العراق.. يوميات مقاتل إيزيدي من جبل سنجار المحاصر - مصر العربية

بعد 50 يوما قضاها المقاتل الايزيدي لقمان ابراهيم كَلي في جبال سنجار المحاصر من جهاته الاربعه من قبل تنظيم داعش، عاد الي مخيم جنوبي مدينة دهوك حيث توجد عائلته في اجازه لعده ايام، علي متن طائره مروحيه، وروي جانبا مما عاشه وراه في الجبل.

وقال كَلي ان "البقاء 50 يوما في جبل سنجار، يعني معايشه ومشاهده وسماع امور كثيره جدا لا يمكن اختصارها بحديث مقتضب، لكن هناك مواقف بارزه تتصدر شريط الاحداث بطبيعه الحال".

واضاف "منذ اليوم الاول لالتحاقي بالجبل تلمستُ روح الثار والانتقام من عصابات داعش لدي جميع المقاتلين الايزيديين الموجودين بالجبل، نظرا لما اصاب اهلنا من كوارث ونكبات خلال اجتياحهم لقضاء سنجار (ينطقها بـ شنكال حسب التسميه باللهجه الكرمانجيه لاهل سنجار)".

  والايزيديون هم مجموعه دينيه يعيش اغلب افرادها قرب الموصل ومنطقه جبل سنجار، ويقدر عددهم بنحو 600 الف نسمه، وتعيش مجموعات اصغر في تركيا، سوريا، ايران، جورجيا، ارمينيا.

وبحسب باحثين، تعد الديانه الايزيديه من الديانات الكرديه القديمه، وتتلي جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينيه باللغه الكرديه.

ويتحصن بجبل سنجار، المحاصر من جميع جهاته، نحو 6 الاف مقاتل ايزيدي ويساندهم المئات من قوات البيشمركه (جيش اقليم شمال العراق) وقوات وحدات حمايه الشعب الكردي (YPG) الكرديه السوريه.

ويبلغ طول جبل سنجار 76 كلم، وعرضه نحو 13 كلم، ويرتفع عن سطح البحر بنحو 1400م.

ويسيطر تنظيم داعش علي معظم اجزاء قضاء سنجار (124 كلم غرب الموصل)، والذي يقطنه اغلبيه من الكرد الايزيديين في 3 اغسطس الماضي ، الا ان المعارك تدور في محيطها، حيث تسعي قوات كرديه من اقليم شمال العراق وسوريا لطرد التنظيم.

وتتحدث تقارير صحفيه وناشطون ايزيديون عن ارتكاب التنظيم جرائم بشعه، من قتل وخطف وسبي الالاف من الايزيديين المدنيين.

ابراهيم كلي واصل حديثه قائلا: "في اول اسابيع وجودي بالجبل برفقه مجموعه مكونه من عشرات المقاتلين المتطوعين، كنا نمتلك اسلحه خفيفه وبسيطه، مع عتاد قليل، وكان هدفنا هو عدم السماح لداعش بالتوغل في الجبل".

واضاف "كنا في نقاط المراقبه نراقب تحركات داعش، وننصب الكمائن في سفوح الجبل، واشتبكنا معهم عده مرات وتمكنا من صد كل هجماتهم رغم ان كفه ميزان الاسلحه الثقيله تميل لداعش، لكن الجبل جبلنا ونعرف كل صخره فيه، ولهذا لم يتمكنوا من احتلال متر واحد من الجبل".

ومضي قائلا: "في الاسابيع الاربعه الاخيره، وصلتنا اسلحه حديثه ومدافع هاون ورشاشات ثقيله ومتوسطه وقانصات وقاذفات الصواريخ وغيرها، وهنا تغير كل شيء في سير الاشتباكات، وانتقلنا من الدفاع الي الهجوم، من خلال نصب الكمائن في الطرق السهليه القريبه من الجبل، وبدا تنظيم داعش يتحسب من الاقتراب وخاصه في اوقات الليل".

كلي اعتبر ان، "التاريخ سيخلد زعماء المقاومه الايزيديين الذين تحدوا اشرس تنظيم ارهابي باسلحه بسيطه والحقوا به خسائر فادحه وحطموا غطرسته"، وفق قوله.

وقال "لدينا كوكبه من الرجال الشجعان من امراء مجموعات المقاومه مثل البطل قاسم ششو في مزار شرف الدين (شمال شرق الجبل)، مروان الياس بدل في گلي كرسي (شمال غرب الجبل)، وخلف مراد عطو في جل ميران (قمه الجبل) ومام فولو في مهركان (جنوب الجبل) وسالم اسماعيل وبدل خلف وقاسم دربو وسعدو قاسم وشيخ مجدل امير شقيق الفقيد شيخ خيري في المناطق الجنوبيه الغربيه للجبل واخرين".

وحول المواقف الصعبه التي مر بها، قال ان "اصعب موقف هو سقوط احد اعز اصدقائي من الطائره علي ارتفاع 60 مترا حينما كان متشبثا بها، وقتل في الحال، ودففتنه بنفسي في الجبل".

واضاف "كما ان احد اصدقائي المقاتلين لقي حتفه في معركه بمجمع بورك (12 كلم شمال الجبل)، ولم نتمكن من اخلاء جثته لحد الان".

واقر كَلي بنجاح داعش في التوغل عده مرات في الجبل، وقال  "صحيح انهم يحدثون خرقا هنا او هناك، لكن نهايه المعركه تكون بطردهم دائما، ولا يمكن لهم ان يصمدوا لليله واحده بين صخور واشجار الجبل، لهذا اما يتم قتلهم او يتركون مواقعهم مع غروب الشمس".

واضاف "عده مرات تركوا جثث قتلاهم خلفهم، وبعد ان نقوم بتجريد القتلي من اسلحتهم واعتدتهم، نقوم بدفنهم وفق وصيه رجل دين ايزيدي ما زال يتحصن بالجبل".

وعن جنسيات قتلي داعش، اوضح كَلي ان "غالبيتهم من العراقيين العرب السنه والتركمان السنه، وهناك سوريون، سعوديون، يمنيون، فلسطينيون، تونسيون، وشيشان وافغان وغيرهم".

وقال "ذات مره وجدنا بمعيه احد قتلاهم معولا ورفش (ادوات حفر)، ونحن نستخدمه الان في دفن جثث قتلاهم".

وحول كيفيه حصولهم علي الطعام والماء، قال كَلي "هناك عده قري في الجبل نفسه منذ مئات السنين او ربما اكثر، ويمارسون عده مهن ابرزها الزراعه، وكنا نحصل منهم في البدايه علي الطعام، اما حاليا فان الاعتماد هو علي ما يصلنا من طائرات الهيلوكوبتر (لم يوضح هويتها) التي تاتي بين حين واخر، وتحمل لنا مختلف الاطعمه والمؤن وايضا الاسلحه والاعتده، اما المياه فلا توجد مشكله فيها لان المنطقه التي كنت فيها بها عيون وينابيع طبيعيه".

واضاف "احيانا يكون هناك شح في الطعام، والبعض اضطر لتناول ثمار البلوط ثلاث وجبات يوميا ولعده ايام قبل ان تصلنا المساعدات جوا".

ومضي قائلا "في بعض الاحيان نحصل علي لحم اغنام طري ومجاني، لانه هناك المئات من الاغنام والماعز تائهه في الجبال بعد هروب اصحابها او مقتلهم، ونقوم بذبحها وتناول لحومها".

واوضح ان "القدوم المبكر لفصل الشتاء اربك الجميع، بمن فيهم عناصر داعش الذين بداوا يقلصون عدد نقاطهم حول الجبل، ويتركوا اسلحتهم وعتادهم خلفهم، فنقوم بالاستيلاء عليها".

وقال "اعتقد ان المقاتلين الايزيديين في الجبل بحاجه الي كرفانات (غرف مسبقه الصنع) لمواجهه فصل الشتاء، لان البرد قارس جدا في الجبل وخاصه اثناء الليل".

واضاف "كما انه لابد من تجهيزهم بملابس شتويه ومدافئ نفطيه ووقود، واذا لم يحدث ذلك سيكون الشتاء قاسيا علي الكثيرين".

واشار الي ان الكثير من المقاتلين والعوائل القاطنه بالجبل بداوا بجمع الحطب، استعدادا للشتاء، موضحا ان "هذا امر لابد منه في مثل هذه الاحوال ".

واشتكي كَلي من عدم جديه طائرات التحالف في قصف مواقع داعش خلال بعض المعارك.

وقال ان "المحيّر في الامر ان الطائرات تطير من فوق عجلات داعش المسلحه ولا تقصفها، وقد شاهدنا ذلك عده مرات، وفي احيان اخري تهطل الصواريخ علي مواقع داعش والياته وتدمرها بالكامل".

ويشن تحالف غربي – عربي، بقياده الولايات المتحده الامريكيه، غارات جويه علي مواقع لـ "داعش"، الذي يسيطر علي مساحات واسعه في الجارتين العراق وسوريا، واعلن في يونيو الماضي قيام ما اسماها "دوله الخلافه"، ويُنسب اليه قطع رؤوس رهائن وارتكاب انتهاكات دمويه بحق اقليات.

واشنطن بوست : العراق حائر حول مصير ابو بكر البغدادي

الجيش العراقي يشتبك مع داعش للسيطره علي مصفاه بيجي