المحتوى الرئيسى

سياسة شرق السويس البريطانية الجديدة

12/15 15:49

اقرا ايضا: اقتصاديات التخلف مخاطر ظاهره التعذيب في العالم العربى اردوغان من النموذج الي المحظور داعش واسرائيل قواعد الحكم وسلوك المعارضه في مصر

في الاسبوع الاول من ديسمبر 2014 اعلنت بريطانيا انها اقامت قاعدة بحرية عسكريه في البحرين حتي تبدا مرحله جديده من العوده النشيطه الي الاهتمام بقضايا المنطقه وقد اطلقت الصحف البريطانيه علي هذه السياسه الجديده سياسه شرق السويس الجديده فما هي سياسه شرق السويس القديمه باعتبار انها جزء اساسي في تاريخ المنطقة العربية الحديث وحدود المقارنه بين سياسه شرق السويس في الحالتين ومدي جدواها في ظروف تحول النظام الدولي وظهور قوي اقليميه جديده بعباره اخري كيف نقرا البيئه السياسيه الجديده في المنطقه من المنظور الجيوسياسي.

سياسه شرق السويس هي السياسه التي اتبعتها بريطانيا عندما كانت قناه السويس هي الحد الفاصل بين الممتلكات البريطانيه في الهند وبين اوروبا حيث كان حفر قناه السويس قد احدث نقله هائله في الاستراتيجيه الدوليه من النواحي العسكريه والسياسيه والاقتصاديه والتجاريه .ويكفي ان نشير الي ان بريطانيا عندما ظفرت من محمد علي باشا بامتياز البوسطه الخديويه عبر بورسعيد قبل حفر القناه فقد منحت الملكه البريطانيه لمحمد علي هدايا قيمه من المجوهرات ورساله نادره تقديراً لامتنانها لهذه الخدمه الكبري ولذلك عندما افتتحت قناه السويس بادرت بريطانيا الي شراء الجزء الاكبر من اسهمها بل ان بريطانيا اقنعت الخديوي اسماعيل بان يبيع حصه مصر لاسهم القناه لبريطانيا مما اوغر صدر فرنسا فلجات الي التحكيم وكان المحكم الوحيد الذي اختاره الخديوي اسماعيل هو امبراطور فرنسا صديقه نابليون الثالث الذي قضي بتعويض فرنسا بملايين الفرنكات الفرنسيه والتي اسهمت في تفاقم الديون المصريه التي استخدمت ذريعه لاحتلال مصر، ثم ان بريطانيا احتلت مصر لاسباب كثيره من اهمها السيطره علي قناه السويس حتي تضمن انسياب مصالحها في شرق القناه وفي غربها .

وقد ادت الحرب العالميه الثانيه الي انكشاف الاسد البريطاني والامبراطوريه التي لا تغيب عنها الشمس فاصبحت بريطانيا العظمي عاجزه عن الانفاق علي شبكه المصالح البريطانيه والترتيبات الدفاعيه شرق قناه السويس وظلت تكابر لاكثر من عقدين خاصه وان الولايات المتحده كانت قد بدات سياسه رسميه للحلول محل الامبراطوريات الاوروبيه الفانيه وكانت الحلقه الاخيره من تصفيه الممتلكات البريطانيه خارج الجزر البريطانية هو الانسحاب من منطقة الخليج حيث كانت تهيمن هيمنه كامله علي مقدرات هذه المشيخات من مضيق هرمز جنوباً الي العراق ثم الاردن وفلسطين ومصر وليبيا والممتلكات الافريقيه وذلك ابتداءا من عام1819 . وفي 16 يناير 1968 اعلنت حكومه العمال البريطانيه سياسه جديده في شرق السويس وهي الانسحاب الكامل منها خلال ثلاث سنوات واشاعت الكتابات الغربيه في ذلك الوقت ان الفراغ الذي تتركه بريطانيا لابد من شغله عن طريق الولايات المتحده وبالفعل اعلن هنري كسنجر مستشار الامن القومي الامريكي في ذلك الوقت في صيف 1968 ما يسمي بالخطه الكبري grand design  وبموجب هذه الخطه تشرف واشنطن علي الخليج لكي تحمي المصالح البتروليه والاستراتيجيه وامن دوله العربيه الجديده ضد ما كان يسمي حين ذاك التسلل الشيوعي الي الخليج . وللخطه ثلاثه اضلع، ضلع تتولاه السعوديه يمثل الجانب العربي بعد هزيمه مصر الفادحه عام 1967 حيث تحدثت السعوديه باسم العالم العربي منذ ذلك الوقت وحتي الان ليس فقط في الخليج وانما في كل القضايا. والضلع الثاني يمثله ايران – الشاه الذي عين شرطياً علي الخليج. والضلع الثالث هو الولايات المتحده وهذا الترتيب الذي اغفل العراق ادي الي الصدامات المتتاليه بين العراق وايران ثم قامت الثوره الاسلاميه في ايران وغيرت المبادئ الجيوسياسيه للمنطقه وانهت الخطه الكبري التي وضعها كيسنجر.

والمعلوم ان سياسه شرق السويس التي انتهت بالانسحاب البريطاني من الخليج في نهايه عام 1970 حيث اتفقت بريطانيا وايران سراً علي ان تسلم بريطانيا لايران جزيرتي طنب الصغري والكبري مقابل تخلي ايران عن دعواها في البحرين وهو الامر الذي تم في استفتاء نظمته الامم المتحده في سبتمبر 1970 حيث اختار شعب البحرين الاستقلال.

اما علي المستوي الخليجي فقد كان رد الفعل مختلفاً حيث جددت ايران دعواها علي البحرين التي استمرت اكثر من قرن ونصف . وكانت بريطانيا هي التي تصدت لايران في هذه القضيه علي النحو الذي سجلت كتب التاريخ تفاصيله، بل ان بريطانيا اقتسمت ايران مع الامبراطوريه الروسيه منذ عام 1907 بعد هزيمه روسيا امام اليابان وهذه الهزيمه هي التي ادت في النهايه الي تعملق اليابان الذي فوجئت به واشنطن في مؤتمر القوي البحريه في واشنطن عام 1922 وما تبع ذلك من الصدام المروع بين اليابان والولايات المتحده في بيرل هاربر 1941 .

اما الجانب العربي ، فقد حاول ان يشكل تكتلاً من المشيخات التي احتلتها بريطانيا وانسحبت منها وهي قطر والبحرين والامارات المتصالحه علي ساحل عمان اي الامارات المكونه الان لدولة الامارات العربية المتحدة حيث كانت الكويت قد استقلت عن بريطانيا مبكراً منذ عام 1962 وكانت تلك بدايه سياسه شرق السويس الجديده في ذلك الوقت. بدات محاولات التكتل الخليجي بانشاء اتحاد بين دبي وابو ظبي في 18 فبراير 1968 اي بعد اعلان بريطانيا الانسحاب من المنطقه بشهر واحد ثم بدات الامارات التسع مشروع اتحاد الامارات العربيه الذي انهار في اجتماع المجلس الاعلي في اكتوبر 1970 وكان الموضوع هو اطروحتي لدرجه  الماجستير وكنت اتمني  ان ينجح ولكن فشله قد اسرع الخطي لانهاء الرساله وتقديمها للمناقشه والتي تصدر قريبا في كتاب بعنوان الامارات العربيه التسع من التبعيه الي الاستقلال حيث استقلت عمان هي الاخري من بريطانيا عام 1970 وخلافه السلطان قابوس بن سعيد والده في حكم البلاد.

واذا كانت سياسه شرق السويس الاولي تعني التخفف من التزامات بريطانيا في كل المنطقه الواقعه شرق قناه السويس وخاصه في الخليج رغم ان بريطانيا العظمي كانت تهيمن هيمنه مطلقه علي مقدرات الخليج وعلي بتروله منذ ابرمت مع هذه المشيخات بما فيها الكويت ما يسمي تاريخياً بالاتفاقيات المانعه منذ عام 1892 التي جعلت التصرف في امور الخليج حكراً علي بريطانيا العظمي ، فان سياسه شرق السويس الجديده تتسم بثلاثه خصائص، الخصيصه الاولي انها عوده لتحمل مسؤليات الدفاع عن دول الخليج ضد ايران الاسلاميه وليس ضد الشيوعيه كما كان الامر في الخمسينيات والستينيات. الخصيصه الثانيه، ان سياسه شرق السويس القديمه كانت تعني التخفف من الالتزامات الدفاعيه والماليه والسياسيه، اما شرق السويس الجديده فتعني العكس مع ملاحظه انه كان يمكن لبريطانيا ان تنفق علي هذه الالتزامات من دخول المستعمرات الاخري حيث لم يكن في الخليج سوي البترول منخفض الثمن. الخصيصه الثالثه، هي ان رحيل بريطانيا كان ايذانا بشيخوختها وحلول القوه الفتيه الاميركيه الجديده محلها، اما الان فان بريطانيا تحاول ان تعوض  انسحاب الولايات المتحده الجزئي من الشرق الأوسط باكمله الي اسيا والمحيط الهادي.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل