع اصوات الجماعه بين فريقين في قرارات الائتلاف.

واذ يعتبر طيفور نفسه الوجه السياسي للجماعه الذي لعب دورًا سياسيًا مهما في ادائه كنائب لرئيس الائتلاف؛ الامر الذي اشعل عددًا من الخلافات في الراي داخل صفوف القياده، ذكرها رافاييل واصفًا اياها بـ"الانقسامات في صفوف الجماعه" والذي وصل الي الحد الذي يصف به طيفور المراقب العام السابق بـ"امر الصرف" في بعض كلامه، متهمًا اياه بافلاس الجماعه.

البعض تحدث بان الانقسامات في صفوف القيادات، والتي تتمثل بشكلها الاكبر بين طيفور وشقفه، ادت الي الاطاحه بالاسمين من صفوف القياده الجديده التي تسربت اسماؤها دون اي تغييرات جمّه تذكر.

احد التحديات التي تواجهها جماعه الاخوان في سوريه هو تجديد الاجيال الذي ينبغي ان تخوضه اذا ما ارادت ان تبقي قوه سياسيه مهمه في المعارضه السوريه.

يبدو ان الزعيم الجديد يدرك ان مهمته الداخليه الاولي تكمن في ابقاء الشباب في فلك جماعه الاخوان، من خلال منحهم مناصب كبري وتوجيههم نحو مستقبل باهر داخل الجماعه، ففي كلمته الاولي بعد انتخابه، شدّد وليد علي اهميه تعزيز دور الشباب في المنظمه، لكن صدقيته سوف تعتمد الي حدٍّ كبير علي عدد الصلاحيات التي سينقلها الي نائبه حسام الغضبان.

ومع القرار الذي صدر في 11 نوفمبر 2014، اطلق مجلس الشوري رساله واضحه مفادها ان جماعه الاخوان "بدات اخيرًا بكتابه فصل جديد في تاريخها"، وبحسب تعليق احد الشباب المقربين من الاخوان السوريين، فيبدو ان “الفصل الجديد” من تاريخ الجماعه تمثل في اعاده انتخاب سبعيني للقياده، ومحاوله ارضاء الشباب بمنصب نائب للمراقب؛ الامر الذي لم ينجح، والذي اختار شباب الاخوان التزام الصمت حياله.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل