نقد الحركة الإسلامية من الخارج: العراق نموذجًا (1/2)

الصوره: اول اسر الاخوان المسلمين في العراق

بات يقينًا لدي انه لا حياه للامه بدون الحركه الاسلاميه الفاعله الناضجه، ولا حياه للحركه الاسلاميه بثوبها الفكري والحركي والتراثي الحالي، والذي لابد من تنقيته وتنظيفه وتجديده من عوائق وعوالق الممارسه الحركيه والموروث التاريخي والتصور الفكري، لتخليه الامه وتحليتها، لتنال ما كتبه الله لها وحفظه التاريخ بين اطلاله، من قوه في ميدان ووسطيه في حركه ورياده في الركب الحضاري وقطار التاريخ، وتعد هذه السطور محاوله في هذا الاتجاه، وهي في الاخير ليست بحثًا ولا كتابًا وانما مقالاً يبحث بالراي الذي يعد صوابًا يحتمل الخطا في نقد الحركه الاسلاميه من الخارج والعراق نموذج فيها.

وواجب الوقت وفريضه الحال في الحركه الاسلاميه هو نقدها الذاتي لنفسها قبل ان ينال منها حقد الايدولوجيين او غدر العملاء الخائنين، والنقد لغه هو التمييز بين الدراهم الصحيحه والزائفه، والنقد المنهجي هو تجاوز حالتي الرفض المطلق والقبول المطلق الي بيان الصواب والخطا وقبول الصواب ورد الخطا، والنقد الذاتي هو نقد فرد اوجماعه لنفسه/ ها، والنقد يختلف عن النقض حيث النقد يتبعه البناء والنقض هدفه الهدم، وتقويم المسار ومراجعه النفس وبيان مواطن العطب والخطا من صفات النفس اللوامه والكيس من دان نفسه وغيره من اتبع هواها، ولوم النفس ومحاسبتها من اهم صفات المسلم المؤمن العامل لدينه ووطنه، والنقد الذاتي هو الفريضه الغائبه والغايه المنشوده من الحركه الاسلاميه والاسلاميين حيث ان تراثهم الفكري والفقهي والسياسي والحركي يحتاج غربله شديده وتنقيح كبير وتنقيه عظيمه، الغث منها والسمين والعطب فيها والجميل، والنقد للبناء وليس للهدم والردم، والنقد لتكتشف نقاط الضعف وعورات النفس وعيوبها واخطائها والاعتراف بها، ثم تتجاوزها الاجيال التي تكمل المسير لتتعلم من درس التاريخ.

والحركه الاسلاميه رغم ان موروثها التراثي عالمي الرساله، الا انها انكمشت في قطريه الحركه والاطار وليست عالميه التنظيم والوسائل، بل انغمست في القطريه الترابيه الضيقه، طبقًا لحدود سايكس بيكو التي رسمها الاعداء - حتي ان التنظيم الدولي لجماعة الأخوان المسلمين ترك لكل قطر حريه التصرف في شئونه الداخليه متعللاً بـ "اهل مكه ادري بشعابها" فكانت الطوام كثيره والمصائب عظيمه - مما ادي الي وجود كثير من المدارس والتصنيفات داخل اطار الحركه الاسلاميه للامه الواحده، كل حسب موطنه الذي نشات فيه الحركه الاسلاميه القطريه وقوميتها بل وايدولوجيتها وحزبيتها ايضًا.

والحركه الاسلاميه في العراق اكثر الامثله وضوحًا علي قطريه الحركه الاسلاميه وتشرذمها وتاطيرها داخل الدوله القطريه، ويظهر ذلك جليًا وواضحًا في تموقعاتها المكانيه واسمائها وحتي اسماء زعمائها وقادتها، فهناك الحركه الاسلاميه الكرديه "الاخوان الاكراد والحزب الاسلامي الكرستاني"، والحركه الاسلاميه التركمانيه، فضلاً عن الحركه الاسلاميه السنيه منها والشيعيه في الوسط والجنوب، وهناك من اسماء القاده  ايضًا التكريتي والسامرائي والبغدادي والكردي، كل يدعي وصلاً بليلاه وقوميته وحزبيته وقبيلته!

بدات الحركه الاسلاميه مبكرًا في العراق علي شكل تنظيمات اسلاميه، والتي كانت لا تنتهج الحاكميه كمنهج فكري وايديولوجي وهدف من اهدافها مثل "حزب العهد" الذي تاسس في بغداد عإم 1914 وتزعمه الشيخ"محمد سعيد النقشبندي" وكان الحزب فكره" نوري باشا سعيد" رئيس الوزراء، وقبل حزب "العهد" كان "النقشبندي" رئيسًا لحزب "المشوره" الذب تاسس بعد اعلان الدستور العثماني 1908.

وعرف العالم الإسلامى تسميه "الاخوان" في اكثر من جماعه اشهرها في القرن العاشر الميلادي "اخوان الصفا وخلان الوفا" بالبصره، وهم جماعه من فلاسفه المسلمين والذين ارادوا التوفيق بين الحقائق الفلسفيه والعقائد الاسلاميه، واهتموا بالعلم والفلسفه والسياسه، ثم اُطلق الاسم علي "اخوان من اطاع الله" بنجد والذين اصبحوا القوه الضاربه بجيش الدوله السعوديه الاولي، واخيرًا اطلقها الشيخ "حسن البنا" علي جماعه "الاخوان المسلمين".

والسنه في العراق عمومًا يتمذهبون بالمذهبين الشافعي والحنفي، فيما عدا مدينه الزبير جنوب البصره، التي ينحدر اهلها من نجد ويتمذهبون بالمذهب الحنبلي، ومن المعروف ان الحركة الوهابية وُلِدت في بيئه حنبليه نجديه، والعراق عرف حاله عداء للوهابيه بسبب الغارات الكثيره التي شنها الاخوان الوهابيون علي العراق، سواء في المناطق الحضريه او في مواطن العشائر المنتشره علي اطراف الصحراء الفاصله بين العراق والمملكه العربيه السعوديه.

من المهم كذلك ملاحظه ان النموذج الاكثر راديكاليه للاسلام السياسي السني، الذي مثّله حزب التحرير الإسلامي (تاسس عام 1953)، وكان في مرحله سابقه علي ظهور السلفيه الجهاديه بصيغتها القائمه اليوم، لم يُصبْ، تنظيميًا، نجاحًا كبيرًا في العراق، وللسلفيه العراقيه طابعها المميز، فهي يغلب عليها الطابع التقليدي العلمي الذي يتعامل مع الشيعه ولا يكفرهم كالسلفيه الوهابيه، ويرجع البعض ان العراق لم يعرف السلفيه الجهاديه الا بعد ان اشعل النظام الحاكم الصراع الطائفب، وقام بما يسمي "الحمله الايمانيه" التي اصابت الدوله بجميع مؤسساتها حتي حزب البعث نفسه.

بدات جماعه "الاخوان المسلمين" العمل في العراق 1944 علي يد الشيخين "محمد محمود الصواف" و"امجد الزهاوي" - الظل العلمائي للحركه - باسم جمعيه "الاخوه الاسلاميه" بالتزامن مع مجهود دعوي كبير لرجلين من اهل العلم هما "حسين كمال الدين" و"محمد عبد الحميد احمد" من اخوان مصر المغتربين في العراق، ثم انشاوا جمعيه "انقاذ فلسطين" عام 1947 والتي كانت قضيه فلسطين قضيتهم المركزيه مما اثر علي اهتمامهم بالشان الداخلي للعراقيين، ثم اعلنوا عام 1960 عن واجهتهم السياسيه "الحزب الإسلامي العراقي" حيث تم حله علي يد حكومه قاسم عبد الكريم 1961، وبعد مجيء حزب البعث الي السلطه تعرض الاخوان للملاحقه واُعتقل عدد كبير من نشطائهم، واُعدم عدد اخر مثل عبد العزيز البدري ومحمد فرج وعبد العزيز شنداله، وبعد مغادره الشيخ الصواف للعراق نهائيًا خلفه د/ عبد الكريم زيدان في منصبه بقياده الجماعه، وراي البعض عدم صلاحيته كقياده للجماعه لان الاصلح له البحث الاكاديمي والتاليف والدعوه وليس الاداره والقياده، حيث تعرض لمضايقات عده وبقي في منزله تحت الاقامه شبه الجبريه مده تزيد علي عشر سنوات، رحل بعدها الي اليمن ليستقر هناك.

الصوره: اول اسر الاخوان المسلمين في العراق

ونشط الاخوان في عمل سري ودعوي، وفي عام 1991 اعلن الحزب الاسلامي اعاده احياء نفسه من جديد في بريطانيا واصدر صحيفه "دار السلام" واُنتخب "اياد السامرائي" امينًا عامًا للحزب، وظهرت في التسعينيات موجه اسلاميه كبري تمثلت في التدين والاقبال علي المساجد وبناء المساجد باعداد كبيره، ونشر الكتاب الإسلامي والانشطه الاسلاميه في المساجد والجامعات والعمل الخيري والاغاثي والاجتماعي، وكان لضعف النظام السياسي في العراق بعد حرب الخليج الثانيه اثر كبير في نشاط الحركه الاسلاميه في العراق، فقد تراجعت الملاحقه الامنيه وسُمح لهم بالعمل العام والدعوي والاجتماعي، وقد شاركوا في مؤتمر لندن والذي يقضي بالموافقه علي اسقاط الامريكيين لحكم صدام وكذلك مؤتمر صلاح الدين، وسقطت العراق في ايدي الاحتلال الامريكب عام 2003 فاعاد الحزب تنظيم نفسه من جديد.

- الموسوعه التاريخيه الرسميه للإخوان المسلمين "الاخوان المسلمين في العراق" "الحزب الاسلامي في العراق".

- رساله محمد احمد الراشد "نقض المنطق السلمي".

- مائه عام علي الإسلام السياسي في العراق "راشدالخيون".