المحتوى الرئيسى

الانتفاضة الأولى.. أبيض وأسود في عيون إسرائيلية

12/10 00:06

لم تتوقع القياده الاسرائيليه ان الاحتجاجات التي اندلعت في فلسطين، عام 1987، مع تشييع جثامين 4 عمال، ووصلت الي منزل الحاكم العسكري في الضفه، يمكن ان تفعل شيئا جديدا، فهي لا تزيد علي كونها غضبا، سيذهب لحال سبيله مع الوقت، حتي ان المسؤول الاسرائيلي عن منطقه جباليا، رفض طلب عدد من قاده الجيش الحصول علي دعم، لفض تلك الاحتجاجات، واكد ان الحياه ستعود لطبيعتها قريبا، ورفض فرض حظر التجول.

الحجاره السلاح الرسمي للانتفاضه الاولي- ارشيف

وفي اليوم التالي لتشييع الجثامين، وبالتحديد يوم التاسع من ديسمبر، كانت البدايه الحقيقيه للإنتفاضة الفلسطينية الاولي التي مر عليها 27 عاما، حيث رفض معظم سكان جباليا والضفة الغربية التوجه الي اماكن عملهم، ما سبب شللا في بعض المرافق الاسرائيليه، وتجول المتظاهرون في شوارع غزه داعين لثوره، وحاول الجيش الاسرائيلي فض تلك الحشود والمظاهرات بالقوه، لكنهم فوجؤوا حينها بوابل من الحجاره يحيطهم من كل حدب وصوب.

نساء غزه في مواجهه الجيش الاسرائيلي- ارشيف

وصل التجاهل الاسرائيلي للاحتجاجات حينها ذروته، بتوجه وزير الدفاع، اسحاق رابين، الي نيويورك، وترك الامر لرئيس الوزراء، اسحاق شامير، الذي تولي وزاره الدفاع بالانابه، رغم عدم وجود اي خلفيه عسكريه لديه، ما ساعد علي سرعه انتشار الانتفاضه في ربوع فلسطين، وحينما وصل رابين نيويورك، لم يكلف خاطره بالتحدث عن الانتفاضه ودواعيها وكان همه الاكبر اتمام صفقه اسلحه لاسرائيل، مع حليفتها الولايات المتحده، وحينما عاد رابين الي تل ابيب خطب في الكنيست قائلا: "سنفرض القانون والنظام في اسرائيل، حتي لو كنا سنعاني لفعل ذلك". واضاف: "سنكسر ايديهم وارجلهم لو توجّب ذلك".

وكانت الممارسات الاسرائيليه سببا رئيسيا في اندلاع الانتفاضه، فبعد احتلال دام نحو 40 عاما، لم تنجح المقاومه في استعاده ارض فلسطين، فكان الخيار الوحيد لديها، هو استمرار وتصعيد المقاومه، فلم تكن انتفاضه الحجاره وليده المصادفه اذن، اذ سبقتها مقدمات كثيره.

اعلنت اسرائيل القدس عاصمه ابديه لها عام 1967، بالتزامن مع السيطره علي سيناء والجولان والضفه، لتتسع اطماع الاحتلال، ويبدا الاسرائيليون في ترسيخ الاستيطان، بتوسيع رقعه البناء حول القدس، واحاطتها بالعديد من البنايات اليهوديه لتفويت الفرصه علي الفلسطينيين لاستردادها مره اخري. ومنذ 1967 حتي 1987 والحكومة الإسرائيلية تحاول زياده رقعه الاستيطان، وتثبيت دعائم الدوله العبريه، في حين لم تسفر المفاوضات عن اي نتائج لاسترداد القدس، فكان الخيار الوحيد امام الشعب الفلسطيني: الحجاره، وبدات شراره الانتفاضة الأولى في نوفمبر عام 1987، بتنفيذ عمليه الطائرات الشراعيه.

اطفال الحجاره وقود الانتفاضه الاولي- ارشيف

تعتبر هذه العمليه من انجح العمليات، كما وصفها قائد لواء جولاني في هذا الفتره، حينما ادي التحيه العسكريه لجثه احد منفذي العمليه، ليدهش جميع الاسرائيليين، فكيف يؤدي قائد لواء عسكري التحيه لشخص قتل من الجنود الاسرائيليين عددا كبيرا.

غلاف صحيفه يديعوت احرونوت يوم 27.11.1987

ليله الخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 1987، كانت اسرائيل علي موعد مع تنفيذ عمليه تكاد تكون مستحيله، نفّذ العمليه شخصان عربيان، لا يحملان الهويه الفلسطينيه، وانما يحملان العربيه، وهما تونسي يدعي ميلود نجاح، ومقاتل سوري اسمه خالد محمد اكر، انضما للجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين، وفي الثامنه والنصف مساء، ادي نجاح واكر التحيه لقادتهم في الجبهه، وحلّقا بطائراتهم الشراعيه فوق المنطقه العازله التي يسيطر عليها جيش لبنان الجنوبي.

احد الجنود الاسرائيليين يفحص الطائره الشراعيه

وفي المنطقه العازله تحديدا، حدث عطل في طائره ميلود نجاح، فاضطر للهبوط الاضطراري، ما تسبب في التواء كاحل قدمه، والتحم مع بعض الجنود الاسرائيليين، ونجح في قتل 5 منهم، لكن طائره اكر استمرت في التحليق حتي وصلت الي معسكر "جيبور" قرب "بيت هيلال"، الذي يضم العديد من الجنود الاسرائيليين، وهبط اكر وحمل مدفعه الكلاشنكوف، ومسدسيا في يده الاخري، ووصل الي بوابه المعسكر الاسرائيلي، وفوجئ الجنود بمقاتل امامهم، يواجههم بشجاعه حتي قنص منهم 6، واصاب نحو 20 اخرين، لكنه قتل في النهايه، وكان لهذه العمليه صدي اوسع لدي الجبهه الشعبيه في فلسطين، وكانت حافزا كبيرا للمقاومه والشراره الاولي التي سبقت اندلاع الانتفاضه بنحو 12 يوما.

القوات الإسرائيلية تصل الي مكان الطائره الشراعيه

وبالرغم من اعتراف قائد جولاني ببساله المقاتلين الا ان الاعلام الاسرائيلي قلل من حجم العمليه، واعتبرها خطا في الترتيبات، حتي ان العنوان الرئيسي لصحيفه "يديعوت احرونوت" وقتها كان اقتباسا من تعليق وزير الدفاع اسحاق رابين علي الحادث: "رابين: كانت هناك حاله تاهب للعمل التخريبي لكننا لم نتخذ التدابير اللازمه".

بعد عمليه ليله الطائرات الشراعيه التي احدثت صدي واسعا، كان السبب المباشر الثاني والاساسي هو قيام شاحنه اسرائيليه كبيره بدهس سياره عمال فلسطينيه، وبالتحديد ليله التاسع من ديسمبر 1987، ما اسفر عن مقتل 4 فلسطينيين واصابه 7 اخرين من سكان مخيم جباليا، ولم تنجح الشرطه الاسرائيليه -علي حد زعمها- في القاء القبض علي سائق الحافله.

ومع تشييع جثامين الفلسطينيين في جباليا انتشرت المقاومه حتي وصلت اصداؤها الي الضفه الغربيه، ووصل الاحتجاج الي منزل الحاكم الاسرائيلي العسكري، وتوالي سقوط الجرحي والقتلي، لتستمر الانتفاضه حتي يوم الــ 13 من ديسمبر من نفس العام.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل