المحتوى الرئيسى

انفراد بالصور .. «الوطن» تكشف أسرار «صناعة الموت» في سيناء

11/04 10:25

اخلع نعليك علي بابها.. فترابها من رفات شهداء الوطن.. انها الأرض المقدسة، ارض سيناء.. ما بين الحزن والالم، وفجيعه الفقد، وفرض حالة الطوارئ، وصولاً للاجراءات الاستثنائيه واخلاء الشريط الحدودي.. تعيش «ارض الفيروز» علي اعتاب التوتر والترقب الوجوه يشوبها حذر من نوع خاص، حذر ينتظر الموت ولا ياتي، وقد ياتي فجاه في ذات اللحظه التي لم تتوقعه فيها ابداً. جنود يركبون مدرعاتهم في مواجهه «شجاعه» مع الموت الذي ربما ياتي فيطريق «مفخخ» او هجمه ارهابيه.. الاهالي يعيشون الانتظار بكل تفاصيله.. ماذا ستفعلين بنا يا ارض سيناء اكثر مما عانيناه معك وقد كانت نفوسنا «حُبلي» باحلامنا المشروعه منذ عشرات السنين.. لكنها لم تاتِ ابداً الا علي هيئه كوابيس وحشيه لم تنتهِ حتي اليوم؟ «الوطن» في الارض المقدسه.. ترصد، تكشف، تقدم التعازي لارواح شهدائنا في مداد الحبر، تتعلق بحلم الامن والامان ككل المصريين، المُنتظر من بين براثن «كتله نار مشتعله بيد الارهاب الاسود» استطاع ان يُلبس المصريين اكفاناً منتقله من سيناء الي طول مصر وعرضها.. ويقيم الحزن في قلوب بنصف حياه، كزائر شبه دائم منذ ثوره 30 يونيو.. هناك في تلك البقعه الداميه، في سلسله حوارات متصله، يحارب «القلم» الرصاصه ويحاول ان يقاوم «الكفر» بالحبر.

ينطق الشهادتين قبل ان يخرج من بيته، لا يسلم علي ابنائه واحفاده حتي لا تكون هي لحظه الفراق الحقيقيه.. لا يخاف الموت بعد ان بات ظلاً ملازماً لكل خطواته. ستظل بينهما عمليات «كر وفر» الي ان يحين الاجل كما يقول.. وكيف لا بعد ان باتت مهمته الاساسيه هي انقاذ ارواح الابرياء منه؟ حتي بات بالامكان تلقيبه بـ«احد صناع الحياه في سيناء»، واستحق تكريم الفريق صدقي صبحي، وزير الدفاع، علي شجاعته؛ حيث يواجه وزملاؤه الموت مئات المرات علي مدار سنوات عملهم، لكن يظل ايمانهم بالله والوطن الفيصل الوحيد في كل مهمه انقاذ جديده. لم يكن محمد عبدالتواب، المتخصص في تفكيك العبوات الناسفه والمتفجرات شديده الخطوره بوحده المفرقعات باداره الحمايه المدنيه، خائفاً من ظهور وجهه امام عدسات الكاميرات، قائلاً لـ«الوطن»، في حوار هو الاول من نوعه: «الارهابيون يعرفون شكلي جيداً وتلقينا عشرات المكالمات التهديديه انا وزملائي منهم؛ لاننا نُبطل عملهم الجهادي في سبيل الله كما يدعون».

«عبدالتواب» يكشف لـ«الوطن» في هذا الحوار كيف تطور العمل الاجرامي لارهابيي سيناء في تصنيع العبوات الناسفه وكيف تتم عمليات الاستهداف واهم المواد المتفجره التي يتم استخدامها ومصادرها واسرار المواد التفجيريه التي تم استخدامها في حادث «كرم القواديس» وتفاصيل التفجير الحقيقيه، وغيرها من تفاصيل يتم الكشف عنها لاول مره حول صناعه الموت في سيناء.

كما تنفرد «الوطن» بمجموعه من الصور الحصريه لمُفجر عُثر عليه وعليه «كود اجنبي» وُجد في منطقه «رفح» من ضمن مئات اخرين.

■ هل تطورت قواتنا في كشف المتفجرات والعبوات الناسفه ام لا تزال تواجه خللاً؟

- ما عنديش اجهزه، ولا يوجد عندي اي جهاز متطور يستطيع كشف المتفجرات والعبوات الناسفه حتي الان، وما زلنا نعتمد علي العنصر البشري في اكتشافها وتفكيكها!

■ اذن كيف تعرف بوجود المتفجرات والعبوات الناسفه قبل انفجارها؟

- اما عن طريق ابلاغ الاهالي بوجود اجسام مشتبه بها، واما ان تاتي لنا تعليمات امنيه بتفتيش اماكن او مناطق او طرق معينه لتامينها.

■ لماذا نجد ان الارهابيين يعتمدون علي استخدام العبوات الناسفه والمتفجرات اكثر من اعتمادهم علي الرصاص والقذائف؟

- العبوات الناسفه تعني اباده، والارهابيون يريدونها حرب اباده في سيناء؛ فالرصاصه عندما تطلَق ستصيب من تطلَق عليه، وقد ينجو من اصيب منها، لكن العبوات الناسفه خسائرها كبيره في الارواح «بالجمله زي ما بيقولوا» ونسبه النجاه منها في الغالب تكون صفراً.

■ ما اخطر انواع المتفجرات التي يستخدمها الارهابيون في سيناء؟

- لديَّ قائمه فيها 67 نوع متفجرات، لكن اكثرها شيوعاً وانتشاراً في تصنيع العبوات الناسفه هي مواد «C4» و«TNT»، و«INFO»، وهناك مواد اخري متطوره لا يمكن الكشف عنها.

■ التنوع في استخدام هذه المواد المتفجره، متي بدا في الظهور؟

- بعد ثوره 30 يونيو؛ ففي السابق كنا نجد ان المواد المستخدمه هي عباره عن الديناميت والـ«تي ان تي» لكن بكميات قليله، لكننا الان في سيناء نجد انواعاً جديده ومتطوره مثل الانفو والسي فور وفلمنات الزئبق ونترات الجلسرين ونترات البنزين ونترات البوتاسيوم وغيرها.

■ ما اخطر هذه الانواع؟

- كلها تمثل خطوره شديده؛ فالهدف في النهايه واحد وهو اكبر عدد من الضحايا، بعد ان يضاف للعبوه الناسفه رولمان بلي وقطع من الحديد والمسامير لتكون الخسائر اكبر، والانفو هو اقلها تاثيراً اذا ما استُخدم بمفرده، فيما يعد «تي ان تي» اكثرها خطوره لانه يعطي 8٫76 جزء من المليون في الثانيه في سرعه الانفجار بالموجه الانفجاريه.

■ ما مكونات العبوات الناسفه، خاصه التي تُصنع في شكل برميل؟

- يتم وضع الماده التفجيريه الرئيسيه ولتكُن «TNT» في ارضيه البرميل، حسب حجم العمل الاجرامي الذي يريدون القيام به، ويتراوح وزن البرميل بين 20 و250 كيلوجراماً، اي ربع طن، حسب المكان المستهدف. وداخل هذه الماده يوضع المفجر او تيل انفجاري عباره عن خرطوم بلاستيك ملفوف عليه نوع معين من الخيوط وهذا الخرطوم يُملا بالبارود الاسود وتيل الامان الذي يتكون من 3 انواع من متفجرات اخري «شديده الانفجار»، ويتم من خلال تفجيرها لكي تولد درجه حراره لا تقل عن 80 درجه مئويه حتي تنفجر بعد ذلك ماده الـ«TNT» الموضوعه في البرميل، فهو لا ينفجر بدرجه حراره اقل من هذه.

■ هل يعني هذا ان هناك انواعاً مختلفه للمُفجرات نفسها لتوليد درجه الحراره العاليه؟

- نعم، هناك مُفجر «طرقي» ومُفجر كهربائي، والاخير الاكثر شيوعاً ويكفي ان تصله طاقه كهربائيه من بطاريات الاقلام «2 فولت - 9 فولت»؛ حيث يقومون بتوصيل الدائره الكهربائيه بالتيل الانفجاري لتوليد درجه الحراره اللازمه.

■ ماذا عن استخدام اجهزه اللاسلكي والمحمول في العمليات التفجيريه؟

- هذا نوع جديد من العمليات الارهابيه، وهنا يقوم الارهابيون بتوصيل الدائره الكهربيه بدائره الكترونيه ذات مواصفات معينه يمكن من خلالها التقاط اشاره من جهاز اللاسلكي او التليفون المحمول؛ حيث يعرفون التردد الخاص بالجهاز لارسال الاشاره، اما في المحمول فيجرون الاتصال كاي مكالمه بضغط زر «Call»، فتنفجر العبوه، وهذا احد التكتيكات المتطوره في تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفه، اي ان العبوه الناسفه هنا تحتوي علي الماده الانفجاريه والمُفجر الذي يعمل بالاشاره عن بُعد وهذه العبوات التي تُستخدم حالياً لتفجير المدرعات والكمائن علي الطرق او المباني الحكوميه كمديريات الامن مثلاً وغيرها، وبلغ بهم الاجرام انهم احيانا يضعون مُفجرين في العبوه الواحده لكي تكون اشد وطاه في احداث الخسائر.

■ ما المدي الاقصي لعمل اللاسلكي والهاتف المحمول في تفجير العبوات الناسفه؟

- ان يكون علي بعد حوالي 20 متراً، وهذا يعني ان المنفذين لا بد ان يكونوا في محيط عمليه التفجير.

■ هل رصدتم تطوراً نوعياً اخر لهذه العبوات في هجمات سيناء بخلاف استخدام اجهزه المحمول واللاسلكي؟

- نعم، هم يقومون حالياً بوضع دائره مصنوعه من الصلب علي شكل طبق في العبوات الناسفه، تكون موجهه في اتجاه الموجه الانفجاريه التي تعرف احداثياتها وهي مملوءه ايضاً بماده «TNT» وقوه اندفاع هذه الدائره توازي 70 كيلومتراً في الثانيه، لتدمير المدرعات؛ حيث يولد الانفجار درجه حراره تعادل 3000 درجه مئويه تخترق اي جسم امامه، وهذا ما حدث في كل حالات استهداف المدرعات التي ينتج عنها اشتعال المدرعه بمن فيها بالكامل.

■ هل قطع اتصالات شبكات المحمول يمنع العمليه التفجيريه؟

- اعتبر قطع الاتصالات مجرد اجراء «احترازي» وربما «اجتهادي»؛ لان هؤلاء الارهابيين لديهم وسائل اتصالات لا تعمل علي شبكات المحمول المصريه من ناحيه، وبعضهم يعمل بالفعل علي شبكه «اورانج» الاسرائيليه، ومن ناحيه اخري بداوا العوده لاستخدام «المولدات» او «الدينامو» اليدوي، الذي كان يتم استخدامه زمان من مسافه 200 الي 300 متر، ويكون الارهابي مختبئاً في حفره تحت الارض او في مكان منخفض لا يظهر منه علي الطريق ويكون هناك شخص اخر معه يراقب له الطريق، فيعطيه اشاره البدء، فيستخدم هذا المولد في تفجير العبوه الناسفه التي تم زرعها علي الطريق.

■ هل شاهدت مثل هذا النوع من التكنيك؟

- نعم، كان احدها في منطقه الشيخ زويد التي راح ضحيتها الضابط محمد حلمي مع 6 من زملائي؛ فقد كانت شبكه الاتصالات مقطوعه ومع ذلك تم التفجير.

■ تحدثت تقارير رسميه مؤخراً عن استيراد مجموعه حديثه من الاجهزه التي يمكنها ان تحد من عمليات التفجير، ما تعليقك؟

- «ولا ليها اي لزمه»؛ فلقد كان لدينا احد هذه الاجهزه وتقوم بالتشويش لمسافه 25 متراً، في حين ان الارهابيين طوَّروا اساليبهم في تصنيع العبوات الناسفه لامكانيه التفجير من بعد 50 متراً، في حين ان الجهاز الواحد ثمنه مليون و200 الف جنيه، وبالمناسبه هذا الجهاز انفجر مع تفجير المدرعه التي كان بها زملائي.

■ ما الماده التي تخافون ان يتم استخدامها في العبوات الناسفه؟

- كل الخوف من استخدام ماده «.....» -تتحفظ «الوطن» علي كشفها لدواعٍ امنيه- وهي ماده شديده الخطوره واكتشفنا احتواء احدي العبوات الناسفه عليها لكن بكميات قليله مؤخراً في تطور نوعي للعمليات الارهابيه وهي غير متوافره في مصر ايضاً مثل ماده «TNT»، ويتم تهريبها عبر الانفاق من غزه، خاصه انه علي من يقوم باستخدامها ان يكون فنياً محترفاً حصل علي تدريبات عسكريه متخصصه لاستخدامها.

■ هل تعتقد ان التطور النوعي في تصنيع هذه العبوات الناسفه والمتفجرات يشير بطريقه ما الي انها لا تنبع من افراد بل معسكرات بالمنطقه؟

- نعم، وارجح بشكل كبير ان هؤلاء الارهابيين تلقوا تدريبات عسكريه متخصصه وليس فقط مجرد مرتزقه يتم استخدامهم من ضمن جماعات تكفيريه للقيام بعملياتهم؛ فالذي نشاهده يعني تحديداً ان هناك اشخاصاً «فنيين» كانوا يعملون في تصنيع هذه المتفجرات بشكل عالي الكفاءه؛ فصناعه الارهاب التي تظهر من خلال تركيبات العبوات الناسفه ليست وليده تفكير اشخاص عاديين او هواه، فكل مره يفاجئوننا بطريقه جديده في التصنيع والاستهداف.

■ من اين تاتي المواد الاوليه اللازمه لتصنيع هذه المتفجرات والعبوات الناسفه مثل «الانفو والسي فور والتي ان تي»؟

- «الانفو» ياتي من الزراعات، وتحديداً من السماد، الذي يستخدم فيه ماده «نترات البوتاسيوم» التي يقوم الارهابيون باضافه مواد اخري عليها بنسب معينه منها «الكبريت والفحم»؛ فهي عباره عن «تركيبات كيميائيه»، اما «السي فور» فهي ماده بلاستيكيه، وخطورتها انها لا تظهر في اجهزه الكشف عن المتفجرات او بوابات التامين، وبعض الكلاب البوليسيه المدربه لا تستطيع كشفها، وهنا يكون العنصر البشري الحاسم في اكتشاف هذه المواد حال تهريبها، بمعني ادق: «لازم ادور بايدي واكون عارف كل ماده شكلها عامل ازاي وملمسها ولونها وريحتها ايضاً»، اما ماده التي ان تي فيتم تهريبها من غزه عبر الانفاق؛ لانها غير موجوده في مصر، بل الادهي والامر اننا وجدنا مُفجرات للعبوات الناسفه عليها اكواد اجنبيه ايضاً بخلاف التي يتم تصنيعها يدوياً في سيناء.

■ هل استُخدمت مادتا «السي فور والانفو» في حادث «كرم القواديس»؟

- لا، استخدموا «تي ان تي» بكميات هائله، اما «السي فور» فتُستخدم في تلغيم الخطابات او الطرود المرسله لاشخاص بهدف اغتيالهم؛ حيث يقومون بتوصيل تلك الماده بدائره كهربائيه (بطاريه ساعه) ما ان يفتحها الضحيه حتي تنفجر فيه، وهذا للاسف حدث منذ فتره مع احد الضباط.

■ ما وسائل تهريب هذه المواد؟

- بكل اسف يتم تهريبها بسهوله عبر الانفاق مع غزه، لانها تكون علي شكل مواد اوليه، فيتم نقلها الي داخل سيناء في ارضيات السيارات النصف نقل، ويقومون باخفائها بوضع براميل «مخلل» او براميل صابون سائل فوقها، او يضعون فوقها مجموعه من الحطب او الاخشاب حتي لا يظهر ما في ارضيه السياره.

■ هذا يعني ان الكمائن لن تستطيع اكتشاف المتفجرات حتي لو استعانت باجهزه كشف؟

- نعم، لان اجهزه الكشف «تصفر» عند وجود مواد صاج او حديد، اي تكون العبوه الناسفه تم تصنيعها بالفعل ووضعها في عبوات التفجير، لكن المواد المُتفجره لا تتعرف عليها ابداً، خاصه ان هذه المواد تشبه «الجير» والمواد المستخدمه في الدهانات.

■ ما اخطر المهام التي قمت بها خلال فتره عملك وتحديداً بعد ثوره 30 يونيو؟

- تفكيك عبوه ناسفه احتوت علي 250 كيلو TNT وفيها 2 مُفجر وضعت امام مستشفي العريش العام منذ حوالي 6 اشهر، وكانت خسائرها المحتمله بشعه فوق الوصف لو انها انفجرت «لكن الله لطف»، فالارهاب في سيناء لا يستهدف فقط الشرطه والجيش، بل كل ما هو حكومي لدرجه ان وصلت بهم الخسه والجبن الي محاوله ان يفجروا مستشفي عامه بمن فيه من اطقم طبيه ومرضي.

■ كيف اكتشفت وجود هذه العبوه الناسفه؟

- جاءنا بلاغ في الساعه 6 صباحاً بالاشتباه بوجود جسم غريب بجانب باب المستشفي، وحاول احد العاملين بالمستشفي تبين ما به، فوجد توصيله كهرباء «المُفجر» فعاد مسرعاً وقام بالابلاغ، وعندما ذهبنا قمنا باخلاء المستشفي والمنطقه المحيطه به، ولحسن الحظ وفضل الله علي عبيده، اكتشفنا انها كانت معده للانفجار فور عوده شبكه الاتصالات. المثير للانتباه ان كلب المفرقعات بعد ان قام بالاقتراب من العبوه اعطاني اشاره سلبيه بانها ليس بها شيء، وهذا امر غريب يدعونا الي الانتباه الي ان الكلاب لا تكون قادره طوال الوقت علي اكتشاف المواد الناسفه، فقمت بالانبطاح علي بطني وزحفت ناحيه العبوه الناسفه وقمت بفصل الدائره الكهربيه عن العبوه وابطلنا مفعولها، وكان بها كميات هائله من ماده TNT والسي فور C4 والانفو INFO.

■ هل اكتشفت شيئاً غريباً بعد تفكيك العبوه فيما يتعلق بصناعه المتفجرات والعبوات الناسفه؟

- نعم، وجدت ان ماده TNT عباره عن بودره، وليست صلبه، والمعتاد ان تكون هذه الماده مصبوبه «صلبه»، واثناء عمليه تفريغ البودره، يدي «خبطت» في جسم صلب داخل البودره، فاذا بي اكتشف انها مُفجر متطور اخر كان معداً للانفجار في حال تفكيك العبوه الاولي بعد فتره زمنيه محدده، لكن هذه المره كان المستهدف منها رجال الحمايه المدنيه ومن معهم وتحديداً بعد انتقال القوه الي مديريه امن شمال سيناء لكي تنفجر هناك بمن فيها من ضباط وعساكر، فالارهابي الذي زرعها توقع اننا في حال عثورنا علي العبوه الناسفه، سنقوم بتفكيك الدائره الالكترونيه الاولي وننتقل بباقي العبوه الي مديريه الامن، وهذا يعني انه يراقب تحركاتنا ايضاً بدليل انها كانت معده لتنفجر بعد وصولنا الي المكان المحدد الذي كان يريد تفجيره في انتظار اتصال تليفوني منه كنت اسميه «مكالمه الموت».

■ ما تقوله يعني ان الارهاب لم يعد يستهدف قوات الشرطه والجيش فقط، بل المدنيين ايضاً؟

- نعم، فقد قمنا مؤخراً بتفكيك عبوه ناسفه امام مسجد النصر في شارع 23، واستطعنا من حوالي سنه تفكيك عبوه ناسفه عند جامعه سيناء كانت موصله بـ«تايمر» لمده 8 دقائق، فسرعه الابلاغ هنا تظل عنصراً مهماً في انقاذ ارواح الناس، ولقد قمت بفك عبوه ناسفه هيكليه ليله عيد الاضحي الماضي، عباره عن 6 اصابع ديناميت متصله بدائره الكترونيه بتليفون محمول، امام احد المحال العامه، فضلاً عن ان حادث كرم القواديس تم كذلك في ليله السنه الهجريه.

■ كم مره تم استهداف مديريه امن شمال سيناء؟

- اكثر من مره لكنها لم تنجح، وكان اخرها حينما تم اطلاق صاروخ علي مديريه الامن في رمضان الماضي ساعه الافطار، وبفضل الله علينا انه دخل في «جهاز التكييف» ولم ينفجر.

■ برايك ما سبب عدم انفجار الصاروخ؟

- حينما دخل الصاروخ في الجسم الخارجي للتكييف حدث له ميل معين و«الطبه» التي تُفجر الصاروخ انحرفت عن مسارها فلم ينفجر، وتفتت الي مجموعه اجزاء واحدث اشتعالاً بسيطاً في الغرفه التي كان بها «المكيف» لكن تمت السيطره عليه بسرعه.

■ ما اغرب اسرار التطور النوعي للارهاب في تصنيع العبوات الناسفه؟

- استخدام «مشبك الغسيل»، حيث يقومون بلف سلك علي احد اطرافه، وسلك اخر علي الطرف الثاني، وتوصيل السلكين بالدائره الكهربيه، مع وضع قطعه خشب صغيره رفيعه في المنطقه الوسطي «فتحه المشبك» ويربط هذه الخشبه الصغيره بخيط «شعر» غير مرئي ممدود علي مسافه طويله الي حيث يكون الارهابي متمركزاً ومختبئاً، بحيث اني «لو داخل افتش مكان اخبط في السلك برجلي وانا مش واخد بالي فتتشد القطعه الخشبيه وتغلق الدائره التفجيريه وتنفجر العبوه الناسفه في المكان».

■ هل عاصرت تجربه مثل هذه؟

- نعم، حدث في احد الكمائن التي تبعد عن ديوان المحافظه بنحو 7 كيلومترات، وقبل مطار العريش بنحو 8 كيلومترات، فهذه الطريقه يتم استخدامها علي الطرق ايضاً، لكن بفضل الله لم تنفجر العبوه، لان السلك لم يُقطع، حيث وضعوا العبوه الناسفه بميل علي احد جانبي الطريق علي مكان غير ثابت، وحينما مرت المدرعه وقعت العبوه الناسفه علي الارض، واستطعنا تفكيك عبوه اخري تم اعدادها وتصنيعها بنفس الطريقه في الشيخ زويد، كانت متصله بخيط «لا مرئي» طوله حوالي 20 متراً علي احد جانبي الطريق، وكانت معده لتفجير اي مدرعه جيش او شرطه ستمر في المكان.

■ كيف يتم تفخيخ الطرق الرئيسيه بهذه السهوله؟

- من اخطاء الجهاز التنفيذي والمحافظه انه بعد حدوث انفجار لا يتم فوراً ردم الفتحه او الحفره التي يسببها الانفجار في الاسفلت واعاده تسويه الاسفلت، هذه مصيبه لان الارهابيين يعودون الي نفس المكان ويزرعون عبوات ناسفه جديده في هذه الحفر، ثم يقوم الارهابي بنفسه بردم هذه الحفر علي ما فيها من متفجرات لتعبر من فوقها مره اخري اي مدرعه جديده، بل وربما يختبئ فيها ايضاً اثناء فتره الاعداد لتجهيز العبوه الناسفه لحين الانتهاء من مهمته.

■ وهل حدث هذا بالفعل؟

- نعم، تم تفجير مدرعه في منطقه «السدود» منذ فتره واحدث التفجير فجوه كبيره في الاسفلت لم يتم ردمها، فقام المنفذون بوضع عبوه جديده مره اخري، والمصيبه هنا انهم وضعوا داخل الحفره ماسوره صرف صحي بقطر 6 بوصات، ووضعوا داخلها برميلاً به 250 كيلو من ماده TNT والانفو INFO في منتصف الطريق بالضبط، واستطاعوا تفجير مدرعه اخري مرت من نفس الطريق، وكان التفجير في وسط المدرعه بالضبط لدرجه ان المدرعه «اتفرتكت مليون حته بالجثث اللي فيها» وراح ضحيتها 6 عساكر وضابط وامين شرطه لدرجه ان اشلاءهم طارت في الهواء وتناثرت علي بعد كيلو من موقع التفجير.

■ كيف استطاع الارهابيون زرع العبوه والتحرك بالماسوره والمواد المتفجره بكل بساطه هكذا؟

- هذا الطريق لا تمر عليه قوات امنيه كثيره، والمنفذون يعرفون تماماً مواعيد مرور المدرعات من هذا الطريق، وفي ذات الوقت يمكن ان يكونوا نفذوا العمليه وهم يرتدون ملابس عمال من هيئه الطرق كانهم يقومون بردم الحفره.

■ هل فكرت في طريقه لتامين الطرق بحكم عملك؟

- نعم، كاميرات التصوير اعتقد انها اذا ما وضعت علي مداخل ومخارج الطرق يمكن ان تنقذ ارواحاً كثيره من الموت، كما يجب الاستعانه بمهندسي طرق لتصميم الطرق علي ان تكون ذات منحدرات بحد ادني من 5 الي 10 سنتيمترات، لانه يلزم لانفجار العبوات الناسفه ان تكون في وضع موازٍ للطريق.

■ اثار استخدام احد زملائك «خشبه» لتفكيك قنبله السخريه علي مواقع التواصل الاجتماعي، فهل هذا اجراء سليم؟

- هو كان يحاول شد سلك المُفجر وقطع الدائره الكهربيه او الالكترونيه، وهذا خطا لان فيها مخاطره كبيره علي حياته وعلي من حوله من الناس.

■ هل الستره الواقيه التي ترتديها توفر لك الحمايه الكامله في حال انفجار عبوه ناسفه وقت تفكيكها؟

- مبتسماً: لا، فهذه الستره كل وظيفتها حمايه «الجثه» من التهتك او التطاير الي اشلاء، اذا ما وقع الانفجار، حتي يجدوا في النهايه «جثه» يدفنونها وحتي عمل هذه الستره الواقيه يتوقف عند حدود 3 مترات من العبوه الناسفه، لكن اذا اقتربت اكثر من ذلك علي سبيل المثال لمسافه متر، فلن تجدوا الستره او الجثه، وفي اغلب الاوقات اثناء عملنا تكون العبوه الناسفه معنا وجهاً لوجه.

■ الي اي مدي ممكن ان يقود خطا بشري في عملك الي كارثه اخري؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل