المحتوى الرئيسى

لبلب وجودان.. صفعة بالكريم شانتى | المصري اليوم

11/12 21:32

«لسه بتتفرجي علي توم وجيري.. خلاص راحت عليهم» قالتها ابنتي مبتسمه ويدها تطبق علي ريموت التليفزيون، غيرت القناه بسرعه علي الحلقه الجديده من «أراب آيدول». تركت لها المكان وجلست في ركني المفضل بجوار النافذه المطله علي الشارع، سرحت بافكاري في مغامرات توم وجيري التي كانت تليق بالقرن الماضي ولا تنتمي لهذا الزمن.

في الثلث الاول من القرن العشرين، بدا جوزيف باربيرا مبتكر شخصيتي توم وجيري في العمل مع شريكه وليام هانا، وبدا سلسله الثنائي الشهير، كان هناك تفاؤل بقدره الانسان علي الانتصار علي مخاوفه بالعقل والحكمه، كانت شخصيه جيري الفار الذكي دليلا علي ان العالم لا تملكه القوه بل يسيطر عليه العقل، المواجهه بين التدبير والقوي المفرطه كانت تنتهي بانتصار التفكير، الرساله واضحه: الحياه تتسع للقوي والضعيف لو احترم كل منهما الاخر والتزما بالسلام.

مغامرات توم وجيري لم تعد مثيره ولا جاذبه لاطفال القرن الواحد والعشرين، تبدو ساذجه بالمقارنه بالعاب الفيديو مثل: DELTA FORCE وGTA واخيرا «صليل الصوارم»، الاطفال والشباب يريدون حروبا لا مجرد مغامره، حيث التنافس اعلي والعنف اكثر وحشيه، ابطالهم خارقون يسحقون اعداءهم دون رحمه، يبيدونهم من علي وجه البسيطه بضغطه زر، صليل الصوارم ابتكرتها «داعش» وتروجها بين الشباب، مهمه اللاعب لكي يفوز القضاء علي الميليشيات الشيعيه، وتنفيذ عمليات قنص ضد الجيش الامريكي، وتفجير عبوات في المدن والقري!!

الاجيال التي تربت علي «توم وجيري» شاخت وماتت، ولم يعد احد يصدق قدره لبلب علي تحدي عنتر.

هل تذكرون فيلم «عنتر ولبلب» الذي كتبه الساخر بديع خيري وعرض اول مره قبل ثوره يوليو بشهور قليله، كان بشره خير، لبلب (شكوكو) ابن البلد البسيط الذي يواجه عنتر القوي الغني الذي يرهب الجميع (سراج منير)، والذي يريد ان يسلبه لوزه حبيبته، ولكن لبلب الضعيف يتحداه بان يصفعه كل يوم مره ولمده اسبوع، وينجح بالحيله، وينتصر علي عنتر، ويفوز بلوزه.

كانت ايام وراحت عليها، لم تعد افعال جيري او لبلب منطقيه، غير مسموح للضعفاء بتحدي الاقوياء، يمكن للضعيف ان ينافس علي ان يلتزم بقواعد وتعليمات الكبار، وان اراد الخروج علي النص فهناك شرط، ان يكون الامر هزليا لا جد فيه.

استبدلوا لبلب باراجوزات (كان باسم يوسف يطلق علي نفسه اراجوز) تسخر وتخربش لكن دون ان تترك علامه، كما يفعل الكاتب البلجيكي الساخر نويل جودان الذي ابتكر اسلوب صفعه الكريمه، حيث يرمي في وجوه ضحاياه تورته بالكريم شانتي، لماذا؟ لانه يراها شخصيات مزيفه رغم قيمتها الاجتماعيه والماديه وشهرتها الواسعه، اول من القي عليه قالب التورته كانت الكاتبه الفرنسيه الشهيره مارجريت دوراس، ثم توالت صفعات جودان «قاذف التورتات» فالقي بواحده في وجه المخرج الاوبرالي موريس بيجار، والاعلامي باتريك بوافر، والرئيس السابق نيكولا ساركوزي والسينمائي جان لوك جودار، اما اشهر رمياته فكانت علي بيل جايتس، وصاحب العدد القياسي في تلقي رميات جودان هو الصحفي والفيلسوف الفرنسي اليهودي برنار هنري ليفي المعادي للعرب، ولقد وصل عددها سبع رميات علي امتدا اكثر من ربع قرن.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل