المحتوى الرئيسى

طارق الشناوي يكتب: تركيا أردوغان أم تركيا مهند؟!

09/06 10:22

تُشعرني احيانا كثره البيانات بان هناك من علي راسه بطحه ويريد ابراء ذمته او بطحته امام الرأي العام، لماذا كل هذه المبررات التي يصدرها بين الحين والاخر مهرجانا القاهره والاسكندريه للتمهيد لعرض فيلم تركي، او لاستضافه سينمائي من هناك، مهرجان القاهرة السينمائي في بيان اخير له، قال انه سيحتفل بمئويه السينما التركيه، ثم نكتشف في بيان تال ان الاحتفاليه ستتقلص في نهايه الامر الي فيلم واحد يعرض في قسم «كلاسيكيات»، «اي انه لا توجد احتفاليه ولا يحزنون»، ربما تراجع وزير الثقافة عن تلك التظاهره حتي لا تحسب عليه سياسيا.

مع الاسف صار د.جابر عصفور يتصدر اخبار مهرجان القاهره السينمائي، بتوجه «برجماتي» نفعي تم وضع الوزير في المقدمه، حتي يضمن رئيس المهرجان الناقد الكبير سمير فريد تذليل كل العقبات الاداريه والماديه، فلا تجرؤ مثلا رئيسه دار الاوبرا ان تقول لا لوزير الثقافه، لو طلب منها ان تفتح الدار ابوابها للمهرجان، لا اوافق علي ان نتخلي عن الاحلام بدعوي ان هذه هي مصر التي لا تنفذ سوي تعليمات الكبار.

ومثل توابع الزلزال لا اتصور ان مهرجان الاسكندريه برغم استقلاله عن التبعيه الرسميه للدوله بحاجه الي ان يُجدد للعام الثاني انه سيعرض فقط ويستضيف فقط المعارضه من افلام ونجوم اتراك، والحقيقه ان هناك فارقا كبيرا بين الموقف من السينما الايرانيه والتركيه، السينمائي الايراني يعارض ويضطر الي الهجره خارج الحدود بسبب الملاحقات القانونيه واحكام السجن، ولهذا مثلا تتعاطف المهرجانات الكُبري مع المعارضه الايرانيه وتعرض افلام محسن مخالباف وعباس كيروستامي ومرجان سترابي وسميره مخلباف وغيرهم، وتصدر بيانات تطالب بالافراج عن جعفر بناهي ومحمد رسولوف، وغيرهما ممن صدرت بحقهم احكام تصل الي السجن والمنع، ليس فقط من السفر، بل والتوقف عن ممارسه المهنه، ولهذا حرصت قبل نحو عام ونصف العام عندما كنت في زياره مع وفد مصري الي طهران، ان اعلن في لقاء عام مع وزير الثقافه الايراني تضامني مع السينمائيين الايرانيين الممنوعين. ما يجري في تُركيا امر مغاير تماما، نختلف سياسيا وشعبيا مع تدخلات اردوغان في السياسه الداخليه المصريه، لكننا لا نتخذ موقفا ضد الشعر ولا المسلسل ولا الاغنيه التركيه.

في اعقاب ثوره 30 يونيو طالب البعض بمقاطعه المسلسلات التركيه، وبالفعل اغلب الفضائيات المصريه اعلنت مقاطعه الدراما التركيه، وتدخلت جبهه الدفاع عن حريه الابداع في سابقه خطيره مؤيده هذا القرار، حتي اتحاد كتاب الدراما العرب، اعتبرها قضيته، لكن لاسباب مغايره تماما، وهي ان ايقاف استيراد التركي سيؤدي الي كثره الطلب علي بضاعتهم المحليه، التي صارت تعاني من البوار، الذي حدث بعدها ان الفضائيات عادت بعد بضعه اسابيع، بناء علي طلب المشاهدين لتعرض الدراما التركيه. اري ان القضيه برمتها تخفي دائما احساسا باتهام مُسبق صنعه المثقفون في بلادنا يفرض عليهم في كل مناسبه وغالبا دون مناسبه اعلان الولاء. السياسه تلعب دورا من المؤكد في الثقافه، لكن يبقي الاساس وهو ان هناك فرقا بين عدو استراتيجي مثل اسرائيل، فهي النموذج المرفوض، فلا يمكن عرض او دعوه فنان يحمل الجنسيه العبريه حتي لو قدم فيلما مؤيدا للموقف العربي، لان لدينا قرارا يعبر عن اراده جماعيه اسفر قبل نحو 35 عاما عن بناء هذا السياج الواقي، الذي صنعه المثقفون، ولعبت القاهره والراحل سعد الدين وهبه دورا قياديا في هذا الاتجاه، وصار قرار الجمعيه العموميه لاتحاد النقابات الفنيه المصريه ومن بعده اتحاد النقابات العربيه ملزما للجميع، ولا يُسمح ليس فقط باختراقه ولكن يتصدي للتحايل عليه. البعض حاول بدعاوي متباينه عرض الفيلم التسجيلي «خمس كاميرات محكمه» اخرجه الفلسطيني عماد برناط والاسرائيلي جاي دافيدي، لدينا اكثر من 200 مهرجان عربي سينمائي، ولم يعرضه سوي فقط مهرجان «الرباط»، مهما كانت المبررات في تسويق الفيلم بانه يفضح الممارسات الاسرائيليه، الا انه في النهايه فيلم اسرائيلي، كما ان صندوق دعم الفيلم الاسرائيلي مشارك في انتاجه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل