المحتوى الرئيسى

السويد أحرجت العرب فهمي هويدي

11/01 08:16

في الوقت الذي سكتت فيه الحكومات العربيه علي اغلاق اسرائيل للمسجد الاقصى، لاول مره منذ 14 عاما، فان حكومه السويد اعلنت في 30/10 قرارها التاريخي الاعتراف بدوله فلسطين. ومن ثم اطلقت بادره هي الاولي من نوعها بالنسبه للدول الاعضاء في الإتحاد الاوروبي ـ صحيح ان مجلس العموم البريطاني كان قد صوت لصالح دوله فلسطين في شهر اكتوبر الماضي، الا ان ذلك كانت له دلالته الرمزيه والمعنويه، الامر الذي دفع فرنسا الي الاعلان عن ان ذلك الاعتراف سيتم «يوما ما».

هذا التطور الايجابي في الموقف الاوروبي ازاء القضية الفلسطينية له شواهد اخري عده. ففي شهر اكتوبر الماضي ـ وبضغط من النشطاء ــ تم استبعاد اسرائيل من المناورات الحربيه التي كان مزمعا اقامتها في جزيرة سردينيا بايطاليا. وفي الشهر ذاته جري منع سفينه «زيم» الاسرائيليه من الرسو والانزال بميناء اوكلاند علي الساحل الغربي الامريكي.

يحدث ذلك في حين تزداد حمله مقاطعة إسرائيل اتساعا، سواء علي صعيد العلاقات الاكاديميه والثقافيه او العلاقات الاقتصاديه. وقد تصاعدت تلك الحمله ابان الاعتداء الاسرائيلي علي غزه في شهر يوليو الماضي، الامر الذي دفع 150 مثقفا ايرلندا الي اصدار بيان اعلن مقاطعتها الثقافيه والاكاديميه. وكان للفنانين دورهم الملحوظ في هذا المسار. ومن الذين اعلنوا تاييدهم لمقاطعه اسرائيل المغني الشهر روجر ووترز «فرقه بلند فلويد» والكاتبه الكنديه ناعومي كلاين والامريكيه اليس ووكر والموسيقي الفيس كوستيللو والمخرج البريطاني كن لوتش الحائز علي جائزه «كان» والكاتب البريطاني جون يرجر. وهناك اخرون الغوا انشطتهم الفنيه في تل ابيب مثل فرقه ذا بيكسيز، والمغني الشهير بونو، والفرنسيه فانيسا بارادي، ومغني الراب سنوب دوغ.. الخ. اما حمله مقاطعه منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامه بصوره غير شرعيه فوق الاراضي المحتله فقد اتسع نطاقها حتي قدرت الخسائر الناجمه عنها بنحو اربعه مليارات دولار.

  هذا الذي يحدث في العالم الغربي جدير بالتقدير والحفاوه، لانه يعني ببساطه ان الغشاوه التي غطت الاعين وحملات التضليل التي خدعت كثيرين والدعايات الاسرائيليه المسمومه، ذلك كله له اجله المحدود وما كان له ان يستمر. سواء لان ثوره الاتصال فتحت الاعين علي ما كان محجوبا او لان الممارسات والعربدات الاسرائيليه صارت من الفظاظه والبشاعه بحيث انها صدمت مشاعر الغربيين ونبهتهم الي ما غفلوا عنه طويلا. كما اننا لا نستطيع ان نغفل في هذا الصدد دور النشطاء العرب المتجنسين او الاوروبيين او عناصر حمله مقاطعه اسرائيل الفاعله في الضفه الغربيه.

المفارقه التي تستحق تنويها ودراسه انه في الوقت الذي ارتفعت فيه اسهم القضيه الفلسطينيه في العالم الغربي، فانها تراجعت بصوره مقلقه في العالم العربى، و سوف تدهشنا حقيقه ان الربيع العربي الذي تعلقت به الامال الكبار في عام 2011، واجه انتكاسات جعلت اسرائيل المستفيد الاكبر منه، بدلا من ان تكون المصدوم الاول من وقوعه.

ذلك ان احدا لا يستطيع ان ينكر ان القضيه الفلسطينيه لم تعد قضيه العرب المركزيه، ولا قضيه العرب الاولي، حتي ازعم ان القرار السويدي احرج النظام العربي. ذلك ان العالم العربي بانظمته ونخبه واعلامه اصبح مشغولا بصراعاته الداخليه وحروبه الاهليه، ضد داعش وجبهه النصره وانصار الشريعه والحوثيين والارهاب... الخ. وجدير بالذكر انه في السابق كانت اسرائيل تبذل جهدا لالهاء العرب من خلال اقناعهم بان ايران هي العدو وليس هي، لكننا اعفيناها من ذلك الجهد الان وانصرفنا عنها برغبه منا الي الاشتباك مع غيرها.

لم تكتف اسرائيل بذلك، ولكنها نشطت في العالم العربي علي اكثر من جهه. فقد اعتبرت نفسها حليفا لبعض الانظمه العربيه ضد «الارهاب»، حتي اصطفت معها تلك الانظمه في الحرب علي المقاومه وحصار غزه. في الوقت ذاته فانها تمددت اقتصاديا وتجاريا في العالم العربي، خصوصا منطقه الخليج التي تجاوز فيها الحضور الاسرائيلي تلك الحدود، حتي صار لها دورها في بعض الانشطه الامنيه. ومن ثم فلم يعد التطبيع مقصورا علي بعض الدول التي عقدت اتفاقات سلام مع الدولة العبرية، ولكنه تجاوز تلك الصيغه بمراحل، مع دول لم توقع تلك الاتفاقات، لكنها حرصت علي ان تبقي العلاقات المتناميه واقعا مسكوتا عليه وغير معلن. وفي هذه الاجواء فان الحديث عن مقاطعه اسرائيل لم يعد واردا واصبح حبرا علي ورق، استثني من ذلك الكويت التي لاتزال حركه المقاطعه نشطه فيها. وقد حققت عده نجاحات في مواجهه محاولات التسلل الاسرائيلي الي اسواقها.

تتواصل المفارقات حين نلاحظ ان قلق السلطات الاسرائيليه من التحولات الحاصله في العالم الغربي اصبح اكبر من قلقها ازاء التحولات المتلاحقه في العالم العربي. ذلك ان من شان الاولي ان تهدد مصالحها ومخططاتها المستقبليه، اما بالنسبه للعالم العربي فان اسرائيل اصبحت مطمئنه الي ان مصالحها في الحفظ والصون. خصوصا من جانب الدول العربية الكبري. ذلك ان سلطاتها اقامت خلال سنوات الثوره الثلاث علاقات وثيقه للغايه مع القاده الاسرائيليين ادهشت بعضهم، حتي ان وزير الحرب موشي يعالون ادعي في حوار اجرته معه قناه «بلومبرج» الامريكيه ان اسرائيل مع مصر والسعوديه والامارات يشكلون الان جبهه واحده لهم نفس الاعداء.

لا استبعد ان يكون ذلك الاطمئنان الاسرائيلي الي الجبهه العربيه (الي جانب شك تل ابيب في تفاهمات واشنطن مع طهران) من بين الاسباب التي شجعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علي تحدي الاداره الامريكيه، حتي نقل عنه مؤخرا قوله انه قرر شطب الرئيس اوباما من حساباته، وانه سوف يخاطب الولايات المتحده من خلال الكونجرس والحديث المباشر الي الشعب الامريكي.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل