''رايتس ووتش'' تطالب بالتحقيق في غارات أمريكية أسقطت مدنيين في سوريا

اكدت ''هيومن رايتس ووتش'' ان غارات الصواريخ الامريكيه علي ادلب في سوريا، قتلت ما لا يقل عن 7 مدنيين، مطالبهً بالتحقيق لاحتمال انتهاكها (القوات الأمريكية) لقوانين الحرب.

واشارت المنظمه، في تقرير اوردته بموقعها الالكتروني اليوم الأحد، الي تصريح جون كيربي الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، في 25 سبتمبر الجاري، بان الولايات المتحده تدرس التقارير التي تفيد بوقع خسائر مدنيه في سوريا جراء غاراتها، الا ان الجيش الامريكي ''لم يتلق تقارير ذات مصداقيه من مصادر عملياتيه'' بحدوث وفيات مدنيه.

فيما لفتت الي افادات ثلاثه من السكان المحليين لمندوبي المنظمه عن الصواريخ التي قتلت ما لا يقل عن رجلين وسيدتين و5 اطفال، في الساعات الاولي من صباح 23 سبتمبر الجاري بقريه كفر دريان شمالي ادلب. وان هناك معلومات غير مؤكده تشير الي حتمال انتماء الرجلين الي جماعه جبهه النصره الاسلاميه المتطرفه المسلحه. كما ان بعض مقاطع الفيديو تؤيد روايات الشهود عن مقتل مدنيين بصواريخ توماهوك العابره للقارات والموجوده في الترسانه الامريكيه.

من جانبه، قال نديم حوري نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش: ''علي الولايات المتحده وحلفائها في سوريا اتخاذ كافه الاحتياطات المعقوله لتجنب ايذاء المدنيين. كما يتعين علي الحكومة الأمريكية التحقيق في الغارات التي يحتمل ان تكون غير مشروعه والتي تسببت في قتل مدنيين، ونشر التقارير العلنيه عنها، والالتزام باجراءات الجبر المناسبه في حاله الخطا''.

وقال السكان، الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش عبر تطبيق سكايب، انه في نحو الساعه 3:30 صباحًا، سقطت سلسله من الصواريخ علي مجمع تابع لجماعه جبهه النصره المتشدده، يشتمل علي مخزن للاسلحه، علي بعد حوالي كيلومتر واحد من القريه. وقال اثنان من السكان ان صواريخ اخري سقطت بعد هذا بقليل علي منزلين في كفر دريان ذاتها، فقتلت ما لا يقل عن 5 اطفال وسيدتين ورجلين، اشارا اليهم جميعاً بالاسم. وبينما قال اثنان من السكان ان الرجلين كانا مدنيين، قال الثالث انهما كانا من اعضاء جبهه النصره.

واضاف السكان المحليون الثلاثه لـ هيومن رايتس ووتش، ان قوات جبهه النصره كانت تتمركز علي بعد نحو كيلومتر واحد من القريه في المجمع الذي اصيب في غاره الصواريخ الاولي، ولكن لم يكن هناك وجود لمباني او نقاط تفتيش او مركبات تتبع جبهه النصره في محيط الغاره التي اصابت القريه.

وقد افادت صحيفه ''واشنطن بوست'' في 24 سبتمبر الجاري ان بعض المقاتلين المتمردين قالوا ان ''الغارات الجويه التي تمت هذا الاسبوع في كفر دريان، القريه الواقعه بمحافظه ادلب في شمال غرب سوريا، تسببت في قتل ما لا يقل عن 50 مقاتلاً في قاعده تخص جبهه النصره، وهي الجماعه المتمرده المرتبطه بالقاعده، وكانوا يتمركزون فيها''. كما قال مركز توثيق الانتهاكات، وهو مجموعه رصد محليه، انه تعرف علي 11 مقاتلاً لقوا حتفهم في كفر دريان يوم 23 سبتمبر. لم يذكر مركز توثيق الانتهاكات اسماء المقاتلين ولا اشار الي موقع قتلهم او ملابساته.

وزود السكان المحليون الثلاثه جميعًا بتزويد هيومن رايتس ووتش باسماء الاشخاص التسعه الذين قتلوا في الهجوم علي المنزلين. في احد المنزلين قتل اربعه من سكان كفر دريان، هم رمزيه وابنها محمود جمعه معاذ، وطفلان اخران هما زينب محمد بركات وصفا محمد بركات. وفي المنزل الاخر قتلت ريم الحاج وطفلاها محمد وبسمله جحجاج، اضافه الي زوجها عبد الحميد محمد جحجاج ورجل اخر هو يحيي سكاف.

ويظهر في مقطع فيديو، نشره احد النشطاء المحليين ممن تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش، علي موقع يوتيوب في 23 سبتمبر، يظهر بعض المدنيين الذين اصيبوا في الغارات وتوابعها. كما ان مقطع فيديو اخر نشرته شبكه شام يبين 3 اطفال، يبدو اثنان منهم وكانهم قتلوا، ويبدو الاخر وكانه اصيب جراء غارات الصواريخ. وفي مقطع فيديو اضافي، نشره علي يوتيوب الناشط الذي تحدث مع هيومن رايتس ووتش، يظهر طفلان يجري الاسراع بهما لتلقي علاج طبي في اعقاب الهجوم، وهناك مقطع اخر يبين ضحيه بالغه يجري اخراجها من تحت الانقاض. وقد تعرف احد السكان المحليين الذي تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش في شخص الضحيه علي رمزيه محمود جمعه معاذ.

ونشرت وزاره الدفاع الامريكيه بيانًا علي صفحتها بموقع ''فيسبوك''، في 23 سبتمبر، تؤكد فيه ان القيادة المركزية الأمريكية شنت 8 غارات علي تنظيم خراسان المنتسب الي القاعده، غربي حلب، بدعوي ''تعطيل التخطيط لهجمات وشيكه علي المصالح الامريكيه والغربيه'' في 23 سبتمبر. لم تحدد وزاره الدفاع الامريكيه المنطقه التي اصابتها ولا قدمت ايه تفاصيل عن غارات علي كفر دريان، لكن القريه تقع غرب حلب.

وافادت الشبكه السوريه لحقوق الانسان بان هجمات الصواريخ علي كفر دريان اصابت مقر قياده جبهه النصره، بما في ذلك احد مخازن الاسلحه. ورغم هذا، بحسب الشبكه السوريه، فان الانفجارات الثانويه الناجمه عن الغارات الامريكيه علي مخابئ السلاح ادت الي انهيار مبني سكني علي بعد نحو 100 متر، فتسببت في 12 وفاه مدنيه، ومنهم الضحايا المدنيون الذين ذكر الشهود الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش اسماءهم.

الا ان السكان الثلاثه جميعاً قالوا ان المدنيين قتلوا عند سقوط صواريخ مباشره علي منازلهم، وقال اثنان من السكان انهم شاهدوا بقايا اسلحه في موقع المنازل المدمره، مما يوحي بتسبب الغارات مباشره في الوفيات.

وقال الناشط المحلي لـ هيومن رايتس ووتش، انه كان في مسرح الهجوم علي المنزلين بعد الغارات بحوالي 10 دقائق، وانه قام مع نشطاء اخرين بجمع بقايا الاسلحه المستخدمه في الغارات وصورها بالفيديو، ونشر بعض المقاطع التي تصور اثار الغارات علي موقع يوتيوب. وقد راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطعه وتعرفت في البقايا علي ركام محرك مروحي خاص باحد صواريخ توماهوك العابره للقارات، وهو سلاح لا تمتلكه سوي الحكومتين الامريكيه والبريطانيه. وبحسب وزاره الدفاع، استخدمت الولايات المتحده 47 صاروخ توماهوك عابر للقارات تم اطلاقها من المدمرتين الامريكيتين ''ارلي بيرك'' و''فلبين سي'' في الهجمات علي سوريا يوم 23 سبتمبر، اضافه الي الغارات الجويه. لم يقم الجيش البريطاني بايه غارات عسكريه علي سوريا يوم 23 سبتمبر.

وتوحي روايات الشهود ان الهجوم علي القريه اضر بمدنيين ولم يصب اي هدف عسكري، ما ينتهك قوانين الحرب من خلال الاخفاق في التمييز بين المحاربين والمدنيين، او انه تسبب علي نحو غير مشروع في خسائر مدنيه غير متناسبه مع الميزه العسكريه المتوقعه. قالت هيومن رايتس ووتش ان علي الحكومه الامريكيه التحقيق في المزاعم ذات المصداقيه التي تفيد بوقوع انتهاكات لقوانين الحرب، من قبيل الغارات علي كفر دريان، ونشر ما تتوصل اليه. وفي حاله ارتكاب اخطاء، يجب علي الولايات المتحده ان تضمن المحاسبه وتوفر الجبر المناسب للاضرار. علاوه علي هذا فان علي الولايات المتحده اتخاذ كل الاحتياطات المعقوله لتقليل الضرر الواقع علي المدنيين في الهجمات المقبله.