المحتوى الرئيسى

مغامرة الشاب عبد العزيز تنتهي بإقامة الكيان الكبير

09/23 02:22

تظل قصه استرداد عاصمه الدوله ذات دلالات مهمه، كما ان مغامره الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل لاسترداد الرياض تُعد اللبنه الاولي في تأسيس المملكه العربيه السعوديه، التي سجلت خلال عمرها القصير حضورا عالميا، واصبحت ركنا في المعادله الدوليه.

كما تُعد ملحمه اشبه بالخيال، وقد تناولها عدد من المصادر المخطوطه والمطبوعه والشفهيه، لكن الروايه الاكثر اثاره وتوثيقا تلك التي جاءت علي لسان بطل الروايه، فبعد محاوله لم يُكتب لها النجاح عام 1901م لاسترداد الرياض من قبل الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، حيث كان منذ غادر الرياض عام 1890، وهو يفكر ويخطط للعوده اليها، واعاده تاسيس الدولة السعودية، فقد زادته هذه المحاوله اصرارا علي العوده مره اخري حيث قاد الشاب عبد العزيز عام 1902م مجموعه من افراد اسرته ورجاله متجها بهم من الكويت الي اطراف الاحساء، حيث قام بعدد من التحركات الناجحه بقصد تكوين قوه كافيه لاسترداد الرياض، وانضم اليه اثناءها اعداد من افراد القبائل في المنطقه تجاوز عددهم الالفين في خلال فتره امتدت نحو اربعه اشهر، الا انه نظرا لمضايقه الدوله العثمانيه له ولاتباعه انفض عنه الكثير منهم، ولم يبق معه الا 63 رجلا من اقربائه ورجاله الذين خرجوا معه من الكويت، ومجموعه مخلصه اخري انضمت اليه خلال تحركاته التي قام بها اثناء المسيره التي سبقت دخول الرياض، وانتحي بهذه المجموعه الي جهات يبرين بسريه تامه، استعدادا للزحف الي الرياض واستردادها، يقول الملك عبد العزيز: «افتكرنا مع ربعنا فيما نعمل، فاتفق الراي علي السطو علي الرياض، فلربما حصلت لنا فرصه في القلعه ناخذها بسياسه، لانه في الظاهر كانت علينا جواسيس».

وفي هذه الاثناء وصلته رساله والده يدعوه فيها الي العوده وعدم اكمال مهمته التي ربما تكون خطرا عليه، قرا الملك عبد العزيز رساله والده ثم نظر الي اتباعه ورفقاء طريقه وجمعهم حوله، في مشوره انبلج شعاعها منذ بدايه الطريق، وقرا عليهم رساله والده، ثم قال: «لا ازيدكم علما بما نحن فيه (اشاره الي المعاناه) وهذا كتاب والدي يدعونا للعوده الي الكويت قراته عليكم، انتم احرار فيما تتخذونه لانفسكم؛ فمن اراد الراحه ولقاء اهله فالي يساري»، لكن رفقاء الطريق جميعهم لم يدعوا الملك يكمل فتواثبوا الي يمينه، واعلنوا قرارهم التاريخي بان يصحبوه حتي يتحقق الامر الذي يقصده، وعندئذ التفت الملك عبد العزيز الي مبعوث والده، وقال: «سلم علي الامام، وخبره بما رايت، واساله الدعاء لنا، وقل له: موعدنا ان شاء الله في الرياض».

اضطر الملك عبد العزيز نتيجه لمضايقه الدوله العثمانيه والمخاطر التي احدقت به ان يتخذ سياسه التخفي، وان يقيم مع رجاله الـ63 في اطراف الربع الخالي حتي تنصرف الانظار عنه وعن مهمته.

يقول الملك عبد العزيز: «اخذنا ارزاقنا، وسرنا وسط الربع الخالي، ولم يدر احد عنا اين كنا، فجلسنا شعبان بطوله الي 20 رمضان، ثم سرنا الي العارض».

بدا الملك عبد العزيز في تنفيذ خطته لاسترداد الرياض في الـ21 من شهر رمضان، ووصل مع رجاله الي مورد (ابو جفان) يوم عيد الفطر، ثم ساروا منه في الثالث من شوال متجهين الي الرياض، حيث وصلوا الي ضلع الشقيب (وهو ضلع يقع بجبل ابي غارب جنوب الرياض)، وذلك في الرابع من شوال عام 1319هـ، الـ13 من يناير (كانون الثاني) 1902م، وابقي الملك عبد العزيز بعض رجاله عند الابل والامتعه لحراستها، وليكونوا مددا وعونا له فيما لو احتاج اليه، وزودهم بالتعليمات والاوامر، وكان من تعليماته التي القاها اليهم: «اذا ارتفعت الشمس (شمس الغد) ولم ياتكم خبرنا، فعودوا الي الكويت وكونوا رسل النعي الي ابي، واذا اكرمنا الله بالنصر فسارسل لكم فارسا يلوح لكم بثوبه اشاره الي الظفر، ثم تاتوننا».

سار الملك عبد العزيز مع بقيه رجاله الي الرياض علي الاقدام، يقول الملك عبد العزيز: «فنحن مشينا حتي وصلنا محلا اسمه ضلع الشقيب يبعد عن البلد ساعه ونصف للرجلي، هنا تركنا رفاقنا وجيشنا ومشينا علي ارجلنا الساعه السادسه ليلا، وتركنا عشرين رجلا عند الجيش، والاربعون مشينا لا نعلم مصيرنا ولا غايتنا، ولم يكن بيننا وبين اهل البلد اي اتفاق»، وعلي مشارف الرياض قسم الملك عبد العزيز جيشه الي قسمين، ابقي القسم الاول بقياده اخيه الامير محمد، ومعه 33 رجلا في بستان قرب بوابه الظهيره خارج سور الرياض، وتسلل الملك عبد العزيز مع 6 من رجاله للوصول الي بيت عامل ابن رشيد (عجلان).

كانت خطه الملك عبد العزيز مبنيه علي مهاجمه عجلان في منزله دون ان يتعرض الاهالي في المدينه الي اي اذي، الا ان الملك عبد العزيز فوجئ بما لم يكن في حسبانه عندما علم من زوجه عجلان انه يبيت في حصن المصمك ولا يخرج منه الا في الصباح، عندها ارسل الملك عبد العزيز في طلب اخيه محمد ورجاله الذين كانوا معه للتشاور فيما يمكن عمله، فتسللوا الي بيت عجلان واجتمعوا مع الملك عبد العزيز، حيث تشاوروا في تنفيذ خطه الهجوم علي المصمك.

وما ابداه الملك عبد العزيز (رحمه الله) من سرعه بديهه وتغيير في خطه الهجوم، والعمل علي اقتحام المصمك، كشف عن مواهبه وقدراته علي التخطيط والتفكير كقائد محنك، وعن عبقريه فذه، وما اتسم به من شجاعه وقوه وعزيمه وحسن تدبير.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل