'مقبرة رام الله'.. هنا تقدم جثامين الموتى درسا في التسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين

تقدم جثامين الموتي في "مقبره رام الله"، الواقعه بالمنطقه الفاصله بين مدينتي رام الله وبيتونيا بالضفة الغربية المحتله، درسا في اسمي معاني التسامح الديني والوحده الوطنيه، ففي رام الله لم يقتصر العمل علي تاكيد روح التعايش السلمي علي الاحياء فقط، بل تمتد الي قبورهم بعد الموت ليدفن المسيحي بجوار المسلم في مقابر مشتركه هي الاولي علي مستوي الوطن العربى والمنطقه تم تخصيص نصفها للمسلمين والنصف الآخر للمسيحيين، وكانك تسمع الموتي يقولون "نحن كابناء وطن واحد نعيش معا، ناكل معا، نتعلم معا، نفرح معا ونحزن معا، فلماذا يفصل بيننا الموت"؟.

وقبل انشاء "مقبره رام الله"، القريبه من معسكر "عوفر" الاسرائيلي، لم يكن مسلم واحد مدفونا في المدينه سوي الشاعر الكبير محمود درويش، وفي المقابل تكاد تكون المقبره المسيحيه الكائنه في منطقه الماصيون برام الله ممتلئه عن اخرها بالموتي ولا يوجد اي اماكن للجثامين القادمه، وهو ما دفع بلديه رام الله في عام 2010 للتفكير في انشاء مقابر مشتركه للمسلمين والمسيحيين، تعبر وتؤكد علي روح التعايش السلمي والوحده الوطنيه بينهما.

ويؤكد المهندس عمر عساف عضو مجلس بلديه رام الله، في حديثه لموفد وكاله انباء الشرق الاوسط، ان فكره انشاء مقبره رام الله المشتركه جاءت انطلاقا من روح الوحده الوطنيه ووحده الشعب والتاخي بين المسلمين والمسيحين، حيث يعيش الطرفان علي نفس الارض وفي نفس الظروف ويلقون معا نفس المصير، فلماذا يفرقون بين جثامين موتاهم في القبور.

ومنذ افتتاح المقبره في 2010، اشار عساف الي ان عمليات الدفن مستمره سواء من المسلمين او من المسيحيين، كما انه سيتم خلال الفتره المقبله انشاء مسجد وكنيسه لتسهيل الصلاه علي الموتي من الجانبين، وهو ما يعبر عن اسمي ايات التعايش والتاخي.

اما عن مقبره المسيحيين الممتلئه في الماصيون، اكد عضو مجلس بلديه رام الله انه تم اغلاق المقبره تماما الشهر الماضي ولن تستقبل بعد ذلك اي جثامين للموتي حيث انها امتلات عن اخرها، ويتم تحويل كل عمليات الدفن الي مقبره رام الله المشتركه الجديده والتي تكفي لاستيعاب الموتي لفتره تتراوح من 20 الي 30 سنه قادمه.

وجاء اعلان اغلاق مقبره المسيحيين في الماصيون بعد الاتفاق بين رئيس بلديه رام الله المهندس موسي حديد، ورؤساء الكنائس راعي كنيسه الروم الارثوذكس الارشمندريت غلاكتيون عواد، راعي كنيسه الروم الارثوذكس الاب يعقوب خوري، راعي كنيسه الرجاء الانجيليه اللوثريه القس عماد حداد، راعي كنيسه الروم الملكيين الكاثوليك الارشمندريت عبد الله يوليو، راعي كنيسه العائله المقدسه للاتين الاب ابراهيم الشوملي، راعي كنيسه الاقباط الارثوذكس الاب ارسانيوس الاورشليمي وراعي الكنيسه الانجيليه الاسقفيه العربيه الاب فادي دياب، والذين عبروا عن ارتياحهم لهذا القرار.

وتعهدت البلديه بمواصله عمليات التجميل والتشجير لمقبره الماصيون، لتكون موقعا مناسبا ولائقا لزياره الموتي، علي ان تستمر كافه الكنائس في اقامه الشعائر الدينيه كالمعتاد في المقبره.

من جانبه، قال المهندس سامي عويضه المشرف علي تصميم المقبره ان المرحله الاولي والتي تم الانتهاء منها تبلغ مساحتها 18 الف متر مربع من بينها موقف للسيارات مساحته 3 الاف متر مربع، فضلا عن مساحات اخري للشوارع التي تخدم الوصول الي المقبره وتسهيل الحركه حولها، وكذلك تشتمل علي مبني للاداره وحديقه صغيره.

وعدد الجثامين المدفونه في المقبره حاليا حوالي 50 جثمانا للمسيحيين و25 جثمانا للمسلمين، فيما يتراوح اجمالي القدره الاستيعابيه للمقبره من 1200 الي 1500 قبر للمسلمين والمسيحيين، مشيرا الي انه سيتم البدء في تصميم المرحله الثانيه لاحقا بالرغم من ان عدد القبور التي تم تصميمها في المرحله الاولي يكفي لفترات طويله لدفن الموتي من المسلمين والمسيحيين.

ومما يزيد "مقبره رام الله" شرفا واحتراما انه تم في عام 2012 دفن رفات 9 من شهداء عمليه "سافوي" الشهيره في تاريخ المقاومه الفلسطينيه والتي ادت الي تفجير فندق اسرائيلي يحمل الاسم ذاته وسط مدينه تل ابيب عام 1975، وذلك بعد 37 عاما من احتجاز سلطات الاحتلال الاسرائيلي لجثامين الشهداء بمقابر الارقام.