المحتوى الرئيسى

الشمس والرياح.. طريق مصر للخروج من الظلام :: بوابة الشروق :: نسخة الموبايل

11/02 00:50

• الطاقه المتجدده تحل ازمه الكهرباء وتفتح الباب لفرص العمل

• نظام لتشغيل الاضاءه والمراوح والتليفزيون والكمبيوتر بـ 3 الاف جنيه للشقه

• «الخلايا الشمسية» هي المستقبل في إنتاج الكهرباء.. و«CPS» مكلفه ولها عيوبها

• تشغيل مدارس في الاسكندريه بالطاقة الشمسية يسد عجز الكهرباء في المحافظه

المدير التنفيذي لـ«العربيه للطاقه المتجدده»: التعريفه الجديده جاذبه للاستثمار وتحتاج اليه تراعي التضخم والاسعار العالميه

• تنفيذ محطه شمسيه يستغرق ما بين 4 شهور وسنه والمحطة النووية تحتاج 10 سنوات

• جلال عثمان: نستورد وقودا لنحرقه في محطات الكهرباء كاننا نحرق العمله الصعبه

فوق سطح منزلها في احدي المدن الجديده علي اطراف القاهره، وضعت نظاما شمسيا يتيح لها الاضاءه وتشغيل بعض الاجهزه الكهربائيه اذا انقطع التيار، لتستقل ببيتها المكون من ثلاثه طوابق ــ تضم ابناءها واحفادها ــ عن حاله الظلام التي سادت في مصر في الشهور الاخيره.

وينتج نظام الكهرباء الشمسي الذي تشغله انهار حجازي، رئيس وحده ترشيد الطاقه بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 5 كيلو وات في الساعه تكفي احتياجات الطوابق الثلاثه، خاصه بعد تغيير وجدات الاضاءه الي لمبات LED عاليه التوفير. اما تسخين المياه فتعتمد فيه علي سخان شمسي يغطي احتياجاتها طوال العام تقريبا.

لم تكن حجازي الوحيده التي لجات للطاقه المتجدده بحكم تخصصها وموقعها في وحده ترشيد الطاقه، فمع تكرار انقطاعات التيار الكهربائي في السنوات الاخيره، التي وصلت لذروتها في الصيف الماضي، بدات محاولات للخروج من اسر الشبكه من جانب افراد وشركات لجاوا لتركيب نظم شمسيه فوق اسطح المنازل ليوفروا احتياجاتهم من الطاقه بانفسهم، كما ظهرت مبادرات شبه حكوميه لتحويل المدارس والمباني الرسميه لاماكن منتجه للكهرباء. فقد فتحت ازمه الكهرباء الباب امام استخدام الطاقه المتجدده باعتبارها «الحل»، وليست مجرد رفاهيه مكلفه للحفاظ علي البيئه. واعلنت الدوله عن اسعار شرائها الكهرباء المنتجه من مصادر متجدده، لتشجيع المستثمرين والافراد علي اقتحام هذا المجال بقوه، بعد ان ثبت انه الطريق الاسرع والاقل تكلفه علي المدي الطويل في سد العجز المتزايد في الطاقه.

«الشروق» التقت بمتخصصين في نظم الطاقه المتجدده، من الباحثين والعاملين في شركات عامه وخاصه، للتعرف علي طرق الاستفاده من الطاقه المتجدده، وجدواها الاقتصاديه، والمدي الزمني المطلوب لمساهمتها في حل ازمه الطاقه في مصر.

 مركز البحوث يصمم نظما شمسيه للبيوت تواجه انقطاع التيار

«نحن كدوله مثل رجل قارب علي الافلاس ولديه فقط الف جنيه، فعليه اولا ان يرشد الانفاق حتي تكفيه هذه الاموال لاطول فتره ممكنه، وفي نفس الوقت يجب ان يبحث عن بديل اخر يعتمد عليه. لكننا لا نفعل هذا في الكهرباء»، هكذا يلخص عصام الشناوي، الاستاذ المساعد بقسم الطاقه الشمسيه في المركز القومي للبحوث، ازمه الكهرباء في مصر، معتبرا ان البديل الاهم هي الخلايا الشمسيه، لانها «المستقبل بالنسبه لانتاج الكهرباء».

ويضرب الشناوي المثل بالمصالح الحكوميه، حيث تشغل كثير من المكاتب التي يعمل فيها الموظفون نحو 16 لمبه «نيون»، كل منها بقدره 60 وات، وبالتالي يصل استهلاك هذا المكتب الي حوالي كيلووات في الساعه، اي ان استخدام المكتب لمده عشر ساعات يستهلك عشره كيلووات. «اما لو كان مكتبا لاحد المسئولين فيكون به 24 كشافا علي الاقل، لخدمه شخص واحد فقط، بما يوازي 24 كيلووات في اليوم. ولنا ان نتخيل كم مره يتكرر هذا في مختلف الجهات».

يقتضي الترشيد اذن «استبدال الـ16 كشافا بلمبتين LED عاليه التوفير، فينخفض استهلاك المكتب الي الخُمس (من كيلو الي 200 وات فقط)»، كما يوضح الشناوي، مضيفا ان البعض يخاف من تكلفه تلك اللمبات، ولكن «اذا كانت اللمبه النيون بخمسه او سته جنيهات، واللمبه الموفره من الانواع الجيده تتراوح بين15 الي 30 جنيها، فان لمبات الـ LED قد يصل سعرها لمائه جنيه، لكنها توفر كهرباء بثمنها واكثر».

وبذلك لو تم تغيير انظمه الاناره في المصالح الحكوميه وفي اعمده الشوارع وفي لوحات الاعلانات فان هذا يوفر ربع الطاقه المستخدمه، وسيكون كافيا لتخفيف الاحمال دون قطع للكهرباء.

مستقبل الكهرباء في الخلايا الشمسيه بالتوازي مع الترشيد يجب البحث عن مصدر جديد للطاقه يساهم في سد العجز الذي تعانيه مصر، كما يقول الشناوي. «واذا كان هذا البلد في اعلي منطقه لسطوع الشمس في العالم، فلماذا لا نستخدم الخلايا الشمسيه، التي تنتج الكهرباء بكفاءه لمده 25 عاما علي الاقل، ولا تسبب تلوثا، ولا تحتاج لماكينات وتروس وصيانه؟».

تغطي تلك الانظمه الشمسيه تكاليفها في بضع سنوات، كما يوضح الاستاذ المتخصص في الخلايا الشمسيه، «فاعمده الاناره بالشوارع مثلا تسترد تكاليفها خلال ما بين 4 و 5 سنوات علي الاكثر، ثم تعمل عشرين عاما بالمجان».

ويقول الشناوي ان هناك خلايا شمسية تجريبيه في مركز البحوث تعمل بالفعل منذ 28 سنه، رغم ان تقنيتها قديمه جدا عما يتم تصنيعه حاليا، «ارفض ان اتخلص منها رغم ان عمرها الافتراضي انتهي، لانها مازالت تنتج كهرباء، لذلك اعرضها علي المتخصصين الذين يزورون المركز لعمل قياسات عليها».

ولا تحتاج الخلايا الي صيانه، فالابحاث العلميه، التي يشير اليها الشناوي، تقول انه يكفي نزول الامطار من 3 الي 4 مرات سنويا لتنظيفها، بينما التجربه العمليه في مصر توضح ان الشبوره والندي تكون اكثر من الامطار في بعض الايام.

مشكله الخلايا الشمسيه فقط في المساحه التي تحتاجها، لكنها الارخص علي المدي الطويل، وهي المستقبل بالنسبه لانتاج الكهرباء، كما يؤكد استاذ الطاقه الشمسيه. اما التكنولوجيات الاخري، مثل المركزات الشمسيه (CSP)، والتي تقوم علي تركيز الشمس علي منطقه معينه لتبخير المياه، ليدخل البخار علي التوربينات ويولد الكهرباء، «فهي ليست بنفس كفاءه الخلايا الشمسيه، ولها عيوب كثيره، منها انها تحتاج نظاما لتتبع الشمس، ولها تكاليف تشغيل وصيانه مرتفعه، علي عكس الخلايا الشمسيه، كما لم تحدث بها طفره تكنولوجيه وسعريه مثل تلك التي شهدتها الخلايا في السنوات الاخيره».

ومن الجدير بالذكر ان دوله مثل قطر في اطار الاعداد لكاس العام 2022 انشات ملاعب معتمده في التكييف والاناره علي الخلايا الشمسيه، مع العلم ان هذه الملاعب مفتوحه، كما يشير عصام الشناوي.

وقد ساهمت ازمات الوقود في لفت نظر بعض المستثمرين لاهميه الطاقه المتجدده، «فالمسئولون عن محطات الهواتف المحموله التي تعمل بالديزل، وهو ارخص من الخلايا الشمسيه بمراحل، بداوا يطلبون تركيب خلايا عندما حدثت ازمات الوقود المتكرره، لان التكلفه الزائده لشراء تلك الوحدات لا تقارن مع خسائر غياب الوقود وانقطاع الخدمات»، كما يشير استاذ الطاقه الشمسيه.

«مستثمر لديه 70 فدانا زراعيا في المنيا، اكد لي انه خلال الثلاث سنوات الماضيه انفق 2.3 مليون جنيه سواء للبنزين والسولار اللذان شحا في الاسواق وارتفع سعرهما بشكل كبير، او لماكينات الري التي تتلف. وعندما وضعنا له نظام يعمل بالطاقه الشمسيه لم تتجاوز تكلفته مليون جنيه، مقابل نظام يعيش علي الاقل 25 سنه» بحسب ما يرويه الشناوي، مشيرا الي ان هناك تفكيرا جديا لدي المركز القومي للبحوث في اقامه نظام طاقة شمسية في مزرعه تابعه له في النوباريه لا تقل مساحتها عن 50 فدانا.

كثير من البيوت والفيلات اتجه اصحابها مع زياده انقطاعات الكهرباء الي تركيب الخلايا الشمسيه، كما يقول الشناوي، «في بيتي لدي خليتين شمسيتين تنتجان كيلو وربع في اليوم، استخدمها عند انقطاع الكهرباء في اضاءه البيت كله، وتشغيل التليفزيون والمراوح».

«ممكن اعمل نظام شمسي يتكلف 30 الفا او 300 الف او 3 ملايين جنيه، المهم ان يعرف المستخدم ما الذي يحتاج الي تشغيله عندما تنقطع الكهرباء. النظام البسيط يوفر كهرباء للاضاءه وتشغيل المراوح والتليفزيون»، كما يوضح استاذ الطاقه الشمسيه، اما الثلاجه والغساله والمكواه فهي اكثر استهلاكا، لذا يتطلب تشغيلها نظاما اكبر، والبعض يطلب تشغيل التكييف وهذا له ايضا تكلفته حسب حجم النظام الشمسي الذي يتم تركيبه وقدرته».

اذا كانت هناك عماره مكونه من 20 شقه مثلا، سيتم تركيب نظام شمسي يكفي لكي تضيء كل شقه 5 لمبات موفره، ومروحه وتليفزيون، وكذلك لاب توب او كمبيوتر، فهذا النظام يتكلف من 60 الي 70 الفا، اي ان كل شقه ستدفع من 3 الي 3.5 الف جنيه لتستفيد من نظام يصل عمره الي 25 سنه.

في المقابل يقوم البعض بشراء مولدات كهرباء (جنيريتور) لمواجهه انقطاع التيار، رغم ان عمره الافتراضي المضمون لا يتجاوز عاما واحدا، وسيحتاج عاملا مخصوصا لتشغيله وصيانته وفضلا عن تكلفه السولار الذي يحتاجه باستمرار لتشغيله، اما المولد المجمع الذي يكفي 20 شقه يبلغ 250 الف جنيه ويسبب ضوضاء قويه.

هذا النظام لديه وحده تخزين طاقه مصممه لتغطيه انقطاع الكهرباء من 3 الي 4 ساعات كل يوم، اما لو انقطع التيار بالنهار فيعمل النظام مباشره من خلال الشمس، ولا يقترب من الطاقه المخزنه علي البطاريه، كما يوضح استاذ الطاقه الشمسيه، مضيفا ان التوصيلات التي يحتاجها هذا النظام «في منتهي البساطه، ويمكن ادخالها علي لوحه المفاتيح الكهربائيه، وعند انقطاع الكهرباء ترفع مفتاح فقط ليعمل النظام الشمسي».

يحتاج انتاج 5 كيلووات في الساعه من الطاقه الشمسيه مساحه ما بين 4 و 6 امتار مربعه، «فاذا قمنا بتركيب نظام شمسي لعماره من عشرين شقه، سيحتاج الي مساحه من 25 الي30 مترا مربعا»، كما يقول الشناوي.

بينما تعتبر الطفره في استخدام الطاقه الشمسيه لانتاج الكهرباء حديثه نسبيا، فان الاستخدامات الاقدم ترتبط بالمكون الحراري للشمس. فالسخان الشمسي الذي يقوم بتسخين المياه من اقدم التطبيقات في هذا المجال، ويعمل في مصر منذ سنوات طويله.

ويعتبر السخان الشمسي اكثر توفيرا علي المدي الطويل، فاذا كانت هناك وحده سكنيه يعيش فيها من 6 الي 8 افراد، تبعا للمثال الذي يضربه الشناوي، يمكنهم استخدام سخان شمسي بسعه 150 لترا، تتراوح تكلفته ما بين 5 و 7 الاف جنيه، ولا يقل عمره عن 15 سنه. «ولو حسبنا تكلفة الكهرباء خلال هذه الفتره باستخدام السخان الكهربائي العادي نجد ان ثمنه يسترد في سنتين او ثلاثه».

ويوضح استاذ الطاقه الشمسيه ان السخان الشمسي عاده ما يحتوي بين مكوناته علي سخان كهربائي، ليعمل في حالات الطوارئ، فمثلا في الشتاء اذا غابت الشمس ثلاثه او اربعه ايام، ودرجه الحراره قلت عن مستوي معين، يبدا العمل بالكهرباء، لكن الابحاث توضح ان متوسط عمل هذا المكون لا يزيد عن 30 يوما في السنه.

وهناك ايضا مقطر المياه الشمسي، الذي يحلي مياه البحر بنسب معينه بحيث تكون صالحه للشرب، وتعتمد فكرته علي تسخين المياه المالحه، ثم تكثيف البخار الناتج عن غليانها للحصول علي المياه العذبه، كما يوضح الاستاذ المساعد بمركز البحوث، «نسخن بالشمس ونرفع درجه الحراره فتتبخر المياه، ليعاد تكثيفها علي سطح بارد. ويمكن لمُقطر بمساحه متر مربع ان يوفر 5 لترات من المياه النظيفه الصالحه للشرب في اليوم».

اما المجفف الشمسي، فهو احد التطبيقات الحراريه التي يتم الاعتماد عليها في المزارع، لتجفيف بعض المحاصيل.

ومن الشمس.. مدارس واعـمده اضـــاءه تنتج الكهرباء

التحول الي انتاج الكهرباء بدلا من استهلاكها كان هدفا نجح مدحت شكري، خبير الطاقه الشمسيه ومدير احدي الشركات العامله في هذا المجال، في تحقيقه سواء في المدارس التي اصبحت مكتفيه ذاتيا من الطاقه، وتصدر الفائض منها للشبكه العامه، او اعمده الاناره التي نجحت في توليد كهرباء من الشمس تعادل 4 اضعاف ما تستهلكه.

فعلي سطح مدرستي محمد علي الزخرفيه في الشاطبي، والرمل الثانويه بنات بالاسكندريه تم تركيب وحدات للطاقه الشمسيه تكفي لتشغيل المدرسه بالكامل، كبدايه لمشروع طموح يخفف الضغط علي محطات الكهرباء ويستفيد من المدارس الحكوميه في توليد طاقه للمناطق التي تتواجد فيها، تماشيا مع اتجاه عالمي اخذ في التزايد لتشغيل المباني الحكوميه بالخلايا الشمسيه.

«المدرسه الاولي كانت مكونه من 37 فصلا، تم تحويل كل اللمبات العاديه التي كانت موجوده فيها، ويبلغ عددها 220 لمبه، الي اللمبات عاليه التوفير للكهرباء (LED)»، كما يحكي شكري، مشيرا الي ان هذه الخطوه هبطت باستهلاك المدرسه من 12.8 كيلو وات في الساعه الي 4.8 كيلو وات، اي تخفيض يزيد علي 60%.

وتتميز اللمبات الـLED، بالاضافه الي توفيرها الكبير للكهرباء، بانها اكثر اناره من اللمبات الموفره الحلزونيه المتعارف عليها، كما انها صديقه للبيئه حيث يمكن اعاده تدوير التالف منها، كما يوضح شكري، مضيفا «من يريد التوفير عليه ان يستخدمها. صحيح هي اغلي لكن عمرها اطول 10 مرات من العاديه، فهي تعمل 50 الف ساعه مقابل 5 الاف ساعه في اللمبات الموفره العاديه». الخطوه التاليه التي قام بها مدير شركه انفينيتي للنظم الشمسيه هي تركيب نظام شمسي فوق سطح المدرسه ينتج 5 كيلووات في الساعه، طوال فتره سطوع الشمس، ليغطي احتياج المدرسه بالكامل، ثم تدخل هذه الطاقه علي شبكة الكهرباء الرئيسيه، لتزود المنطقه المحيطه بها بالكهرباء الزائده عن الاحتياج، «وبدلا من استهلاكها للكهرباء المدعمه اصبحت هي تعطي للشبكه، فتوفر في الانتاج والوقود والدعم».

«المدرسه تاخذ اجازه يومي الجمعه والسبت وبالتالي يتم تحويل الطاقه طوال اليوم للمباني المحيطه بها، اما الاثر الاكبر فيظهر في الصيف عندما تغلق المدارس ابوابها وتتحول الكهرباء المنتجه بالكامل للشبكه الرئيسيه»، كما يقول المهندس الذي بدا حياته العمليه في المؤسسه العسكريه، وبالتالي تسد العجز الذي تواجهه الدوله في الصيف بسبب زياده الاحمال علي الشبكات الكهربائيه.

ويوضح شكري كيف تمت تجربه هذه العمليه «بعد ان ادخلنا الكهرباء علي الشبكه اردنا ان نري ما سيحدث عند اغلاق الانوار في المدرسه، وكنا قد ركبنا عدادا للنور بالسالب والموجب، فوجدنا العداد يغير اتجاهه ليعرض الارقام بالسالب، مما يعني انها تزود الشبكه بالكهرباء ولا تاخذ منها شيئا».

ويتيح الاتصال بالشبكه العامه من جهه اخري ان تحصل المدرسه علي احتياجاتها اذا زادت لاي سبب عما ينتجه نظامها الشمسي، فاذا استهلكت المدرسه 7 كيلو وات علي سبيل المثال، ستاخذ الخمسه الاولي من النظام الشمسي ثم تستكمل الاثنين الباقيين فقط من الشبكه، اما لو كان الاستهلاك 5 كيلو فقط فهذا يعني انها ستعتمد بالكامل علي الطاقه الشمسيه.

وبلغت تكلفه تحويل المدرسه الاولي للعمل بالطاقه الشمسيه 80 الف جنيه، كما قال شكري، موضحا ان هذا المبلغ يشمل تغيير لمبات فصولها الـ 37، وتركيب نظام شمسي ينتج 5 كيلو وات/ ساعه، اما المدرسه الثانيه، التي يبلغ عدد فصولها نحو 20 فصلا، فتكلف تحويلها 60 الف جنيه.

«استخدمنا احدث التكنولوجيات ليكون التيار الناتج عن الطاقه الشمسيه متماشيا مع التيار في الشبكه الرئيسيه، فياخذ منها ويعطيها، واصبح بامكاننا تركيب نظام شمسي متصل باي نوع من الشبكات، في اي مكان، باي جهد»، كما يقول شكري مشيرا الي ان هذا النظام لا يحتاج لاي شكل من الصيانه، فلا توجد به ازرار او اي شيء ميكانيكي، كما ان عمره الافتراضي يصل الي 25 عاما قبل ان تتراجع الكفاءه الي 80% فقط.

واوضح خبير الطاقه الشمسيه ان محافظ الاسكندريه، اللواء طارق المهدي، متحمس للطاقه الشمسيه، وهدفه تحويل 1800 مدرسه حكوميه في الاسكندريه للعمل بهذا النظام، بالتعاون مع مستثمرين من القطاع الخاص، ليتم انتاج 90 ميجاوات/ ساعه، وهو ما يعادل انتاج محطه الكهرباء التي تحتاجها المحافظه لسد العجز لديها.

هذه الفكره تم تطبيقها كذلك علي عواميد الاناره في الشوارع، بعد ان عرضها مدحت شكري علي رئيس شركه كهرباء شمال القاهره، وبالفعل تم تركيب نظام شمسي لعمودين بجوار مقر الشركه علي سبيل التجربه، يضخان الكهرباء المنتجه من الطاقه الشمسيه للشبكه طوال النهار، وياخذان في المقابل احتياجهما من الكهرباء من الشبكه ليلا.

«باستخدام العداد الذي يحسب الخارج والداخل من الكيلووات (in – out)، ظهر ان العمود ادخل للشبكه 39 كيلوا وات طوال النهار، واستهلك ليلا 9 كيلو وات فقط، اي انه قدم بالنهار ثلاثه اضعاف ما اخذه ليلا، بالتالي وفر تكلفه اضاءه الشارع تماما، وجعلها مجانا، واصبح العمود مصدرا للكهرباء»، كما يقول مدير انفينيتي. «حصلت علي موافقه رئيس مجلس الاداره علي هذه التجربه بعد ان اخرجته من الروتين المالي، وقلت له اني مستعد ان اقوم بها علي نفقتي الخاصه»، كما يروي شكري عن تجربته، التي استغل فيها المرافق المتاحه بالفعل. فهناك اهتمام قائم حاليا بتركيب الاعمده الشمسيه المزوده بالبطاريات، التي تستطيع تخزين الطاقه نهارا لاستعمالها ليلا، كما يتم في بعض طرق شرم الشيخ مثلا، «لكنني رايت ان نستفيد بالموارد الموجوده فعلا والبنيه التحتيه القائمه والمتثمله في الشبكه. اما الاعمده المزوده بالبطاريات «off grid» فتكون فائدتها كبيره في المناطق البعيده التي لم تصل اليها الشبكه»، فالمقارنه في تلك الحاله ستصبح بين تكلفه البطاريات الشمسيه مرتفعه الثمن نسبيا، وبين تكلفه مد خطوط كهرباء جديده وتحميل احمال اضافيه علي الشبكه.

ونقل شكري عن رئيس شركه كهرباء شمال القاهره، مصطفي رحيم، قوله «انا مايفرقش معايا هاتطلع وات واحد ولا 100 كيلووات، المهم انها تزود الشبكه بالكهرباء».

وينتظر شكري موافقه رئيس الوزراء علي تكرار تلك التجربه علي 100 عمود اناره، لقياس امكانيه تعميمها علي نطاق واسع، موضحا ان احلال نظم الاناره القديمه باخري موفره ومعتمده علي الطاقه الشمسيه يستغرق ما بين 3 اشهر و 6 اشهر بحسب طول الطريق.

«الطريق الدائري طوله 105 كيلوات، واذا حسبنا الاتجاهين يصبح 210 كيلوات، به مئات الالاف من الاعمده، لو تم وضع وحده شمسيه 300 وات علي كل عمود، اصبح هناك ما يعادل محطتين او ثلاثا بالميجا وات تدخل علي الشبكه موزعه علي طول الطريق الدائري. والميزه انه يدخل علي الضغط المنخفض مباشره، وبهذا يوفر طوال النهار كهرباء مجانيه»، هذا ما يتطلع له شكري، الذي يوضح ان سعر عمود الاضاءه بهذا النظام المتصل بالشبكه يتراوح بين 7 و 8 الاف جنيه بعمر افتراضي 25 عاما. يقول شكري ان استخدام هذه النظم ينتج كهرباء «ليس لها اي اثار مضره بالصحه، وهذه تقدر باموال، وبعد 25 سنه تقل كفاءه النظام الشمسي الي 80%، ويمكن وقتها ادخال بعد الاحلالات البسيطه عليه لتعود للكفاءه الكامله ويبقي 25 سنه اخري».

الهيئه العربيه للتصنيع تبدا انتاج الألواح الشمسية قبل نهايـــهالعام واتفاق مع شركه المانيه لصناعه توربينات الرياح محليا

مشروع الطاقه المتجدده الناجح يتطلب بيع الكيلووات من الكهرباء المنتجه من الطاقه الشمسيه في حدود من 60 الي 70 قرشا، او من 50 الي 55 قرشا للمولده من الرياح، بحسب تقدير سمير درويش، المدير التنفيذي للشركه العربيه للطاقه المتجدده، التابعه للهيئه العربيه للتصنيع، «حتي يكون قادرا علي تغطيه تكلفته خلال سنوات عمره الافتراضي التي تزيد علي 20 سنه».

لذلك تعتبر التعريفه التي وضعتها الحكومه مؤخرا جاذبه للاستثمار، كما يؤكد درويش، لانها تشتري الكهرباء المنتجه بالطاقه المتجدده من المنتجين باسعار اعلي من سعر التكلفه، وبالتالي يصبح بامكانهم استرداد راس المال الذي استثمروه خلال 6 او 7 سنوات فقط، والتمتع بالارباح صافيه بعد ذلك.

وكانت الحكومه قد اعلنت خلال الشهر الماضي عن تعريفه مميزه لشراء الكهرباء المنتجه من مصادر الطاقه المتجدده، تبدا من 84 قرشا للكيلووات من الطاقه الشمسيه و68 قرشا للكيلووات من الرياح، وذلك لتشجيع المنتجين من القطاع الخاص والعائلي علي الدخول في المجال.

«هذه التسعيره جاذبه للاستثمار الان، ولكن يجب ان تضاف اليها اليه تراعي معدل التضخم وقيمه العمله المحليه ومتوسط الاسعار العالميه للطاقه سواء المتجدده او التقليديه، حتي تظل جاذبه مع تغير العوامل المختلفه»، كما يوضح درويش.

انتاج الكهرباء من المحطات التقليديه العامله بالوقود البترولي يكلف الدوله مبالغ اكبر من تلك التي يمكن ان تتحملها لو اعتمدت اكثر علي الطاقه المتجدده، لان الفرق بين السعر العالمي لمنتجات البترول وبين السعر المدعوم الذي تشتريها به محطات الكهرباء يصل في المتوسط الي 50 قرشا فاكثر، «وهو ما يجعل طاقه الرياح والشمس اكثر جدوي اقتصاديه وارخص من كل انواع المحطات التقليديه، عدا تلك العامله بالفحم» كما يقول درويش. ميزانيه الدوله تحملت العام الماضي 35 مليار جنيه وقودا بتروليا لتشغيل محطات الكهرباء فقط، ويري رئيس الشركه العربيه ان «جزءا من هذا الدعم يجب ان يوجه للطاقه المتجدده، وهذا يسهل تحقيقه لو تمت محاسبه الكيلووات المنتج من المصادر المتجدده بما يوازي التكلفه الفعليه لنظيره المنتج بالوقود البترولي».

وتعتبر التكلفه الانشائيه لمحطات الطاقه المتجدده مرتفعه لكن حساب تكلفه الوقود الذي يتم استهلاكه في المحطات التقليديه يجعل اجمالي تكلفه المتجدده اقل علي مدي عمرها، كما يوضح درويش، «فانتاج كيلووات من الكهرباء بالطاقه الشمسيه يتطلب ما بين 10 الاف و11 الف جنيه (تختلف حسب موقع المحطه)، اي ان تكلفه الميجاوات تصل الي 11 مليون جنيه، لكن هذا المبلغ يتم استرداده في 7 سنوات، بينما المحطه تعيش 25 سنه، اذن تظل توفر طاقه مجانيه من دون تكاليف وقود او صيانه لمده 17 عاما، وهذا يعتبر ربحا صافيا».

ويري درويش ان اعطاء دفعه للطاقه المتجدده يمكن ان يتم تمويله من رفع الدعم المقدم حاليا لغير المستحقين، «فهناك مصانع كثيره كثيفه الاستهلاك للكهرباء، وفي نفس الوقت عاليه الربحيه، وليس من العدل ان تحصل علي الكهرباء مدعومه، ثم تبيع سلعها بالاسعار العالميه، (الاسمنت مثلا يباع بنفس سعره في اوروبا بينما الكهرباء يحصل عليها بثلث او ربع تكلفه نظيره في تلك البلاد)». كذلك الامر بالنسبه للمراكز التجاريه والمحلات والمناطق السياحيه التي تحقق ارباحا ولا تحتاج فعليا لدعم حكومي، بالاضافه للشرائح العليا من المستهلكين.

لا يساهم استخدام مصادر الطاقه المتجدده فقط في حل الازمه التي تعيشها مصر، وبدون اضرار بيئيه، وانما يفتح الباب كذلك لتوفير فرص عمل كثيره، كما يري رئيس الشركه التابعه للهيئه العربيه للتصنيع، من خلال الصناعات المغذيه التي تنشا مع التوسع في الطلب عليها، حيث يبدا تجميع الالواح الشمسيه محليا، بعد استيراد الخلايا الضوئيه من الخارج، وتصنيع الهياكل المعدنيه محليا، مما يؤدي لتشغيل الطاقات الكبيره المعطله في الصناعات المعدنيه. كما يتم تدريب اعداد كبيره من الشباب لانشاء مكاتب متخصصه في تركيب المحطات الشمسيه فوق اسطح المنازل.

ويستغرق تنفيذ محطه شمسيه بطاقه 50 او 100 ميجاوات ما بين 4 و 8 شهور، حسب خبره الفريق القائم علي تركيب المحطه، اما اذا كان الهدف توليد 1 جيجاوات (1000 ميجا) فيمكن توزيعها علي اكثر من مكان، كما يقول درويش، «وهذا يوفر وقتا من ناحيه، لاني استطيع ان اعمل في خمس محطات علي التوازي كل منها 200 ميجا، ومن ناحيه اخري يسهل تغذيه الشبكه من عده اماكن فيوزع الحمل. حتي اذا اردنا تركيب محطه تنتج 600 ميجاوات مثل المحطات التقليديه العامله بالوقود فانها لن تستغرق اكثر من سنه واحده».

اذا قارننا هذه الخصائص بالمحطات العامله بالطاقه النوويه مثلا، نجد انها تستغرق وقتا اطول يصل الي عشر سنوات، كما انها لا تخدم البعد الاجتماعي في التنميه بدرجه كبيره، لانها يجب ان تقام في اماكن نائيه، ومن جهه اخري فان مساهمه الانتاج المحلي فيها لن تكون كبيره، لانها عاليه التقنيه ومن ثم ستكون معظم مكوناتها مستورده، واخيرا فانها غير امنه بيئيا بالمقارنه بالطاقه المتجدده.

وقد بدات في 2006 بوادر ازمه الطاقه تلوح في مصر، وتزامن مع ذلك حدوث طفره كبري في تطبيقات الطاقه المتجدده علي مستوي العالم، سواء في اوروبا او الشرق الاقصي، تحسبنا لارتفاع اسعار البترول، وتخوفا من مشكلات التلوث البيئي واثره علي التغيرات المناخيه.

وحدثت زياده كبيره في معدلات تركيب المحطات الشمسيه بشكل خاص، سواء في الدول الغنيه او الفقيره، بسبب تراجع تكلفتها الي الثلث خلال السنوات الاخيره، كما يوضح مدير الشركه العربيه للطاقه المتجدده.

«بدانا ندرب كوادرنا في دول حققت تميزا في هذا المجال مثل المانيا واسبانيا والهند، لكي نكون مجموعه من الفنيين والمهندسين المتخصصين. ثم اقمنا اول محطه شمسيه في عام 2009، ودخلت بالفعل علي شبكه الكهرباء في 2010، وهي تنتج 600 كيلووات في الساعه، تكفي لتشغيل مصنع صغير، او اناره ما بين 700 و 1000 شقه بدون تكييفات. وتعمل المحطه منذ 4 سنوات، وتعد اكبر محطه موجوده في مصر حتي الان للطاقه الشمسيه»، كما يوضح درويش.

وتعاونت الهيئه العربيه للتصنيع، وهي هيئه مصريه مملوكه للدوله وتديرها لجنه عليا يراسها رئيس الجمهوريه، مع وزاره الكهرباء في مبادرتها لتركيب محطتين شمسيتين فوق مبناها لتغطيه احتياجاتها من الكهرباء بقدره 80 كيلووات، ثم توسعت المبادره بعد ذلك لتشمل كل المباني الحكوميه، وتضم المرحله الاولي منها 1000 مبني حكومي، يتم تزويده بمحطات بقدره من 20 الي 80 كيلووات.

«حاليا نقوم بتنفيذ مشروعين لاناره طريق السلام في شرم الشيخ، وطرق في اسوان وادفو، بالاعمده الشمسيه المعتمده علي نفسها وغير المتصله بالشبكه»، كما يقول مدير الشركه العربيه التابعه للهيئه.

وقد انشات الهيئه خط انتاج للالواح الشمسيه (الفوتوفولتيه)، علي اربع مراحل، المرحله الاولي منه تستهدف انتاج الواح بقدره 20 ميجاوات، وسيبدا الانتاج قبل نهايه العام الجاري، و«نتوقع ان نصل للطاقه الكامله خلال العام المقبل. ويوجه الانتاج للتصدير للسوق الخارجي في البدايه، الي ان يصبح هناك طلب محلي كافٍ».

اما بالنسبه لطاقه الرياح التي بدا العمل عليها في مصر منذ الثمانينيات، فان هيئه الطاقه الجديده والمتجدده تنتج حاليا 540 ميجاوات من الرياح، من توربينات تم انشاؤها بمنح او قروض ميسره، وهناك مزرعتان يتم تاسيسهما حاليا في منطقه جبل الزيت.

وقد تواصلت الهيئه العربيه للتصنيع مع الشركات العالميه التي تنتج توربينات الرياح، و«عقدنا اتفاق نقل معرفه فنيه مع شركه المانيه، بهدف انتاج 100 توربينه سنويا، تغطي ربع الاحتياج السنوي لمصر من طاقه الرياح، طبقا لخطه الطاقه 2020، وتم تركيب اكبر توربينتين في الزعفرانه، وتشغيلهم بالكامل عن طريق الهيئه»، كما يقول درويش.

ويجري حاليا بناء اول ورشه لتصنيع توربينات مصريه تصل لنسبه 80% في عمق التصنيع المحلي بنهايه تنفيذ مراحل الرخصه، وهي ثلاث مراحل، الاولي 20 توربينه، والثانيه 50، والثالثه 100 توربينه، كما يقول رئيس الشركه العربيه للطاقه المتجدده. «وتعطي تلك المراحل فرصه لاستيعاب التكنولوجيا التي حصلنا عليها، وبعد الـ50 الاولي سنقوم بتصنيع المولد الكهربائي، ثم نصنع المحول الذي ينقل الطاقه من التوربينه للشبكه».

المانيا تنتج من الطاقه الشمسيه ما يعادل كل انتاج مصر من الكهرباء

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل