المحتوى الرئيسى

"الوفد" الحزب والصحيفة..

11/09 03:42

قبل ان تقرا: الحوار ممتد مع الاسطوره فؤاد باشا سراج الدين .. الذي كان لقائي به في حقبه الثمانينيات ممتدا ومثمرا ومتكررا .. منحني وقتا ثمينا من حياته، واضاف الي ثقه في مساري الصحفي ، الذي كان قد خطا خطوات مهمه بلقاء وحوار مع شخصيات لامعه في عصره من مصطفي أمين الي صلاح حافظ ومن زكى نجيب محمود الي نجيب محفوظ وما بينهما من افاق رحبه ،اتاحها لي التعرف - والتحاور- مع خالد محي الدين ومحمود امين العالم والدكتور محمد محمود الامام وعدد من فرسان ذلك الزمان .

تحدثنا في بدايه هذه الحلقات عن الباشا الانسان، وفي الحلقه الاولي صوره خاصه من قلب حياته الخاصه وكيف كانت ملامح شخصيته وهيئته وطلته علي الناس، ثم عرجنا علي فتره توزيره وواختياره سكرتيرا عاما لحزب الوفد ( القديم) ثم عرجنا علي علاقته بالثوره اليوليويه المجيده وموقفها منه ومحاكمتها له ، ثم انتقلنا للحديث عن علاقته بالسادات واعاده احيائه لحزب الوفد في ثوب جديد.. وصولا الي خوضه لاول انتخابات برلمانيه في تاريخ الحزب الوليد عام ١٩٨٤" وتحالفه مع الاخوان المسلمون" - زمن الراحل عمر التلمساني ،صاحب العباره الشهيره التي نقلت للعالم عبر هواء التليفزيون عندما قال للسادات " اني اشكوك الي الله" وهي العباره التي افزعت السادات .. او هكذا " مثل" علينا الرئيس الملقب - من قبل نفسه- بالمؤمن!

لم يكن ممكنا - والوفد العريق - يقوم علي دعامتين اساسيتين هما الوحده الوطنيه ( الهلال مع الصليب) والليبراليه السياسيه ان يضحي باحدي ساقيه ، فيكسر وحدته الوطنيه ، كرمز لثوره ١٩١٩ ، والتي تجلت في وحده المصريين ( الهلال مع الصليب) بالتكسب السياسي عبر التحالف مع الاخوان المسلمين لتخطي شرط " العشره في المائه" التي اشترطها قانون احزاب انور السادات ،كشرط لنجاح اي حزب في الانتخابات ، واعلان ممثلين له داخل البرلمان ،وهو امر بدا مستحيلا علي حزب وليد علي الساحه لم عمره وقت الانتخابات ليتخطي الثلاثه اشهر .. وقد راي كثيرون في هذا دهاء سياسيا ممتزجا بالانتهازيه السياسيه من جانب الوفد ( الذي لطالما اتهم بممالاه الانجليز والقصر )فيما راه الاخرون مدمرا للوفد وتراثه العريق في الحرص علي الوحده الوطنيه واكدوا انه بتخليه عن هذا التراث بتحالفه مع الاخوان انما قطع احدي ساقيه وبات يسير كالاعرج في مسيرته الحزبيه والسياسيه

سالت فؤاد سراج الدين هل تقبل بوجود حزب ديني في مصر ( وقد اختتمنا به الحلقه الثالثه من دون ان ننشر اجابته علي السؤال) وهذا كان رده :

"انا مع انشاء اي حزب في مصرلكن الدستور والقانون يمنعان اقامه احزاب علي اسس دينيه اوطائفيه او عقائديه.. ولذلك يحاول الاخوان المسلمون ان يعلنوا انفسهم حزبا سياسيا .. لادينيا صرفا.

اجابه الباشا ( الاسطوره) تشير الي تلك المحاولات المحمومه التي بذلها الاخوان طاول عقدي الثمانينيات والتسعينات لاجل انشاء حزب لهم ،حتي ان المرشد الهضيبي رحمه الله اعلن - في حديث معي-انه لايمانع في المقابل ان يكون في مصر حزب اخر مسيحي.. ولعلنا الان يمكننا ان نفسر كيف كان ولماذا اصر مبارك ان " يئد" هذه المحاولات ،التي كان قاض واحد ..نعم قاض واحد يعلن او يصدر حكما باحقيه الاخوان في تشكيل حزب سياسي ، كفيلا بنفسف كل جهود الدوله التي كانت مسخره لمنع صدور حكم كهذا وتشكيل حزب سياسي باسم حزي الاخوان المسلمون".. فالحاصل انه في تلك الحقبه كان كلما اقترب موعد نظر دعوي الجماعه في اعلان احقيتها في تشكيل حزب سياسي والتي كانت منظوره امام القضاء ، تقف مصر - مبارك-كلها علي اطراف اصابعها ، كالمحمومه او او المذعوره،سواء قبل موعد الجلسه  او بعدها .. خشيه حدوث امر كهذا ،والذي قد يكون موجعا - ان لم يكن مدمرا للنظام .. لذلك فان القضيه لم تنظر بجديه يوما ما علي الاطلاق وطال امدها حتي قبرت في دهاليز المحاكم واروقه القضاء.

في تلك الاثناء ايضا كان الارهاب ( او التطرف الديني بلغه تلك الايام ) علي اشده ،وكانت الجرائم  التي يرتكبها متطرفون سواء ضد المصريين العاديين او المصريين المسيحيين او الاجانب ( باعتبارهم سياحا كفره فاجرين متمرقعين متجولين بالشورتات الساخنه او بالبكيني في المصايف والمنتجعات الشاطئيه) تتري وتتابع

كانت الجامعات مشتعله بطلبه الجماعات الاسلاميه ،التي اطلق لها السادات العنان لازاحه ودحر قوي اليسار المصري بنوعيه القومي الناصري والاشتراكي الماركسي ، وكلاهما يسلب السادات شعبيته ويحط من قدره ويقلل من جماهيريته ، فلما اتاح لهم " اللعب في الجامعات ، حكموها بالجنازير والسنج والمطاوي والانتخابات الطلابيه التي حملتهم الي الاسر الجامعيه ،فانتشروا بافكارهم المتطرفه واستحوذوا علي كل الانشطه وسيطروا عليه وراحوا يغسلون افكار الطلاب ويملاون عقولهم بترهاتهم المعاديه للاسلام الوسطي والدين السمح ، ومعاداه الاقباط وتصغير شانهم وغرس ثقافه ان عليهم " دفع الجزيه وهم صاغرون" كما افتي بذلك مرشد الاخوان مصطفي مشهور .. وبالتالي شايعت الجماعه الاسلاميه وجماعات التبليغ والدعوه والتكفير والهجره وكلها خرجت من عباءه الاخوان ،بدليل ان كل حادث اجرامي - سواء تكسير عظام طالب نظم رحله علميه للطلبه في جامعه اسيوط الي احراق محإل آلاقباط وخاصه محال الذهب بعد سلبها ونهبها- لم تقم جماعه الاخوان بادانته مطلقا .. بل كانت تلجا الي التعلل بالعنف والارهاب المضاد الذي تمارسه الدوله

سالت سرج الوفد: في تقديرك ماهو افضل اسلوب لمواجهه المتطرفين؟

الاجابه للباشا .. قال لي:

الحوار والاقناع وتهيئه المناخ غير العنيف شروط اساسيه لمعالجه الارهاب ويجب اولا ان نفرق بين الجماعات الدينيه المعتدله والاخري المتطرفه فليست كل الجماعات ارهابيه .. ومن ثم فان الشباب الذي يعتقل لمجرد انه يرتدي جلبابا ابيض او يطلق لحيته.. وينضم لجماعه دينيه ويتعرض للتعذيب داخل السجن سيخرج من السجن يمسك بالرشاش ليفتك بالجميع وهذا معناه المزيد من العنف والمزيد من استنزاف العقول والجهود في تدمير المجتمع ...

( ولن ازيد في هذه النقطه) لكني انفذ منها الي الاتهام الخطير الذي ووجه الي الوفد - من بين ماوجه من اتهامات - باالانتهازيه السياسيه وقطع ساق الوفد ودعامته الاولي وهي الوحده الوطنيه التي تقطعت اوصالها بالتحالف مع الاخوان في انتخابات ١٩٨٤

كيف بدات القصه " الخياليه" ذهنيا "الواقعيه " سياسيا:

"بدات العلاقه تتحسن بين الجماعه ممثله في مرشدها الاستاذ عمر التلمساني وحزب الوفد ممثلا برئاسه فؤاد سراج الدين ، وذلك علي خلفيه الاتفاق بين المرشد وزعيم الوفد والذين ترافقا في السجن علي خلفيه احداث ١٩٨١"

نقول القصه خياليه لان الوفد حزب الليبراليه السياسيه الذي لايستمد مبادئه من " الشريعه الاسلاميه"، وفي راي الاخوان ( الموسوعه التاريخيه) انه ان لم يكن سياسه الوفد مناوئه لاصول الاسلام فهي لاتعني بشانه ويسرها ان تتخلص من تبعاته.. اما الاخوان فهم جماعه اسلاميه قلبا وقالبا، مظهرا وجوهرا، تعمل علي تمكين دين الله تعالي في الارض"

ومع هذا فان الجماعه وضعت نفسها موضع الشبهات بموقفها من قضيه الحزبيه.. وهنا يفسر عمر التلمساني بقوله: " .. لم يكن واردا في تخطيط الاخوان المسلمين الوصول لكرسي الحكم وهو احد الاهداف الرئيسيه لتكوين الاحزاب ونشاطها "ويضيف ان " الاخوان اعلنوا مرارا معارضتهم لتشكيل الحزب لان معظم الاحزاب قبلت ورضيت بالقوانين الوضعيه وتنفيذها الامر الذي لم يقبله الاخوان لان حكم الله فوق كل حكم"

وصف المستشار مامون الهضيبي المتحدث الرسمي باسم الاخوان المسلمون هذا " التحالف" بانه " تعاون"وليس فرضا لراي احد الطرفين علي الاخر

  المهم انه علي وقع مطارق الاعتقال، وفي دفء ( البرش) وبين جنبات الزنازين ولد اول تجسير للفجوه بين حزب الوفد والاخوان المسلمون اللذان في غابر الايام ومنذ ماقبل الثوره بكثير تبادلا العداء والتشهير والهجوم الي ان جاءت " غباوه" السياسه المباركيه ففرضت علي العملاقين العريقين الوفد والاخوان ان يتحالفا فيقول الهضيبي: برغم الاختلاف البين بين حزب ليبرالي وجماعه اسلاميه ، الا ان ماوضعته السلطه من قيود علي انتخابات البرلمان تتمثل في اشتراطها اجراء الانتخابات بالقائمه المطلقه للاحزاب الرسميه ، والتي اشترطت الحكومه حصولها علي نسبه ٨في المائه ،والتي كان الوفد متاكدا انه لن يحوزها كما ان فرصه مشاركه الاخوان دون التحالف مع حزب رسمي تكاد تكون معدومه الامر الذي ادي لمثل هذا التحالف ( التعاون).. والذي انتهي بدخول6 من الجماعه الي البرلمان ابرزهم محفوظ حلمي وعبد الغفار عزيز .. ولكن مالبث الطلاق ان وقع بعد حل المجلس عام 87 ، وبعد ان نال تحالفهما معا من الكثير من مصداقيتهما الفكريه والعقائديه بل والسياسيه ايضا

مزيد من الاتهامات لوفد الباشا

ظمن بين الاتهامات ايضا التي كيلت الي الوفد في زمن فؤاد سراج الدين هو انحراف صحيفة الوفد عن خطها التحريري المرسوم لها وخروجها عن خط الحزب احيانا ..

واجهت سراج الدين بهذا الاتهام ،وكان قد اطري علي صحيفه الوفد لسان حال الحزب رغم ماكان يوجه اليه من نقد لاذع..  انذاك راس تحرير الصحيفه" الجسوره "احد امهر صناع الصحف في ذلك الوقت وهو مصطفي شردي.وكان  الكاتب الكبير مصطفي امين ( الذي اسس وتوامه علي دار اخبار اليوم سنه 1944 )  قد رشحه ل" سراج الدين"ليتولي رياسه التحرير - ولذلك قصه سنرويها عندما نتحذث عن مصطفي شردي ، الذي قال لنا ذات لقاء صحفي " كنت علي استعداد ان اعمل فراشا في حزب الوفد!"- واجاب الباشا .. قال لي:

نحن اقل احزاب المعارضه التي تواجه صحيفتها اتهاما كهذا والوفد من اكثر الجرائد الحزبيه التزاما بخط الحزب ولم تخرج عن فكر الوفد بحال من الاحوال وانا اتساءل عن مصداقيه اتهام كهذا.. في الوقت الذي اراس فيه بنفسي مجلس ادارتها، كما انني مسؤول عن كل حرف فيها مسئوليه قانونيه. هذا افتراء علي صحيفه الوفد التي اعتز وواثق في قدره محرريها وكفاءه رئيس تحريرهاواخلاص محرريهاوالذين جعلوها ذات اداء مهني رفيع..اذا كانت هناك حملات من بعض الزملاءفي الصحف القوميهعلي مجلس تحرير الصحيفه وعلي مصطفي شردي نفسهفان هذه الحملات تسعدني كل السعاده لانها شهاده علي كفاءهجهاز التحرير وشهاده علي ثقه وصدقوضراوه قلم رئيس التحرير.. ولو لم يكن كفئا "مكنش حد جاب سيرته".. ولو كان فاشلا لامتدحوهبدلا من ان يهاجموه

قصه الوفد وشردي مع" شحرور الاخبار"

و" شحرور الاخبار" هو الكاتب الصحفي "- الاكثر شهره في زمن السادات- موسي صبري.. كان بوق السادات الذي لايتوقف عن النفير .. كان سلاحه في معركته مع الباشا ( لويس التاسع عشر المصري) فؤاد سراج الدين باشا زعيم حزب الوفد الجديد، ومع الفارس ( الصاغ الاحمر) خالد محي الدين القائد التاريخي لليسار المصري وزعيم حزب التجمع ( الوطني التقدمي الوحدوي وهو بقيه اسمه الذي تاكل علي مر الهزائم التي مني بهذا الحزب منذ ان بدا يتحالف مع الحزب الوطني ويتفقدمعه علي انجاح خمسه نواب له في البرلمان مقابل تخلي الحزب عن النقد الصارخ لمبارك( كما كان يحدث ايام اهالي صلاح عيسي وحسين عبد الرازق)

كان موسي صبري كتيبه صحفيين في صحفي واحد .. وكانت معاركه الرئيسيه مع من اسماه ب " الصحفي الاوحد" في زمن عبد الناصر وهو الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل .. وكان موسي صبري ياكل لحمه ميتا علي الافطار وعلي الغداء والعشاء وبين هذا وذاك ،كما كان موسي صبري يهاجم بعنف ايضا مصطفي شردي ، من باب رئاسته لتحرير الوفد التي كانت تؤرق مضاجع النظام ليلا ونهارا بمعرضتها السياسيه له وبطريقه مهنيه وعصريه جعلتها تكتسب ذيوعا وانتشارا غير مسبوق .. الي جانب هجومه - اي موسي- علي الحزبين الوفد والتجمع بقياده " لويس ال19 والصاغ الاحمر!

خاض موسي صبري حربا لاهواده فيها لتدمير مصداقيه " هيكل".. وكان قد اصبح عدوا للسادات منذ ان "  "رفته"من الاهرام بنص تعبير استخدمه في حديثه مع سيدمرعي رئيس مجلس الشعب وصهره .. ( هيكل استقال في الحقيقه ونص استقالته يتصدر الصفحه الاولي من احداعداد الاهرام الصادر عإم 1974 )عندما فوجيء السادات بهيكل يلتقي الامام الخميني ويتعاقد مع دار نشر عالميه وصحيفه اميركيه علي نشر كتابه مدافع ايات الله .. كان السادات يتصور ان الصحفي اذا تم" رفته"  فهو يتقاعد رغم كاي موظف يحال الي المعاش !كان موسي صبري طامحا ان يحصل في عصر السادات علي ا للقب والمكانه التي حظي بها هيكل في عصر عبد الناصر ومن هنا خاض معه معركه تكسير عظام لكن المعركه الاكثر جدلا واثاره لان فيها سجالا واخذا ورد( لان هيكل لايرد علي مهاجميه) كانت مع مصطفي شردي في الوفد ومع صلاح عيسي في التجمع او الاهالي صحيفته الناطقه بلسانه بمعني ادق.

اصبح موسي صبري مهاجم الباشا بحق او بغير حق،شخصانيا في هجومه حتي انه تعرض للحياه الخاصه لفؤاد سراج الدين، ولم لا فالسادات بتشبيهه ب" لويس التاسع عشر" ووصمه بالمولود وفي فمه ملاعق من ذهب ، قد اعطاه الضوء الاخضر للنيل منه، فراحت عصفوره الوفد التي كان يحررها المحرر القادم من جريده الاحرار ( لسان حال حزب الاحرار .. حزب المعارضه المستانسه كما اسماها السادات والتي قادها مصطفي كامل مراد الخطيب المرفوض من زوجه السادات فيما بعد جيهان صفوت رؤوف)  سعيد عبد الخالق تلاحقه وتتعقبه في سهراته وزلاته وغرامياته، ونسبت اليه علاقه مع " شحروره لبنان - في غابر الازمان طبعا- الفنانه القديره صباح ، وكانت من جميلات الغناء والتمثيل في هذا العصر .. وبدات تغمزه من قناه اعجابه الشديد بالفنانه وسعيه الي قلبها والتعلق الشديد بها ..مما اوغر صدر موسي صبري عليه.. وكانت مناسبه هائله للتشفي ان يتهم سعيد عبدالخالق فيما بعد في شرفه المهني ، واتهامه بمساومه السياسي اليمني الشهير عبد الرحمن البيضاني علي دفع رشوه بالاف الجنيهات ، لاسكات العصفوره التي كانت تشهر دوما بالدكتور البيضاني وكان صديقا للسادات منذ اندلاع الثوره اليمنيه علي حكم الامام يحي حميد الدين وقد قبض علي سعيد عبد الخالق وقيل انه ضبط متلبسا ومر بمحنه شديده نالت من سمعته وسمعه الوفد لسنوات طويله .. حتي انتهت القضيه !

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل