المحتوى الرئيسى

«الشرق الأوسط» تمضي يوما في ضيافة «الإتيكيت»

11/21 01:25

تشتهر سويسرا بطبيعتها الخلابه، وشبكه قطاراتها المتطوره، وعراقه مدنها ومنتجعاتها الشتويه ومراكزها المتخصصه بالصحه وسياحه لا تضاهيها سياحه، ولكن ما يميز سويسرا ايضا انتشار اهم المدارس العالميه، فيكفي ان تذكر بانك خريج احدي مدارس سويسرا، وما يعرفه قله هو ان سويسرا تشتهر ايضا بمدارس متخصصه بقواعد التشريفات او ما يعرف عالميا باصول الـ«اتيكيت»، وتعتبر مدرسه «سورفال» الواقعه علي مشارف بحيرة جنيف في منطقه مونترو التابعه للكانتون الفرنسي من اهم واعرق مدارس البنات المتخصصه بهذا النوع من التعليم، والتلميذات هن بنات العائلات الارستقراطيه والملكيه من كل بقاع الارض، ومهمه مدرسه «سورفال» Surval الي جانب اتباع المناهج البريطانيه والاميركيه المعترف بها دوليا، مهمتها ايضا تكمن في تحويل الفتاه الي سيده مجتمع وصانعه قرار رائده في محيطها وفي بلادها وحتي عائلتها التي تحمل اسمها.

«الشرق الاوسط» اول صحيفه عربيه تزور مدرسه عريقه متخصصه بالـ«اتيكيت» في سويسرا، والتجربه كانت اكثر من رائعه، وبدات الرحله فعليا بعد وصولنا الي منطقه مونترو التي تعتبر موطن فريدي ميركيري ومهرجانات الموسيقي والجاز، وعنوان الشوكولاته والابداعات العلميه المتطوره التي تصب في مصلحه الباحثين عن الجمال الازلي والطبابه المتقدمه.

مونترو صغيره الحجم، وهي تتسكع علي ضفاف بحيره ليمان، ومن وسطها التجاري تشق طريقا جبليا لتصل الي اعلاه. حيث يتصدر مبني مدرسه «سورفال» اعلي القمه المطله علي اجمل المناظر الطبيعيه، فعندما تري المبني من الخارج بطرازه المعماري التاريخي سوف تقول في نفسك «تلميذات محظوظات» فهن يعشن وياكلن ويشربن ويتعلمن علي ايدي اهم المعلمين والمعلمات، وليس هذا كله انما ينعمن بتلك المناظر الخلابه، فهن ينمن ويستيقظن علي روعه جبال الالب المكلله بالثلوج علي مدار اشهر السنه التي تجدها حارسه لمياه البحيره النظيفه.

هدف الزياره كان التعرف علي برنامج المدرسه وطرق التعليم ولا سيما تعليم الاتيكيت، والتعرف اكثر الي الفتيات، فهذا النوع من المدارس ليس مصمما لاي احد، فمن هن تلك المحظوظات، وماذا داخل هذا المبني الجميل؟

في الطريق الي المدرسه دارت في راسي عده افكار من بينها: هل هندامي سيتناسب مع اصول اتيكيت اللباس؟ هل معلمه تلك الماده صارمه واشبه بتلك السيدات المتعاليات والمتعجرفات من قرون غابره؟ الا ان المفاجاه كانت غير ذلك تماما، فاستقبلتنا معلمه الاتيكيت السويسريه انيتا فالي بابتسامه عريضه ورحبت بي بالقول: «لا تقلقي اعرف بما يدور في داخلك، الاتيكيت ليس لكسر الاشياء انما لتحسينها»، وبعدها استقبلتني مديره المدرسه البريطانيه بينيلوبي بيني التي تحمل في جعبتها سنوات من الخبره في اداره مدرسه «هابيرداشرذ» التي تعتبر من بين ثالث اكبر واهم مدارس البنات في بريطانيا.

مدرسه سورفال اسست عام 1961 علي يد جورجيت اندريا وكانت تعرف باسم «لو بونسيونا سورفال» وكانت في بادئ الامر في شاليه سويسري اخذت المدرسه لاحقا اسمها «سورفال» منها، وكانت المدرسه في فتره الستينات مخصصه للاتيكيت فقط ولكن وبعد 3 سنوات علي تاسيسها انتقلت الي «كلارين» وبعد تسجيل نجاحات منقطعه النظير انتقلت المدرسه الي اجمل نقطه في «غليون»، وفي عام 2000 اضيفت البرامج التعليميه الثانويه الاميركيه الي منهج المدرسه لتصبح بذلك من اهم المدارس الداخليه المتخصصه بالتعليم الثانوي والاتيكيت.

وتقول بيني مديره المدرسه ان «المدرسه مميزه لانها لا تستقبل اكثر من 42 فتاه، كما ان البرنامج مكثف مع امكانيه تفصيل الدراسه علي مقاس كل تلميذه وذلك لان المدرسه عالميه ويجب ان يكون التعليم متوافقا مع المنهج التعليمي الذي يختلف من بلد الي اخر».

واشارت بيني الي ان المدرسه تمنح الفتيات في نهايه سنوات التعليم شهاده علي مستوي عال، لان الفتيات يكتسبن العلم والمعرفه والاتيكيت الذي يمكن تطبيقه في حياتهن اليوميه. كما شرحت عن اساليب التعليم المختلفه التي تصب في نهايه المطاف في استخراج اجمل ما تتمتع به الفتيات ولو كانت ليست علي درايه بانها تملك موهبه ما، وياتي دور المدرسه ليصقل تلك المواهب ويجعل الفتاه جاهزه لمعترك الحياه.

المدرسه تستقبل الفتيات من سن 13 ولغايه سن 19، وهناك دوره مكثفه للاتيكيت في مايو (ايار) المقبل، تستمر لمده 3 اسابيع، ويشدد البرنامج علي حصص تعليم الطهي علي يد الطاهي روجيه وجميع اوجه الاتيكيت المختلفه.

كما تستقبل المدرسه الفتيات اللاتي انهين دراستهن الثانويه ويردن تمضيه عام كامل لصقل مواهبهن وممارستهن الادبيات الاجتماعيه، وهذا ما يعرف بـ«Gap Year».

ومن بين البرامج التي تشدد عليها المدرسه، الطهي والفن والتاريخ والثقافه والالعاب والنشاطات الرياضيه والرقص وتعليم اللغتين الفرنسيه والانجليزيه.

وتقول معلمه الاتيكيت انيتا فالي، ان «الفتيات يتعلمن الاتيكيت العملي، فهناك عده حصص متخصصه بتعليم فن تنسيق الزهور، وفن تنظيم مائده الطعام، وادبيات المجتمع وتعلم اللغه وصقل اللهجه ايضا بالاضافه الي حصص لتعليم تصفيف الشعر وتنسيق الملابس»، وتقول فالي ان «كل هذه الدروس تهيئ الفتاه لتصبح سيده مجتمع من الطراز الاول».

وعن هويه تلك التلميذات تقول فالي «انهن فتيات ارستقراطيات وبنات عائلات نافذه وبنات سفراء ودبلوماسيين واميرات ايضا، وهن بالغالب ياتين من المكسيك والصين وروسيا والهند بالاضافه الي جنسيات اخري مثل الجنسيه الاميركيه او من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي وفي بعض الاحيان تنضم فتيات لفتره قصيره في موسم الصيف (Summer Camp) وتنضم الي هذا البرنامج فتيات عده ياتين لتمضيه فتره الصيف»، وقالت فاليه: «كانت من بين التلميذات المميزات الصيف الماضي فتيات من الجنسيه اللبنانيه والايرانيه والسعوديه».

وتقول فالي ان «النتيجه في نهايه السنه او الموسم الدراسي تكون واضحه تماما، فعندما تتم الفتاه دروسها تتحول تلقائيا الي نسخه معدله لذاتها، ويلاحظ الاهل تحسنا ونضوجا لافتا في شخصيه الفتاه».

والجميل في المدرسه هو ان التلميذات من جنسيات مختلفه وبالتالي يساهم هذا التنوع الثقافي في تنميه شخصياتهن، وتعلق هنا مديره المدرسه بالقول: «سورفال لا تناسب جميع الفتيات، لذا فمن المهم ان تاتي الفتاه برغبه منها، وغالبا ما تكون البدايه صعبه بعض الشيء، فلا يمكننا ان نتجاهل الواقع الذي ياتين منه، فالفتيات يتحدرن من ارقي العائلات وفي بعض الاحيان من العائلات المالكه، فبعضهن لا يتقبل النصيحه ولا الانضباط ولكن سرعان ما يتاقلمن بالوضع وجو المدرسه».

وبعد دردشه طويله مع المديره ومعلمه الاتيكيت، كان لا بد من ان نضع خبرتنا الخاصه بادبيات المجتمع بشكل تطبيقي، فتم استدعاؤنا لتناول الغداء علي طريقه «الاتيكيت»، وهذه فرصه لرؤيه الفتيات وهن يطبقن الاتيكيت بحذافيره.

الطاوله كانت انيقه، ومنسقه بشكل مناسب، وكان من اللافت رؤيه فالي وهي تقيس المسافه ما بين الصحن وطرف الطاوله للتاكد بانها صحيحه وانها لا تتعدي حجم اليد، وبعد التاكد من ان الشوك والسكاكين في مواقعها الصحيحه، واختيار اللغه التي سنتحدث بها لانه وبحسب ما سمعنا من فالي، فمن الضروري اختيار لغه واحده نتكلم بها خلال الجلسه شرط ان تكون مفهومه من قبل الجميع، حان وقت الاكل والتعرف الي بعض من الفتيات، فتكلمنا الي كارولينا البالغه من العمر 17 عاما وهي من المكسيك، ولفتني ذوق وادب تلك الفتيات واستماعهن لانتقادات وملاحظات المعلمه، وفي سؤالهن عما اذا كن يشعرن بالارتياح في المدرسه، اجمعن علي ان «سورفال» مدرسه رائعه كما انهن يعتقدن بان المدرسه بمثابه بيتهن الثاني خاصه وانهن يقمن فيها، في غرف تتسع كل منها لفتاتين.

هناك عده نشاطات تقوم بها الفتيات، من لغات وموسيقي ورقص ورسم.. مما اجبر احدي الفتيات بالاعتذار لمغادره الطاوله قبل انتهاء زميلاتها من الاكل، واعتذرت بطريقه مهذبه جدا لا تشبه طريقه تكلم المراهقات في المدارس العاديه.

برنامج الفتيات اليومي يبدا من الساعه السابعه والنصف صباحا ولغايه الساعه الرابعه والنصف من بعد الظهر، لا يوجد زي مدرسي موحد، وهذا يساعد الفتيات علي الشعور بالحريه وكانهن في بيوتهن، وبعد انتهاء الدروس تتمكن الفتيات من الدرس في غرفه المكتبه المفتوحه للجميع، وبعدها يسمح لهن بالتوجه الي وسط مونترو للتسوق او زياره المسنين، وهذه الزياره هي من ضمن درس الاتيكيت الذي يعلم الفتيات كيف يقمن بتاسيس ودعم جمعيات خيريه. ويبدو ان زياره دار المسنين هي من اكثر النشاطات المحببه الي قلوب التلميذات.

وخلال فرصه نهايه الاسبوع تستطيع الفتيات السفر الي برشلونه او مناطق سويسريه اخري لممارسه هواياتهن المفضله مثل التزلج علي الماء والثلج وتسلق الجبال ورياضات جبليه كثيره اخري.

* برامج علي مقاس كل منهن

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل