المحتوى الرئيسى

رقصة التنورة.. فن مصرى أصيل

09/19 18:04

تزخر بلادنا بتراث شعبي و"فلكلوري" غني متعدد الأشكال، وعلى الرغم من التحولات الحديثة

في المجتمع المصري، إلا أن الموروث الشعبي ظل محافظاً على طابعه على مر العصور، فمنه الموروث الشفاهي والحكايات والأشعار والأساطير والأمثال، ومنه الفنون الحركية مثل الرقص الشعبي.

ستظل رقصة "التنورة" هي الأبرز في الفنون الشعبية، فهي ليست مجرد رقصة أو فن تراثي وفد إلى مصر من تركيا واكتسب طابعا خاصا، ولكنها توليفة تجمع بين فلسفة الحياة والنزعة الصوفية والفلكلورية المصرية التى تظهر طابعها بامتياز، كما ترمز التنورة بحركاتها الدائرية اللانهائية إلى حركة الكون وفلسفة الحياة، ويرمز راقصوها إلى الشمس التي تدور حولها الكواكب، وتعكس حركاتهم التعبيرية نمطا معينا من الفكر والفن والتراث الثقافي، تبدأ أثناء دورانهم بالتنورة ذات النقوش العربية والألوان الزاهية، فعلى أنغام آلات الموسيقى المصرية الشعبية، وإنشاد المنشدين يقدم الراقصون واحدا من أجمل الفنون المصرية.

فالتنورة هى النوع الأول من الرقص الإسلامي و ظهرت للمرة الأولى في تركيا "قونيه"، فقصتها بدأت بالتكايا، حيث كان لكل شيخ طريقة صوفية ينشئ بها تكية خاصة وهى مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والدراويش وداخلها تقام حلقات الذكر، وتميزت من بين تلك التكايا تكية الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، حيث كان يبدأ الذكر بعمل حلقة لا تقل عن أربعين درويشا بملابسهم مختلفة الألوان – بداية كان الدراويش يرددون لفظ الجلالة ومع كل ترديدة يقومون بانحناء رؤوسهم وأجسادهم ويخطون باتجاه اليمين فتلف الحلقة كلها بسرعة وبعد فترة قصيرة يبدأ أحد الدراويش بالدوران حول نفسه وسط الحلقة وهو يعمل برجليه معا ويداه ممدوتان ويسرع في حركته فتنشر تنورته على شكل مظلة وتظل لمدة عشر دقائق ثم ينحنى أمام شيخه الجالس داخل الحلقة، ثم ينضم الى الدراويش الذين يذكرون اسم الله بقوة.

جدير بالذكر أن طائفة المولوية أو"فرق الدراويش" كان لها تقاليدها الخاصة فى طريقة لبسها وفى طريقة توظيف حركاتها التعبيرية المصاحبة لآلات موسيقية بعينها.

لقد استطاع الفنان المصري في أوائل الدولة الفاطمية أن يؤسس فنا متكاملا قائماً بذاته على الفكرة التركية، حيث أضيفت آلات شعبية كالربابة والمزمار والصاجات والطبلة وأغاني وابتهالات مصرية خالصة، فضلا عن تصميم الملابس المميز القائم على ثراء ألوان التنانير مما أتاح قدرا أكبر من التفاعل مع المشاهدين.

وعن رقصة التنورة وفلسفتها، قال محمود عيسي، مدير فرقة التنورة للفنون التراثية، إن رقصة التنورة هي فن صوفي يتميز بطابع خاص فريد في نوعه، إذ تعتمد على قيام الراقص بحركات دائرية تنبع من مفهوم أن الحركة في الكون تبدأ من نقطه وتنتهي عند ذات النقطة، ولهذا تأتي دائرية، وعندما يدور راقص التنورة حول نفسه، فيكون كالشمس التي يلتف حولها الراقصون ويطلق عليهم "الحناتية"، وكأنهم مجموعة الكواكب، ويرمز ذلك الدوران المتعاقب الذي يسير عكس عقارب الساعة مثل الدوران حول الكعبة، لتعاقب الفصول الأربعة على مدار العام.

أشار عيسى إلى أن رفع اليد اليسرى إلى أسفل دليل على انعقاد الصلة ما بين الأرض والسماء، وأن الدوران حول الذات تخفف من كل شيء بقصد التحليق في السماء وفك الرباط المربوط حول الجذع، يرمز لرباط الحياة ليتحلل من كل ما يقيد حركته.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل