المحتوى الرئيسى

فيروز.. مسيرة صوت ملائكي 80 عاما بجوار القمر

11/21 09:56

تخطو فيروز علي مهل عتبه عامها الثمانين، بعد ان قضت مسيره حافله بالاغنيات والمسرحيات والنجاحات، ولدت باسم "نهاد رزق وديع حدّاد" في 21 نوفمبر عام 1935، في زقاق البلاط ببيروت.

صوت فيروز ملائكي؛ لم تلوثه سنوات الحروب والضيق في المجتمع العربي، صوت دافئ يفيض باشجار لبنان واَرزه وانهاره العذبه، صوت يبحث في تفاصيله عن الانسان ولحظاته المنسيه.

بذلك الصوت الشجي الذي يسرق النجوم من مواضعها، اكتشفها الرائد محمد فليفل، احد مؤسسي معهد "الكونسرفتوار" اللبناني، حينما كانت تنشد التراتيل واغنيات ليلي مراد واسمهان، مزجت فيروز بين الموهبه والدراسه، فانطلقت بسرعه فائقه الي سُلم الشهره، لتصبح واحده من اعلام الغناء العربي.

كانت كلمه السر في الاخوين عاصي ومنصور الرحباني، حيث امن عاصي بموهبتها، وبدا معا في التاسيس لمرحله جديده من الموسيقي المغايره عن السائد في لبنان، خرجت اغنيات فيروز في البدايه نقيه وتفيض بتفاصيل الضيعه وجبال لبنان الخضراء.

من البوم (انا وسهرانه) غنت فيروز (شال)

تنوعت مسيره فيروز بين نجوميه الملحن "حليم الرومي" بالاضافه الي رؤيه عاصي ومنصور الرحباني وعمق سعيد عقل وزكي ناصيف، اغنيات الخمسينات التي قدمتها فيروز، لعبت علي شكل جديد يتميز بالقصر ومرونه المحتوي، تقول الحكايه ان اول اغنيه قدمتها "فيروز" حملت عنوان "حبذا يا غروب" وهي قصيده للشاعر "قبلان مكرزل".

لعبت فيروز دورا كبيرا في الاغنيه الوطنيه بلبنان، بالاضافه الي تطويرها لتراث الريف مع الاخوين رحباني، كانت تلك النغمه واضحه في البومات (الدبكات) و(لبنان الحقيقي جاي) و(معكم).

بجانب الاخوين رحباني ادت فيروز مجموعه من الاغنيات المميزه، مع المحلن "فليمون وهبي"، الذي وظف امكنيات صوتها جيدا، وكانت موسيقاه تمتاز بالبساطه والرقه، الحانه الفيروزيه كانت شديده الثراء، من بينها: يا داره دوري فينا، وجايبلي سلام، ويا مرسال المراسيل، ومن عز النوم بتسرقني.

خايف اقول اللي في قلبي

كان لفيروز اهتماما خاصا بالتراث العربي، وشكلّت مع الرحابنه موجه جديده للحفاظ علي التراث، فذهبت الي الاندلسيات والموشحات العربيه، حافظت علي تسلسل الكلمات مع التطوير في التوزيع الموسيقي ومرونه اللحن، وكان من ابرز اغنيات تلك الموجه: جاءت معذبتي، وجادك الغيث، وكذلك يا شدي الالحان.

تعرفت صاحبه الصوت الملائكي علي موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب، والذي افتتن بوصتها الشجي، وانتج التعاون بينهما مجموعه من اجمل اغنيات فيروز كما وصفها "زياد الرحباني" في احد لقاءاته، وقال عنها ان اغنيات مثل سكن الليل، وجاره الوادي، وخايف اقول اللي في قلبي من امتع ما غنّت هي.

عُرفتْ فيروز بالالتزام في فنها، بحثت عن كل ما هو اصيل وراقٍ، مع الشاعر اللبناني المُغتربْ جبران خليل جبران، ادت "اعطني الناي وغني" من قصيدته الطويله "المواكب"، ووقتما ذهبت فيروز الي لاس فيجاس بالولايات المتحده عام 1999، بهدف اقامه حفل غنائي، وبمجرد ان سمع الجمهور "الطلّه" الابتدائيه للاغنيه، تفاعل معها بشده ما بين الغناء والتصفيق والاشاده.

اهم ما يميز مسيره فيروز مع الرحابنه هو المسرح الغنائي، وحاول الرحابنه مع فيروز اعاده صياغه الحياه اليوميه من جديد عن طريق خشبه المسرح، مسرحيات اشبه باسكيتشات طويله دراميه تتوزع بين الفواصل الغنائيه، ومن خلال المسرح تمكنوا من تقديم فنهم بحريه تامه؛ ما بين نقد المجتمع والسخريه من بعض الاوضاع غير المفهومه من قبل الحكومات، واستعملت تلك المسرحيات العاميه اللبنانيه بشكل اساسي.

وتظل الاغنيات التي ادتها فيروز لفنان الشعب "سيد درويش" من افضل ما ابدعت، فمن يُمكنه ان ينسي "زوروني كل سنه مره" او "طلعت يا محلي نورها"، تلك الاسكيتشات الغنائيه التي تعبر عن بساطه الشخصيه المصريه.

المسرحيات التي شاركت فيها فيروز كوّنت حاله فنيه فريده؛ فالديالوجات التي شاركت فيها نصري شمس الدين ووديع الصافي في مسرحيات "ميس الريم" عام 1975، "هاله والملك" 1967، و"لولو"، و"قصيده حب" خلقت بصمه فنيه لا يُمكنْ تجاوزها.

من مسرحيه (قصيده حب) غنت فيروز (باب البوابه)

اغنيات فيروز كانت حاضره في كل مكان، وفي مسرحياتها المتنوعه غنّت لمناسباتٍ عدّه، ولكل فصول العام تقريبا، من اخر ايام الصيفيه لرجعت الشتويّه، فعلاقتها بعاصي الرحباني كانت تتجاوز حيّز الزوج والرفيق، فتلك الحاله الفنيه هي التي انتجت المسرحيه الشهيره (ناس من ورق) عام 1972، وتركوا لنا تسجيلا نادرا عن احد حوارات المسرحيه بعنوان (ماريا وشكور) يظهر مدي خصوصيه الترابط بينهما.

في مسرحيه المحطه عام 1973، كانت اغنيه (سالوني الناس) حاضره بقوه، فاللحن الذي نفذه زياد الرحباني علي طريقه التخت مع الشجن الغنائي لفيروز جعلا من الاغنيه تركبيه مميزه، وتدوالت الاوساط الغنائيه سالوني الناس، وبدا زياد الرحباني في ابراز مهارته الفنيه في التلحين، خصوصا وانه تعاون مع فيروز في (قد ايش كان في ناس).

بعد وفاه عاصي الرحباني عام 1986، لعب زياد الابن دورا بارزا في تطوير الاغنيه لدي فيروز، حيث اصبحت اكثر تحررا ومرونه واظهرت خفه دم في العديد من الاغاني القائمه علي السخريه، كما ارتجلت بعض المقاطع لاضافه لون جديد الي الاغنيه الملتزمه.

في البوم (كيفك انت) كان هناك تسجيلا مبهجا لبروفه الاغنيه مع زياد، بالاضافه الي مقطع جميل عن الليل فقط (يالليل).

زياد اعاد فيروز الي الطفوله، في بيت الدين جلب الاوركسترا، وعلي عيون "عليا" غنوا هدير البوسطه، مزيج رائع بين الكلاسيكيه الغربيه وخفه الظل الشرقيه، وتبقي بصمات زياد مع فيروز متوصله خصوصا في (معرفتي فيك) و(عودك رنان) و(ومش كان هيك تكون).

نرشح لك

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل