المحتوى الرئيسى

رغم فشل استقلال اسكتلندا.. حلم الانفصال في أوروبا يداعب نحو 20 منطقة

09/20 15:21

رغم تنفس المملكة المتحدة الصعداء مع تصويت الاسكتلنديين لرفض الانفصال عنها، إلا أن ذلك لن يمنع مناطق أخرى عديدة في أوروبا (القارة العجوز)، من النضال ضد الحكومات المركزية، من أجل الحصول على استقلالها.

وساهم الاستفتاء على الاستقلال عن الممكلة الممتحدة الذي أجرته اسكتلندا في (18) أيلول/ سبتمبر الجاري، في بروز قضية مطالبة بعض المناطق الراغبة بالاستقلال عن بلدانها في أوروبا، نتيجة لأسباب قانونية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، على الواجهة مجدداً.

"الأناضول" رصدت نحو (20) منطقة برزت مؤخراً، في القارة العجوز تطالب بالاستقلال، حيث تأجل حلم الراغبين بالاستقلال عن المملكة المتحدة في اسكتلندا إلى وقت آخر، عقب تصويت (55%) من سكانها لعدم الانفصال.

وتعود الحملات التي اُطلقت حول موضوع الاستقلال السياسي، والاقتصادي في اسكتلندا إلى القرن (18م)، إذ اطلقت مجموعات سياسية، وأحزاب، إضافة إلى أشخاص، حملات من أجل الاستقلال.

وتمتلك اسكتلندا برلمانا مستقلاً منذ عام (1999)، وبدأ الحزب القومي الاسكتلندي بالتعبير بشكل أقوى عن الرغبة في الاستقلال عن الممكلة المتحدة، بعد حصوله على أكبر نسبة أصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام (2011)، وتسلمه للسلطة لأول مرة منذ عام (1999)، وفي (15) تشرين الأول/ أكتوبر عام (2012)، وقعت الحكومتان البريطانية، والاسكتلندية، اتفاقية، "أدنبرة"، تمهيدا للاستفتاء في (2014).

ويتمكن البرلمان المستقل لاسكتلندا، والذي تأسس بشكل قانوني في الفترة التي تولى فيها "توني بلير" رئيساً للوزراء، من تطبيق سياساته في مجالات عديدة من التعليم إلى الصحة، ومن الزراعة حتى الفن، في حين يتكفل البرلمان البريطاني بإقرار نسبة الضريبة المطبقة في اسكتلندا.

وبحسب مراقبين فإنه في حال استقلال اسكتلندا، كانت المملكة المتحدة ستخسر ثلث أراضيها، وسيقل عدد سكانها نحو (5) ملايين نسمة.

الاسكتلنديون ليسوا وحدهم المطالبون بالانفصال عن المملكة المتحدة، فهناك شعب "ويلز" البالغ تعداده نحو (3) ملايين نسمة، ويعيش غرب المملكة المتحدة، يطالب أيضا باستقلاله، وإعطائه فرصة لإجراء استفتاء على الانفصال، كما أعطيت الفرصة للاسكتلنديين، لكن الإعلام البريطاني يتحدث عن أن عدد الويلزيين لا يزيد عن (15%)، وأنه لا يوجد أي احتمال لإجراء استفتاء على حق تقرير مصيرهم.

يسعى مواطنو منطقة كاتالونيا، الواقعة شرق إسبانيا، إلى الانفصال، وتحديد مصيرها منذ زمن بعيد، حيث اكتسب الكاتالونيون أوضاعا خاصة، وحقوقا جديدة بشأن الحكم الذاتي للإقليم، في عهد رئيس الوزراء الأسباني الأسبق، "خوزيه لويس رودريغز زاباتوري" عام (2006)، إلا أنهم فقدوا الكثير منها، عام 2010، جراء تقديم حزب الشعب الحاكم آنذاك، اعتراضا إلى المحكمة الدستورية.

ورفضت الحكومة المحلية لإقليم كاتالونيا، الذي كان أكثر المتضررين من الأزمة المالية التي عصفت بإسبانيا، جميع محاولات الحكومة الإسبانية لتوقيع اتفاقيات مالية جديدة معها.

ودفعت الأزمة المالية، حزب "التوجه والوحدة"، المشارك في الائتلاف الحاكم بالإقليم، الذي كان يتبع سياسات مناصرة للحكومة المركزية، إلى التخلي عن سياساته هذه، والبدء في المطالبة بالانفصال عن إسبانيا، واضطر رئيس وزراء الإقليم والحزب "أرثور ماس"، إلى إجراء انتخابات مبكرة عام (2012).

ولم يتمكن حزب "التوجه والوحدة"، من الحصول على أكثر من (50) مقعدا، من بين المقاعد الـ (135) للبرلمان المحلي لكاتالونيا، رغم حصوله على المركز الأول، ما اضطره إلى البحث مجددا عن شريك لتشكيل ائتلاف حكومي.

وجاءت الفرصة التاريخية للحزب اليساري الجمهوري، الذي يعتبر أكثر الأحزاب المدافعة عن انفصال كاتالونيا، حيث حصل الحزب على (21) مقعدا في الانتخابات المبكرة، ودخل الائتلاف الحكومي مشترطا على رئيس الوزراء "أرثور"، إجراء استفتاء على استقلال الإقليم في أقرب فرصة.

ونجح الحزب في استصدار قرار من البرلمان المحلي باسم، "بيان حق الكاتالونيين في تقرير مستقبلهم ومصيرهم"، في (23) كانون الثاني/يناير (2013)، إلا أن المحكمة الدستورية رفضت القرار في آذار/مارس من العام نفسه، معتبرة إياه "مخالفا للقانون".

وفي كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته، اتفقت مختلف الأحزاب السياسية في الإقليم، على إجراء استفتاء بين الكتالونيين يوم (29) تشرين الثاني/نوفمبر (2014)، يتضمن توجيه سؤالين، هما: "هل ترغب في أن تكون كاتالونيا دولة"، و"هل ترغب في استقلال هذه الدولة".

وقدم البرلمان المحلي للإقليم، طلبا إلى البرلمان الإسباني، في كانون الثاني/يناير (2014)، من أجل إجراء استفتاء على انفصال كاتالونيا في (29) تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، إلا أن البرلمان العام، ومجلس الشيوخ الإسبانيين، رفضا طلب البرلمان الكاتالوني.

وفي ذات السياق سعت مؤسسات المجتمع المدني في كاتالونيا، المؤيدة لانفصال الإقليم، إلى تنظيم مظاهرات حاشدة، والعمل على إسماع صوتها، وتأكيد رغبتها في الانفصال، إلى مختلف أنحاء العالم، من خلال المشاركة الكبيرة في العيد الوطني، "ديادا"، في (11) أيلول/سبتمبر الجاري.

وتعتبر كاتالونيا الذي يبلغ عدد سكانها (7.5) مليون نسمة، من أكثر الأقاليم المستدينة حكوميا في إسبانيا، وتبلغ نسبة البطالة فيها (20%)، ويصل الدخل الفردي إلى (27) ألف يورو.

ومن جانب آخر يسعى إقليم الباسك، أو ما يسمى "بلاد البشكنش"، إلى الانفصال هو الآخر عن إسبانيا، ويتمتع أهالي الإقليم، الذين يعتبرون من أقدم السكان في أوروبا، بحقوق واسعة، بموجب البرلمان الإسباني.

ورغم بدء مطالبة منظمة "إيتا"، بانفصال "الباسك" عام (1961)، من خلال الهجمات التي استهدفت بها المصالح الحكومية الإسبانية، إلا أن من المعروف أن مواطني "بلاد البشكنش"، يرغبون بالانفصال منذ زمن بعيد.

وبدأ مواطنو "الباسك"، في المطالبة بالانفصال سلميا، عقب إعلان منظمة إيتا، التي تعتبرها الحكومة الأسبانية، والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، تركها العمل المسلح نهائيا، في تشرين الأول/أكتوبر(2011)، الذي راح ضحيته أكثر من (850) قتيلا.

وأصبح حزب "اليسار الوطني الباسكي"، الذي أسسه مطالبون بانفصال الباسك، ومؤيدون لحركة إيتا، ثاني أكبر حزب في الإقليم.

وترجح الإدارة المحلية الحاكمة في الباسك، الوقوف بعيدا في المرحلة الحالية، ومتابعة التطورات الجارية بشأن انفصال اسكتلندا، وكاتالونيا، وسعى الحزب الوطني الباسكي، الذي تسلم مقاليد الحكم في (2012)، إلى مكافحة الأزمات الاقتصادية، والعمل على استقرار، وتعزيز السلام في الإقليم، وتأجيل قضية الانفصال حتى (2015).

وقامت الإدارة المحلية للباسك، التي حكمت الإقليم في الفترة (1999-2009)، برئاسة "خوان جوزيه إيباريتكسي"، بإعداد مشروع قانون بشأن الانفصال، وتمريره من البرلمان الباسكي، في كانون الأول/ديسمبر (2004)، وعرضه على البرلمان المركزي في مدريد، إلا أن البرلمان الإسباني رفض القرار، الذي سمي وقتها "خطة إيباريتكسي"، في الأول من شباط/فبراير (2005).

ويبلغ عدد سكان "بلاد البشكنش"، (2.5) مليون نسمة، وتبلغ نسبة البطالة فيها (16%)، ويصل الدخل الفردي إلى (31) ألف يورو.

صنّف إقليم "فينيتو"، أحد أقاليم إيطاليا العشرين، والواقع في شمال شرقي البلاد، على أنه أكثر الأقاليم التي تطمح لتحقيق الاستقلال، عقب الاستفتاء الشعبي الذي نظمه في آذار/ مارس الماضي.

ويطالب الإقليم في السنوات الأخيرة، وعاصمته "البندقية"، بالاستقلال عن إيطاليا، متذرعاً بأسباب اقتصادية، حيث نظمت مجموعة من سكان الإقليم استفتاءً شعبياً غير ملزم النتائج، عبر أحد المواقع الخاصة في شبكة الإنترنت، مؤكدين من خلال الاستفتاء رغبتهم في الحصول على الاستقلال.

وصوت (89%) من المشاركين في الاستفتاء لصالح الاستقلال، في إقليم يعتبر من أغنى الأقاليم الإيطالية من ناحية المعالم، والأماكن التاريخية، حيث دخل الإقليم عام (1797) تحت سيطرة حاكم فرنسا الشهير "نابليون بونابرت"، ثم انضم إلى إيطاليا عام (1866)، أي فترة تأسيس الوحدة السياسية بين الأقاليم الإيطالية.

كما يطالب بالانفصال إقليم "ترينتينو ألتو أديجي"، الذي يعتبر الألمانية لغة رسمية، إلى جانب الإيطالية، ويتمتع بحكم ذاتي شمالي إيطاليا، ويقول الزعماء الانفصاليون في الإقليم ذي الغالبية النمساوية، إنهم ليسوا إيطاليين، وإنهم يرغبون بالاستقلال، والانضمام إلى وطنهم الأم، النمسا.

ومن وقت لآخر تعلو أصوات تطالب بالاستقلال في كل من إقليم "فريولي فينيتسيا جوليا" (على الحدود الإيطالية، والسويسرية، والفرنسية)، وجزيرتي "سردينيا"، و"صقلية"، لأسباب عرقية، واجتماعية، واقتصادية، في الوقت الذي يرفض فيه الدستور الإيطالي أي نوع من أنواع الاستفتاء الشعبي حول استقلال الأقاليم المكونة للاتحاد الإيطالي، ويعتبرها غير شرعية.

وصل حجم التأييد الشعبي للأحزاب المطالبة باستقلال الإقليم الفلامندي عن بلجيكا، نحو (40%) من سكان الإقليم الذي يحتضن (60%) من سكان المملكة البلجيكية، والحجم الأكبر من ثرواتها الاقتصادية.

ويبلغ المعدل السنوي لدخل الفرد في الإقليم الناطق باللغة الفلامندية، نحو (34) ألف يورو سنوياً، فيما ينخفض هذا الرقم في إقليم والون، الناطق بالفرنسية، إلى (25) ألف يورو فقط، كما تصل معدلات البطالة في الإقليم الفلامندي إلى (8.4%)، في الوقت الذي تزيد فيه نسبة البطالة في بلجيكا عن (11%).

وفي الوقت الذي يتواصل فيه الحديث عن ضرورة الانفصال ما بين الإقليمين الفلامندي، والفرنسي المكونين لبلجيكا، لأسباب اقتصادية، وتاريخية، يبدو أن تحقيق ذلك سيكون صعباً في ظل تبني الطرفين لمدينة "بروكسل"، (مزدوجة اللغة)، كعاصمة له، وعدم رغبة أي من الأطراف في خسارة تلك المدينة، لما تشكله من ثقل ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

إلى ذلك، تطالب مقاطعة "أوبان"، ذات الغالبية الألمانية والتي تم منحها لبلجيكا كتعويضات بعد الحرب العالمية الأولى، بالمزيد من الصلاحيات، في الوقت الذي تشتعل فيه النقاشات حول الاستقلال قبيل كل انتخابات تجري في بلجيكا، علماً أن المقاطعة التي يبلغ عدد سكانها نحو (80) ألف نسمة تمتلك حكماً ذاتياً في ظل التاج البلجيكي.

تقع "غرينلاند"، بين منطقة القطب الشمالي، والمحيط الأطلسي، شمال شرقي كندا، ويغطي الجليد جزءًا كبيراً من مساحة الجزيرة الأكبر في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها (57) ألف نسمة، وأصبحت مستعمرة دنماركية عام (1775)، ثم مقاطعة دنماركية عام (1953)، ثم منطقة حكم ذاتي عام (1975).

ودعم الشعب في استفتاء عام سنة (2008)، نقل سلطات الشرطة، والقضاء، وخفر السواحل وسلطات أخرى للحكومة الغرينلاندية، في الوقت الذي لم يبقى فيه للدنمارك أي سلطة على الجزيرة الغنية بالنفط، والخامات المعدنية، سوى رعاية شؤونها الدفاعية، وسياساتها الخارجية.

وأصبحت "غرينلاند"، عضواً في المجموعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي الآن)، إلا أن معظم السكان طالبوا عام (1982) بالانسلاخ عن المجموعة الأوروبية في استفتاء شعبي، كي يتمكنوا من التحكم بصورة أفضل في اقتصادهم، وقد تحقق ذلك، وانسحبت "غرينلاند"، من المجموعة الأوروبية عام (1985).

تقع "جزيرة كورسيكا"، جنوب شرق فرنسا، وتعد رابع أكبر جزيرة في البحر المتوسط، ومسقط رأس القائد العسكري الفرنسي نابليون بونابرت، وتتكون من منطقتين، ونالت استقلالها عام (1735)، وفي عام (1768)، ضمتها فرنسا بموجب معاهدة "فرساي".

ومع حلول عام (1960)، بدأت تتشكل فيها حركات انفصالية، من بينها "جبهة التحرير الوطنية في كورسيكا"، والتي شنت العديد من الهجمات على المباني العامة، والدوائر الحكومية، وفي شهر حزيران/يونيو الماضي، أعلنت الحركة في بيان لها، تخليها عن العمل المسلح، وعن أي عمل يخلّ بالقانون، مقابل مواصلة الكفاح من أجل استقلال "كورسيكا"، بالوسائل السياسية، والثبات على أهدافها بالانفصال عن فرنسا، ودعت الحركة فتح محادثات سياسية مع فرنسا من أجل تحديد وضع الجزيرة.

ونتيجة التنوع الإثني، والديني في منطقة البلقان، التي تتألف من "البوسنة والهرسك"، و"صربيا"، و"كوسوفو"، و"مقدونيا"، اتسمت الحركات الانفصالية في هذه المنطقة بطابع خاص.

في جمهورية "البوسنة والهرسك الاتحادية"، التي تضم جمهورية صرب البوسنة الفدرالية، وجمهورية البوسنة والهرسك، يطالب الصرب بالاستقلال التام عن جمهورية البوسنة والهرسك، وإجراء استفتاء لتقرير مصيرهم، وعلى رأس المطالبين رئيس جمهورية صرب البوسنة "ميلورد دوديك".

وتنص اتفاقية "دايتون"، للسلام الموقعة في فرنسا عام (1995)، والتي حددت طبيعة الخريطة الجيوسياسية للبوسنة والهرسك، على أن أي تغيير في بنية جمهورية البوسنة والهرسك، يجب أن يقر بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الممثلين (بوشناق- كروات- صرب) وبأغلبية أصوات البرلمان.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل