المحتوى الرئيسى

جنوب السودان الذي لا نعرفه

11/11 13:11

اذن هي جمهوريه جنوب السودان منذ انفصالها يوم التاسع من يوليو عام 2011 لتصبح دوله مستقله بعد تصويت اغلب الجنوبيين من اجل الانفصال في استفتاء اُقيم في مطلع عام 2011.

المعروف عن السودان انها تتالف من عده ممالك قديمه كالفونج وكرفان والفور، كذلك عرف جنوب السودان بالقبائل الزنجيه التي تسكنه كما عرف الشمال بقبائل البجا.

لم تمثل القبائل الزنجيه في الجنوب اي فارق في الشمال نظرًا لانعزال السكان هناك الذين امتهنوا الزراعه في جنوب كردفان، ولكنهم لم يعرفوا اي حضاره حقيقيه في ذلك الحين، حتي ان الديانه الوثنيه كانت هي الغالبه علي الشعب الجنوبي المعقد في تركيبته، حيث ان هناك عده تصنيفات للمجتمع هناك تقوم علي اساس قبلي، فهناك قبائل البونجو كمثال علي القبائل التي يطلق عليها انها سودانيه، وهناك قبائل يطلق عليها انها نيليه حاميه مثل الباريا والتبوسا وهناك النيليه فقط كالدينكا والنوير، هذا التصنيف اعتمده الدكتور "عبد مختار موسي" في كتابه مساله الجنوب ومهددات الوحده في السودان، ويُستشف من هذا حجم التعقيدات القبليه التي يشهدها مجتمع جنوب السودان، وهو ما يفسر الصراع الدائر فيه الان رغم كل محدداته ونوازعه السياسيه.

كان الشمال ولايزال الاغني ثقافيًا وحضاريًا بالرغم من كونه افقر من جنوب السودان من حيث الموارد، حيث ان الولايات الشماليه اغلب اراضيها صحراويه ماعدا اراضي وادي النيل وهي ضيقه ومحدوده، اما اذا نظرت الي الجنوب فان ولاياته تكسوها الاعشاب والغابات الاستوائيه فضلاً عن كميات النفط الهائله المحفوظه في باطن الارض الجنوبيه.

تبلغ مساحه جنوب السودان حوالي 700 الف كم مربع اي ما يعادل قرابه 30% من مساحه السودان، كما ان حدوده البريه تمتد الي قرابه 2000 كم مع السودان شمالاً، جنوبًا اوغندا وكينيا، شرقًا اثيوبيا، وغربًا الكونغو الديمقراطيه وجمهوريه افريقيا الوسطي.

كما انه مقسم اداريًا الي عشر ولايات ضمن ثلاثه اقاليم رئيسيه: اقليم أعالي النيل - اقليم بحر الغزال - اقيلم بحر الجبل.

لا تستطيع في القرن الـ 21 اعداد احصاء دقيق عن عدد السكان بجنوب السودان نظرًا لعدم اهتمام الجنوبيين بقضيه تسجيل المواليد، الي ان هناك ارقامًا غير رسميه وغير معترف بها كثيرًا تتحدث عن ان عدد سكان الجنوب يتجاوز الثمانيه ملايين نسمه مقسمين الي اكثر من 500 قبيله يتحدثون اكثر من 100 لغه محليه، الا انه لا توجد لغه فرضت نفسها كلغه رسميه حتي الان فيما تعد اللغه الانجليزيه الاساس، حيث تتعامل بها الحكومه لعدم صلاحيه اي من اللغات الافريقيه للتعاملات السياسيه وذلك بعد ان فرضت بريطانيا في عصر الاستعمار حظرًا علي تحدث اللغه العربيه بين الجنوبيين مما يوحي بان قضيه الجنوب لها ابعاد تاريخيه اخري.

ابرز القبائل الحاكمه في الجنوب والتي يدور بينها الان حرب طاحنه ادت الي تشريد ملايين الجنوبيين والي وجود اكثر من مليون جائع في الجنوب السوداني هما قبيلتا: "الدينكا" و"النوير".

قبيله "الدينكا" هي الاكثر تماسكًا في الجنوب وتتمتع باغلبيه عدديه وقوه مسلحه تجعلها مؤهله للسيطره علي الحكم في الجنوب ومنها مؤسس الحركه الشعبيه لتحرير السودان "جون جارنج".

علي الجانب الاخر تاتي قبيله "النوير" في المرتبه الثانيه من حيث العدد ولكنها في خصومه قبليه مع الدينكا بخصوص مسائل الحكم في الجنوب ومن ابرز ابناء هذه القبيله "رياك مشار" نائب الرئيس الجنوبي السابق.

تنتشر الحركات المسلحه المواليه لهاتين القبيلتين فيما تنقسم القبائل الاصغر في ولائها بينهما ايضًا.

اما علي الصعيد الديني فالجنوب مركز خصب للتبشير نظرًا لشده الفقر هناك جراء النزاعات القبليه والسياسيه، فالمسيحيه هي الاسرع انتشارًا في الجنوب بعد الدخول في صراع مع حكومه الانقاذ الاسلاميه في الشمال؛ ما ادي الي حسياسيه الجنوبيين تجاه التوجه الاسلامي، فالاغلبيه الدينيه هي ذات طابع مسيحي يليها المجموعات المسلمه في الجنوب، ولكن هناك اغلبيه طبقًا لعدد السكان لا ينتمون لاي دين او يعتنقون ديانات افريقيه وثنيه قديمه.

الا ان قضيه الدين في الجنوب ليست قضيه ذات بعد هوياتي، حيث ان الجنوبيين لديهم انفتاح فيما يتعلق بقضيه الدين، فعلي سبيل المثال: الولاء للقبيله كحاضنه ولا دور كبير للامر الاسري هناك، فالعلاقات الجنسيه منفتحه للغايه في الجنوب بدون اُطر الزواج،  كما يري احد سفراء المانيا السابقين في السودان الذي يعبر عن التباين بين الشمال السوداني والجنوبي من حيث المجتمع بقوله "ان هناك خلافًا في الابعاد الثقافيه والمفاهيم الدينيه للدوله والارث الحضاري لدي الشمال والجنوب؛ الامر الذي يجعل الجنوب اقل حده من ناحيه الصراع الديني مما يستبعد احتمال ان اي اقتتال قد يكون بسبب طائفي ديني وانما السبب الاساسي هو العرقي الاثني".

فالصراعات القبيله علي اساس الافضليه العرقيه ما زالت تسيطر علي الجنوب والرغبه في احتكار السلطه والثروه هي احد اهم اسباب القتال الدائر في الجنوب، فوفقًا لتقديرات غير رسميه يوجد بالجنوب اكثر من 40 فصيل مسلح تابع لقبائل مختلفه؛ ما جعل الجنوب ليس افضل حالاً بعد الانفصال مما كان عليه قبله.

جنوب السودان عاني كثيرًا من التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي من الحكومه المركزيه في الخرطوم طوال عقود؛ ما جعل الجنوبيين يشعرون بالمظلوميه والاضطهاد، كما عقَّد من عمليه اندماجهم في المجتمع الشمالي بسبب عاداتهم ونمط حياتهم القبليه التي لا يعرفها الشمال بحكم الذي يدخل طور المدنيه بالتدريج، هذا الامر الذي اشارت اليه دراسات عن مدي قوه واندماج الجنوبيين مع غيرهم من الشمال العربي فكانت النتيجه سيئه للغايه، حيث ان هناك فروقات ثقافيه واجتماعيه جعلت نوعًا من الاحتقان يسود داخل المجتمع الجنوبي تجاه الشمالي، كذلك النظره الاستعلائيه من سكان العاصمه المركزيه للجنوبيين حتي ان النكات الفكاهيه كانت لا تخرج الا سخريهً من الجنوبيين وعاداتهم.

ما زاد الامر في المجتمع الجنوبي ان استغلال الشمال لمواردهم دون ادني رعايه او اهتمام بالجنوب من خدمات وامكانيات؛ جعل الامر يزداد صعوبه، حيث شعر الجنوبيون بضروره الانفصال عن الحكومه المركزيه وهو ما تم بعد ذلك.

انفصل الجنوب باكثر من 75% بالمائه من موارد السودان الحقيقيه من البترول، الذي اثبتت دراسات غربيه كثيره ان مناطق بالجنوب تعوم علي ابار من النفط، كذلك المراعي والثروه الحيوانيه هي الاغلب في الجنوب، والاراضي الزراعيه الخصبه جميعها تنتمي الي الجنوب، لكن كل هذا لم يكن كافيًا لتدعيم الحياه في الجنوب حيث ما زال الجنوب يعاني من الفقر والفشل السياسي والاقتصادي بسبب النزاعات القبيله، فلا توجد مدارس ولا مستشفيات ولا طرق ولا خدمات كهرباء او شبكات للمياه والصرف وانما نمط الاكواخ ما زال يسيطر علي الشكل البنائي للجنوب، فلا يوجد اي كوادر فنيه في الدوله من اطباء او مهندسين او مدرسين او غيرهم لتاسيس تلك الخدمات لان كل التركيز من الحركه الشعبيه انصب علي الصراع من حكومه الانقاذ بالاضافه للصراع القبلي الدائر من الدينكا والنوير والشلك، ما دعي مجله الايكنوميست ان تقول في عنوان لها ان "دوله جنوب السودان تدمر نفسها من الداخل" حيث استبعدت التوصل لاتفاق في النزاع الداخلي الدائر بين الرئيس "سيلفا كير" المنحدر من قبيله الدينكا ونائبه السابق "رياك ماشر" المنحدر من قبيله النوير والمتهم بتدبير انقلاب علي كير في الاوانه الاخيره؛ ما دعي سلفا كير لعزله واشتعلت الاوضاع في الجنوب، وتقول المجله ايضًا ان الصراع يتجه الي التطهير العرقي بعد نزوح هائل لالاف السكان من مناطق الصراع خشيه القتل الانتقامي وذلك بعد انتشار ما سمته الامم المتحده بالعنف الجنسي الانتقامي الممارس من الفصائل المتصارعه ضد بعضها البعض، حيث عبرت عن ذلك "هاوا بانجورا" ممثله المنظمه الدوليه لمكافحه العنف الجنسي في حالات النزاع قائله ان جرائم الاغتصاب ازدادت بشكل ملحوظ في جنوب السودان بعد اشتعال الحرب الاهليه الاخيره، واكدت ان هناك اوامر صدرت من القياده العسكريه للاطراف المتصارعه بتنفيذ عمليات اغتصاب علي اساس عرقي؛ ما اضطر الجنوبيين القادرين الي الهجره مره اخري الي الشمال وهو ما لاحظته الحكومه في الخرطوم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل