المحتوى الرئيسى

65 عاما على رحيل أعظم الناثرين العرب .. ومؤامرة صمت تحاك حول تراثه النادر!

09/03 15:20

  مرت الذكري الخامسه والستون لرحيل الشاعر والروائي والمبدع علي بك الجارم دون ان يذكره احد في وسائل الإعلام وما اكثرها في هذه الايام التي لا تذكر الا من يدور في فلك التيار الاحادي الذي يسيطر علي الثقافه المصريه منذ عقود ويشجع رموز اليسار وحدهم ويتجاهل رموز التيار الاسلامي.

برع الجارم في مجالات عده منها الشعر حيث ان شعره يتميز باحساس مرهف وذوق رفيع راق انطلق من الشكل الكلاسيكي التقليدي، والذي يعتمد علي قافيه موحده، وتعددت الاغراض الشعريه للجارم فقدم في شعر المناسبات، والمراثي، والمديح. والنثر حيث رواياته التاريخيه التي غطت فترات مهمه من التاريخ الإسلامي في الشرق والغرب ..كما كان باحثا لغويا وادبيا ومترجما..نتذكره في السطور التاليه حتي يكون قدوه للنشء الجديده الذي ياس من كل بعدما سقطت الاقنعه عن الكثيرين الذين كانوا يمثلون علينا طوال الوقت ...

 وقد ولد على الجارم عام 1881م في مدينه رشيد، تلك المدينه التي شهدت الكثير من احداث مصر التاريخيه. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الازهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينه دمنهور. تلقي علي دروسه الاولي بمدينه رشيد، فاتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهره حيث التحق بالازهر الشريف، واختار بعد ذلك ان يلتحق بكليه دار العلوم بجامعه القاهره.

سافر عام ١٩٠٨م الي انجلترا مثل العديد من اقرانه التي كانت توفدهم وزاره المعارف لصقل تجاربهم والاستفاده من خبرات الغير والتحق بالكليه الجامعه بـ “اكستر”، ومكث بها ثلاث سنوات درس خلالها علم النفس وعلوم التربيه والمنطق والادب الانجليزي، حصل علي اجازه في كل المواد وعاد الي مصر في اغسطس سنه 1912 ، ثم عين مدرسا بمدرسه التجاره المتوسطه ثم نقل منها بعد سنه علي دار العلوم مدرسا لعلوم التربيه، في مايو سنه 1917 نقل مفتشا بوزاره المعارف..ثم رقي الي وظيفه كبير مفتشي اللغه العربيه وظل فيها حتي 1940 حين نقلا وكيلا لدار العلوم وظل فيها الي ان احيل الي المعاش سنه 1942.

 كان الاستاذ الجارم اديبا موسوعيا متعدد المواهب، بما حصله اثناء دراسته في مصر وبريطانيا اذا كان نهما في اكتساب المعارف واضعا نصب عينه الاصاله العربيه وقيمه الاسلاميه، فقد جمع بين موهبه الشعر والنثر الادبي.. كان شاعرًا وقاصًا وروائيًا وناقدا ولغويا ونحويًا وتربويًا، عاصر كبار الشعراء والادباء مثل شوقي وحافظ وطه حسين ومطران، واسهم بزاد وافر في مجال الشعر والقصه والبلاغه والتاريخ الأدبي ، تفرغ الجارم للادب بعد احالته علي المعاش وحينما انشا ..مجمع اللغه العربيه كان من اعضائه المؤسسين، وكانت له جهود في التعريب , اذ عرب كتاب “قصه العرب في اسبانيا”.

  واسهم في التاريخ للادب العربي بتاليفه كتاب “تاريخ الادب العربي” مع اخرين، وفي مجال اللغه الف الكثير من الكتب منها “النحو الواضح” و”البلاغه الواضحه”, ترك الجارم تراثا نثريا يكاد يزيد عن تراثه الشعري كما ان بعض معاصريه اعتبروا رواياته التاريخيه اهم من نثر احمد شوقي، وفي هذا يقول الاستاذ الدكتور عباس حسن في كتابه “المتنبي وشوقي” الصادر في طبعته الاولي عام 1951 ” بقي من خصائص شوقي التي امتاز بها علي المتنبي النثر الرائع حقاً فله في هذا الميدان كتاب سماه “اسواق الذهب” وما احسبني مغالياً اذا قلت عن النثر الادبي البليغ والنثر العلمي المتادب الرفيع لاديبنا المرحوم الاستاذ علي الجارم ليمتاز به الجارم علي المتنبي وشوقي وسائر شعراء العرب قديماً وحديثاً كما تنطق بذلك كتاباته النثريه الصادره عن موهبه فنيه اصيله جعلت منها جميعها سلاسل الذهب لا مجرد “اسواق الذهب”.

 وقال احمد علي الجارم – نجل الاديب الراحل وعضو مجمع اللغه العربيه- في مقدمه الجزء الاول من اعماله الكامله “ان والده كتب عشر روايات، مشيرا الي ان ما اعتبره تاخرا في اهتمام الدارسين بتراث الجارم يعود الي عدم اتاحه اعماله لفتره زمنيه طويله، حين منعت الرقابه العسكريه ابان حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر اعاده طبع مؤلفات الجارم بالاضافه الي “مؤامره الصمت” التي حيكت حوله في هذا العهد.”

 كما ترك الجارم اعمالا مثل المعارضات في الشعر العربي، شارك في تاليف كتب ادبيه منها: “المجمل في الادب العربي”، و”المفصل في الادب العربي”، و”النحو الواضح” في 6 اجزاء بالاشتراك مع زميله الاستاذ مصطفي امين ابراهيم، و”البلاغه الواضحه” جزان بالاشتراك مع زميله الاستاذ مصطفي امين ابراهيم ايضا، “علم النفس واثاره في التربيه” وغيرها...

 قدر العالم العربي علي الجارم حق قدره فمنحته مصر وسام النيل 1919 والرتبه الثانيه سنه 1935 ، انعم عليه العراق بوسام الرافدين سنه 1936 وانعم عليه لبنان بوسام الارز من رتبه كومندور سنه 1947 ، توفي بالقاهره فجاه وهو مصغ الي احد ابنائه يلقي قصيده له في حفل تابين محمود فهمي النقراشي وذلك عام 1949م .

 يعتبر علي الجارم من الادباء القلائل الذين اهتموا بالرواية التاريخية من منظور اسلامي صاف، ويمثل بكتاباته الروائيه مرحله من المراحل المهمه التي مرت بها الروايه في عصرنا الحديث، ويقف مع جيل الادباء الذين كتبوا الروايه التاريخيه روايه النضج وبخاصه محمد فريد ابو حديد ومحمد سعيد العريان وعلي احمد باكثير، موقفا متميزا من حيث اخضاع الفكره القصصيه للرؤيه الاسلاميه الصافيه علي العكس من الاخرين طوعوا الفكره القصصيه التي تعالج افكارا اسلاميه لتصورات مشوشه او غريبه ...

وكان الجارم امينا في نقل الحدث ولم يتصرف الا في نطاقا ضيقا كما فعل جرجي زيدان الذين ابرز الاحداث والشخصيات الهامشيه وطغيانها علي موضوعها المراد تناوله .

وقد كتب الجارم عددا لا باس به من الروايات التاريخيه التي عالجت فترات عديده من تاريخنا الاسلامي ولم يكن اختيار هذه الموضوعات كما يقرر استاذنا الدكتور حلمي محمد القاعود في كتابه  الحجه “الروايه التاريخيه في ادبنا الحديث- ص56” بل اختارها بعنايه لتلقي علي الواقع بظلالها وليعالج خلال احداثها وشخصياتها قضايا وافكار كانت ولازالت تؤرق الكاتب والامه ، لقد كانت مصر ومعها الامه الاسلاميه تعاني من الاستعمار الاجنبي وتتعذب بالام الاحتلال ، وسيطره الدخيل وسؤء الاداره ومتاعب الخلف وتمزق ابناء الشعب الواحد وصراع الحكام ، فضلا عن الصراع الحضاري بين النموذج الوافد والنموذج الموروث او السائد...

 كما كان لروايات الجارم هدفا تعليميا خدم اللغه العربيه من خلال احتفالها بالاسلوب الجزل الفخم الذي يضم عدداً كبيرا من المفردات المهجوره، او يعتمد علي معجم غير مالوف بهدف تقديم اسلوب قوي يقلده الجيل الذي تاثر بلغه الصحافه السهله والتي اشاعت شيئا من الابتذال التعبيري ..وهذا راجع الي اشتغال الجارم بالتعليم وارتباطه به معظم حياته العمليه حتي احيل للتقاعد له دخل في هذه المساله بحكم احتكاكه الدائم بالطلاب ومعرفته لمستوياتهم وخبرته بمشكلاته مع اللغه وقد قررت وزاره المعارف معظم رواياته علي الطلاب في المرحلتيت الاعداديه والثانويه ...(د.حلمي محمد القاعود ..الروايه التاريخيه ص58) .

 وثمه اختلافا بينه في التناول الفني للاحداث التاريخيه بينه وبين جرجي زيدان والمقارنه بينهما تصب في صالح الجارم كما يقرر استاذنا الدكتور ابراهيم عوض وهذا راجع الي ثقافه الجارم العربيه الاسلاميه والجو الاسلامي الذي نشا فيه حيث كان والده عالما من علماء الازهر ورضع من لبان هذه الثقافه منذ نعومه اظافره، كما انه في رواياته ظل وفيا للاحداث كما نقلتها كتب الادب والتاريخ، ولم يجنح الي التغيير الا بقدر ضئيل وبخاصه فيما يتعلق بالروابط العاطفيه وسيره السخاص الذاتيه التي لم تشر اليها كتب التاريخ بما فيه الكفايه او اشارت اليها من خلال روايات متعدده ومتضاربه ..بينما لم يلتزم زيدان بهذا المنهج وتساهل في تعامله مع الاحداث الي ابعد حد ...

كان شعره يتميز باحساس مرهف وذوق رفيع راق انطلق من الشكل الكلاسيكي التقليدي، والذي يعتمد علي قافيه موحده، وتعددت الاغراض الشعريه للجارم فقدم في شعر المناسبات، والمراثي، والمديح كما اسلفنا وقد كان لبلدته رشيد قصب السبق في شعره ونثره، وكتب عنها روايه “غاده رشيد” التي تحدث فيها عن كفاح المدينه واحوالها زمن الحمله الفرنسيه وقال عنها شعرا:

جــدّدي يـــا رشيدُ للـــحـبّ عَهْدَا      حَسْبُنا حســــــبُنا مِطالاً وصــدَّا

جــدّدي يـــا مدينه َ السحرِ احــلا     ماً وعْيشاً طَلْقَ الاسارير رَغـْـدا

جــدّدي لمحه ً مضتْ مــن شبابٍ     مــثــل زهـر الربا يرِفُّ ويندَي

وابعثي صَحْوه ً اغار عليها الشــ     يْبُ حتَّي غـدتْ عَــنـاءً وسـُهـدا

وتعالَي ْ نــعــيـشُ في جَنَّه ِ الـمـا    ضـي اذا لم نجِدْ مـن العيشِ بـُدّا

ذِكْرياتٌ لــو كــان للــدهـــرِ عِقْدٌ    كـنّ فــي جِيدِ سالفِ الدهر عِقدا

وكانت اولي قصائد الجارم كانت بعنوان “الوباء” عام 1895م، عندما اجتاحت جرثومه “الكوليرا” بلده رشيد وحصدت الارواح، وقد قال فيها مخاطبًا هذا المكروب اللعين:

اي هــذا الــمـكـروب مــهــلا قليلا     قد تجاوزت في سـراك الـسـبـيلا

لست كالواو انت كالمنجل الحصاد     ان احــسـنـوا لك الـتــمــثـــيـــلا

كان الاسلام محورًا لاغلب اعمال علي الجارم، اذ استوحي في رواياته وقصصه واشعاره العديد من المعاني القرانيه، نقرا له جزء من قصيده يشدو فيها حبا للاسلام والنور الذي عم البشريه بسيد الخلق محمد – صلي الله عليه وسلم - تقول :

اطـلـّـت علي سُحبِ الظلامِ ذُكـاءُ    وفُـجـِّرَ مـن صـخـرِ التنـُوفه ِ مَاءُ

وخُــبــّرت الاوثـــانُ انَّ زمانَـهـا    تــولـي ّ وراحَ الـجـهـلُ والجهلاءُ

فما سجدت الاّ لذي العرشِ جـبهه   ولــــم يَــرتـفـعْ الاّ الــيـه دُعـــَاءُ

تبسم ثغرُ الصبحِ عن مولدِ الهُدي   فـــللارضِ اشــراقٌ بــه وزُهــاءُ

وعادت به الصحراءُ وهـي جديبه    عـلـيـهـا مـن الـدينِ الجـديد رُوَاءُ

ونافـست الارضُ السماءَ بكوكـبٍ    وضـِيء الـمـحـّيا مـا حَوَتْه سماءُ

لـه الـحـق والايـمـانُ بــاللّه هــاله    وفـي كـلِّ اجـواءِ الـعـقولِ فَضاءُ

تــالــّق فــي الـدنـيا يُزيـح ظلامَها    فـــزال عـمي ً مــن حولهِ وعَماءُ

وردّ الــي الـعـُـرْب الــحـَيـاه وقـد    مـضي عليهم زمانٌ والامامُ وراءُ

عــجبـتُ لامرِ القومِ يحمونَ ناقـه   وســاداتـهــم مــن اجـْلـِهـا قُتلاءُ

بدا في دُجي الصحراء نورُ محمدٍ   وجـلجـلَ في الصحراء منهُ نِداءُ

نــبـيُ بـه ازدانـت ابـاطـِحُ مــكـه    وعــزَّ بـــهِ ثــَوْرٌ وتـــاه حِــرَاءُ

ُنادي جريء الاصغريْن بــدعـوه    اكـبَّ لهـا الاصـنـامُ والزُعــمـاءُ

دعـاهـم لـربٍ واحـدٍ جـلَّ شـانــه   له الامرُ يولي الامرَ كيف يَـشاءُ

لقد كان علي الجارم عاشقًا للغه القران الكريم، احتفي بها في زمن سعي الاستعمار فيه الي الحد من قوتها عبر عمليات غسيل مخ لادمغه اناس، اعتقدوا ان لغتهم تحول دون التقدم، فدعوا الي احلال الحروف اللاتينيه محل حروفها، وكان يري ان اللغه العربيه هي المدخل الطبيعي لوحده الامه العربيه، فهو القائل :

نـــــــزل القران بالضاد فــــلـــو       لــــــم يـــــكن فيها ســــواه لكفاها

ولعل من ابرز قصائده قصيده “العروبه” التي جاءت من 77 بيتا، والقاها في مؤتمر الثقافه العربي الاول الذي اقامته الجامعه العربيه في لبنان عام 1947م، وجاء فيها :

تــوحـد حـتتي صـار قـلـبـا تحوطـه     قـلـوب مـن الـعـرب الكرام واضلـع

وارسـلـهــا فـي الخافـقـيـن وثـيـقــه    لها الحـب يـمـلـي والـوفــاء يـوقـــع

لقد كان حلما ان نري الشرق وحـده   ولـكــن مــن الاحـلام مــا يــتــوقــع

بــــنــــي العروبه ان الله يـجمعـنـا    فلا يفرقنا فـــــي الارض انــسـان

لــــــنـــا بها وطـن حـر نـلـوذ بـــه   اذا تنـاءت مــســافــات واوطـــان

بــلــغ العـرب بالبلاغه والاســلام     اوجــــا اعــيــا عــلــي كــيـــوان

لبسوا شمـس دولـه الفـرس تـاجــا   ومــضـوا فـي مـغافــر الــرومـان

وجروا ينشرون فـي الارض هديا     من سنا العـلـم او ســنــا الــقــران

ونستمع له في افتتاح دوره الانعقاد  الثالث لمجمع اللغه العربيه يردد :

جــزيــره اجـدبـت فـي كــل نـاحـيه   واخصبت في نواحي الخلق والادب

جــدب بــه تـنـبـت الاحـلام زاكـيـه    ان الـحجـاره قـد تـنـشـق عـن ذهب

تـود كـل ريـاض الارض لو منحت    ازهـارهـا قـبـلـه مـن خـدهـا التـرب

كان علي الجارم كما وصفه معاصروه شاعر العروبه والاسلام، فقد عايش قضايا امته وتفاعل معها، وجاءت اروع النماذج الشعريه معبره عن انتمائه الوطني والقومي والاسلامي، فنجد قصيدته “فلسطين” التي بلغت ثلاثه وسبعين بيتًا، منها :

نفـسـي فداء فلسطين ومـا لقيـت    وهل يناجي الهـوي الا فلسطيـنا

نفسي فداء لاولي القبلتين غـدت    نهبا يزاحــم فــيه الذئـب تـنـيــنا

ومصرُ والنيلُ ماذا اليْومَ خطبُهما    فــقـد سَري بحديثِ النيلِ رُكْبان

كنانه ُاللّه حصنُ الشرقِ تُحرســُه   شِيبٌ خِفافٌ الــي الْجُلَّي وشُبَّان

عملاق الادب عباس محمود العقاد في تقديمه لديوانه الشعري: “الجارم عالم باللغه، وعالم مع اللغه بفنون التربيه وفروعها، وهو الشاعر الذي زوده الادب والعلم باسباب الاجاده والصحه، فكان شعره زادا لطالب البيان في عصره، ومثالاً صالحًا للثقافه التي اسهم فيها بادبه وعلمه”.

الناقد محمد ابوبكر حميد : كانت شاعريته تكمن خلف وقوفه عند اعلام شعرنا القديم، مثل ابن زيدون في روايه (هاتف من الاندلس) والمعتمد بن عباد في (شاعر ملك) والمُتنبي في (الشاعر الطموح) و(خاتمه المطاف) ” .

 والتعليم بالاشتراك مع نفس الزميل وكان هذا الكتاب من اوائل الكتب التي الفت بالعربيه في علم النفس .

الدكتور احمد هيكل: عميد كليه دار العلوم السابق “اما الرائد الكبير الذي يدور حوله هذا العمل فهو طيب الذكر علي الجارم احد اعلام الاتجاه المحافظ في الشعر العربي الحديث، هذا الاتجاه الذي راد تاريخه البارودي اولاً ووصل الي غاياته شوقي فيما بعد، ثم كان الجارم واحداً من الذين تصدروا السائرين في هذا الاتجاه والمتنافسين لملء الفراغ بعد رحيل امير الشعراء، بل كان بحق السابق الي ملء هذا الفراغ وخاصه في الجانب المحفلي والرسمي الذي كان من ابرز جوانب اماره شوقي وديوان الجارم باجزائه الاربعه هذا العطاء الشعري الوفير والغزير الذي يمثل طبقه ساميه من طبقات الشعر المحافظ، تضع صاحبها في مكان المتصدرين من اصحاب هذا الاتجاه الفني الرصين، وجميعهم يشير الي المدرسه الادبيه التي ينتمي اليها الجارم وهي مدرسه المحافظين”.

 لم يكن الجارم شاعراً فقط بل كان شاعراً وروائياً تاريخياً وباحثاً وكان شعره متينا محكما قوي الديباجه وله ديوان شعر كبير . كتب عنه النقاد في عصره ويمثل شعره تيارا اصيلا في مسيره الشعر العربي الحديث ...اما رواياته فقد تناول فيها بعض فترات التاريخ الاسلامي والشخصيات الادبيه والسياسيه المهمه منها: روايتان عن المتنبي (الشاعر الطموح، ونهايه المطاف) وفارس بني حمدان، وهاتف من الاندلس وغاده رشيد ...الخ وقد قرات معظم هذه الروايات ثم اعدت قرءاتها في الفترات الاخيره وكان متعتي بها في الحالتين لا تحد ليس هذا فقط ولقد رايتها مراجع علميه في بعض الموضوعات التي تشغلني وهذه الروايات تنم عن باحث كبير في التاريخ الاسلامي وصاحب اسلوب رصين يمتع عشاق الاساليب الراقيه وفنان يقبض علي ازمّه فنه بمهاره فائقه بل انني قد قرات بعض روايات والتر سكوت فالفيت ان الجارم يفوقه ويعلو عليه كبيرا ..اما مقارنته بجرجي زيدان فتظلمه ظلماً شديدا لان الفرق بين الروائيين هائل يصب في مصلحه الجارم ...

ثم ان له بحوثا لغويه وادبيه مهمه فضلا عن ترجمته لـ”ستانلي لين بول” عن تاريخ المسلمين في اسبانيا وهي ترجمه رائعه الاسلوب وهي ترجمه رائعه الاسلوب جميلته ، وان لم يلتزم فيها الاصل التزاما تاما ....

علي الجارم (1881 – 1949) من رواد الحركه الادبيه في القرن العشرين ، وقد خدم اللغه والادب والتاريخ والتربيه كما لم يخدمها احد مثله . وقد جمع الي الثقافه التراثيه الثقافة الغربية ، وكان يحمل عاطفه اسلاميه عربية مصرية جياشه ؛ عبر عنها في شعره الذي سجل المناسبات القوميه المختلفه الي جانب موضوعات اخري , وكان الجارم الصوره المقابله لجرجي زيدان حين كتب مجموعه من الروايات التاريخيه بتصور اسلامي خالص ، ووعي بحقائق التاريخ وبطولاته وهزائمه ، فقدم روايات:

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل