تهاوي أسعار النفط.. السعودية المتضرر والمستفيد

تواصل اسعار النفط هبوطها لتصل هذا الاسبوع الي ادني مستوياتها منذ خمس سنوات، حيث وصل سعر البرميل الي 62 دولار، وقد ينخفض مجددا، علي ما يتوقع مراقبون.

هذا التهاوي في الاسعار والذي بدا منذ سته اشهر تقريبا اصبحت تداعياته علي اقتصاديات الدول المنتجه والمصدره للنفط تتخذ ابعادا خطيره.

ففي احدث رده فعل، حذر محافظ بنك الجزائر،  محمد لكصاسي،امس، من تاثير استمرار تدهور اسعار النفط العالميه علي قدره الجزائر الماليه علي مقاومه الصدمات في ميزان المدفوعات الخارجيه.

ياتي هذا التحذير في وقت شهدت فيه اسواق الاسهم الماليه في السعوديه وقطر والامارات والكويت مزيدا من الهبوط. ووصلت خسائر البورصات الخليجيه الي نحو 150 مليار دولار منذ نهايه اكتوبر الماضي.

سوق المال السعودي اكبر متضرر

وقد كانت السعوديه، اكبر مصدر للنفط في العالم، اكبر متضرر من تهاوي اسعار النفط، حيث انخفض المؤشر الرئيسي للسوق السعوديه 3.3 بالمائه الي 8119 نقطه، مسجلا ادني مستوياته في 13 شهرا.

ولتسليط الضوء عن اسباب تراجع اسعار النفط المتواصل، علي الرغم من تراجع الحصه الانتاجيه لعدد من الدول علي غرار ليبيا والعراق بسبب الاضطرابات والسياسيه في هاذين البلدين يقول الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور فهد بن جمعه: "اري بان الاسباب وراء انخفاض اسعار النفط اقتصاديه بالاساس: فهناك ارتفاع كبير في العرض، فيما يطغي علي الطلب التباطؤ. ذلك ان النمو الاقتصادي في الصين والاتحاد الاوروبي ضعيف، فيما يشهد الدولار ارتفاعا ملحوظا. والعلاقه بين ارتفاع الدولار وانخفاض اسعار النفط علاقه عكسيه، فعندما يرتفع الدولار ينخفض سعر النفط. هذه هي العوامل الاساسيه المحدده لاسعار النفط."

وعن طفره العرض مقابل قله الطلب في اسواق النفط العالميه يوضح الخبير الذي يشغل ايضا منصب عضو في مجلس الشوري: "منظمه الاوبيك ملتزمه بسقف الانتاج وهو 30 مليون برميل نفط يوميا. الاحصائيات تشير الي ان هناك اكثر من مليوني برميل نفط فائض في سوق النفط، فما بالك لو تعود ليبيا للانتاج، التي لا يتجاوز انتجاها حاليا 700 برميل نفط يوميا، الي مليون و600 الف برميل نفط يوميا."

ويعزو بن جمعه فائض العرض الي تطور مهم الا وهو استغناء الولايات المتحده عن استيراد النفط، بحيث يقول: "الولايات المتحده كانت تستورد من نيجيريا اكثر من 400 الف برميل نفط يوميا، والان لا تستورد الولايات المتحده شيئا. ولبيع نفطها، اصبحت نيجيريا تتوجه كغيرها من دول منظمه الاوبيك الي الاسواق الاسيويه، لتتنافس بين بعضها البعض علي نفس الاسواق."

ويضيف قائلا: "التقديرات للعام القادم تقول بان الطلب لن يتجاوز 800 الف مليون برميل يوميا. وهذا طبعا ضعيف للغايه."

بيد ان من المفارقه ان منظمه الاوبيك رفضت في اجتماعها في نوفمبر الماضي خفض معدل سقف الانتاج لتدارك الفائض في الانتاج علي خلفيه رفض السعوديه خفض حصتها في الانتاج. هذا الموقف يعزوه مانويل فرونديل، وهو خبير مختص في الطاقه من المعهد الالماني للابحاث الاقتصاديه في مدينه ايسن، الي تغيير السعوديين لاستراتيجيتهم النفطيه الاقتصاديه.

ويقول فرونديل في حوار مع اذاعه دويتشلاند فونك الالمانيه: "قامت السعوديه في سبتمبر الماضي برفع الانتاج للحفاظ علي المستوي المنخفض للاسعار وتعزيز مكانتها في السوق."

ويضيف قائلا: "اعتقد ان السعوديه تتبع هنا استراتيجه متوسطه المدي للحيلوله دون دخول منافسين جدد الي السوق علي غرار النفط الصخري الامريكي الذي تعد تكاليف استخراجه عاليه جدا. ومن خلال توفير مزيد من النفط مقابل اسعار منخفضه تسعي السعوديه الي الحيلوله دون استخراج مزيد من النفط الصخري في الولايات المتحده."

فهل استراتيجيه السعوديه اقتصاديه بحته ام تحركها ايضا دوافع سياسيه؟ هذا علي الاقل ما يعتقده الروس. ففي مقال لصحيفه "نيزافيسيمايا غزيتا" الروسيه، يعود تاريخه الي نهايه اكتوبر الماضي، وُجهت اتهامات الي السعوديه والولايات المتحده بالترتيب لتشديد الضغوط علي كل من روسيا وايران علي خلفيه دورهما في الملف السوري ودور موسكو في الاضطرابات التي تشهدها اوكرانيا.

وهو سيناريو لا يستبعده الدكتور خطار ابو دياب، الخبير في شؤون الشرق الاوسط، بحيث يقول: "في الماضي، وبعد انكشاف الارشيف الديبلوماسي تبيّن ان المملكه العربية السعودية لعبت مع اداره ريغن في مساله اسقاط الاتحاد السوفييتي السابق بالضربه القاضيه خلال الحرب البارده لان خفض اسعار النفط ادي الي انهيار كبير في الاقتصاد السوفييتي."

ويؤكد دياب ان تداعيات انخفاض اسعار النفط سيكون لها وقع اكبر علي دول محدده غير دول الخليج، بحيث يقول: "اكبر المتضررين هي روسيا. قد لاحظنا انهيار الروبل وان الاقتصاد الروسي غير قادر علي استيعاب الصدمه الخاصه بالنسبه لشركاتها الكبري، شركات النفط والغاز التي تتساقط اسهمها.

وبالدرجه الثانيه ايران التي تعودت علي العقوبات وعلي لغه العقوبات. لكن ومع الضغط علي الاسعار، فان ايران المتورطه في اكثر من منطقه في الشرق الاوسط، ستعاني ميزاينتها اكثر." ويتابع بالقول: "السعوديه والخليج بالاجمال قطر والامارات والكويت لديها امكانيه للصمود لمده سنتين علي الاقل مع هذا المستوي للاسعار."

وبالتالي، فان فرضيه ان تكون لتمسك السعوديه بحصتها في الانتاج وعدم تخفيضها رغم وجود فائض في العرض قد تكون له ايضا اهداف سياسيه. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: الا تضر السعوديه نفسها من خلال هذه الاستراتيجه خاصه وان اقتصادها يعتمد بنسبه 90 بالمائه علي عائدات النفط؟ "بعكس العديد من اعضاء منظمه اوبيك، فان السعوديه لديها مدخرات واحتياطات مهمه من عائداتها النفطيه ما يمكنها من تغطيه مصاريفها والحيلوله دون السقوط في عجز مالي لعده سنوات،" علي ما يؤكد الخبير الالماني مانويل فرونديل.

اما الدكتور فهد جمعه فيشدد علي انه لا وجود لبدائل اخري للسعوديه في الوقت الحالي سوي مواصله استراتيجيتها، بحيث يقول: "البدائل بالنسبه للسعوديه هي المحافظه علي حصتها وتجعل العرض والطلب يحدد الاسعار. ليس هناك من بديل غير السوق. وللسعوديه احتياطي نقدي 2,7 تريليون ريال سعودي ما يكفيها لعدد من السنوات."

ف.تايمز: السعوديه تتلاعب باسعار النفط لتقليم اظافر ايران

وكاله الطاقه الدوليه تخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي علي النفط في 2015

مع انهيار اسعار النفط.. محلل اسرائيلي: دنت نهايه الخليج