المحتوى الرئيسى

دراسة أثرية تكشف أسرار الاحتفالات الأوليمبية

12/03 16:21

كشفت دراسة آثرية جديدة للدكتور حسام المسيرى أستاذ الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ عن أسرار الألعاب والاحتفالات الأولمبية ، التى تقام كل 4 سنوات موضحاً أن الأصل فى هذه المسابقات جاء من أسطورة يونانية للبطل اليونانى بيلوبس الذى اطلق اسمه على منطقة البلوبونيز .

حيث تذكر الأسطورة أن بيلوبس تقدم للزواج من هيوداميا ابنة ملك بيسا الذى كان يتحدى كل من يتقدم للزواج من ابنته فى سباق العربات ، وكان يهزم كل من يتقدم ومن يهزمه يقتله ، وعندما تقدم بيلوبس طالباً يد ابنته احتال بيلوبس على الملك واتفق مع سائق عربته لتخريب عربة الملك قبل بداية السباق ، فانقلبت عربة الملك أثناء السباق ومات الملك الظالم وفاز بيلوبس بالعروس والمملكة وبعد موت بيلوبس عبد كبطل محلى لمنطقة اليس قبل عبادة المعبود زيوس بهذه المنطقة ، وأقيمت عند موته ألعاباً جنائزية تعتبر أصل الاحتفال الأولمبى وتشارك فيه القبائل المجاورة .

يعرض الدكتور حسام المسيرى لمظاهر الاحتفالات الآولمبية التى كانت تقام فى يوم واحد ثم تطورت لخمسة أيام تبدأ من يوم 12 إلى يوم 16 من شهر الاحتفال ويشتمل البرنامج على طقوس دينية وألعاب رياضية واحتفالات .

وكان يتجمع الحكام واللاعبون والمدربون فى صباح اليوم الأول بمبنى مجلس الشيوخ ” البولتريون” أمام تمثال المعبود زيوس هوركيس معبود القسم ، ويقسم أمامه اللاعبون والمدربون بعدم استعمال وسائل غير قانونية لإحراز الفوز ، وأنهم تدربوا لمدة 10 شهور قبل بداية الاحتفال ، وهذا يشير لضرورة التدريب مدة كافية قبل المجئ للمسابقات فى أوليمبيا .

كما يقسم الحكام بأن يحكموا بالعدل ويحافظوا على أسرار المتنافسين

ثم تقام مسابقات للمذيعين ونافخى البوق بالقرب من مدخل الأستاديوم وقدمت تلك المسابقة لأول مرة فى الألعاب الأوليمبية رقم 96 فى عام 396ق.م. والغرض منها إظهار مهارة الذين اسندت إليهم تلك الوظائف بعدها تقام مسابقات للناشئين تحت 18 سنة وتشمل مسابقات الجرى لمسافة 200م والمصارعة والخماسى التى تتكون من خمسة ألعاب .

وفى اليوم الثانى تقام المسابقات للرجال وتشمل الخيول والعربات ولعبة الخماسى ويحتشد الجمهور منذ الصباح الباكر فى الهيبودروم ويتحرك موكب كبير من مبنى البريتانيون تجاه الهيبودروم ، وأولاً يأتى الحكام بزيهم الإرجوانى وعلى رؤسهم الضفائر ثم المذيع ونافخى البوق والموظفين الرسميين ثم المتنافسون تليهم العربات والخيول أمامهم ، وأثناء ذلك يعلن المذيع اسم كل متسابق واسم والده ومدينته ثم يعلن افتتاح الألعاب الرياضية بسباق العربات التى يجرها أربعة خيول وقدمت تلك المسابقة فى أوليمبيا لآول مرة فى الأولمبياد 25 عام 680 ق.م. يليه سباق الفروسية .

ويلى ذلك لعبة الخماسى وكانت من خمسة ألعاب الجرى والوثب العالى ورمى القرص والمصارعة والملاكمة وكانت كل الألعاب تقام فى الاستاديوم عدا المصارعة التى تقام فى الفضاء بجوار المذبح وقدمت لعبة الخماسى لأول مرة فى الأولمبياد 18 عام 708ق.م. ولهذه اللعبة ثلاثة حكام ويتجمع الفائزون مساء هذا اليوم مكللين بالزهور تحت ضوء القمر حول مذبح زيوس ينشدون أغانى الانتصار على أنغام الفلوت والقيثارة يتبعها ولائم يقدمها الفائزون لأصدقائهم .

ويعرض د. حسام لليوم الثالث للأولمبياد يوم اكتمال القمر يوم 14 من الشهر ، وهو اليوم الرئيسى للاحتفال حيث يتم الاحتفال بتقديم القربان للمعبود زيوس ويتحرك الموكب من البريتانيون على رأسه الحكام فالموظفون يليهم العرافون والكهنة ثم المشاهدون يحملون القرابين .

يليهم الوفود الرسمية للمدن اليونانية يحملون أوانى ذهبية وفضية وكان هذا الموكب فرصة للمدن اليونانية لإظهار عظمتها وثرائها ، ثم يأتى بعدهم المتنافسون والمدربون وأصدقائهم ثم العربات والفرسان ويتحرك الموكب إلى معبد زيوس ، ثم يتجه للمذبح الكبير حيث يتم ذبح مائة ثور وتحرق أجزاء من هذه الذبائح ، ثم تنقل بقيتها إلى البريتانيون لإعداد المأدبة العامة وفى ظهر هذا اليوم كانت تقام مسابقات الجرى من ثلاثة أنواع الأولى لمسافة استاديا أى 200م والجرى المزدوج لمسافة 2 استاديا والجرى لمسافات طويلة .

ويتابع الدكتور حسام بأن اليوم الرابع كان مخصصاً للألعاب العنيفة ففى الصباح المصارعة ومنتصف النهار الملاكمة ، تليها المصارعة الحرة ويختتم اليوم بسباق الجرى الحربى ويرتدى فيه المتنافسون رداءاً حربياً كاملاً ، وفى اليوم الخامس وهو اليوم الأخير يتحرك موكب كبير من الفائزين مكللين بتيجان النصر وكان أيضاً يتوج الفائز فى كل لعبة بعد فوزه مباشرة وفى عصر هوميروس كانت الجوائز تمنح بعد كل لعبة تجاه معبد زيوس للاحتفال بفوزهم ويبدأ الجمهور المحتشد فى الرحيل بفك الخيام والأكشاك .

والجائزة الوحيدة التى تمنح للفائز إكليل من شجر الغار ومنذ ذلك الوقت قبل كل احتفال يتجه طفل يونانى الأصل إلى الغابة المقدسة خلف معبد زيوس ، ويقطع أفرع من الغار بمنجل من الذهب وتوضع تلك الجوائز على مائدة من العاج والذهب توضع بجوار مقاعد الحكام حفظت فى معبد هيرا .

وبعد انتهاء كل لعبة يعلن المذيع اسم الفائز ومدينته ويتقدم رابطاً رأسه بشريط ويضع الحكم على رأسه إكليل الغار ويصفق الجمهور وينثر عليه أطواق الزهور وكان أكبر شرف للرياضى اليونانى الحصول على هذا الإكليل الأوليمبى .

رغم أن هذه الجائزة تعتبر رمزية ولكن هناك تكريم آخر لكل لاعب بمدينته حيث يدخل الفائز الأوليمبى مدينته مرتدياً رداءاً أرجوانياً مثل الملوك فى موكب كبير راكباً عربة تجرها أربعة خيول وحوله عربات لأهل مدينته ينثرون عليه الزهور ، ويدخل المدينة من خلال قوس نصر صنع خصيصاً لكى تمر عربته من خلاله ثم يتوجه الموكب لمعبد المدينة لإهداء إكليل الفوز لمعبود المدينة .

يليه مأدبة للفائز يمتدحه الشعراء وتمنح له الجوائز المالية وكانت فى أثينا قيمتها 500 دراخمة طبقاً لقانون سولون وأحياناً يسمح للفائز بتناوله طعامه مجاناً فى البريتانيوم مدى الحياة وأحياناً يمنح له شرف الجلوس فى الصف الأول فى الاجتماعات وفى المسرح وكانت تقام له التماثيل الشخصية .

تميز الاحتفال الأولمبى بشهرته العالمية القديمة وجذب المتنافسين من كافة أنحاء اليونان ليس من البلوبونيز فقط ولكن من المستعمرات اليونانية فى الشرق والغرب وساهم موقع أولمبيا فى ربط البلوبونيز بغرب البحر المتوسط ، وأصبحت أولمبيا مركزاً لكل الشعب اليونانى يجتمع فيها الفقير والنبيل مما أدى لسيادة روح الديمقراطية كما كان هذا الاحتفال فرصة لعقد الاتفاقات والمعاهدات ، وكانت شروط هدنة الثلاثين عاماً بين أسبرطة وأثينا مسجلة على لوحة فى أولمبيا وكذلك معاهدة المائة عام بين أثينا وأرجوس كانت تجدد فى أولمبيا .

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل