المحتوى الرئيسى

«تجديد الخطاب الدينى الفريضة الغائبة».. مؤتمر بالقاهرة يعيد الاعتبار لنصر أبوزيد بعد 20 عاما من تكفيره

10/14 12:03

اوصانا نصر ابو زيد ان نخلص النصوص من كل سلطه تجعلها مقصله، فلم نستمع للوصايا، وصار النص بين ايدي المتطرفين رصاصات غادره واشباحا تطارد الاجساد والارواح والعقول فوق الخرائط العربيه باسم نصوص اُسيء فهمها وتفسيرها وتلوينها بالوان الخطابات الايديولوجيه.

قراءه نصر حامد ابو زيد الان، او اعاده النظر في قراءتنا للنص الديني ضروره حياتيه.. ولنقرا الخارطه جيدا لندرك كم خسرنا بعدم تخليص النص الرحيم من سلطه غاشمه يتبادل انخابها من دمنا طغاه وفقهاء لا يجيدون قراءه النصوص فضلا عن تاويلها. مؤتمر التاويليه عند نصر ابو زيد الذي نظمته علي مدي يومين بالقاهره مؤسسه نصر ابو زيد للدراسات الاسلاميه، وشارك فيه عدد من الباحثين الشباب من مصر والسودان كان خطوه علي الطريق الصحيح لاعاده النظر في النص والتاويل وتجديد الخطاب الديني والثقافي.

تقول الدكتوره ابتهال يونس ــ استاذ الادب الفرنسي والحضاره بكلية الآداب جامعة القاهرة ومقرره المؤتمر ــ ان البحوث المشاركه في المؤتمر وعددها 16 بحثا ركزت علي محورين اساسيين، الاول: قدم دراسات عن التاويليه في كتابات نصر ابو زيد الاساسيه، مثل «فلسفه التاويل»، و «نقد الخطاب الديني». اما المحور الثاني، فقدم دراسات عن التاويل وفق منهج ابوزيد، لتخليص الفكر الديني من كل ما يقوض حريه البحث العلمي والتاويل. وقالت ان الجهد الذي بذله الشباب من الباحثين علي الرغم من بعض التحفظات المنهجيه عليه او الانتقادات التي وجه بها في القاعه يعد خطوه في الاتجاه الصحيح.

وفي توصيات المؤتمر قالت الدكتوره ابتهال يونس ان المؤسسه ستقوم بطبع البحوث الكامله للباحثين في كتاب يصدر قريبا، كما سيتم تنظيم مؤتمر حول الدراسات القرانيه كل عامين، يقدم جائزه لافضل بحث، علي ان يتم تنظيم ورش عمل حول الدراسات القرانيه. واضافت ان المؤسسه تفكر في اصدار مطبوعه دوريه للدراسات القرانيه، الي جانب تنظيم ندوات علميه في معظم المدن المصريه لكسر احتكار القاهره للفعل الثقافي.

في بدايه المؤتمر قدم الدكتور هاني المرعشلي استاذ الفلسفه بكليه الاداب جامعه طنطا قراءه في اتجاهات ومصادر التاويل عند نصر والمسائل التي توقف عندها، مشيرا الي تاثير ابن عربي علي رؤيه ابو زيد للتراث والعالم، مؤكدا ان نصر كان احد قلائل في العالم العربي قراوا السفر الضخم لابن العربي، وهو الفتوحات المكيه باجزائه التسعه عشر، وهو جهد لا يقدر عليه الكثيرون. كما ان نصر، بحسب المرعشلي، كان واحدا من قلائل في مصر ممن صبر علي مكابده السفر الفلسفي الضخم للفيلسوف الالماني مارتن هايدجر عن الوجود والزمن كما تاثر بهيرش في النقد، ولكنه استطاع تجاوز مقولاته.

وقال المرعشلي ان نصر كان تلميذا في مدرسه القراءه الادبيه او البلاغيه للقران، والتي تمتد بجذورها لعبدالقاهر الجرجاني والمعتزله وتتمثل حديثا في الامام محمد عبده الذي تكلم عن قراءه القران وفق التاريخ الذي نزل فيه، ثم الشيخ امين الخولي صاحب المقوله الشهيره «لكي تقول جديدا لابد لك من قتل القديم فهما»، وهو ما فعله نصر مع كل من تاثر بهم سواء المعتزله او الاصلاحيين الاسلاميين.

ثم قدم الباحث المصري المقيم بالولايات المتحده جمال عمر قراءه في تاريخ قراءه المسلمين للقران قال فيها ان المسلمين خلال القرون الثلاثه الماضيه، قاموا باعاده النظر في الاصول التي سادت التفكير الاسلامي، التي لم تكن مجرد اصول للفقه، بل اصبحت اصولا للتفكير الذي ساد عند المسلمين لقرون. فقد اعادوا التفكير في القياس الفقهي واسسه وفي الاجماع. وفي القرن الاخير ظهرت دراسات نقديه للسنه: جمعها ومدي حجيتها وانفرادها بالتشريع عن القران.

وظلت جهود المسلمين حول القران مجرد محاولات لفتح المعاني القرانيه لتتسع لمتغيرات العصر. ولم تتعرض الجهود لاعاده التفكير في القضايا التي تم اغلاق باب الحوار بشانها، وسادت اجابات حولها ثم تحولت هذه الاجابات من افكار وتصورات بشريه الي عقيده تطير دونها الرقاب.

«وقد انتقد ابوزيد الاستخدام النفعي الذي قدمه القدماء والمحدثون لايات القران في سجالاتهم، لكي يجعلوا نصوص القران تنطق بافكارهم المُسبقه وتساءل: هل يمكننا ايجاد مفهوم موضوعي للنص خارج اطار التحيزات الايديولوجيه للقارئ او المفسر؟».

واثارت الورقه جدالا حول النسبي والمطلق في القران ومعني قول نصر ان القران منتج ثقافي، وهو ما رد عليه عمر بان النص الهي المصدر لكنه مكتوب بلغه بشريه يتطلب لدرسها تطبيق قواعد اللغه لفهم كلام الله وهو ما اكد عليه نصر في كل دراساته.

قدّم نصر ابو زيد، بحسب الدكتور عبدالباسط هيكل الاستاذ المساعد بجامعه الازهر، مشروعا فكريا راه البعض شائكا، وراه المحافظون والتقليديون خروجا، وراه كثير من المجددين مشروعا فكريا اصلاحيا توفيقيا بين التراث والمعاصره بعيدا عن حاله التلفيق التي تعيشها الكثير من الكتابات الفكريه حديثا. وتركز الدراسه علي الاجابه عن سؤال من الاسئله الكثيره المؤجله التي اثارها نتاج نصر، وسكت او اُسكت الباحثون عنها، كما يقول هيكل.. وتساءل الباحث في مداخلته عن الجذور التراثيه لتاويليه نصر، في محاوله للاجابه عن سؤال مفاده: هل تاثر نصر بالتراثيات؟ وقال ان هناك منطلقات تاويليه في تراث المعتزله وعبدالقاهر الجرجاني وابن رشد وابن عربي الذي قدم عنه دراستين الاولي فلسفه التاويل، ثم راجع منطلقاته في درسه لابن عربي في كتابه الثاني «هكذا تكلم ابن عربي»، وكيف شكّل تراثهم منطلقا لتاويليه نصر، وكيف ان علاقه نصر بالتراث جاءت علاقه تفاعليه متبادله تابي التسليم او التلوين او الاستنطاق او العزل للتراث.

وفي دراسته التي تحمل عنوان «توتر الخطاب والاشتباك التاويلي: التفكير في زمن التكفير نموذجا»، عاد الباحث وائل النجمي الي تعريف الفرنسي بول ريكور للتاويل، والذي يقول فيه «ان التاويل هو عمل الفكر الذي يتكون من فك المعني المختبئ في المعني الظاهر، ويقوم علي نشر مستويات المعني المنضويه في المعني الحرفي».

واتخذ النجمي من كتاب «التفكير في زمن التكفير» نموذجا لدراسه المساجله التاويليه بين نصر وخصومه، وهو الكتاب الذي يلخص فيه نصر قضيته مع الحكم الشهير بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتوره ابتهال يونس والذي بسببه اضطر للسفر القسري للعمل في جامعه لايدن الهولنديه، ثم بعدها جامعه اوتريخت للعلوم الانسانيه بهولندا ايضا.

القراءه الحداثيه للنص القراني بين التاويل والابداع في خطابي نصر حامد ابو زيد وطه عبدالرحمن هو عنوان بحث الدكتور محمد الصغير الذي يري ان البحث عن مفهوم النص عند ابو زيد هو نفسه طريق الي تحديد ماهيه القران. هكذا كان التاويل هو الوجه الاخر للنص، وبالتالي المدخل المركزي في دراسه القران، باعتباره نصا لغويا.

اذ بفضل القراءه التاويليه والياتها نصبح امام نص منفتح علي الدوام. وكان نصر يطمح الي قراءه تنطلق من الواقع اي تبدا بالحقائق التي نعرفها من التاريخ. او ما يسميه بجدليه النص بالواقع من تناول ظاهره الوحي والنبوه، وعلاقه المكي والمدني بعلوم القران، ولواحقها من المقيد والمطلق او المحكم والمتشابه».

اما عمل المفكر المغربي طه عبدالرحمن فيرتكز علي تفكيك دعائم القراءات الحداثيه التي حاولت تفسير النص القراني، وفق رؤيه تاويليه او تاريخيه او حتي عقلانيه، ينزل فيها النص المقدس منزله النصوص البشريه.

وقد قدم الباحث دراسه مطوله حول مشروع طه عبدالرحمن من دون تقديم ايه اشاره للموضوعات التي نقد فيها عبدالرحمن مشروع نصر ابو زيد، ما اثار الدكتور طارق النعمان الاستاذ بجامعه القاهره والذي اكد ان مشروع عبدالرحمن سلفي وايديولوجي يحاول نسف مشاريع الاخرين وتكفير اصحابها.

ودافع الصغير عن عبدالرحمن واعتبره من المفكرين العرب القلائل الذين يقدمون طرحا من داخل الدائره الاسلاميه لا ينفي الاعتقاد ولا يتجاهل العلوم الحديثه ويهتم بضبط المصطلحات.

لاشك ان المعتزله كانت احدي النقاط المضيئه في تراثنا الفكري الاسلامي، وليس غريبا، وهي كذلك، ان تكون تلك المدرسه العقلانيه التي ظهرت في بدايات القرن الثاني الهجري، قد الهمت الكثيرين من مفكري العرب بافكارها التي بدت وكانها قد سبقت عصرها، ومن ضمن هؤلاء المفكرين، الدكتور نصر حامد ابو زيد الذي كرّس رساله الماجستير لبحث قضيه المجاز عند تلك الفرقه، وتسعي الورقه التي قدمها الباحث الدكتور محمد جبريل الي عرض موجز لقضيه خلق القران عند المعتزله، بعد ان تم ابتسار القضيه كلها علي يد الفكر الاشعري ليصبح مفهوم ازليه القران جزءا من العقيده.. «هنا تاتي محاولتنا للكشف عن السياقين التاريخي والثقافي اللذين انتجا هذا المفهوم، وسنجد، وبحق كما قرر ابو زيد، ان تلك القضيه، اقصد خلق القران، لا تنفصل عن مشكله الحريه التي شغلت بال المعتزله واستفزتهم للادلاء فيها بافكار، هي اليوم جديره باعاده الدرس والتقييم».

في دراستها التي تقدمها للمؤتمر بعنوان «خطاب التحريم والفن عند نصر حامد ابو زيد»، طرحت الدكتوره سلمي مبارك من جامعه القاهره سؤالا: لماذا تفرض اشكاليه التحريم نفسها عند الحديث عن علاقه الفن والدين؟ رغم ان الدين والفن كلاهما احتياج انساني، وطريق لتحرر الانسان، وصله مع اللامتناهي.

يتوقف نصر حامد ابو زيد عند هذا الاشتباك وعند مفهوم خطاب التحريم في الفن علي وجه الخصوص في كتابه «التجديد والتحريم والتاويل».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل