المحتوى الرئيسى

إبراهيم عبده .. أول أستاذ صحافة مصري يكشف بلد الـ«نفاقستان»!!

11/18 16:47

ايد ثوره يوليو من امريكا .. ثم حنق عليها بعد التنكر للديمقراطيه

كشف حقائق تاريخ الصحافه .. وفند اخطاء “الحكم العسكري”

صاحب “اقول للسلطان” يخاطب السادات : بالعدل تحيا الامم

عبده يكشف منافقي “لبيك عبدالناصر” و”يوم خلق السادات”!

الصحافه لا تصوب زلات السادات التاريخيه : نوبار باشا .. والطهطاوي!

 يمثل الدكتور ابراهيم عبده ظاهره فريده في تاريخ الاعلام المصري، فهو قد عمل اكاديميا في هذا المجال متخصصاً في تاريخ الصحافه منذ ان تخرج في كليه الاداب في منتصف الثلاثينات من القرن العشرين، ويغريه اساتذته منهم الدكتور طه حسين والاستاذ محمد شفيق غربال بالتخصص في الصحافه.

اعد رسالته للماجستير حول “تاريخ الوقائع المصريه 1828- 1942”، وذهب في بعثه الي الولايات للوقوف علي الجديد في هذا المجال، ثم عاد الي مصر بعد ثوره يوليو 1952 الذي تحمس لها في البدايه وهو في امريكا، ثم يخيب ظنه فيها لانها لم تلتزم باهدافها السته التي اعلنتها، ثم يذهب الي السعوديه والكويت لتدريس الصحافه ثم يعود فينشيء مؤسسه “سجل العرب” التي تخصصت في نشر الاعمال الضخمه كما نشرت اعماله بعد ذلك، وعرف عنه الكتابه اللاذعه الناقده للحكام الذين توالوا علي حكم مصر حتي رحيله سنه 1986

وقد شحت الكتابه عن الدكتور ابراهيم عبده بل انعدمت تماما، وقد اردنا في السطور التاليه ان نرد بعض الجميل له لانه الرائد في مجال تاريخ الصحافه العربيه وتعداه الي العالميه في مصنفات رائعه بديعه حوت المعلومات الدقيقه التي ظل ينقح فيها طبعات حتي رحيله.

 ولد الدكتور ابراهيم عبده في القاهره عام 1913 وتعلم في مدارسها الابتدائيه والثانويه، ثم التحق بكليه الاداب في جامعه فؤاد الاول (القاهره) ليتخصص في الصحافه ويتخرج علي يديه كل اعلام الصحافه في مصر والوطن العربي، ثم يسافر الي امريكا وقامت ثوره يوليو 1952وهو هناك فيعقد مؤتمراً صحفياً اعلن تاييده للثوره ونصب نفسه متحدثاً باسمها وداعياً لها ثم عاد بعد ذلك الي مصر يصطدم بالواقع الاليم والشعارات الجوفاء التي لازمت الثوره والتي حولها جمال عبدالناصر الي انقلاب اثيم بعد ذلك في مارس 1954

 ولم يطق ان يمكث في هذا الجو الذي عاشه المصريون في هذا التوقيت وهو الذي تعود العيش في الجو “الليبرالي” التي عاشته مصر قبل ثوره يوليو ... سافر بعد ذلك للعمل في السعوديه ثم في الكويت ..ثم عاد ليؤسس دار نشر ثقافيه اعلاميه شامله اسماها “سجل العرب”، وقد تطورت هذه الدار حتي ضمت نحو 30 استاذاً جامعياً تخصصوا في اصدار الكتب والموسوعات ..

 يحسب للدكتور عبده انه اول استاذ للصحافه في مصر حيث حصل علي العديد من الشهادات العلميه في هذا المجال من مصر وامريكا كما درس للفن الصحفي وتاريخ الصحافه في جامعه القاهره والعديد من الجامعات العربيه والعالميه، وكان اول عميد لمعهد التحرير والترجمه والصحافه منذ انشائه عام 1939قبل انشاء كليه الاعلام سنه1974 كما اختارته جامعه القاهره استاذا متفرغاً في كليه الاعلام 1982.

حمل عبده علي ثوره يوليو 1952حمله عنيفه وكان شاهداً عياناً علي اخطائها وانتكاساتها فاصدر عده كتب في هذا المجال كان اولها كتاباته الشهير جداً “رسائل من نفاقستان” الذي طبع طبعات عده وتحدثت عنه الصحافه العالميه

 ثم توالت كتبه لتنتقد اخطاء اربعين عاماً من حكم العسكر في مصر بعد انقلاب جمال عبدالناصر علي ثوره يوليو التي كانت تسير تقريباً سيراً طبيعياً حتي تم ازاحه قائد الثوره اللواء محمد نجيب الذي كان يبغي اقامه نظام ديمقراطي تعددي صحي

وكان يريد من الجيش ان يعود الي ثكناته ويتفرغ لمهمته الطبيعيه في حمايه الحدود والدفاع عن الامن القومي المصري الا ان ضباط يوليو راقت في اعينهم لعبه السلطه والسياسه واستولوا علي مؤسسات الدوله وهيمنوا عليها وجعلوا دور مصر تتقزم امام عصابه الصهاينه ما كانت ان تنتصر في مواقع الا بتخاذل وتخلف النظام السياسي التي انتهجته السلطه العسكريه التي كانت تحكم مصر والتي كانت تتعلل بعلل واهيه منها الاستعمار واعوانه في الداخل وخونت كل من يعارضها واتهمته بالعماله والخيانه .

  تعرض الدكتور ابراهيم لمضايقات اثناء عمله في الجامعه مثل غيره الذين تعرضوا لهذا المصير وهم كثر، وفي هذه الشان تقول تلميذته النجيبه عواطف عبدالجليل: “ولم نسعد طويلاً باستاذنا الكبير، فقد سادت الجامعه سحابه من الكابه تدنت فيها الاخلاق الجامعيه وتعثرت العداله السياسيه وتحركت الاطماع الانتهازيه فحولت الساحه العلميه الاكاديميه الي غابه شرسه مظلمه وخرج ابراهيم عبده كالاسد الجريح ويعلن رايه في صراحه وصدق”.

 ارخ الدكتور ابراهيم عبده للصحافه المصريه والعربيه والعالميه في كتب عده اعتمدت علي الدقه والوثيقه وحسن استخدامها، وظهر له في هذا المجال 13 كتاب هم: “تاريخ الطباعة والصحافه خلال الحمله الفرنسيه”، و”تاريخ الوقائع المصريه 1928- 1942)، و”تطور الصحافه المصريه واثرها في النهضتين الفكريه والاجتماعيه”، و”اعلام الصحافه العربيه”، و”حول الصحافه في عصر اسماعيل”، و”جريده الاهرام تاريخ مصر في خمس وسبعين عاماً”، و”“Etudes Journalistques En Europe و”دراسات في الصحافه الاوربيه تاريخ وفن”، و”ابو نظاره امام الصحافه الفكاهيه المصوره وزعيم المسرح في مصر”، و”الصحفي الثائر”، و”روز اليوسف سيره وصحيفه”، و”الصحافه في الولايات المتحده نشاتها وتطورها”.

 ولناخذ علي سبيل المثال لاول كتبه “تاريخ الطباعه والصحافه في مصر خلال الحمله الفرنسيه” الذي صدر في طبعته الاولي سنه 1940، والفه بتكليف من استاذ التاريخ محمد شفيق غربال بعد ان راي تركيز المؤرخين للحمله علي الجانب السياسي والعلمي فقط وندرت التاليف حول هذا العصر اللهم الا من مؤلفات فرنسيه وضعت في القرن 19 وبدايات القرن العشرين وقد شمر الدكتور ابراهيم عبده عن ساعد الجد واستعان بالمصادر والمراجع الاجنبيه والعربيه وان كانت الاخيره لا تشفي الغليل لانها كانت مصنفات اوليه لم تتعمق بعد ..فقرا مؤلفات ومذكرات علماء الحمله الفرنسيه وكتاب “وصف مصر” ..وقدم الدكتور عبده بفصول تمهيديه عن وسائل الاتصال بالجماهير منذ اقدم العصور وحتي الحمله الفرنسيه وعدد طرقا منها كما تطرق لتاريخ المطبعه ثم تحدث عن مطابع وصحافه الحمله الفرنسيه وادوات النشر وعمل المطابع كما تحدث عن صحيفه “لو كورييه دي ليجيبت” وجريده “لا ديكاد اجبسين” وجريده التنبيه ..

ونقف معه في كتاب اخر “تطور الصحافه المصريه واثرها في النهضتين الفكريه والاجتماعيه” الصادر في طبعته الاولي 1944، ويتناول تاريخ الصحافه في مصر منذ نزل بونابرت وادي النيل سنه 1798 الي تاريخ نشر الكتاب عام 1982، ويتضمن ما اصاب الصحافه المصريه - سواء الرسميه اوالشعبيه- في هذه الفتره الطويله من تطور في موضوعها وشكلها، مستندا في ذلك الي الوثائق الرسميه، كما تناول الكتاب العديد من الشخصيات الخالده في تاريخ الصحافه المصريه وما تركوه من اثار لاتزال واضحه في نهج الصحافه المعاصره مثل: اديب اسحاق، ورفاعه الطهطاوي، والشيخ محمد عبده ، والنديم، ومصطفي كامل ، ومصطفي وعلي امين، العقاد، وطه حسين، وحافظ عوض، ومجمد التابعي... وغيرهم ممن اثروا في تاريخ تطور الصحافهالمصريه .

كتابه “تاريخ الوقائع المصريه 1928- 1942” يتطرق لموضوع من الاهميه بمكان لدي الباحثين في كل مناحي الحياه في مصر ابتداء من عهد محمد علي وترجع اهميه عمله هذا الي ان اصله رساله ماجستير ، مما يعني انها دراسه علميه جاده ، وليست موضوعا للمناقشه او للطرح كما ان الموضوع نفسه تعود اهميته الي الدور الذي يمكن ان تقوم الوقائع المصريه لمن يريد ان يعرف او يدرس احوال الحياه المختلفه في مصر . كما يروي ادق التفاصيل لمراحل تطور الجريده والتغيرات التي طرات علي مطبعتها . ولكن الكتاب لم يقسم الي فصول، انما تم توزيع الموضوع علي نقاط بلغت اثنتي عشره نقطه بالاضافه الي خاتمه. وهذه النقاط هي :

 مقدمات الطباعه والصحافه في مصر، جرنال الخديو وديوانه، انشاء الوقائع المصريه وادارتها، سياسه محمد علي في توجيه الوقائع، تحرير الوقائع المصريه، تجديد الوقائع وتعديل نظامها، الوقائع المصريه في عصر الخديو اسماعيل، رساله الوقائع في العصر الجديد، الوقائع صحيفه راي وفكر، تاريخ الوقائع المصريه من سنه 1882 الي ايامنا المعاصره، الوقائع المصريه – القسم البرلماني، الجريده الرسميه الفرنسيه.

وبين الكتاب ان المطبعه التي استخدمت لطباعه الوقائع المصريه ليست هي المطبعه التي احضرها نابوليون بونابرت مع حملته علي مصر، لان مطبعه الحمله عادت الي فرنسا في 1803 . وقد اضطر محمد علي بسبب تطور الحياه علي مستوي العالم وحاجه مصر الماسه الي مطبعه، خاصه في تلك الفتره من تاريخ مصر والتي شهدت معظم واوج انشطه ومحاولات محمد علي لتغيير وجه مصر، وحروبه المختلفه. فالاداره تحتاج الي كتابه الاوامر والتقارير، والجيش يحتاج الي كتب ودراسات لمتطلبات الحركه التعليميه في مصر في تلك الفتره. انشئت مطبعه بولاق ، او المطبعه الاميريه وافتتحت في 1235 هـ / 1819 – 1820 م ،

وانشا محمد علي جريده الوقائع المصريه في 15 رجب 1244 هـ – اي بعد تسع سنوات من تاسيس المطبعه الاميريه – ولم تكن تطبع الوقائع المصريه بانتظام ، فكانت احياناً تطبع عدد واحد في الاسبوع، واحيان اخري ثلاثه اعداد، وفي اوقات اخري يتاخر العدد لاكثر من اسبوع وهكذا، فقد كانت خطواتها الاولي بسيطه وبدائيه، وان كانت تعكس اسلوب محمد علي في الاداره الذي يتمثل في انشاء مؤسسه معينه او نظام معين لفتره محدده لحاجه خاصه ، وتتوقف الحاجه الي هذا النظام او هذه المؤسسه علي حاجه المجتمع من وجهه نظره  ، او علي ما يراه هو مناسباً . وعلي سبيل المثال ، نظام التعليم … الخ وكانت توزع هذه المجله علي افراد العائله الحاكمه وحريم محمد علي ، وعلي كبار رجال الدوله والحكم ، وكبار الضباط ، ورجال الاداره ، ثم علماء الازهر وتلاميذ المدارس ، مجاناً في بادئ الامر ثم تم تحديد سعر رمزي لها بعد ذلك ، كما كانت ترسل الي مواقع الجيش المصري سواء في كريت او في السودان … الخ .

الف الدكتور ابراهيم عبده العديد من الكتب السياسيه التي تنتقد النظام القائم في مصر بعد ثوره يوليو 1952  ومنها كتابه “اقول للسلطان” سنه 1976 موجها حديثه للرئيس محمد أنور السادات مذكره اياه بعهوده التي قطعها علي نفسه في بدايه حكمه حتي عمل علاج ما احدثه حكم سلفه جمال عبالناصر من انتهاكات واهدار لحقوق الانسان، ومن غياب تام لدوله القانون والدستور، فكان اول ما فعله السادات في هذا الاطار ثوره التصحيح في 15مايو 1971التي عزل فيها الفسده من مراكز القوي التي زرعت الشقاء في مصر علي مدار عقدين من الزمان، وكانت نتيجه لهذه الاصلاحات انتصارنا الساحق في حرب اكتوبر المجيده 1973، لانه بالعدل تحيا الامم..ولم يقف عن هذا الحد بل طلب منه عمل انتخابات نزيهه اسوه بما يحدث في الدول المتقدمه صاحبه الديمقراطيات العريقه، ويذكره بان كل نقابه ومؤسسه في مصر تجري فيها الانتخابات الكامله فما بالنا برئاسه الجمهوريه  وهي اولي بذلك، كما يطلب منه الحريه الكامله للصحافه ولاصدار الصحف فهي ضمان للديمقراطيه الكامله ..

  يقول موجها حديثه الي السادات بعدما قال في خطاب له بان سلفه ترك له تركه ثقيله في السياسه والاقتصاد: “وتحولت بذاءات اللسان احيانا الي تجريدات عسكريه - تجريده الي “الكونغو” واخري الي اليمن – او تجريدات سريه تهدف الي انقلاب هنا او انقلاب هناك، فاذا فشلت هذه التجريات السريه فيما تهيات له كانت لا تعود بخفي حنين فتترك بصماتها تدميراً بمنشاه او نسفاً لمصنع او اغتيالا لانسان كما يفعل تلميذه القذافي هذه الايام ...”. (اقول للسلطان ص18).

  ويواصل حديثه: “اما الوضع الاقتصادي المنهار الذي ورثه السادات عن عبدالناصر فقد حدد هذه الكارثه الاقتصاديه وزير ماليتك في بيانه في مجلس الشعب وهو يقدم ميزانيه 1976فقد اعلن اننا خسرنا 16141مليون جنيه منذ هزيمتنا في يوينو 1967وحتي نصرنا في اكتوبر 1973”.. ويعلق عبده علي هذا ويضيف :”ويبدو ان وزير الماليه كان رفيقا بالناس، فلم يرجع الي قبل 1967 فغن السنوات العشر التي سبقت الهزيمه لها هي ايضاً اقتصادها المنهار..وهو اقتصاد لا يعرف تفاصيله احد لان ميزانيات الدوله والقطاع العام كان سراً..كانت اموال الشعب في السنوات العشر تلك تبذر في الحروب وبعثات التدمير هنا وهناك وانشاء السجون والمعتقلات والتجسس علي المواطنين في حياتهم الخاصه والعامه..اموال مصر بذرتها “سياسه تجنيد العملاء والوكلاء وشراء الاقلام واصدار الصحف الماجوره، واستكتاب المرتزقه الذين ياكلون علي كل الموائد وينتقلون من النقيض للنقيض”.

  ثم يذكر نماذج من السرقات ونهب المال العام الذي جري بواسطه الحكام انفسهم وحاشيتهم ولم يتوقف هذا النهب المنظم لثروات مصر حتي بعد رحيل الدكتور عبده بل هو قديم فقد رصده المتنبي في بيته الشهير:

                 نامت نواطير مصر عن ثعالبها ...فقد بشمن وما تفني العناقيد

بالرغم من هذا النهب المنظم والسرقات المستمره فمال مصر موجود لا ينضب ابداً لنها خزائن الارض ..

  هذا هو كتاب للدكتور ابراهيم عبده حاول فيه التاريخ لمصر في عشرين عاماً منذ انقلاب محمد نجيب 23يوليو 1952 الي ثوره التصحيح 15مايو 1971 فاذا هو يكتشف ان ما رجع اليه لا يرقي من معني للوثائق والاسانيد ..رجع فيه الي خطب واحاديث عبدالناصر فلم يجد فيها ضالته المنشوده.. فالرجل وعدنا بالجنه ووعدنا بالرزق الموصول وحدثنا عن حياه للمواطنين مرفهه كريمه ترفع فيها رءوسهم بعد اجيال من الذل والاستعباد! ثم اصدر قرارات تتصل بالحريات ونظام الحكم هي غايه ما يرجوه الرعايا من راعيهم بيد ان شيئاً من ذلك لم يتحقق ولم يوضع قط موضع التنفيذ !

 ثم عاد الي صحف هذا الزمان فاذا هي جميعاً صوره واحده مقالاً واخباراً وتبويباً واعلاناً، وراها جميعا تحمل الطبله والمزمار ..ثم قرا كتباً واوراقاً صدرت عن مصلحه الاستعلامات وعن تحالف قوي الشعب العامله التي يمثلها الاتحاد الاشتراكي، ورجع الي الكتب الرسميه التي توزع علي تلاميذ المدارس وتحكي المفاخر والامجاد، كما رجع الي ما كتبه المرتزقه اللبنانيون ونشروا في بيروت من مؤلفات رعاها سفيرنا ومدهم لطبعها وتوزيعها بملايين الليرات املايين الجنيهات ..الكتب كلها صوره واحده كصحف مصر، وكان يكفي ان يقتصر علي صحيفه واحده يقرؤها المصريون وكتاب واحد تنشره احدي هذه الهيئات، فان المتن سواء في الصحف او الكتب تكرار ثقيل وممل لامجاد وهميه ومغالطات غبيه، لكنها الدعايه الفطيره السمجه التي رسمت وخططت حتي لا يغيب عن الاذان النقر علي الطبله او النفخ في في المزماز .

 وحاول ان يدرس السياسه الخارجيه في عهد عبدالناصر فبدا بقضيه الكونغو وزعيمها “لومومبا” وخصمه “تشومبي” فلم يجد ورقه صادقه تكشف عن هذا النصيب سواء اتصل برجالنا الذين حاربوا او بمالنا الذي بذر وراح هباء..

 اراد ان يعرف بالادله شيئا عن حرب اليمن ..الفيالق التي ذبحت في جبال ذلك البلد التعس السعيد! ومئات الملايين التي صرفت علي التجريده التي امر بها الراحل عبدالناصر واطنان الذهب التي وزعت علي القبائل والمشتريات التي عادت بها الطائرات لحساب اصفياء المشير عبدالحكيم عامر الذين حاربوا من مكاتبهم ومنحوا القلائد تزين صدورهم كانهم ابطال من طرواده او ابطال مقدونيا في عهد الاسكنر ذي القرنين.

 اراد ان يعلم شيئاً عن هذه الاحداث فلم يجد وثيقه تحكي شيئاً ، فكل الوثائق التي تتحدث عن ذلك اما ضائعه واما في بطون اصحابها ، واما في مكان لا يراد ان تنبش فيه الا بعد خمسين عاماً، فقد يسيء النبش الي حي او ميت!.

 لذا لم ييئس الرجل فقد دون علي صفحات كتابه هذا ما راه وعاشه وكان شاهدا عليه ملايين المصريين الذين رزق البؤس والشقاء في هذا العصر الرهيب.

 الف الدكتور ابراهيم عبده كتابه المهم “ومن النفاق ما قتل” بعدما راي سدنه الطغاه في كل العصور يتلونون بلون الحاكم ويغيرون جلدهم في كل عصر ومصر، وظيفتهم هي عزل الحاكم عن الواقع وتلميعه بالباطل حفاظا علي مصالحهم الضيقه جدا، ويعدد مظاهر النفاق في عصر عبدالناصر التي كانت دعائم حكمه تقوم دائما علي اكتاف المنافقين والمستغلين من اهل الثقه.. من كان سبباً في كارثه مصر سنه «1967» انهم المنافقون الذين ادخلوا في روع الرئيس جمال عبدالناصر انه جاء بما لم يجئ به موسي وعيسي ومحمد عليهم الصلاه والسلام قالها محافظ ولم يعاقب علي كفره بل رقي محافظا للعاصمه ثم عين وزيرا بعد ذلك.. ثم من الذي افسد النظام في عهد عبدالناصر المنافقون الذين الفوا اغنيه لاتقال الا في ذكر الله سبحانه وتعالي.. «لبيك عبدالناصر لبيك».. ولم يرحمه المنافقون من نفاقهم يوم وفاته فنشروا صورته تحتضن الكعبه الشريفه وتحتها كتب انه بعث نورا للناس - تماما كما بعث محمد عليه الصلاه والسلام.

ثم ماذا.. رحل عبدالناصر وجاء السادات.. رجلا متواضعا يحني راسه اجلالا لتمثال سلفه في مجلس الامه جاء السادات وفعل العجب حتي استقطب جميع الناس ثم ماذا؟.. استفتح المنافقون دورهم الخالد فبدات الاغاني في تمجيد الرئيس الطيب تنشد في الاذاعه والتلفزيون وعلي سبيل المثال وليس الحصر.. شاهدنا وزير الداخليه النبوي اسماعيل يعلن للرئيس نتيجه الاستفتاءات وقد وقف كانه في محراب وذكر عباره يا سياده الرئيس اكثر من ثلاث وثلاثين مره ولم يستغرق اللقاء اكثر من عشر دقائق!!

 وقد اعتادت المذيعه الكبيره همت مصطفي ان تسجل للرئيس السادات حديثا يوم عيد ميلاده.. ثم رحب بخطي الرئيس السادات منذ الغي الحراسات واغلق السجون والمعتقلات وانتصر في اكتوبر وختم جهاده بكامب ديفيد ومعاهده السلام، ثم بلغ نفاق المنافقين ذروته بعد تلك الاحداث ودعمه نفاق وارد من الولايات المتحده واوربا باعتباره بطلا للسلام وهذا حق فالسلام امنيه مصر والعالم اجمع.. وفي مادبه اقامها الرئيس السادات في واشنطن قام بوش نائب الرئيس ريجان خطيبا فقال.. ان الله سبحانه وتعالي خلق العالم في سته ايام.. كان يخلق كل يوم ملايين البشر وملايين الزواحف والانعام.. ثم خصص سبحانه يوما لخلق السيد المسيح عليه السلام.. وفي يوم خلق الرئيس السادات وما اظنه في ذلك اليوم خلق شيئا اكتفاء بهذا العمل العظيم وكان ضمن الحضور من الصحافه المصريه زميل العمر دكتور مصطفي محمود والكبيره امينه السعيد.. التفت مصطفي محمود وامينه السعيد الي رؤساء تحرير الصحف وقال: اياكم ان ترسلوا بهذا القول الي صحفكم فان نشر كلمه بوش سوف تسيء الي المسلمين والمسيحيين علي السواء.

 وفي اليوم التالي استدعي الرئيس السادات رؤساء التحرير باسم الثغر منشرح الصدر فهو «بشر» وسالهم عن قول بوش وهل استوعبوا كلامه فتقدم منافق منهم وقال ان السيده امينه السعيد ولم يذكر مصطفي محمود نفاقا لمصطفي.. وقال انها نصحت بعدم نشره.. ولكنهم جميعا ارسلوا بذلك الحديث العظيم وقد نشر.. ونظر الرئيس شذرا الي امينه السعيد ولم يقل شيئا. صدقوني ما من احد في العالم يلقي هذا النفاق ويعيش وسط هذا الرياء ويقرا ويسمع انه منزه لايخطئ ما من احد في العالم يحاط بكل هذا النفاق ويبقي علي طبعه الاصيل فلابد ان تغره الدنيا وانه والانبياء علي قدم المساواه. (ومن النفاق ما قتل 1982 – ص 130-131)

  ومثال اخر رواه الدكتور ابراهيم عبده: «عندما قال السادات في خطبه القاها بمناسبه تاسيس جامعه الشعوب العربيه والاسلاميه ان رفاعه الطهطاوي قاد الجماهير لمحاربه الولاه والخديويين، فكتبت للرئيس رساله انبه الي ان الرجل نشا وعاش ومات في حجر السلطه، وانه كان رجل علم، ولم تكن هناك صحف تصل بينه وبين جماهير المصريين، حتي يشتغل هو او غيره من الاعلام بالشئون السياسيه. ومن طريف ما حدث ان الرئيس بعث برسالتي الي كاتب خطبته، ويبدو ان كاتب الخطبه كان قد استعان بصديق في كتابتها فطلب اليه ان يرد علي رسالتي، واذا بي اقرا من غير مناسبه مقاله عن الطهطاوي في احدي صحف الحكومه في 9 ديسمبر 1980 يحدثنا فيها كاتبها ان الطهطاوي ترجم دستور 1866 وانه اول من ذكر في كتبه لفظ (الوطنيه) و(الامه) وبذلك يكون الرجل زعيما سياسيا، مع ان كلمه الامه ذكرها الله تعالي حين قال للمسلمين كنتم خير امه اخرجتم للناس، واستعمل المؤرخون كلمه الوطنيه والوطن قبل ان يولد الطهطاوي بقرون. وهكذا صوروا للرئيس رحمه الله ان الطهطاوي الذي ترجم الدستور بامر من الخديو اسماعيل، زعيم سياسي يقف علي قدم المساواه مع مصطفي كامل وسعد زغلول ومصطفي النحاس».  (ومن النفاق ما قتل 1982 – ص 133)

 ويضيف قائلا «من الخطب التي وضعت للرئيس والقاها في مجلس الشعب في نوفمبر 1980 خطبه جاء في فقره منها ان الحقوق التاريخيه لعروبه القدس «لا يمكن تجاهلها» وانه تحدث في هذا الامر مع بيجين، وقال له «ان الاب اسطفانوس رفض تسليم القدس الا للخليفه عمر بن الخطاب وكان ذلك بعد الحروب الصليبيه» ومعني ذلك ان القدس سُلمت لعمر بن الخطاب بعد وفاته بنحو ثمانمائه عام. اما في خطبته الاخيره فقد كرر السادات ست مرات، ان نوبار باشا ولي الحكم بعد سعد زغلول سنه 1924، بينما نوبار باشا هذا مات قبل استقاله سعد زغلول، والذي ولي الوزاره بعد سعد هو زيور باشا. ومن النفاق الحقير ان صحفيا مرموقا اتصل بالرقيب الخفي الذي لا يعلن عنه، وبين له وجه الحق في المساله ليصدر اوامره لتصحح الصحف اسم الرجل الذي جاء في الوزاره بعد سعد زغلول، ولم يكتف بهذا الصحفي المرموق بل اتصل بالصحف نفسها، ولما كان الجبن سيد اخلاق المنافقين فان رؤساء الصحف لم يجرؤوا علي تصحيح الواقعه حتي لا يغضب السلطان، وصدرت الصحف جميعا في اليوم التالي الا الاخبار وفيها ان نوبار باشا الذي مات في القرن التاسع عشر جاء رئيسا للوزاره بعد سعد زغلول سنه 1924».(ومن النفاق ما قتل 1982 – ص 134)

 ويعلق  الدكتور ابراهيم عبده علي كل هذه الوقائع التي لا تشكل سوي قطره في بحر النفاق الذي اغرقنا عبر السنين «صدقوني ما من احد في العالم يلقي هذا النفاق ويعيش وسط هذا الرياء ويقرا ويسمع كل يوم وكل ساعه ولحظه انه منزه ولا يخطئ، وانه والانبياء علي قدم المساواه، وان قوله لا ياتيه الباطل ابدا وان في مقدوره ان يرحم او لا يرحم وان في استطاعته ان يرمي ببعض خصومه من رجال الدين في السجون كالكلاب. ما من احد في العالم يحاط بكل هذا النفاق ويبقي علي طبعه الاصيل، فلابد ان تغره الدنيا، ولا يقبل نقدا لسلطانه او تصويبا لبيانه، فمن المسئول عن هذا كله؟، انه النفاق الذي مهد لكل بلاء اصابنا او اصاب السلطان».

  وقد رحل الدكتور ابراهيم عبده سنه 1986..

(1) كتب الدكتور ابراهيم عبده .

-         اعلام الصحافه العربيه ، الطبعه الثانيه، مكتبه الاداب ، 1948

-         تاريخ الطباعه والصحافه خلال الحمله الفرنسيه ، الطبعه الثانيه، مكتبه الااب ، 1950

-         تاريخ الوقائع المصريه، مكتبه الاداب ، 1942 .

-         تاريخ بلا وثائق ، موسسه سجل العرب ، 1975

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل