المحتوى الرئيسى

الجزائر – نساء ضحايا الطلاق بسبب مرض السرطان

11/06 09:41

جلست زوبيده علي حافه سريرها بمركز بيار ماري كوري لعلاج السرطان تنظر الي باب غرفتها وتنتظر قدوم ابنها جمال، حيث وعدها اخوها في الزياره الاخيره لها قبل اسبوعين، باحضاره معه في الزياره المقبله. وظلت زوبيده تتفحص وجوه المارين من باب غرفتها. واقتربنا منها لنسال عن حالها، فرسمت ابتسامه خفيفه رافقتها بعباره " الحمد لله". وفي لقاء مع DWتروي زوبيده البالغ عمرها 44 سنه، وهي ام لثلاثه اطفال، قصتها مع مرض سرطان الثدي بكثير من الحسره والالم وتقول: "قبل ثلاث سنوات اكتشفت تغيرات في ثديي الايسر، غير اني لم اعر اهتماما لذلك، ومع مرور الزمن ازدادت شكوكي، التي تحولت الي يقين بعد اجراء التحاليل والفحص الاشعاعي". وتضيف زوبيده لDW قائله: "رفضت وضع المرض، ولم ارضخ لالحاح الاطباء ولكلام زوجي بضروره استئصال الثدي، وقررت تفادي ذلك حتي الموت. ابدي زوجي في البدايه تعاطفا معي وشجعني علي اجراء عمليه، وهو ما خفف عني الكثير من الالم. غير انه بدا يتنصل من مسؤولياته الماديه والمعنويه تجاهي، فكان يتركني بالمستشفي لايام دون ان يسال عني، الي ان اخبرني في احد الايام، وانا علي سرير المستشفي بانه اتخذ قراراه النهائي بانهاء علاقتنا الزوجيه"، وتواصل زوبيده روايه ماسيها والدموع تملا عينيها، "كنت اعيش حياه سعيده وهادئه الي ان غدرني المرض.وحيث الان انتظر فقط دوري عسي ان يعجل الموت بحياتي".

قصه زوبيده مع مرض السرطان والحياه الزوجيه ليست فريده من نوعها، فقد بات الخوف من هذا المرض يؤرق المراه الجزائريه في السنوات الاخيره بعد توسع خريطه انتشاره الي كل الفئات العمريه، وتسجل الجزائر سنويا اربعين الف حاله اصابه، منها 11 الف حاله مصابه بسرطان الثدي، يقتل منهن 3500 امراه سنويا، اي بمعدل عشر نساء يوميا، وتبقي هذه الاحصائيات جزئيه، وبعيده عن الرقم الحقيقي لعدد المصابات بالمرض، لان اكثر من 70 بالمائه من الحالات المسجله يتم اكتشافها في المراحل الاخيره فقط، وهناك حالات عديده اخري لا يتم رصدها نهائيا بسبب نقص الوعي الصحي في المناطق الريفيه والصحراويه.

الاستاذه فاطمه الزهراء بن براهم، صاحبه مبادره هيئه المحامين للدفاع بالمجان عن النساء المريضات بالسرطان

وتعاني المصابات بمرض السرطان من وجود نقص في الادويه ومن طول الوقت بين جلسات العلاج بالاشعه. وتزداد معاناه المريضات بشكل اكبر بسبب نظره الاقارب والمجتمع لهن، حيث يدخلن في دوامه من المشاكل الاسريه، تنتهي في كثير من الحالات بالطلاق والتشرد. وتشير الارقام الي ان ظاهره الطلاق بين المريضات بالسرطان في ارتفاع مستمر. حيث يتعرض ثلت عدد المصابات بالمرض - اي اربعه الاف امراه- للطلاق.

وتحكي فريده حكايه اختها المرحومه سعاد، في لقاء مع DWببهو مستشفي بني مسوس بالعاصمه، حيث كانت مريضه بسرطان الثدي. فبعد استئصال ثدييها استطاعت ان تستجمع قوتها لرعايه ابنائها الاربعه، لكن زوجها رفض التحولات الجسمانيه لزوجته، وبضغط من العائله تزوج من امراه اخري، واجبر زوجته المريضه علي قبول امر الواقع والعيش مع الزوجه الثانيه في نفس المنزل، وهو ما قبلته سعاد بكل حسره"، وتضيف فريده قائله: " لم تتحمل اختي الوضع الجديد بعد ان كانت سيده البيت الاولي... وبعد مرور سته اشهر توفت، ليس بسبب المرض، وانما بسبب الحسره علي وضعها وما الت اليه بعد مرضها".

وتعمل جمعيات مساعده مرضي السرطان عل تقديم المساعده للمصابات بهذا المرض، وخاصه اولئك الذين يعيشون ضروفا اجتماعيه واقتصاديه صعبه، من خلال توفير امكانيه الاقامه للمريضات خلال فترات العلاج ومساعدتهن ماديا لضمان عيش كريم لهن. وتؤكد حميده كتاب، رئيسه جمعيه الامل لمرضي السرطان بالعاصمه، بان حالات مئات النساء المريضات اللواتي تخلي عنهن ازواجهن، ازدادت سوءا. وتستسلم الكثيرات منهن للمرض وبالتالي للموت. وتضيف كتاب لـDW : "ان التكفل النفسي والمحيط الاسري المشجع يشكلان نسبه 50 بالمئه في المسار المؤدي للعلاج، فالمريضه اذا كانت محبطه ومحطمه نفسيا فلا يمكنها ان تتعافي ولا يستجيب جسدها للعلاج"، وعن خوف النساء من الكشف المبكر للمرض، تري رئيسه جمعيه الامل ان النساء الجزائريات دون استثناء يعتبرن وجود علاقه مباشره بين مرض السرطان والموت. لذلك ترتعب المراه لمجرد حثها علي اجراء فحوصات مبكره.

الدكتوره اسيا موساي، المختصه في أمراض السرطان بمركز بيار ماري كوري بالعاصمه الجزائريه

يعتبر عدد من الرجال ان المراه المصابه بالسرطان غير قادره علي القيام بواجباتها الزوجيه والاسريه، فهي بالنسبه لهم "سلعه منتهيه الصلاحيه"، يسهل التخلي عنها او استبدالها بمبررات دينيه واخري اجتماعيه.

ويعبر العامل عبد القادر (45 سنه)، عن موقفه في هذا الموضوع بعد جلسه النظر في قضيه طلاقه بمحكمه بئر مراد رايس من زوجته ويقول: " من اين لي بالمال لانفقه علي علاجها الغالي جدا، وانا العامل البسيط الذي لا يكفي اجره لاساسيات الحياه" ثم يضيف لDW قائلا: "يعلم الله اني لم ارم زوجتي، لكن اجبرت بسبب قساوه الحياه وضيق العيش ".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل