المحتوى الرئيسى

دانيال بارنبويم: أزمات العالم سببها غياب قيادة مسؤولة

10/30 09:44

DW: هذا العام تحتفل اوركسترا الديوان الغربي الشرقي بعيد ميلادها الخامس عشر ما هو تقييمك؟

دانيال بارنبويم: من الجانب الفني، انظر بايجابيه الي انجازات هذه الفرقه خلال تلك السنوات، فالفرقه بدات كمجموعه من الشباب الذين كانوا يملكون مهارات فنيه متفاوته، واستطاعت ان تثبت نفسها وان تخطوا نحو مسارح عالميه بخطي واثقه، كما هو الحال في مهرجانات بسالزبورغ وبرلين ولندن.

اما من الناحيه غير الموسيقيه، فانجازاتها اقل اثاره للاعجاب، وستاخذ الفرقه حجمها الحقيقي في ذلك اليوم المنشود، الذي ستعزف فيه بليبيا وسوريا والاردن ومصر واسرائيل وفلسطين وتركيا وايران، وهي الدول التي ينتمي اليها اعضاء الفرقه. في عام 2005 قمنا بالعزف لمره واحده فقط في فلسطين، الا ان الامر غير وارد في الفتره الراهنه.

في الصيف الماضي تفاقمت اوضاع الشرق الاوسط بشكل كبير. هل انعكس ذلك علي التعاون بين اعضاء الاوركسترا؟

في البدء كانوا مترددين ما اذا كان عليهم السفر والمشاركه ام لا، الا انهم جاؤوا جميعاً. الايام الاولي لم تكن سهله ابداً، فالفلسطينيون والاسرائيليون كانت لهم وجهات نظر متباينه بخصوص حرب غزه. كانت لحظات صعبه للغايه، فمن غير المتوقع ان يشعر فلسطيني بمعاناه عائله اسرائيليه تشعر انها مهدده. كما انه من الصعب ايضاً علي اسرائيلي ان يشعر بمعاناه عائله فلسطينيه تعيش احداثاً سيئه في غزه، الا ان التعاطف شيء والشفقه شيء اخر. قلت لهم ان لم يكن يوجد في هذا الفريق اي اسرائيلي لا يشفق علي الفلسطينيين في غزه، فهو غير مرحب به في الاوركسترا. وان كان هنالك عربي لا يشعر بمعاناه الاسرائيليين، فمن الافضل له ان يذهب، فتفسير الاحداث التاريخيه والواجب الاخلاقي للشفقه شيئان مختلفان.

عازفو فرقه الديوان الغربي الشرقي

الم يحدث جدل بين اعضاء الاوركسترا؟

نحن لا نتبع في عملنا مشروعاً سياسياً، بل بشرياً، ولا نسعي الي توافق سياسي بين اعضاء الاوركسترا البالغ عددهم 120 شخصاً. هذا امر مستحيل، ولكن نحاول ان نجعلهم يتقبلون وجهات نظر الاخر والتمعن بها، وبان نجعلهم يبذلون مجهوداً لتفهم الاخر، حتي لو لم يتفق معه في الراي.

التقت DWمؤخراً بالكاتب الاسرائيلي عاموس عوز، الذي استهل اللقاء بالسؤال التالي: "ماذا سوف تفعل عندما تجد جارك يجلس علي الشرفه المقابله وبحضنه طفله ثم يبدا باطلاق الرصاص علي حجره اطفالك؟". سيد بارنبويم هل تستطيع الاجابه علي هذا السؤال؟

كثير من الاسرائيليين وليس جميعهم، بارعون بطرح اسئله عن التزامات الاخرين، ولكن لا يقومون بنفس الشيء مع انفسهم والسؤال عن التزاماتهم الشخصيه، ونحن اذا اردنا الحديث عن التاريخ لن يمكننا الاشاره فقط الي الشهر السابع الماضي فقط، بل يجب علينا الوصول الي ابعد من ذلك بكثير، وللوصول الي صوره افضل للفهم يجب وضع الابعاد التاريخيه المناسبه، وبالتحديد الي فتره الحرب العالميه الثانيه، وما تبعها من احداث، عندما كان اليهود لا يشكلون سوي 15 بالمئه من سكان فلسطين. كيف اصبحوا يملكون الدوله الان وان يكون الفلسطينيون اقليه في بلدهم وان يتشردوا ويصبحوا لاجئين؟

لا بد للطرفين من طرح اسئله عما حدث بالماضي، الا انه للاسف لا توجد اجابات واضحه عنها، ماذا بقي من اجتياح غزه بغض النظر ان كانت العمليه دفاعاً عن النفس ام لا، وان كان الرد مناسبا ام لا، خلفت قتلي وجرحي من بينهم اطفال ونشرت الكراهيه لاجيال عديده. من الصعب الحديث عن الكراهيه بين الكبار، فما بالك بالكراهيه لدي الاطفال. العمليه في غزه خلفت للفلسطينيين ماسي، والنتيجه لاسرائيل انها وضعتها علي نقطه البدايه. رئيس الوزراء الاسباني السابق فيليب غونزالس سمي الوضع بانه غير محسوم وبشكل دائم.

هل تعتقد ان الصراع بعد الحرب الاخيره علي غزه الصيف الماضي سيُنظر اليه بشكل مختلف علي المستوي الدولي؟ فقد اعلنت السويد انها ستعترف بفلسطين دوله، وقامت بريطانيا بتصويت رمزي علي ذلك ايضاً. وفرنسا اعلنت عن دراستها لخطط الاعتراف بدولة فلسطين ايضاً، اذا ما فشلت عمليه السلام؟

التعامل الدولي مع هذه القضيه ضروري جداً، لكن المهم والضروري هنا هو مستوي حياه الاشخاص، الذين يعيشون في المنطقه. وما يتعلق باسرائيل، فان الضغط الخارجي ضعيف حقاً. ويجب ان نسمي الاشياء بمسمياتها. وفي حال وجود اراده امريكيه، فسيحل الصراع خلال ثلاثه ايام فقط، من خلال الضغط علي الحكومه الاسرائيليه. وانا هنا لا اتحدث عن دولة إسرائيل، بل عن الحكومه الاسرائيليه. العالم الغربي باسره التزم بوجود دوله اسرائيل وامنها. وهو شيء عادل خاصه بعد حدوث المحرقه. ولكن هذا لا يضمن شيئاً اخر سوي "عدم الحسم الدائم" الذي ذكرته سلفاً. وما يعاني من جرائه العالم. لذلك، اذا ما اراد المجتمع الدولي الاهتمام بشكل صادق وامين قبول المصير اليهودي، فيجب عليها ان تكون واضحه بانها فقط ستساهم في حاله "عدم الحسم الدائم"، في حال اختارت تقديم الدعم السياسي للحكومه الاسرائيليه.

دانيال بارنبويم وهو يقود الاوركسترا

في عام 2010 ذكرت بعض الضوابط، التي ينبغي علي الولايات المتحده بموجبها اداره الصراع. مر بعض من الوقت منذ ذلك التاريخ. هل كانت لديك امال اكثر فيما يخص سياسات اوباما تجاه الشرق الاوسط؟

لا زلت اذكر خطابه من القاهره، وقتها احسست انه سنري اخيراً ضوءا في نهايه النفق، لكن الواقع لم يتغير بناء علي هذا الخطاب، بل تكيف الحوار مع الواقع منذ ذلك الحين.

الصراع في غزه تراجعت اهميته في نشرات الاخبار، هل انت قلق من ان تفقد العمليه السياسيه زخمها ومعناها بانشغال وسائل الاعلام بدلاً من ذلك بالتهديدات الصادره عن تنظيم "الدوله الاسلاميه" او وباء ايبولا؟

منذ سقوط جدار برلين قبل 25 عاماً والعالم يشكو من غياب القياده. فاثناء الحرب البارده كان يوجد نوع من التوازن، بعدها اصبحت الكفه مائله، وخطا الغرب خطي النصر بطريقه غير مدروسه، وكان الراسماليه اصبحت الجواب لاي معاناه في هذا العالم. ومع فقدان الواجب الاخلاقي للولايات المتحده نجد انفسنا في لحظه تاريخيه فريده، تنتشر فيها صراعات مختلف كتنظيم "الدوله الاسلاميه" والارهاب في افغانستان، والاوضاع في اوكرانيا، والصراع العربي-الاسرائيلي. مشاكل تكبر وتتبدل، وهذا ليس معناه ان القاده الحاليين لهذا العالم لا يهتمون بهذه المشاكل، بل انها موجوده لغياب قياده فعليه تملك زمام الامور والقدره علي التاثير، بشكل يجعلها قادره حل الصراع. وهذا ما ينقصنا منذ سقوط الجدار حسب رؤيتي.

سيد بارينبويم، انت من الموسيقيين البارزين، لماذا تري انه من المهم بالاضافه الي الموسيقي الانشغال بمشاكل العالم؟

صديقي ادوارد سعيد كتب كتاباً عن دور المثقف والمجتمع، وقال سعيد ان المثقف لديه مسؤوليه اخلاقيه لانتقاد المؤسسه (الدوله). في عالم الموسيقي هنالك العديد من الاشخاص من مبدعي الموسيقي ومن الجمهور من يعتقد بان الموسيقي شيء رائع وانها تسكن في قصر عاجي. انا لا احب ان اسكن في قصر عاجي، عندي احساس بالمسؤوليه لاوركسترا الديوان الغربي الشرقي. والديمقراطيه التي نعيشها في هذا القسم من العالم تمنحنا الحقوق ولكنها ايضاً تفرض علينا واجبات.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل