المحتوى الرئيسى

خطيئة الاحتفال بالحرب العالمية الأولى - مصر العربية

11/17 12:45

اقرأ أيضا: كل هذا التنسيق مع اسرائيل ! كامب ديفيد هى أصل الإرهاب إخلاء سيناء مطلب (اسرائيلى) البطولة أمريكية والكومبارس عربي حرب أكتوبر وما بعدها .. الرواية المحجوبة

لا أعلم من هو صاحب فكرة أن تحتفل مصر بالذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، وهي الحرب التي كانت وبالاً علينا جميعًا، ففيها تم تقسيمنا بموجب اتفاقيات سايكس- بيكو، وتم توزيعنا كغنائم حرب على المنتصرين من الأوروبيين، وخرجت منها كافة الأقطار العربية وهى ترزح تحت الانتداب/الاحتلال البريطاني أو الفرنسي أو الإيطالي الذي استمر إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي كان سببًا رئيسيًا في تخلفنا ونهب ثرواتنا.

وفيها بدأ تدشين المشروع الصهيوني بإعطاء اليهود الحق في وطن قومي في فلسطين بموجب صك الانتداب البريطاني 1922 ومن قبله وعد بلفور المشؤوم 1917.

 وفيها قام الأوروبيون باحتلال القدس لأول مرة منذ أن حررها صلاح الدين في 1187، ودخلها الجنرال الإنجليزي اللنبي بجيوشه في 9/12/1917 وقال قولته الشهيرة "اليوم انتهت الحروب الصليبية". وهو ذات المعنى الذى كرره بعده الجنرال الفرنسي هنري غورو حين احتلت قواته دمشق في 25 يوليو 1920، فذهب إلى قبر صلاح الدين وقال بشماتة "ها قد عدنا يا صلاح الدين".

إن استكمال احتلال البلاد العربية في الحرب العالمية الأولى، وخاصة بلدان المشرق العربي التي لم تكن قد خضعت بعد للاحتلال الأوروبي، هو في التاريخ والوعي والضمير الأوروبي الاستعماري العنصري، هو مجرد امتداد للحملات الاستعمارية التي شنت على أوطاننا منذ تسعة قرون، والتي لم ينسوا أو يغفروا لنا أبدًا انتصارانا عليهم فيها وطردنا لآخر جندي منهم في عام 1291.

فنأتي نحن اليوم ونحتفل بها !؟

أي رسالة تلك التي نريد أن نبعث بها إلى شبابنا وأولادنا بمشاركتنا في هذا الاحتفال؟

أنريد أن نخبرهم أننا نفتخر بهذه الحقبة التي كنا فيها محتلين وتابعين وضعفاء ومساقين وشعوبًا من الدرجة الثالثة والرابعة.

هل نريد أن نروّج لعصور الاحتلال والتبعية؟

أم أننا نريد أن نتقرب من الغرب ومجتمعه الدولي، في محاولة لنيل الرضا والاعتراف، على غرار مشاركتنا الحالية في التحالف الأمريكي الاستعماري في العراق وسوريا؟

إن الشعوب والأمم العريقة، لا تنسى أبدًا ثأرها، ممن اعتدى عليها واستعمرها واستعبدها.

حتى الصهاينة المجرمون لا يزالون يهاجمون مصر والمصريين بدعوى إخراجهم لليهود من مصر منذ ما يزيد عن 3000 عام. ولا يزالون يبتزون العالم بالهولوكست، وبالاضطهاد الأوروبي لهم في العصور الوسطى، وبعنصرية شكسبير في رواية تاجر البندقية، ولا يزالون يتاجرون بمحاكمة الضابط الفرنسي اليهودي "دريفوس" للتدليل على عنصرية أوروبا ومعاداتها للسامية.

فلماذا نسينا نحن جرائم الحقبة الاستعمارية الأوروبية التي قد تمتد آثارها المدمرة علينا لقرون طويلة؟

هل يمكن أن ننسى لهم مذابح الإسكندرية والتل الكبير ودنشواى وثورة 1919 وكوبري عباس والإسماعيلية وحريق القاهرة والعدوان الثلاثي وغيرها؟

ثم نتذكر لهم بدلاً من ذلك انتصاراتهم على بعضهم البعض، باستغلالنا واستخدامنا أوطانًا وبشرًا وموارد كوقود لحروبهم الاستعمارية الإجرامية.

لقد قامت الحرب العالمية الأولى بسبب تنافس وصراع الدول والإمبراطوريات الأوروبية على استعمار باقي شعوب العالم. صراعًا بين القوى الاستعمارية المهيمنة كبريطانيا وفرنسا وروسيا من جانب، وبين ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية رجل أوروبا المريض.

وللفيلسوف البريطاني الشهير "برتراند راسل" مقولة شهيرة بالغة الدلالة في عنصريتها، حين سألوه عن سبب رفضه للحرب العالمية الأولى واعتقاله لذلك؟ فأجاب أنه كان من الممكن تجنب الحرب لو قامت بريطانيا وفرنسا بإعطاء ألمانيا بعضًا من مستعمراتها !

هكذا يُفكِّرون، لقد كانت حربا بين لصوص العالم. حرب المنتصر والمهزوم فيها أشرار. والضحية فى جميع الأحوال هى شعوبنا.

لقد قال اللواء أركان حرب جمال شحاتة رئيس هيئة البحوث العسكرية فى الكلمة التى ألقاها فى الاحتفال، إن الجيش المصرى قد شارك مع الحلفاء فى 5 أغسطس 1914، لنصرة الإنسانية، بأكثر من مليون و200 ألف مقاتل، وقاتل فى 3 قارات "آسيا وإفريقيا وأوروبا"، وكان ترتيبه الثامن من حيث عدد القوات المشاركة. وإنه قدّم أكثر من نصف مليون شهيد فى الحرب العالمية الأولى، ودفن من سقطوا من هؤلاء الشهداء فى بلاد مختلفة بمقابر الكومنولث.

فهل يجوز الافتخار بمثل هذه المشاركة التى قدمنا فيها نصف مليون شهيد من جملة عدد القتلى الذى بلغ 8.5 مليون في هذه الحرب الاستعمارية الإجرامية، بدون أن نحقق أي مقابل أو مكسب أو مصلحة.

 فازت بريطانيا التي لم يتعدَ عدد قتلاها هي ودول الكومنولث مجتمعة 900 ألف قتيل، باحتلال غالبية بلدان إفريقيا وآسيا بالمشاركة مع حلفائها، بينما خرجنا نحن فاقدي الاستقلال، مُجَزّئين مستعبدين، بل ومحرومين من المشاركة فى كل مؤتمرات ومقررات ما بعد الحرب، التي رفضت مطالبنا بالاستقلال. إنها أيام سوداء في تاريخنا .

ورغم كل هذه التضحيات المصرية المجانية، لم ينسب لمصر أي دور أو فضل في أي من المراجع التاريخية الرئيسية التي تناولت الحرب.

كما أن الجنود المصريين، شاركوا فيها بالإكراه والكرباج والسخرة لصالح مصالح بريطانيا الاستعمارية وليس لمصالح مصرية أو عربية.

وحتى لو كان الاحتفال مجرد مناسبة بروتوكولية، فإن المشاركة غير مقبولة أيضًا، فلا أحد يحتفل بهزائمه أو بعصور استعباده؛  فهل نحتفل بالاحتلال البريطاني 1882 أو بالانتداب 1922 ؟ أو بذكرى النكسة فى 5 يونيو 1967، أو بذكرى النكبة في 1948 ؟

وهل يمكن أن يحتفل الزنوج بذكرى اصطيادهم وترحيلهم واستعبادهم فى الولايات المتحدة الامريكية؟

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل