المحتوى الرئيسى

مستوطنات الفضاء: دليل الخبراء للعيش خارج كوكب الأرض

10/08 16:39

ينظم موقع (بي بي سي فيوتشر) في يوم 21 من شهر اكتوبر/تشرين الاول الجاري مؤتمرا علميا عن "افكار تغير العالم"، سيبحث بعض اكثر التطورات اثاره وتحدياً، التي تواجهنا في مجالات العلوم، والتقنيه، والصحه.

وفي الفتره التي تسبق هذا المؤتمر، سنقدم دليلاً فريداً من نوعه بشان المسائل التي ستطرح وتناقش فيه، ومنها مفهوم اساسي هو ان البشر قد يبنون يوما ما مجتمعات بشريه في الفضاء بعيداً عن كرتنا الارضيه.

لماذا ينبغي علينا التفكير في استيطان الفضاء بشكل جدّي؟

مع تنامي التنافس بين شعوب كوكبنا لسبر اغوار الفضاء واستغلال موارده، اصبح العديد مقتنعين باننا نحتاج الي النظر الي ما وراء كوكب الأرض لنضمن بقاء واستمراريه الجنس البشري.

وقد صرح مؤخراً إيلون ماسك، رجل الاعمال والمدير التنفيذي لشركه السياحه الفضائيه (سبيس-اكس) قائلا: "اعتقد ان هناك جدلا محتدما لكي يسود البشر علي كواكب متعدده من اجل حمايه كيان البشريه ووجودها في حاله وقوع كارثه مروعه".

حتي وان لم تؤمن بهذه الرؤيه القاتمه، فانه يصعب تجاهل الغريزه الانسانيه الابديه لاكتشاف المجهول– هذا الدافع الذي يمكنه ان يحث البشر علي الانطلاق بعيداً عن الامان الذي يوفره كوكبنا.

ربما لن تكون هناك عقبات عديده امامنا، كما قد تعتقد. فقد ذكر رائد الفضاء السابق جيفري هوفمان، والذي سيعرض افكاره في المؤتمر القادم، في سياق حديثه سابقاً لبرنامج (بي بي سي فيوتشر): "لقد وصلنا الي مستوي من التقنيه يمكننا فيه ان نتخيل ترك كرتنا الارضيه والذهاب الي عدد من الاجرام السماويه القريبه ضمن مجموعتنا الشمسيه".

واضاف: "القمر قاب قوسين او ادني منا، وكوكب المريخ ليس ببعيد عنا. من المحتمل ان نخطو الخطوات الاولي، علي الاقل، للقيام بهذه الرحلات في زمننا المنظور".

تعود احدي التصورات المحتمله الي العشرينيات من القرن الماضي، حيث تخيل هيرمان بوتوكنيك، النمساوي-المجري والريادي في علم الصواريخ، مركبه فضائيه دائريه – مثل صحن طائر- تدور حول نفسها لتولد جاذبيه صناعيه في الوقت الذي تقوم فيه مراه مقعره بتركيز اشعه الشمس بغرض توليد الطاقه.

قد تبدو الفكره بعيده المنال، لكنها ظلت تراوح مكانها عبر السنين– حتي طرحت مرات اخري ابرزها في اواسط السبعينيات من القرن الماضي من قبل الفيزيائي الراحل جيرارد اونيل، من برينستن.

وطرحت كذلك من قبل مؤسسه الابحاث الفضائيه (جمعيه الكواكب البريطانيه). وقبل ان تصرف النظر تماماً عن فكره المستوطنات العائمه، كانت جمعيه الكواكب البريطانيه قد تنبات باننا سنصل الي القمر قبل ثلاثه عقود من حدوث ذلك فعلاً.

ماذا عن العيش علي كوكب المريخ؟ او علي اي كوكب اخر؟

يفضل خبراء اخرون فكره الاستقرار علي ارض اكثر صلابه – مثل كوكب ما او علي سطح القمر- لانشاء "محيط حيوي" صناعي بكافه عناصره اللازمه لازدهار الحياه البشريه فيه.

وقد تركز الاهتمام الرئيسي علي المريخ. وعلي نحو يدعو الي الدهشه، حاول البعض اتخاذ خطوات فعليه لانشاء تجمعات بشريه جديده هناك بحلول عام 2025.

ففي عام 2012 بدا المشروع الهولندي الذي يحمل اسم "المريخ واحد"، والذي اختار بعد فحص وتدقيق 40 شخصاً من بين مجموعه تقارب 200 الف من المتقدمين.

وعلي هؤلاء الاشخاص الان ان يتلقوا تدريباً في اطار برنامج تلفزيوني واقعي من اجل المساعده في تمويل المشروع.

لكن مشروع "المريخ واحد" له معارضيه ايضا – وهو ما يوضح علي الاقل الاهتمام الكبير باستيطان الفضاء.

وثمه شائعات تقول ان ماسك، صاحب مؤسسه (سبيس-اكس)، قد وضع عينيه علي استيطان الكوكب الاحمر عن طريق مركبه هائله تدعي (ناقله الاستيطان المريخيه)، التي اذا ما اعيد استعمالها فانها ستخفض كثيرا من نفقات الرحلات المكوكيه.

وقد صرح لموقع ومجله (ايون Aeon) ان هذه ليست سوي البدايه، واضاف ماسك: "اذا استطعنا انشاء مستوطنه علي سطح المريخ، فانه يكاد يكون من المؤكد ان نستوطن كامل المجموعه الشمسيه، لاننا سنكون قد اسسنا ارضيه اقتصاديه قويه لتوظيفها في تطوير السفر الي الفضاء".

واضاف: "سنسافر الي اقمار كوكب المشتري، علي الاقل الي اقماره الخارجيه بالتاكيد، ومن المرجح ايضاً ان نصل الي قمر تايتان التابع لكوكب زحل، وبعض الكويكبات والاجرام السماويه الاخري".

ومع ذلك، يضع ماسك الخطوط العريضه للاقامه فوق اسطح كواكب بعيده. وبحسب قوله: "تقع مجموعه (الفا سنتوري ) النجميه علي بعد اربع سنين ضوئيه، فاذا ما انطلقنا بسرعه تقرب من 10 في المئه من سرعه الضوء، فان الرحله ستسغرق 40 عاماً، هذا بافتراض اننا سنصل الي هذه السرعه علي الفور، علماً بان هذا ليس واقع الحال. واتساءل ما الذي سيكون عليه حال البشريه عندما نحاول القيام بذلك".

كيف سيمكننا التاقلم مع الحياه في الفضاء؟ او ان نصل الي هناك؟

ان العيش علي (محطه الفضاء الدوليه) يكشف لنا بعض التحديات الضخمه التي ستواجهنا. فنقل الماء اللازم للمقيمين علي متنها، وهم سته اشخاص فقط، يكلف، ببساطه، ما يقرب من ملياري دولار سنوياً، ناهيك عن صعوبات توفير الطعام والاوكسجين لهم.

تحتاج مستوطنه الفضاء، بشكل مثالي، لان تكون مكتفيه ذاتياً بانتاج كل هذه الموارد بنفسها، او ربما التنقيب عنها في الكويكبات القريبه.

وماذا عن الاجهاد والضغوط علي الجسم البشري: يمكن لانخفاض او انعدام الجاذبيه ان يؤديا الي هشاشه العظام، وترهل العضلات، وارتفاع خطير في الضغط داخل الراس، مما يؤدي احياناً الي مشاكل مؤقته ودائمه في العينين.

في الوقت نفسه، يمكن للاشعاع الكوني ان يسبب عتمه عدسه العين (او ما يعرف بالمياه البيضاء)، ويزيد من مخاطر الاصابه بامراض السرطان. اضف الي ذلك ان قله النوم والشعور بالوحده يمكنهما ان يفسدا مخيله المرء.

ستحتاج ايه مستوطنه فضائيه الي وضع الحلول لجميع هذه المعوقات وغيرها الكثير – بما في ذلك القضايا اليوميه الشائكه التي يمكن ان تطرا. فعلي سبيل المثال تميل بعض المواد – بما في ذلك شعر الوجه- الي ان تكون اكثر عرضه للاشتعال عند انخفاض او انعدام الجاذبيه.

ما هو اكثر عرضه للاشتعال ايضا علاقاتنا مع زملائنا واصحابنا. ففي مسعيً لمحاكاه الرحله الطويله الي المريخ، قام الباحثون في مشروع (المريخ 500) بحبس سته متطوعين في حجره صغيره مغلقه في موسكو، في مساحه تقل عن 80 متراً مربعاً، ولمده 520 يوماً.

انحرفت دوره نوم احد المشاركين بشكل كان يندر فيه ان يكون مستيقظا عندما يكون اقرانه من "الملاحين" الاخرين مستيقظين. وظهرت علي شخص اخر اعراض الكابه، بينما بدا ثالث يعاني من تدهور حاله الادراك لديه.

ناهيك عن ذكر القضايا السياسيه مثل كيفيه حكم هؤلاء البشر المعزولين، والطريق الي منع الصراع بين هذه المجموعات الجديده الهشه. قد تبدو هذه الافكار وكانها في مستقبل بعيد، لكن بعض العلماء والفلاسفه قد بداوا فعلاً في وضع "مسوده دستور" لمجتمعات المستقبل هذه.

لنفترض اننا نجحنا في ذلك، هل سيختلف البشر الذين يعيشون او يولدون في الفضاء عني وعنك؟

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل