المحتوى الرئيسى

نيويورك تايمز: بالصراعات والأسمنت يعزز أردوغان قوته

11/02 18:25

مترجم عنTurkish Leader, Using Conflicts, Cements Power

انقره، تركيا – علي مساحه ما يقرب من 50 فدانًا من اراضي الغابات التي كانت الحوزه الخاصه بالاب المؤسس لتركيا مصطفى كمال اتاتورك. يٍشيد المنتجع الرئاسي الجديد للدوله التركيه والذي يتكون من حوالي 1000 غرفه ونظام انفاق تحت الارض واحدث تكنولوجيا لمكافحه التجسس. وهو اكبر من البيت الابيض والكرملين وقصر باكنجهام.

يبلغ تكلفه البناء حوالي: 350 مليون دولار.

ثم هناك طائره الرئاسه الجديده عاليه التقنيه (السعر المقدر 200 مليون دولار)، ناهيك عن المكتب الرئاسي الجديد المطل علي البسفور الذي يعيد للاذهان قصور الحقبه العثمانيه.

كل تلك التسهيلات لخدمه الطموحات الضخمه لرجل واحد: الرئيس رجب طيب اردوغان.

السيد اردوغان في السلطه لاكثر من عقد من الزمن، وهو سياسي اسلامي ورئيس الوزراء الذي كان كثيرًا ما يوصف بانه نموذجًا يحتذي به في العالم الاسلامي، لانه استطاع التوفيق بين ايمانه وبين الديمقراطيه. ولكن في هذه الايام السيد اردوغان يظهر بشكل مختلف تمامًا. فهو مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يهم اي منصب يكون فيه، ولكن هو القائد الحقيقي لبلاده.

في تركيا نظريًّا الرئيس ياتي ثانيًا بعد رئيس الوزراء، ولكن واقعيًّا ومن وقت انتخاب السيد اردوغان رئيسًا في اغسطس، فانه امتص قوه ومميزات منصب رئيس الوزراء في منصبه الجديد.

مثل السيد بوتين – الذي غير موقعه بين الرئاسه ومكتب رئيس الوزراء ثم الرئاسه مره اخري – كلما تنامت قوه السيد اردوغان كلما توترت علاقته مع الولايات المتحده الامريكيه.

يقول ستيفن كوك، خبير الشؤون التركيه وزميل مجلس العلاقات الخارجيه في اشاره الي السيد اردوغان “في الكثير من النواحي، هو يملك المكتبين”.

في بدايه هذا العام، لم يكن هذا المسار المتوقع حدوثه. فقد كان يعاني من مظاهرات واسعه مناهضه للحكومه بدات في صيف عام 2013، وواجه السيد اردوغان فضيحه فساد واسعه النطاق استهدفته شخصيًّا والدائره القريبه منه، مما دفع العديد من المحللين الي توقع زوال حكومته.

وبدلاً من ذلك، فقد استخدم صراعه مع واشنطن وخصومه السياسيين كقوه للمساعده في توطيد سلطته وواجباته كرئيس وزراء. فقد دعم اجندته الدينيه بقاعده من المحافظين، وباشتباكه مع سياسه الولايات المتحده المناهضه لمليشيات الدوله الاسلاميه، ولومه التدخل الاجنبي لتضخيم شكل وتاثير الازمات والتحديات التي التي تواجهها تركيا تحت ادارته – القتال علي حدودها مع سوريا، والعلاقات المتوتره مع حلفائها في حلف شمال الاطلسي، والضغط علي الاقتصاد- استطاع ان ينمي قوته وسلطته.

في خطابه الاخير، قدم السيد اردوغان تقييمًا يعجب قاعدته الدينيه السنيه – ردده من بعده مقاتلين الدوله الاسلاميه- فازمه الشرق الاوسط تنبع من تصرفات البريطانيين والفرنسيين بعد الحرب العالميه الاولي، والحدود التي رسمتها اتفاقيه سايكس- بيكو بين العراق وسوريا.

وانتقد بكل وضوح الاتفاقيه عندما قال “ان كل الصراعات في المنطقه كان مرتب لها من قرن مضي”. واشار بانه يوجد في المنطقه مؤامره جديده تجري حاليًا، يقوم “الصحفيين ورجال الدين والكتاب والارهابيين” بالتناسخ الجمعي للدبلوماسي البريطاني والجاسوس “توماس ادوارد لورانس” والذي تم تخليده في فيلم “لورانس العرب”.

يضيف اردوغان بدون توضيح مباشر “انه من واجبنا ان نوضح للعالم ان هناك كثير من “لورنس” بصورته الحديثه متخفيين في شكل المنظمات الارهابيه”.

احمد داود اوغلو، وزير الخارجيه السابق، هو رئيس وزراء تركيا. ولكن تجد ان السيد اردوغان هو الذي يتحدث مع الرئيس اوباما لمناقشه دور تركيا في محاربه الدوله الاسلاميه، في حين ان البيت الابيض دائمًا ما يذكر دبلوماسييه بوضع السيد داود اوغلوا في المناقشات الدائره بين الطرفين.

استمرار رفض تركيا السماح للولايات المتحده باستخدام قواعدها لضربات جويه ضد قوات الدوله الاسلاميه في سوريا والعراق – والاصرار علي استهداف التحالف لحكومه بشار الاسد الرئيس السوري- كشفت عن الانقسامات العميقه بين البلدين، والتي دفعت المحللين الي التساؤل هل تركيا بلد موثوق فيها كحليف داخل حلف الناتو؟ بل تمادي البعض بوجوب طرد تركيا من الحلف.

ان العلاقه مع واشنطن تتسم بعدم الارتياح منذ فتره طويله. ففي عام 2003، منعت تركيا الولايات المتحده باستخدام اراضيها لغزو العراق. وفي عام 2010، اغضب الاتراك واشنطن بالتصويت ضد عقوبات الامم المتحده علي ايران بسبب برنامجها النووي، بل عملت تركيا مع البرازيل للتوسط في الصفقه المقترحه مع ايران.

في بدايه مسيرته، سجن السيد اردوغان لقراءته قصيده اسلاميه في الاماكن العامه ووقتها كان رئيسًا لبلديه اسطنبول. وفي سنواته الاولي كرئيس للوزراء، وفي ظل استمرار الجيش التركي حاميًا لعلمانيه الدوله، حقق اردوغان رغبته بان يكون للدين دور اكبر في الحياه العامه، وفي نفس الوقت كان يدفع للحصول علي عضويه الاتحاد الاوروبي، وهو الامر المتوقف حاليًا.

في السنوات الاخيره، ومع تحييد الجيش في التدخل في الشؤون العامه، بعد سلسله من التجارب المثيره، اصبح اردوغان الزعيم الاسلامي الاقوي. وفي اعقاب انتفاضات الربيع العربي، سعت تركيا الي لعب دور اكبر في تشكيل المحيط الاقليمي، ودعمت بالتالي الحركات الاسلاميه مثل الاخوان المسلمين، الذين انتخب منهم رئيسًا لمصر، ثم اطيح به في انقلاب عسكري، في ضربه موجعه لطموحات لتركيا.

السيد اردوغان جعل سلطته اقوي من ذي قبل من خلال فصل الالاف من ضباط الشرطه والمدعين العمومين والقضاه، والذين كان يعتقد انهم وراء مزاعم الفساد التي طالته. واتهم اردوغان هؤلاء بانهم اتباع الداعيه الاسلامي فتح الله كولن، الذي يعيش في منفي اختياري في ولايه بنسلفانيا والحليف السابق المهم للسيد اردوغان. ان انتصاره علي كولن في صراعهما علي السلطه، نحي الاعتدال عن سياسه اردوغان بصوره واضحه، واضر النكهه الاوروبيه الحديثه في النخبه الحاكمه التركيه ذات الميول الغربيه، حتي ان الخبراء يرون ان اقصاء اتباع كولن من الشرطه والقضاء له تاثير غير صحي.

يقول روسين شاكير وهو باحث في الحركات الاسلاميه التي تعيش في اسطنبول “رجب طيب اردوغان، مثل جماعه الاخوان المسلمين مثل اغلب الحركات الاسلاميه في كل مكان، يرون ان مشاكل العالم الاسلامي بسبب الغرب”.

ولكن السيد فتح الله كولن يقول: “ان مشاكل العالم الاسلامي بسبب المسلمين انفسهم”.

لذا فقد اختلف المساران التركي والغربي في نقاشهما المستمر حول طريقه محاربه الدوله الاسلاميه.

وقال سوات كينكليوجلو وهو نائب سابق في حزب السيد اردوغان والذي ينتقده بكل صراحه. ان خطاب اردوغان الذي اشار الي سايكس بيكو يظهر بكل وضوح “كم يكره اردوغان القوي الغربيه العامله في المنطقه”.

وقال عمر تاسبينار، المتخصص في الشان التركي في معهد بروكنغز: “كان خطاب السيد اردوغان الذي ذكر فيه لورانس العرب جزءًا من رؤيه كبيره – فهو اراد ان يظهر كيف تم رسم حدود الشرق الاوسط من قبل الامبرياليين وكيف اننا وجها لوجه مع اجنده غربيه جديده”.

وجهه النظر المتجذره الخاصه بان تصرفات الغرب خلال القرن الماضي تفسر مشاكل الشرق الاوسط الان، الي جانب التناقض بين المحافظين والمتدينين الاتراك الذين يشكلون جوهر دائرته حول الانضمام الي الغرب في معركته ضد السنه، يساعدان في تفسير عزوف السيد اردوغان القيام بدور اقوي في التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحده.

في مقاله للكاتب الهندي بانكاج ميشرا صدر في صحيفه الجارديان، حول زوال الحضاره الغربيه كنموذج للعالم النامي. وانتشر بشكل واسع علي الرغم من انه وجه انتقادات حاده لتركيا، وضع تركيا ضمن مجموعه من البلدان – بما فيها روسيا تحت حكم بوتين والهند في ظل رئيس وزرائها الجديد ناريندرا مودي – التي جمعت التحسن الاقتصادي والانتخابات الديمقراطيه وايضًا ازدياد القياده الاستبداديه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل