المحتوى الرئيسى

شعائر ومشاعر

09/14 15:52

"وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَي الْقُلُوبِ".. ان المسلم بحج بيت الله الحرام وتعظيم شعائر الله، وعقد العزم علي طاعه الله، واتباع سنه نبيه تقوم وتتحقق مصالح المسلم في الدنيا والاخره، وفي الحج يغفر المولي سبحانه للحجيج، ومبالغه في اكرامهم يلقي في روعهم انه قد غفر لهم، فيعودون مطمئنين، وقد ازيحت عنهم هموم كالجبال، حيث يلقي الله في روع عباده الذين يؤدون مناسك الحج انه قد غفر لهم، لذلك يشعر الحاج الصادق بانه عاد من ذنوبه كيوم ولدته امه.

الصفا والمروه اسم لجبلين صغيرين متقابلين، اما الصفا فراس نهايه جبل ابي قبيس واما المروه فراس منتهي جبل قُعَيقِعَانَ، وسمي الصفا لان حجارته من الصفا وهو الحجر الاملس الصلب، وسمي المروه مروه لان حجارتها من المرو، وهي الحجاره البيضاء اللينه التي توري النار.

وذكر القرطبي في تفسيره ان اصل الصفا في اللغه الحجر الاملس وهو جبل بمكه معروف، وكذلك المروه جبل ايضاً.. وذكر الصفا لان ادم المصطفي صلي الله عليه وسلم، وقف عليه فسمي به، ووقفت حواء علي المروه فسميت باسم المراه فانثت لذلك.

ولا شك ان للصفا والمروه اهميه عظيمه في نفوس العرب ومكانه كبيره في تاريخ المسلمين، بل وفي تاريخ البشريه كلها، فهما من الاثار العظيمه والمشاعر المقدسه، والذكريات التاريخيه التي خلدها الاسلام في كتابه العزيز، وفرض علي المسلمين السعي بينهما والوقوف عليهما تخليدا لذكري وقوف ادم وحواء عليهما، كما جاء في بعض الاخبار، وشكراً لنعمه الله تعالي علي هاجر وابنها اسماعيل عليهما السلام وعلي البشريه من بعدهما، عندما نبع ماء زمزم لهاجر بعد سعيها سبع مرات بين الصفا والمروه.

جبل عرفة هو جبل يقع علي بعد 20 كيلو متراً شرقي مكه، تقام عنده اهم مناسك الحج، والتي تسمي بوقفه عرفه وذلك في يوم التاسع من شهر ذي الحجه، حيث تعد الوقفه بعرفه اهم مناسك الحج كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "الحج عرفه"، وقد قيل ان جبل عرفه سمي بذلك لان الناس يتعارفون فيه او لان جبريل طاف بسيدنا ابراهيم عليه السلام وكان يريه المشاهد فيقول له:"اَعَرَفْتَ؟ اَعَرَفْتَ؟"، فيرد الخليل ابراهيم: "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، او لان سيدنا ادم وسيدتنا حواء "عندما هبطا من الجنه" التقوا فعرفها وعرفته في هذا المكان.

وكلمه عرفه تعني المشعر الاقصي من مشاعر الحج، وهو الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم، كما انه يعتبر المشعر الذي يقف عليه الحجيج بعد صلاه الظهر من يوم التاسع من ذي الحجه، وهي سهل منبسط محاط بسلسله من الجبال علي شكل قوس كبير، ويطلق علي جبل عرفه اسماء اخري منها القرين، جبل الرحمة، النابت، جبل الال.

المبيت بمشعر مِني هو احد واجبات الحج، والمقصود هو المبيت بها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر من ذي‏الحجّه بما يُسمّي مبيتاً، كان ‏تبيت هناك من اوّل الليل الي ‏منتصفه، او من منتصفه حتي طلوع الشمس، وذلك تسليماً لاوامر اللَّه تعالي وتقرّباً اليه.

والواجب علي الحاجّ مكثه في مني خلال تلك الفتره من دون‏ فرق بين ان يكون راقداً ام ساهراً، كما يجب علي الحاجّ فديه شاه عن كلّ ليله ترك فيها المبيت بمني‏عمداً.

ويستحب البقاء في ايام التشريق بمني كما يستحبّ التكبير بالماثور: "اللَّهُ اَكْبَرُ، اللَّهُ اَكْبَرُ، لَا اِلهَ اِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ اَكْبَرُ، وَللَّهِ‏ِ الْحَمْدُ، اللَّهُ اَكْبَرُعَلي‏ مَا هَدَانَا، اللَّهُ اَكْبَرُ عَلي‏ مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَهِ الْاَنْعَامِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ‏ِعَلي‏ مَا اَبْلَانَا"، وهذا شعار اهل مني يردّدونه عقيب الصلوات وفي اي محلّ ‏وزمان شاؤُوا.

وادي المزدلفه سمي بذلك لان الناس ياتون اليه في زلف، اي: ساعات من الليل، ويقال له: جمع لاجتماع الناس به، والمزدلفه من الحرم، والمشعر الحرام جبل بالمزدلفه، وسمِّي بذلك لان العرب في الجاهليه كانت تُشعِرُ عنده هداياها، والاشعار هو الضرب بشيء حاد في سنام الجمل حتي يسيل الدم، والمبيت بالمزدلفه يكون ليله النحر بعد الافاضه والنزول من عرفات.

وقد عُرف ان المزدلفه كلها موقف الا بطن محسر.

الهَـدْي هو كل نعم يهديه الحاج للحرم قربانا لله تعالي وفداء عن النفس وهو من بهيمه الانعام التي ذكرها الله تعالي في سوره الانعام علي سبيل الامتنان علي بني الانسان حيث قال سبحانه وتعالي «ومن الانعام حموله وفرشاً كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين * ثمانيه ازواج من الضان اثنين ومن المعز اثنين».

والهَـدْي واجب علي كل حاج متيسر له سواء كان متمتعا او مقرنا لقوله تعالي "فمن تمتع بالعمره الي الحج فما استيسر من الهَـدْي"، وان لم يجد الهدي او ثمنه فعليه صيام ثلاثه ايام في الحج وسبعه اذا رجع هذا ان لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام والا فلا هدي عليه لقوله تعالي "ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام".

انواع الهدي هي الابل او البقر او الغنم (المعز والضان) لقوله تعالي "ولكل امه جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله علي ما رزقهم من بهيمه الانعام".. وذبح الهدي يكون في مني ويجوز في مكه وبقيه الحرم اذا كان في حدود وقت الذبح وهو يوم العيد بعد الصلاه وثلاثه ايام بعده، لان يوم العيد يوم النحر حيث روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم انه قال (كل ايام التشريق ذبح) اي وقت للذبح.

الطواف يعني الطواف سبعه اشواط حول الكعبه المشرفه.. ومن حكمه الطواف بالبيت انه اقامه لذكر الله تعالي وهذه الحكمه قد نصت عليها السنه المطهره "قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"انما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروه ورمي الجمار لاقامه ذكر الله".

من حكمه الطواف انه طاعه وقربه لله، وهو الركن الاعظم الذي لا يسقط بحال ومن عجز عنه طِيْفَ فيه محمولاً، "ثم لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ"، كما ان في الطواف حوله تاسياً برسول الله صلي الله عليه وسلم الذي طاف حوله، وبيت الله والطواف حوله هو اعظم مكان للتضرع والدعاء، ففيه يلتجئ الطائف الي حمي الله تعالي ويقرع باب احسانه يلتمس العفو عن السيئات ويساله الفوز بالجنات فهو مكان تسكب فيه العبارت وتقال فيه العثرات وتتنزل فيه الرحمه علي العباد من الرب الكريم.

يعد الحجر الاسود اشرف حجر علي وجه الارض، وهو اشرف اجزاء البيت الحرام.. قال صلي الله عليه وسلم "ان الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنه طمس الله تعالي نورهما ولو لم يطمس نورهما لاضاءتا ما بين المشرق والمغرب".

مقام ابراهيم هو الحجر الذي قام عليه نبي الله ابراهيم الخليل عليه الصلاه والسلام حين ارتفع بناؤه للبيت، وشق عليه تناول الحجاره، فكان يقوم عليه ويبني، واسماعيل عليه السلام يناوله الحجاره.

كما قام عليه ايضاً "خليل الرحمن" للنداء والاذان بالحج في الناس.

وفي هذا الحجر المكرم اثر قدمي ابراهيم الخليل عليه الصلاه والسلام، حيث جعل الله تعالي تحت قدميه من ذلك الحجر في رطوبه الطين حتي غاصت فيه قدماه ليكون ذلك ايه بينه ظاهره.

والمقام هو الحجر الذي يعرفه الناس الي اليوم عند الكعبه المشرفه الذي يصلون خلفه ركعتي الطواف "واتخذوا من مقام ابراهيم مصلي".

يسمي حِجْر اسماعيل ايضًا بالحطيم, هو بناء مستدير علي شكل نصف دائره، احد طرفيه محاذٍ للركن الشمالي، والاخر محاذٍ للركن الغربي، ويقع شمال الكعبه الشريفه، ويبلغ ارتفاعه عن الارض 1.30 متر.

اعتبر "الحِجْر" منزلًا لاسماعيل وامه عليهما السلام, وقد ذكرت بعض الاخبار ان اسماعيل وامه مدفونان في هذا المكان لهذا سمي بحجر اسماعيل.

ويعد حِجْر اسماعيل في الاساس جزء من الكعبه المشرفه, فحين اعادت قريش بناء الكعبه بما لديها من اموال قصر بهم الحال الي ما هي الكعبه اليوم واحاطوا باقي المنطقه بجدار مقوس ليطوف المعتمرون من حوله.

وقيل سمي بهذا الاسم؛ لان اسماعيل عليه السلام قد اتخذ الي جوار الكعبه حجرًا، وهو عريش من اراك، وهي الشجره التي يتخذ منها السواك، وقيل سُمِّي بذلك؛ لان قريشًا في بنائها تركت من اساس ابراهيم -عليه السلام-، وحجرت علي الموضع ليعلم انه من الكعبه.

يُعَدُّ بئر زمزم احد المشاعر المقدسه داخل المسجد الحرام، وهي اشهر بئر علي وجه الارض لمكانتها الروحيه المتميزه وارتباطها في وجدان المسلمين عامه، والمؤدين لشعائر الحج والعمره خاصه.

بئر زمزم هي تلك البئر المباركه التي فجرها جبريل عليه السلام بعقبه لاسماعيل وامه عليهما السلام، حيث تركهما خليل الله ابراهيم عليه السلام في ذلك الوادي القفر الذي لا زرع فيه ولا ماء، وذلك حين نفد ما معهما من زاد وماء، وجهدت السيده هاجر واتعبها البحث ساعيه بين الصفا والمروه ناظره في الافق البعيد علها تجد مغيثًا يغيثها، فلما ايست من الخلق اغاثها الله عز وجل بفضله ورحمته.

ولبئر زمزم من الفضل ما لا يعد ولا يحصي، فهو سيد المياه واشرفها، واجلها قدرًا، واحبها الي النفوس، واغلاها ثمنًا، وانفسها عند الناس.. ماء زمزم لما شُرب له"، و"خير ماء علي وجه الارض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم"،

سميت بئر زمزم بهذا الاسم لكثره مائها، وقيل: لاجتماعها؛ لانه لما فاض منها الماء علي وجه الارض قالت هاجر للماء: زم زم، اي: اجتمع يا مبارك، فاجتمع فسميت زمزم، وقيل: لان هاجر زمت بالتراب لئلا ياخذ الماء يمينا وشمالا، فقد ضمت هاجر ماءها حين انفجرت وخرج منها الماء وساح يمينا وشمالا فمنع بجمع التراب حوله.

رمي الجمرات اقتداء بنبي الله الخليل ابراهيم عليه السلام، لما رواه احمد وابن خزيمه والبيهقي وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جاء جبريل عليه السلام الي ابراهيم عليه السلام ليريه المناسك، قال: ثم اتي به مني فعرض له الشيطان عند الجمره الاولي، فقال له جبريل عليه السلام خذ سبع حصيات فارمه وكبر مع كل حصاه، ففعل ذلك فساخ الشيطان ـ اي دخل الارض ـ ثم عرض له عند الجمره الثانيه وجمره العقبه، فامره بمثل ذلك ففعل فساخ الشيطان".

وبذلك يتبين ان سبب الرمي هو رمي ابراهيم عليه السلام للشيطان الرجيم في هذه المواضع، ثم بقي الرمي منسكاً يتعبد به بعده عليه الصلاه والسلام، وقد شرعه لنا نبينا محمد صلي الله عليه وسلم بقوله وفعله وهو كالسعي.

من حكمه الله تعالي انه جعل للحج مواقيت، مواقيت مكانيه ومواقيت زمانيه، فالمواقيت الزمانيه اجملها الله بقوله: "الْحَجُّ اَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ" اي: زمن الحج انما يكون في اشهر معلومات، معلومات للامه، اعلمهم بها النبي صلي الله عليه وسلم وعلم بها الناس ايضا قبل الاسلام مما ورثوه؛ فلذلك لا يصح الاحرام بالحج الا في اشهره.

وفي ما يتعلق بمواقيت الحج المكانيه فقد بيّنها النبي صلي الله عليه وسلم، حيث اخبر بان لاهل كل جهه ميقات، فمن جاء من نجد وجهه المشرق جعل ميقاتهم قرن المنازل الذي يعرف الان بالسيل الكبير، ومن جاء من جهه المدينه وجهه الشمال فميقاته من ذي الحليفه، ومن جاء من مصر والشام والمغرب فميقاتهم من الجحفه ومن جاء من جهه الجنوب من اليمن والتهم وتلك الاماكن فميقاتهم من يلملم.

وقد جعل الله تعالي هذه المواقيت محيطه بالحرم من جهاته الاربع، وان كان هناك جهات لا تمر بالميقات فانهم يحاذون اقرب ميقات اليهم ويحرمون منه، فاهل العراق لهم ميقاتًا اسمه ذات عرق ويعرف الان بالضريبه، واهل خراسان واهل الهند والسند واهل البلاد الشرقيه يحرمون من قرن المنازل.

فهذه المواقيت محيطه بجهات الحرم "الاربع" فمن مر معها وهو قاصد مكه لاجل حج او عمره فعليه ان يحرم، ولا يتجاوز الميقات الا بعدما يحرم، ومن كان من دونها فانه يحرم من بيته اذا كان منزله اقرب منها.

حكمه هذه العدد انه لما كان للوتريه اثر عظيم في التذكير بالوتر الصمد الواحد الاحد، وكان للسبعه منها مدخل عظيم في الشرع، الذي جعل تكبير صلاه العيد وترًا، وجعل سبعًا في الاولي لذلك، وتذكيرًا باعمال الحج السبعه من الطواف، والسعي، والجمار تشريفًا اليها، وتذكيرًا بخالق هذا الوجود بالتفكر في افعاله المعروفه من خلق السماوات السبع والارضين السبع وما فيها من الايام السبع.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل