المحتوى الرئيسى

محمد علاء الدين.. تبرعوا لبناء مسجد محمد علاء الدين

09/15 13:01

في مشهد من فيلم اجنبي ما، تدخل هذه الشقراء بارعه الجمال، باديه الرقه، مشرعه الاشياء، علي ابيها في مكتبه الفخم الضخم، لتقول له باكيه: «احبه يا ابي احبه احبه واريد ان اتزوجه!»، وهنا يزيح اباها الفخيم سيجاره الكوبي الافخم من فمه الكريم، ويقول بهدوء لا يزعج المنديل الذي ربط به عنقه تحت جاكيت انيق: «عزيزتي! كم من مره قراتِ فيها تعبير (كاتب حر) ولم تقرئي بعدها كلمه (مفلس)؟» اظن ان هذا يلخص حياتي كلها.

صممت طوال حياتي القصيره ان اكون كاتبا حرا، متحملا مثل هذه الاشياء، وتفرغت لاستخدام خيالي الخصب، الذي ساعدني لان اكون كاتبا، في اسئله منطقيه علي غرار «لِمَ لا اعرف (هاكر) جيد يمكنه اضافه بعض الاصفار الطويله بعد رقم متواضع في حسابي البنكي؟»، او «لِمَ لا ينتجوا ماكينه في الشارع، تضع فيها راسك، لينزل منها بنكنوت؟»، او «كيف يمكنني صناعه مكان للبنكنوت في قبو المنزل؟»، ناهيك عن الملايين من احلام اليقظه عن كيفيه استخدام هذه الثروه الفاحشه في كل شيء ما عدا ابتياع الكتب طبعا، بالطبع لم افكر في جائزه نوبل، التي صمم اورهان باموق الا يفصح فيم سينفقها، لان الحقيقه المره، ان الجائزه بحالها ومحتالها لا تستطيع ان تبتاع لك شقه فخمه، مما يبتاعها اشقاؤنا العرب بجزيره الزمالك الحبيبه، هذا بفرض انني قد حصلت علي الجائزه من اصله.

بالطبع يمكنني ان اقف واهلل في منتصف صاله بيتنا (لا في الشارع كما اتمني) لاصرخ بعلو صوتي: «وما فائده البنكنوت؟»، وسيكون هذا اضافه عظيمه لصوره الفنان البوهيمي الرافض لقيم المجتمع وراسماليه المشاعر، بالفعل كنت اود ان افعل ذلك، لولا انني اتفهم كيف كانت النقود مهمه حتي في الحب. في هذا الوطن العظيم الذي لا يمكن ان تستضيف فيه حبيبتك في منزلك في الغالب، لتستمتعا بالشاي والقهوه المجانيتين، سوف تضطر للجلوس في مقهي ما. وحيث ان المقاهي البسيطه، فيما عدا وسط البلد الحبيبه، غير معتاده علي الزبائن من الجنس اللطيف، فسوف تضطر للجلوس في اماكن تحمل اسماء اجنبيه رقيعه تقدم لك كابوتشينو اغلي واسوا من الكابوتشينو الايطالي، او اماكن اكثر تواضعا، ولكنها تصر علي «المينيمام تشارج» واهميه وضع المياه المعدنيه في الفاتوره، او يمكنك اخذ الموضوع من قصيره لتجلسا علي شاطئ كورنيش النيل مستمتعين بنسمات جميله وبعديد من باعه الورد والشاي والمتسولين اللزجين، ومراقبين من بشر اكثر لزوجه، ولا يمكنك علي العموم الالتزام بهذا الحل طوال الوقت. انا لم اتكلم عن الزواج بعد يا عزيزي، ولا داعي لتذكيري بالشقراء الجميله، او بحماه متربصه تصرخ بنبره نعرفها جميعا «ح توكلها حب؟!».

وعندما كنت اتضايق احيانا، كنت اذكر نفسي بقصص ماركيز وكورتاثر عندما كانت تضربهم الفاقه في باريس، او عندما قطع سكوت فيتزجيرالد علاقته بوكيله الادبي غاضبًا عندما رفض ان يقرضه مجددا ليصرف علي حياته الباذخه، وان ديستيوفسكي قد كتب الجريمه والعقاب والابله في وقت واحد لتسديد الديون، او اعزي نفسي بانني لم اكن تفصيله في رحله عوز باريسيه اصيله كتبها هيمنجواي تحت اسم «وليمه متنقله»، او كما في مشهد بديع في حلقات تلفزيونيه بديعه عن روايه ابدع، «any human heart»، ياخذ ماونتستيوارت، المؤلف صاحب الكتاب الواحد العظيم، تاكسي بعد وداع صديقه الكاتب الذي هو اسعد منه حظا، ليترجل منه فور الانعطاف في شارع مجاور.

هكذا لم اترك مثل هذه الشكليات تفسد حياتي الابداعيه، وكتبت اربع من الروايات وثلاثه من مجموعات القصص القصيره، ويمكنني ان اذكر لك اسماءها ببهجه شديده، ثم ما قاله عنها النقاد من اول المغرب حتي الامارات بفخار، الي ان يقطع استرسالي المقدس «واحده اسكندراني»، لا شك ان سيادتك ستتحفني بها.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل