المحتوى الرئيسى

سيكولوجيا قطر | المصري اليوم

11/20 21:39

رغم نداء المصالحه العربيه الصادر عن الرياض، والمؤمن عليه من القاهره الا ان احدًا لن يتجاوز- بسهوله- الندوب التي خلّفتها معركه السنوات الماضيه بين الدوحه وعده عواصم عربية كبري.

فالتلاسن بين الاطراف جميعًا وصل منتهاه.. والتشاتم عبر الوكلاء الاعلاميين بلغ القاع.. وحرب التسريبات هنا وهناك كشفت مكنون الصدور.

يري البعض ان سلوك الدول نسخه من سلوك الافراد.

بعض الدول تغار، بعضها متعاون محب، بعضها متزن، بعضها عيي، بعضها ذكي، بعضها وصولي، بعضها وضيع..

الخلاصه ان كل دوله تتحرك باجندتها السياسيه وبـ«شخصيتها».

ولما احكمت الجغرافيا خناقها حول قطر، فوضعتها بين ايران والسعوديه، كان لابد من رده فعل نفسيه كي تعوض هذه «الخنقه» الجغرافيه والسياسيه والمعنويه.

بدا سلوك قطر السياسي اشبه بطفل الفصل المشاكس، الذي يحاول تعطيل الدروس باي طريقه، فقط لاجل لفت انظار المدرسين اليه.

فكانت ذارع مشاكستها «الجزيره»، ثم تحالفها مع الاخوان، ثم تطييب العلاقه بتركيا، ثم مد اواصر الود –وما فوق الود- بينها وبين تنظيمات ارهابيه مسلحه.

وكان لمشاكستها تعطيل مسير الامور علي هوي اللاعبين الكبار في المنطقه.. ثم كان ان تطور الامر الي حد التنغيص عليهم، ثم حرق اعصابهم تمامًا.

شخصيه اعلاميه بارزه، مقيمه في قطر منذ سنوات طوال، قال لي- او هكذا فهمت مما قاله- ان قطر تعاقب مصر لان مصر لم تحتضنها، فتسبغ عليها شيئًا من قوتها وسط العملاقين الجاثمين علي انفاسها.. الرياض وطهران.

حاولت قطر كثيرًا ان تصبح جزءًا من تحالف عربي، يضمها هي ودوله كبري، موغله في التاريخ والعراقه.. وكانت الخيارات تتهاوي تلو الاخري.. العراق وسوريا.. واخيرًا مصر.

كلما امتلكت قطر الادوات سعت لتعظيم دورها في المنطقه.

وفي الدوحه، لا احد يابه لكل هذه المعارك السياسيه الطاحنه، فالمواطن القطري هادئ مسالم في الاغلب ومنزوٍ علي اموره الشخصيه.. اما الديوان الاميري، فيخوضها حربًا ضروسًا.

وربما كان اوضح البواعث علي سلوك قطر هو المكالمه التي تم تسريبها بين أمير قطر السابق حمد بن خليفه ال ثان، وبين الرئيس الليبي المقتول معمر القذافي، والتي عكست مقدار الضغائن الشخصيه والتاريخيه والعائليه بين ال ثان وال سعود.

اما مع مصر، فالمناوشات قديمه، لغير داع يُذكر او يُفهم.

وبمد الخطوط التاريخيه علي استقامتها، ربما ستصبح اللوحه القطريه اكثر ادهاشًا في قدرتها علي منح تفاصيل خاصه للمشهد.

فقطر تدرس لطلابها ان اسمها مشتق من اسم «قطري بن الفجاءه»، ولو صحت النسبه والاشتقاق.. فربما يكون مدهشًا ان نعرف ان ابن الفجاءه كان احد زعماء الخوارج ورؤوسهم وشعرائهم، وابرز مؤسسي مقولاتهم التاريخيه.

وكان دور الخوارج في «العكننه» علي دوله عبد الله بن الزبير –رضي الله عنهما- في الحجاز، وعلي دوله بني اميه في الشام، تستلهمه قطر في خطاها السياسيه في «العكننه» علي كل اللاعبين الكبار الان.

وكان القدر والخطي والخصومات موروثه.

الي ان جاءت ثوره يناير، فحاولت الدوحه تلطيف العلاقه مع المجلس العسكري، ثم تحولت الي كفيل الاخوان، ثم تبدل كل شيء الي الابد.. بعدما بدا ان قطر وتركيا والاخوان ربما يكون بمقدورهم تبديل خريطه القوي والتحالفات في المنطقه.

تناغمت الادوار بين القاهره والرياض وابوظبي، وتمكن الثلاثي من خلخله حلف الدوحه /الاخوان/ انقره.. ثم بعد اجراءات عقابيه خليجيه، تعهدت قطر بان «تلتزم»، ثم اُخذت العهود المواثيق الغلاظ عليها.

الان ونحن علي مشارف وحده صف عربي، علينا ان نتساءل: هل هي فعلا «وحده»؟ ولاجل ماذا؟

كل ما في الامر ان الاذرع الاعلاميه هنا وهناك ستكف عن الصياح في هذا الاتجاه..

لكن هل اعطي احد قطر احتياجها الاصيل؟ ان تحس بالاهميه والقدره علي التحكم؟ ان تحس انها قادره علي تشكيل المشهد العربي جنبًا الي جنب مع اللاعبين الكبار؟

ما لم تتضمن الصفقه تعويضًا مجزيًا للطفل المشاكس، سيعود مره اخري لتعطيل الدرس، وما لم تدرك القاهره والرياض وابو ظبي ان الدوحه بحاجه فعليه لان تحوز دورًا ما في المنطقه، فان هذه المصالحه ستصبح حبرًا علي ورق مع مرور الايام.

اعطوا قطر احتياجها.. كي لا تنهش فيكم مره اخري!

فالظرف الحالي بطبعه، وقد توالت النكبات علي المنطقه، لا يستدعي تحالفًا يُذكر بين الدول العربية ولا يتطلب «وحده».

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل