المحتوى الرئيسى

تركيا الجديدة أحمد عبدربه

09/14 09:09

بعد ساعات قليله من وصوله الي منصب رئيس الوزراء قام داود أوغلو بطرح برنامج حكومته التي تحمل رقم «٦٢» في تاريخ حكومات تركيا الحديثه والذي حمل اسم «تركيا الجديده»، وهو نفسه الشعار الذي رفعه رئيس الدولة اردوغان في حملته الرئاسيه مؤخرا.

اعلن اوغلو امام البرلمان الاسبوع الفائت محاور برنامج حكومته الجديده توازيا مع حركه تعيينات في كل من رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية شملت ١٢ مستشارا ومعاونا لكلا الرجلين، عدد كبير منهم كان من تلامذه «داود اوغلو» ايام عمله الاكاديمي وهو ما ترجمه بعض المحللين علي ان المرحله المقبله ستكون مرحله ترجمه افكار اوغلو وهندسه لفلسفته في ملفات السياسه الداخليه والخارجيه، وخاصه ان عددا من هذه الاسماء اتي من مركز الدراسات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والمعروف اعلاميا باسم SETA، وهو يعتبر احد مراكز التفكير الاستراتيجي التابعه لحزب العداله والتنميه الحاكم في البلاد والتي اشرف داود اوغلو علي هندستها. ولعل من ابرز الاسماء التي تم تعيينها في رئاسه الجمهوريه هو السيد «لطف الله جوكتاش» كمستشار اعلامي لرئيس الجمهورية وهو نفس المنصب الذي شغله مع اردوغان منذ ٢٠١١ في رئاسه الوزراء، وقد عمل سابقا لفتره طويله كرئيس لمكتب وكاله انباء الاناضول التركيه في مكتبها في روما والفاتيكان وهو معروف بتخصصه في اللاهوت المسيحي، وكذلك تعيين السيد «سفر طوران» كمستشار لاردوغان لشئون الشرق الاوسط وهو متحدث جيد للغه العربيه اكمل دراسته الجامعيه بالقاهره وعاش بمصر لفتره ليست بالقصيره وهو صحافي متخصص في شئون الشرق الاوسط والشان العربي تحديدا.

استندت خطه داود اوغلو الجديده علي خمسه محاور رئيسه وهي دعم الديموقراطيه والتنميه البشريه وخلق مناطق قابله للعيش الكريم وصديقه للبيئه والاقتصاد القوي واخيرا اتباع سياسة خارجية قيميه (اي لا تنفصل عن الاخلاق والقيم). ويمكن ايضاح اهم الادوات التفيذيه لهذه الخطه علي النحو التالي:

• المصالحه مع حزب العمال الكردستاني وما يشمله ذلك من تكثيف المفاوضات مع نشطاء الحزب داخل وخارج السجون من اجل القاء السلاح مقابل تخفيف العقوبات والعفو عن المسلحين المتورطين في اعمال ارهابيه كلا حسب درجه تورطه، بالتوازي مع دمج الاكراد في المجتمع التركي مع احترام هويتهم.

• ادخال مزيد من الاصلاحات البيئيه بشكل متواز مع النهضه الصناعيه والمعماريه مع التركيز علي معالجه قضايا نقص المساحات الخضراء في مدينه اسطنبول بسبب زياده المشروعات الاستثماريه بالتوازي مع خلق مدن صديقه للبيئه وقابله للعيش الكريم.

• محاربه «الكايانات الموازيه» والمقصود بذلك محاربه جماعه اوجلان الهارب الي بنسلفانيا الامريكيه والذي تتهم الحكومه التركيه جماعته بالضلوع في اعمال تجسس علي قاده الحزب وخلق كيانات موازيه داخل الشرطه والجيش والقضاء والاعلام، وعدد كبير من اتباع الجماعه ملقي في السجون الان يواجه تهما متعدده.

• معالجه المساله العلويه والتي تفاقمت في السنوات الاخيره وخصوصا مع موقف اردوغان المتشدد من الحكومه السوريه برئاسه بشار الاسد ومن اجل ذلك كلف داود اوغلو اداره الشئون الدينيه في البلاد بالاستجابه لمطالب العلويين الاتراك في بناء اماكن عبادتهم وحمايه حرياتهم وعقيدتهم ودمجهم في المجتمع بعد سنوات من العزله والمشكلات.

• اعاده دور اداره الشئون الدينيه « Diyanet» بحيث تتبع مكتب رئيس الوزراء مباشره وتضطلع بادوار داخليه تعزز من سلطتها ومكانتها المجتمعيه بما فيها التعامل مع ملف الاقليات التركيه بالتوازي مع تعزيز دورها الدولي في القيام بمهمات انسانيه دوليه، ويعتقد بعض المعلقين ان ارودغان واوغلو يسعيان لجعل هذه الاداره بمثابه احدي ادوات القوه الناعمه التركيه دينيا وحضاريا في الداخل والخارج التركي.

• دعم عمليه التنميه البشريه عن طريق الاستثمار في القيمه المضافه من خلال مزيد من دعم عمليه التعليم وجذب الطلاب الاجانب من خلال زياده تقديم المنح الكامله للطلاب الدوليين للدراسه في الجامعات التركيه وهو برنامج يشمل عاما لدراسه اللغه التركيه واربعه اعوام لدراسه البكالوريوس باحدي اللغتين التركيه او الانجليزيه مع تقديم منح اخري للدراسات العليا واكمال برنامج التعليم الاجباري.

• السعي لوضع دستور جديد للبلاد بعد الانتخابات البرلمانيه القادمه وهو ما يستلزم الحصول علي ٣٧٠ مقعدا علي الاقل في انتخابات ٢٠١٥ من اجل وضع الدستور مباشره او ٣٣٠ مقعدا علي الاقل من اجل اللجوء الي الاستفتاء الشعبي وهو الدستور الذي يعتقد انه سيغير النظام السياسي في البلاد من البرلماني الي الرئاسي.

• تحقيق «قفزه ثانيه» في الاقتصاد التركي بعد القفزه الاولي التي حققها اردوغان في ١١ عاما (٢٠٠٢-٢٠١٣) حيث اصبح الاقتصاد التركي هو سادس اكبر اقتصاد اوروبي ورقم ١٧ عالميا، حيث وعد داود اوغلو باتباع سياسات اقتصاديه لتحقيق قفزات اكبر بحيث يستهدف برنامجه ان تصبح تركيا ضمن اكبر ١٠ اكبر اقتصاديات عالميه بحلول عام ٢٠٢٣ (الذكري المئويه لتاسيس تركيا الحديثه) مع وضع هدف اخر يتمثل بالانضمام للاتحاد الاوروبي بحلول هذا العام. وتقوم خطه داود اوغلو علي استغلال الموقع الاقليمي لتركيا من خلال اربع مشروعات كبري، يتمثل الاول في دعم شركات خطوط الطيران والموانئ التركيه بحيث تصبح تركيا هي مركز التقاء وترانزيت للمسافرين من وجهات افريقيا واسيا واوروبا والشرق الاوسط، اما الثاني فيتمثل في استكمال مشروع خطوط الغاز العابره للاناضول والتي تنقل خطوط الغاز من اذربيجان مرورا بشمال العراق وصولا الي القوقاز وهو مشروع يعول عليه اوغلو كثيرا في دعم الطاقه وتحقيق عوائد استثماريه ضخمه، وثالثا انشاء منطقه صناعيه ضخمه لتربط افريقيا باوراسيا وهي منطقه تصنيع وتصدير تركيا الي القارت الثلاث، واخيرا عمل اكبر حزمه من التسهيلات للاستثمارت الخارجيه في تاريخ تركيا لجذب الاستثمارات في مجال الطاقه والعقارات والبنيه التحتيه والتكنولوجيا مع التركيز علي القوي الاقتصاديه الكبري والصاعده وخصوصا من الصين وكوريا والهند وبعض الدول الاوروبيه. وبحلول العام القادم ستستضيف تركيا مؤتمر الـ G20 لاستمرار دعم مكانتها الاقتصاديه والثقافيه وتعزيزها بالتنافس مع اكبر اقتصاديات العالم.

ورغم هذه الخطه الطموح التي ان تحققت ستؤدي الي القفز بتركيا في خلال ١٠ سنوات من الان لتكون قوه اقتصاديه عظمي بالفعل الا انه اثناء وجودي هناك رصدت انتقادين كبيرين وجها الي ذلك البرنامج الطموح، كان النقد الاول من استاذ علم الاجتماع ووزير المواصلات الاسبق السيد «اينيس اوكسوز» والذي راي ان مستقبل اوغلو علي المحك وان عمره قصير في السلطه واتهمه بعنف انه فاشل في السياسة الخارجية التركيه والتي حملها بمزيدا من الاعباء الايديولوجيه والتي سببت خساره تركيا لاصدقاء وحلفاء مهمين دون ان يسميهم، كذلك فقد راي اوكسوز انه لنفس هذا السبب الايديولوجي فان البيئه التركيه الداخليه اصبحت مستقطبه وان سياسات المصالحه التي يتبعها مع حزب العمال الكردستاني هي اشبه باللعب بالنار التي ستحرق الجميع!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل