المحتوى الرئيسى

مسؤولون وتجار عراقيون لـ «الشرق الأوسط»: تجارة نفط «داعش» مزدهرة رغم ضربات التحالف

10/17 01:47

في الطريق الذي يربط بين كركوك وعاصمه إقليم كردستان العراق، اربيل، وعلي مبعده عن الشوارع العامه يلاحظ المسافر (بين كركوك واربيل) حركه صهاريج تتجه نحو شمال البلاد، وعندما تسال عن هذه الصهاريج فان اي شخص سيكون جوابه: «هذا نفط مهرب الي تركيا».

وفي مقهي في بلده ألتون كوبري (الجسر الذهبي) القريبه من كركوك، يقول فهمي، الذي قدم نفسه بوصفه سائق صهريج سابقا قبل ان يترك مهنته (السياقه) ويفتتح هذه المقهي: «لانني تعبت رغم ان قياده الصهاريج كانت تدر اموالا جيده».. حسب ايضاحه، مشيرا الي ان «هناك النفط المستخرج من حقول اقليم كردستان العراق الذي يجري تجهيزه في كركوك، بالضبط في المنطقه القريبه جدا من حدود محافظة أربيل، فهناك وانتم تتجهون نحو اقليم كردستان سوف تشاهدون عند جهتي الشارع العام الكثير من الصهاريج التي تقف في طابور بانتظار تجهيزها بالنفط الخام لتنطلق الي تركيا وايران»، منبها الي ان «قسما كبيرا من هذه الصهاريج تركي واخر عراقي».

ويستطرد فهمي قائلا: «هناك اليوم النفط (الداعشي) الذي تستخرجه عناصر (داعش) من آبار النفط التي تسيطر عليها، سواء في العراق او سوريا، ويقوم عناصر التنظيم ببيع هذا النفط باسعار بخسه للغايه، وفي الغالب يجري شحن النفط الداعشي الي تركيا عبر اراضي اقليم كردستان». من دون ان يوضح ما اذا كانت السلطات الكرديه علي علم بهذا الموضوع ام لا، لكنه يوضح قائلا: «الصهاريج تخرج معا من كركوك الي تركيا، وليس من السهوله التفريق بين صهاريج النفط المبيع قانونيا او النفط الداعشي». يستطرد: «لكنني لا اعتقد ان هناك امرا يخفي علي الحكومه واجهزتها الاستخباريه». ومنذ اكثر من شهرين تحاصر عناصر «داعش» مصفاة نفط بيجي شمال بغداد، وهي المصفاه الحيويه التي تزود العاصمه العراقيه ومناطق اخري بالوقود الذي ياتي مباشره من حقول نفط كركوك، لهذا يخطط تنظيم داعش لعمليتين كبيرتين، الاولي هي الاستيلاء ولو علي جزء من ابار نفط كركوك الغنيه، والثانيه السيطره علي مصفاه نفط بيجي لتكتمل دوره استخراج النفط وتصفيته والتجاره به، فالنفط كما هو معروف اهم وسائل تمويل «داعش».

يقول الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسه اقليم كردستان لـ«الشرق الاوسط»: «لقد حمت قوات البيشمركه الكرديه محافظة كركوك من احتلال (داعش) لها علي غرار احتلاله لمحافظه نينوي»، منبها الي انه «لو سيطر (داعش) علي كركوك لكانت حدثت مصيبه كبري للناس؛ للعرب والاكراد والتركمان، وكان سيطر علي منابع النفط وانبوب التصدير الذي يعبر من خلاله نصف مليون برميل يوميا الي تركيا و300 الف برميل يوميا الي بيجي، وكان هذا هدفهم، السيطره علي كركوك ومصفاه بيجي لتكون منابع النفط والمصفاه بايديهم».

ويكشف شلال عبدول، قائمقام طوزخورماتو التابعه لمحافظه صلاح الدين لـ«الشرق الاوسط»، عن ان «مسلحي (داعش) يهربون النفط الخام العراقي في الصهاريج»، مشيرا الي ان «عشرات الصهاريج تمر من خلال او بالقرب من قضاء طوزخورماتو محمله بالنفط الخام باتجاه اقليم كردستان او تسلك طرقا ترابيه باتجاه غرب العراق».

وقال ان «الجماعات المسلحه و(داعش) يسرقون النفط الخام من ابار نفط قرب سلسله جبال حمرين، وكذلك هناك ابار نفط تبعد 35 كيلومترا غرب طوزخورماتو»، مشيرا الي ان «هذه المناطق لا تقع تحت سيطره الحكومه او القوات العسكريه.. وقسم كبير منها، منذ التاسع من يونيو (حزيران) اي بعد سقوط محافظه نينوي، يقع تحت سيطره (داعش)».

واضاف قائمقام قضاء طوزخورماتو ان «هناك ما بين 50 الي 100 صهريج تعبر من خلال القضاء او نرصدها من بعيد، حيث يتخذ السائقون طرقا ترابيه غير معبده بعيده عن سيطره الاجهزه الامنيه او قوات البيشمركه». وقال ان «قوات البيشمركه التي تسيطر علي القضاء استطاعت ان تحجز اكثر من 50 صهريجا محمله بالنفط الخام المسروق، وقد امر وزير البيشمركه السابق جعفر الشيخ مصطفي، باحاله السائقين الي القضاء ومصادره النفط المسروق، الا ان تدخلات كثيره من جهات عده، بالاضافه الي ان الاوضاع الامنيه في القضاء وعدم انتظام الدوائر الحكوميه، ادت الي غلق المحاكم التي تنظر في قضايا هؤلاء السائقين، وقد اخلي سبيلهم».

واوضح عبدول ان «حجم ما يحمل في الصهريج الواحد هو ما بين 30 الي 36 الف لتر مكعب، ويبلغ سعر هذه الحموله ما بين 10 الاف الي 14 الف دولار اميركي»، مشيرا الي ان «(داعش) يسرقون غالبيه النفط الخام من انبوب النفط الذي يغذي مصفاه بيجي ومن مناطق اخري يمتد فيها الانبوب او حتي من انابيب التصدير».

وحول الجهات التي تشتري النفط الخام المسروق، قال عبدول: «هناك جهات كثيره داخل العراق وخارجه تشتري النفط الخام، نحن نتحدث عن النفط وهو كالذهب، وهناك مهربون ومضاربون داخل العراق يشترونه باقل من ثمنه بكثير ليبيعوه الي جهات في الخارج، وهؤلاء يغامرون من اجل نقله الي خارج العراق». واضاف: «هناك صهاريج تتجه نحو اقليم كردستان ليجري من هناك نقل النفط الي تركيا، وهناك صهاريج تذهب الي غرب العراق باتجاه الحدود السوريه، واخري تذهب الي مناطق وسط العراق».

لكن رجل الاعمال الكردي العراقي هوشنك برزنجي يقلل من كميه النفط الذي يجري شراؤه من «داعش» ويجري بيعه الي تركيا وايران، وقال لـ«الشرق الاوسط» ان «غالبيه من كميات هذا النفط تذهب الي مناطق في داخل العراق، اضافه الي تهريب كميات منه الي تركيا وايران، وبعضه يصل الي روسيا عبر الاراضي الايرانيه».

واضاف برزنجي لـ {الشرق الاوسط} ان «هناك شبه بورصه في طوزخورماتو التي تتوسط مناطق الموصل وبغداد وكركوك واربيل، والتجار رغم ضربات التحالف يشترون نفط (داعش) وهم معروفون، ولهم وكلاء او وسطاء هم من يتعاملون مع عناصر (داعش) حول اسعار وكميات النفط وغالبا يجري دفع المستحقات الماليه بالدولار الاميركي وعند تسلم الكميه في الصهريج؛ اذ ينقل سائق الصهريج النفط الي الجهه التي تشتريه»، مشيرا الي ان «وسطاء التجاره بنفط (داعش) لا يقرون بانهم اشتروه من (داعش) بل من مهربين عراقيين، وحتي لو عرفوا بانهم من عناصر (داعش)؛ فالموضوع لا يهمهم كونهم لا يهتمون بالسياسه، كما ان عناصر (داعش)، وهم من العراقيين جميعا، لا يتعاملون مع الوسطاء او التجار بصيغه سياسيه او عسكريه، بل هم يبيعون بضاعه مهربه بصوره غير قانونيه لقاء مبالغ تدعم تنظيمهم».

واوضح رجل الاعمال الكردي ان «سعر البرميل الواحد من نفط (داعش) يتراوح بين 10 و12 دولارا، بينما يبيعه الوسيط او التاجر بسعر 25 الي 30 دولارا للبرميل الواحد، واجره سائق الصهريج تبلغ في احيان كثيره 50 دولارا يوميا، فاذا تاخر 3 ايام مثلا وهو في مكانه فالاجره ستبلغ 150 دولارا، بينما الاجور تنخفض اذا جري ارسال النفط الي تركيا او ايران او روسيا؛ كون المسافه معروفه وتستغرق ما بين 3 ايام واسبوع، وهذا يعتمد علي طبيعه الظروف الامنيه وتشديدات الحدود». وقال ان «العمليه بالنسبه للسائقين تنطوي علي مغامره خاصه داخل الاراضي العراقيه».

وعن سبب شراء ايران او روسيا للنفط من تجار عراقيين مع ان النفط متوفر في هذين البلدين، قال: «نعم متوفر لكنه عندما يصل الي التجار هناك بربع سعره فمن لا يريده؟ هذه تجاره مثلها مثل اي تجاره اخري». واوضح قائلا: «النفط الذي يشتريه التجار العراقيون من عناصر (داعش) ويجري نقله الي خارج العراق يكون باسم هؤلاء التجار الذين يبيعون ايضا النفط الذي يشترونه بصوره شبه رسميه من اقليم كردستان، وهؤلاء التجار شبه مرخص لهم بتجاره النفط، ومنذ سنوات، وهم في العاده من المتنفذين او لهم نفوذ سياسي او اقتصادي في المنطقه دون ان تتورط الجهات الحكوميه، واعني حكومه اقليم كردستان، بهذا الموضوع؛ ذلك ان النفط يباع رسميا من قبل حكومه الاقليم وبصوره معلنه وعبر الانبوب الناقل الي ميناء جيهان التركي».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل