المحتوى الرئيسى

عبدالحسين شعبان يكتب : تونس والطريق الوعر إلى الانتخابات

10/22 18:07

انطلقت الحمله الانتخابيه في تونس للانتخابات البرلمانيه يوم 4 اكتوبر/تشرين الأول ،2014 ومن المقرّر ان تتم الانتخابات يوم 26 اكتوبر/تشرين الاول، اما الانتخابات الرئاسية فستجري يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 .

الانتخابات البرلمانيه الحاليه هي الثانيه منذ ان اضرم النار في جسده بائع الخضار محمد بوعزيزي في مدينه سيدي بوزيد في ديسمبر /كانون الأول العام ،2010 حيث انطلقت شراره الانتفاضه من هناك لتعمّ عدداً من المدن التونسيه وصولاً الي العاصمة تونس، التي اضطر الرئيس السابق زين العابدين بن علي مغادرتها، بترجيح من الجيش .

واذا كانت الانتفاضة التونسية قد الهمت العديد من الحركات الشعبيه، فقد كان لاتحاد العوامل الموضوعيه مع العوامل الذاتيه دور اساسي في نضوج اللحظه الثوريه، كما حصل في بلدان مثل مصر وليبيا واليمن وغيرها، وفي الوقت نفسه اشتعلت المنطقه كلّها بحروب وثورات وثورات مضاده ونزاعات مسلحه وانفلاتات امنيه واعمال ارهاب وعنف زادت حدّه بعد احتلال "داعش" محافظه الموصل في العراق ووضع يده علي محافظه صلاح الدين وجزء كبير من الانبار بعد السيطره علي مدينه هيت، واجزاء من محافظتي كركوك وديالي، وكذلك محافظات الرقه ودير الزور ومطار الطبقه في سوريا، ومحاوله الهيمنه علي مدينه عين العرب "كوباني" التي لا تزال محاصره منذ اكثر من اربعه اسابيع!

واذا كان "حزب النهضه" قد تحلّي بالعقلانيه او اضطّر الي ركوب مركبها بعد الاطاحه بحكم الاخوان في مصر، الاّ ان ما يسجّل له انه اعتمد ذلك في اطار سياسه براغماتيه وتكتيكات حيويه من شانها تعطيل حدوث الانفجار او استيعابه، خصوصاً عندما استطاع قراءه المتغيّرات السياسيه الداخليه والاقليميه علي نحو صحيح جنّب نفسه والبلاد الفوضي والاحتراب . وعلي الرغم من انه وصل الي السلطه عن طريق صندوق الاقتراع، لكن ذلك وحده ليس كافياً للتمسك بها بسبب اخطاء كبيره ارتكبت خلال فتره حكمه الاولي، اضافه الي تصاعد حالات رفض شعبي كان لا بدّ من مراعاتها .

السؤال الان: هل ستاتي الانتخابات الحاليه بالنتائج ذاتها ام ان هناك تغييرات كبيره في الخريطه السياسيه ستحدث؟ والامر له علاقه بالوضع الداخلي، ولاسيّما الاقتصادي وارتفاع نسبه البطاله، وكذلك بالوضع الاقليمي، وخصوصاً بعد الحرب الاهليه الليبيه، وبعد ازاحه حكم الاخوان في مصر، وبعد الوجود الكثيف لمنظمات الارهاب وخطرها علي سوريا والعراق، وذهب العالم اليوم جميعه تقريباً باستثناء روسيا وايران، للقاء والتعاون في اطار تحالف دولي للقضاء علي الارهاب وعلي منظمه "داعش" و"جبهه النصره" الارهابيتين، وذلك ايضاً في اطار قرار اصدره مجلس الامن الدولي برقم 2170 في 15 اغسطس/اب 2014 .

مازال طريق الانتخابات العربيه وعراً، وحتي التجارب التي تمت بعد موجه "الربيع العربي"، فلم تكن مشجعه في الكثير من الاحيان، بل تركت مشاكل ومتعلقات واحترابات كما حصل في ليبيا، ناهيكم عن لغه السلاح التي تاخذ الصداره في اليمن، حيث يسيطر الحوثيون علي العاصمه، اما في العراق فقد كانت مفاجاه تنظيم "داعش" والاستيلاء علي نحو ثلث مساحه العراق هي الشغل الشاغل بعد تشكيل الوزاره الجديده (الناقصه) برئاسه حيدر العبادي .

اذا كان لنا من توصيف للوضع التونسي الذي تابعناه من بدايه الانتفاضه وقمنا بزيارات ميدانيه عديده له، فيمكننا القول انه مرّ باربعه تحوّلات: الاولي بدات مباشره بعد تغيير النظام واطاحه ابن علي، حيث جاءت حكومات انتقاليه واجريت انتخابات تشريعيه (اكتوبر/تشرين الاول 2011) . اما الفتره الثانيه فكانت قد بدات عند تشريع البرلمان المنتخب دستوراً حيث تالفت حكومه ائتلافيه علي راسها حزب النهضه الاسلامي، مع حزبين يساريين . وقد ارتفعت موجه العنف التي ضربت البلاد علي يد جماعات سلفيه، خصوصاً اغتيال شكري بلعيد ومحمد براهمي العام 2013/ اضافه الي مهاجمه مقار ومبان حكوميه وخصوصاً في الاطراف .

اما المرحله الثالثه فهي التي ابتدات منذ اواسط العام 2013 وحتي مطلع العام ،2014 عندما انفجرت الازمه في البلاد، وساهم في اداره الحوار الوطني، لجميع القوي السياسيه، ثلاث جهات ذات صدقيه هي: اتحاد الشغل التونسي والرابطه التونسيه للدفاع عن حقوق الانسان، ونقابه المحامين التونسيين، وتمخّض الحوار عن اعتماد دستور طال انتظاره وموافقه حكومه حزب النهضه علي التنحي وقيام حكومه ائتلافيه تضم كفاءات تكنوقراطيه . وهكذا تخلي علي العريّض وحلّ محلّه مهدي جمعه .

ويمكن تاشير المرحله الرابعه المستمره حتي الان بقيام حكومه د . مهدي جمعه وتنتهي بالانتخابات النيابيه 26 اكتوبر/ تشرين الاول الجاري، والانتخابات الرئاسيه 23 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل . وقد قامت حكومه جمعه بعدد من الاجراءات التي تحسب لها مثل اعتماد قانون انتخابات، كما ساهمت في التصدي للارهاب وانخفضت وتيره العنف في البلاد . وتبقي الازمه الاقتصاديه التي تعيشها تونس فضلاً عن اختيار طريق التنميه لتشكل جوهر المرحله القادمه ومحتواها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وقانونياً، فالتنميه المستدامه هي المدماك الاساسي الذي لو تحقق لاستطعنا اعتبار النموذج التونسي للربيع العربي قد سار في طريق تحقيق اهدافه، حتي وان واجهته صعوبات داخليه غير قليله، واخري تتعلق بدول الجوار مثلاً، لاسيّما انفلات الوضع الامني في ليبيا، والتوترات مع الجزائر وصعود حركات اسلاميه وارهابيه جديده في المنطقه مثلما هو الامر في الجزائر وليبيا وموريتانيا وحتي المغرب .

والحفاظ علي الامن والقضاء علي الارهاب يتطلبان عملاً طويلاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً ودينياً توعوياً وكذلك اجراءات قانونيه وعسكريه وامنيه واستخباريه لتجفيف منابع الارهاب وتفكيك البنيه الايديولوجيه والاقتصاديه التي يقوم عليها . ولعلّ ذلك مرتبط الي درجه كبيره بتلبيه الحقوق والحريات وتاكيد مبادئ المساواه والعداله وكل ذلك من خلال عمليه تنميه اجتماعيه مستدامه ومتعدده الاهداف .

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل