المحتوى الرئيسى

«مصر في العصور الوسطى» للمستشرق ستانلي بول .. بترجمة عربية

10/22 15:45

عن الدار المصريه اللبنانيه، وفي 752 صفحه من القطع المتوسط، صدر كتاب «تاريخ مصر في العصور الوسطى» للمستشرق الانجليزي ستانلى لين بول، وهو من اهم الكتب التي صدرت عن هذه الفتره التاريخيه.

ويُعد كتاب «لين بول» من المؤلفات القليله التي تُعالج تاريخ مصر الإسلاميه، منذ الفتح العربي الإسلامي لمصر سنه 18- 20هـ/639 – 641م، وحتي دخول العثمانيين مصر سنه 922 هـ/ 1516م.

وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب المهم في لندن سنه 1901م؛ ليحظي بعد ذلك باهتمام كثيرٍ من الباحثين والمهتمين بالدراسات التاريخيه، والذين استفادوا منه في دراساتهم عن هذه العصور؛ اذ انه اول كتاب شامل يتناول تاريخ مصر في هذه الحقبه الطويله، الَّفه «لين بول» في فتره لم يكن قد نُشر فيها من مصادر مصر الاسلاميه الا النذر القليل، ولم تكن الدراسات الجزئيه التي بدات في الظهور منذ العقد الثالث للقرن العشرين قد وُجدت بعد، فاستعاض عن ذلك بالاطِّلاع علي النسخ الخطِّيه لعددٍ مهم من مصادر مصر الاسلاميه، اضافه الي تجارب الطبع الخاصه بكتاب «مدونه الكتابات العربيه» (CIA) للمستشرق وعالم الكتابات التاريخيه السويسري ماكس فان بِرشِم.

مؤلف الكتاب:  هو المستشرق الانجليزي ستانلي لين بول (Stanly Lane - Poole) المولود في مدينه لندن يوم 18 ديسمبر سنه 1845م، وهو ابن شقيقه المستشرق الانجليزي إدوارد وليم لين، صاحب كتاب: «المصريون المُحدَثون: عاداتهم وشمائلهم»، وقد تلقَّي تعليمه في جامعه اُكسفُورد، ثم في جامعه دِبلِن، وعمل باحثًا في التاريخ والاثار الاسلاميه، وقد ارسلته الحكومه البريطانيه في بعثات علميه لدراسه الاثار وكتابه تقارير تفصيليه عنها، فقام برحله علميه الي مصر سنه 1883م، وعمل بين عامي 1895 و1897م في دراسه اثار القاهره الاسلاميه تحت اشراف الحكومة المصرية، وبعد ان عاد الي انجلترا عُيِّنَ استاذًا للغه العربيه في جامعه دبلن

وفي عام 1914م عُيِّن امينًا لقسم النقود في المتحف البريطاني؛ اذ كان مغرمًا بالنقود، ووضع الكثير من المؤلفات عنها، ويتضح ذلك في هذا الكتاب الذي استعان فيه بعشرات الصور التوضيحيه للنقود الاسلاميه، وتُوفي في 29 ديسمبر سنه 1931م.

وكانت مؤلفات «لين بول» غزيره، من اهمها: «فن العرب في مصر» (لندن 1886م)، و«معجم الاسرات الحاكمه الاسلاميه» (لندن 1892م)، و«صلاح الدين وسقوط مملكه بيت المقدس» (لندن 1898م)، و«تاريخ مصر في العصور الوسطي» (لندن 1901م)، و«سيره القاهره» (لندن 1902م).

مُترجم الكتاب:  احمد سالم سالم، وهو – كما يقول الدكتور ايمن فؤاد سيد مُراجع الكتاب ومقدِّمه – باحثٌ مُجدٌّ، حاصل علي ليسانس الاداب من قسم التاريخ، شعبه الاثار الاسلاميه، من جامعه الاسكندريه سنه 2002م، وعُيِّنَ مفتشًا للاثار الاسلاميه بالمجلس الاعلي للاثار، ووجَّه اهتمامه الي دراسه الفتره العثمانيه، فصدر له فيها كتابان: «السيطره العثمانيه علي الحوض الغربي للبحر المتوسط في القرن السادس عشر» (الاسكندريه 2011م)، و«استراتيـﭽـيه الفتح العثماني» (الاسكندريه 2012م)، وهو مسجل لدرجه الدكتوراه في موضوع: «السيطره العثمانيه علي الحوض الشرقي للبحر المتوسط منذ فتح القسطنطينيه 1453م وحتي فتح رودَس 1523م»، اضافه الي العديد من المقالات والترجمات المنشوره في بعض الدوريات المتخصصه.

يُعتبر كتاب «تاريخ مصر في العصور الوسطي» – كما يقول المترجم – من الكتب القليله التي تناولت تاريخ مصر الاسلاميه علي وجه الاجمال، بنظره شامله ودقيقه في الوقت نفسه، فقد حاول مؤلِّفه حصر اهم الاحداث التاريخيه وذكر الاسماء والتواريخ والارقام والاحصائيات ووضع قوائم للولاه والسلاطين والخلفاء، ودعَّم كل ذلك بالصور والاشكال التوضيحيه التي بلغت مائه صوره وشكل، هذا فضلًا عن رايه ونظرته الخاصه كمؤرِّخ ومستشرق غربي، فقد حاول علي سبيل المثال التركيز علي احوال القبط وكنائسهم واديرتهم، ونراه يتطرَّق دائمًا لاوقات رخائهم او شدتهم ويفرد لها الاسطر والصفحات، مع انه قد استقي معظم معلوماته من الكتب العربيه لاشهر المؤرخين المسلمين من امثال: الطبري وابن الاثير والمقريزي والسيوطي وغيرهم، هذا مع عدم التغافل عن المصادر الغربيه المهمه خاصه في عصر الحروب الصليبيه، مثل جوانفيل الذي رافق حمله لويس التاسع، او وليم الصوري، وغيرهما ممَّن عاشوا في ظل احداث الحروب الصليبيه.

وبحسب الناشر : رغم ان الكتاب قد صدر في سنه 1901م الا انه – كما يقول د. ايمن فؤاد سيد في تقديمه للترجمه – ما زال من اهم المؤلفات التي تناولت هذه الفتره، الي جانب كتاب اخر للمستشرق الفرنسي جاستون فييت، احد اهم العارفين بتاريخ وحضاره مصر الاسلاميه، ولا توجد الي الان اي كتابات عربيه تعدل الماده التي قدمها هذان الكتابان لهذه الحقبه الطويله من التاريخ المصري، الامر الذي يجعل نقلهما الي اللغة العربية يسد فراغًا نوعيًّا في المكتبة العربيه، خاصه ان تاريخ مصر خلال هذه الحقبه الطويله كان قد شغل اهتمام المستشرقين خلال القرن التاسع عشر، وبشكلٍ خاصٍّ بعد صدور كتاب «وصف مصر» الذي وضعه العلماء المصاحبون للحمله الفرنسيه وخصَّصوا فيه جزءًا عن «الدوله الحديثه».

ورغم ان المؤلف صاغ كتابه باسلوبٍ جزلٍ، وعباراتٍ ادبيهٍ فخمهٍ تنتمي الي عالم الادب اكثر من انتمائها الي غيره – وهي من الصعوبات التي واجهت المترجم كما يقول – الا ان الكتاب انتشر انتشارًا كبيرًا بين الاوساط العلميه المتخصصه في جميع انحاء العالم، ورجع اليه خلال ما يزيد علي قرن من الزمان، كل مَنْ كتب عن تاريخ مصر الاسلاميه، سواء كان من الغربيين او المؤرخين المشرقيين فيما بعد، وذلك راجع بالطبع لثقل وشهره مُؤلِّفه واهميه كتاباته وجدِّيتها علي وجه الاجمال.

وبحسب الناشر : يبدا الكتاب - الصادر حديثًا عن الدار المصريه اللبنانيه - باهداءٍ مُلفتٍ للمترجم؛ اذ جاء كما يلي: «الي حقبهٍ من تاريخنا مضت بصالحها وطالحها.. الي شخوصٍ واحداثٍ كوَّنت وجدان امه.. اُهدي هذا العمل.. لعلَّنا نلتمس عن طريق الماضي افاق المستقبل».

وقد وضع «لين بول» كتابه في احد عشر فصلًا، وقام في بدايه كل فصل بذكر اهم المصادر الخاصه به، والتي كانت معروفه وقت تاليفه للكتاب، واهم الاثار الباقيه التي ترجع الي هذا العصر، ولم يكتفِ بالسرد التاريخي، وانما كانت له الكثير من التحليلات ووجهات النظر التي جعلت الكثير ممن تناولوا هذه الفتره بالدراسه بعد ذلك يحيلون في هوامشهم الي كتابه.

بدا الفصل الاول المعنون بـ «الفتح العربي» بالاشاره الي الفتح العربي الاسلامي لمصر، حيث يقول المؤلف: «تُوفي النبي محمد ﷺ عام 11هـ / 632 م، وخلال عده اعوام من وفاته اجتاح اتباعه شبه الجزيرة العربية وسوريا وارض الكلدانيين، هازمين قوات امبراطور القسطنطينيه وكِسري او ملك فارس الساساني

وفي عام 18 هـ/ 639م افتتح العرب مصر، بعد ان اذعن الخليفه عمر علي مضضٍ لمزاعم القائد عمرو بن العاص، لكنه اشترط عليه ان وصله خطاب استدعاء قبل دخوله ارض مصر، فعلي الجيش العوده فورًا الي المدينه، وبالفعل تم ارسال هذا الخطاب، الا ان عَمرًا احتال لعبور الحدود قبل فتحه، وهكذا ابطل غايه الخطاب.

زار عمرو الاسكندريه في شبابه ولم ينسَ ابدًا ثراءها، ولقد تم تنظيم تلك الحمله بينما كان الخليفه وعمرو معًا قرب دمشق اثناء عودتهما من فتح بيت المقدس في خريف عام 18 هـ/ 639م، وقد ادَّي عمرو صلاه عيد الاضحي في العريش، المدينه الحدوديه المصريه».

ويستمر «لين بول» باسلوبه الرشيق، في سرد تفاصيل الفتح العربي الاسلامي لمصر، متناولًا الزحف نحو ممفيس، ومعركه عين شمس، ومعاهده مصر، كما يتحدَّث عن المقوقس، وحصار بابليون، والتقدم نحو الاسكندريه، والمعاهده مع الروم.

ويتناول في الفصل الثاني «ولايه الخلافة الإسلامية»، بينما يتحدَّث في الفصل الثالث عن الطولونيين والاخشيديين، وفي الفصل الرابع عن الثوره الشيعيه، ثم الخلفاء الفاطميين في الفصل الخامس، والهجوم من الشرق في الفصل السادس، بينما يفرد الفصل السابع للحديث عن صلاح الدين، ويتناول خلفاء صلاح الدين (الايوبيون) في الفصل الثامن، بينما يروي في الفصل التاسع قصه «المماليك الاوائل»، ثم في الفصل العاشر يتناول الحديث عن «اسره قلاوون»؛ ليختتم كتابه بالفصل الحادي عشر الذي يتحدث فيه عن «المماليك الجراكسه».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل